بعيدا عن الظلام || AWAY FROM DRAKNESS

 



 

بداية الرواية:

كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ليلاً، عندما سمع نواه صوت الباب ينفتح. انتبه من نومه الخفيف، ونظر إلى الجهة المصدرة للصوت. رأى شخصاً يدخل إلى غرفته بخطوات هادئة، ويقترب من سريره. شعر نواه بالفزع، وحاول أن يصرخ. لكن قبل أن يفتح فمه، سدَّه الشخص بيده، وقال له بصوت منخفض: "لا تخف، أنا لا أريد أن أؤذيك. أنا هنا لأنقذك". نواه لم يستطع أن يفهم ما يقوله الشخص، وماذا يقصد بأنه يريد أن ينقذه. حاول أن يدفعه بقوة، ولكنه لم ينجح. الشخص كان أقوى منه، وأثقل. نواه شعر بالرعب، وبدأ يتنفس بصعوبة. فجأة، شعر بشيء بارد يلمس رقبته. نظر إلى يد الشخص، ورأى سكيناً تلمع في الظلام. نواه أدرك أنه في خطر، وأن حياته على المحك. لم يكن لديه وقت للتفكير، أو للهروب. كل ما كان يمكنه فعله، هو أن يصلي لله، وأن يطلب منه الرحمة. وفي تلك اللحظة، سمع صوتاً آخر يقول: "توقف، أو أقتلك". نواه رفع رأسه، ورأى فتاة تقف على باب غرفته، وتحمل مسدساً في يدها. كانت الفتاة جميلة، وشقراء، ولها عينان زرقاوتان. نواه لم يعرف من هي، أو ماذا تريد. لكنه شعر بالامتنان لها، لأنها أنقذته من الموت. الشخص الذي كان يحاول قتله، تركه، ووجه سكينه نحو الفتاة. الفتاة لم تتردد، وأطلقت النار عليه. الرصاصة اخترقت صدره، وأسقطته أرضاً. نواه شاهد الدماء تتدفق من جسده، وسمع أنفاسه الأخيرة. ثم سمع صوت الإنذار يدوي في المبنى، ورأى أضواء الشرطة تلمع خارج النافذة. الفتاة نظرت إليه، وقالت له بصوت مرتجف: "أنا آسفة، لم أكن أعرف أنه كان أخي". ثم رمت المسدس على الأرض، وهربت من الغرفة. نواه بقي مستلقياً على السرير، في حالة من الصدمة والذهول. لم يكن يفهم ما حدث، أو لماذا حدث. كل ما كان يعرفه، هو أن حياته تغيرت إلى الأبد، وأنه دخل إلى دائرة الظلام.


© كل الحقوق محفوظة

 الفصل الأول


"نواه فتح باب غرفته المظلمة، مستعدًا للاسترخاء بعد يوم شاق و ممل مليء بالروتين الاعتيادي صفاقات  قرارات  اجتماعات مشاكل  


اقترب من سريره  لكن ما رأته عيناه جعل قلبه يتوقف لثانية. على سريره، كانت فتاة نائمة بسلام، تغطى بالبطانية. كان شعرها الأسود المجعد منسدل على وجهها، وكان جسدها الممشوق يبرز تحت الملابس التي ارتدتها. من هذه الفتاة؟ كيف دخلت إلى قصره؟ ماذا تريد منه؟


أقترب من السرير بخطوات حذرة، وحاول أن يقيظها بلطف. "مرحبًا، اسمعي، عليك أن تستيقظي"، قال بصوت منخفض. لكن الفتاة لم تبدي أي رد فعل. بدت وكأنها في نوم عميق. "مرحبًا، هل تسمعينني؟"، قال مرة أخرى، وهزها قليلًا. لكن الفتاة لم تتحرك.


شعر بالغضب والإحباط. ماذا يفعل مع هذه الغريبة التي اقتحمت غرفته؟ هل تعرف من هو؟ هل تحمل خطرًا عليه؟ هل تخفي سرًا ما؟


أخذ نفسًا عميقًا وقرر أن يستدعي الحراس. ربما هم يستطيعون التعامل مع هذه المشكلة. أو ربما يعرفون من هي وكيف وصلت إلى هناك.


ولكن قبل أن  يمسك الهاتف، انتبه الى صوت رقيق يهمس  :"من أنت ؟؟"

التفت ليرى عيونها البنية  تبدو متعبة و منتفخة  :"من انت ؟؟" ،معيدة سؤالها له 

ابتسم بازدراء :"أظن أنه يجب أن أكون أنا من  يطرح هذا السؤال لأنك في اخير في منزلي و غرفتي !!" 

اخذت تستدير هنا و هناك تتحقق من كلامه أنها ليست غرفتها يكتسح جو هذه الغرفة الظلام و البرود .. جوها يبعث عدم الراحة جدرانها تعتمد على لون ابيض موحد يتوسطها السرير الذي هي جالسة عليه ، لوحات بالية علقت بعشوائية على  جدران هذه الغرفة  كأنها لطفل صغير و مكتب ضخم تناثرت عليه بعض الكتب و حاسوب 

:"أين أنا "،بصوت خائف و مرتجف  

:"أين أنت ؟؟"باستخفاف :" هذا معناه انك  فتاة مسكينة تم وضعها في غرفة شخص لا تعرفه ، اتمزحين !!!  "  اقترب منها و امسك معصمها بقوة "من ارسلك؟؟ " صارخا 


صدمت من كلامه  هي الآن في غرفة و منزل شخص غريب

 (أنا كيف وصلت إلى هنا ؟؟ من يكون هذا ؟؟ لماذا أنا هنا ؟؟ ) أمسكت بتلك البطانية بقوة يعكس الخوف و الرعب الذي تسلط عليها الآن 

حدثت نفسها ( سأبكي  ؟؟ هذا الرجل يبدو كأنه سيقتلني لا أظن أنه سيفهم انني لا أعلم كيف وصلت إلى هنا ؟؟ بالتأكيد يظن انني جاسوسة لا ميرنا لا داعي للبكاء عليك أن تكوني كأختك روزانا و والداتك ، عليك أن تكوني قوية ) لكن سرعان ما تغلبت دموعها و خوفها عليها لتنهمر باكية 

تنفس نواه بعمق و حاول السيطرة على الغضب الذي حل عليه الآن اقترب منها و جلس على سرير بجانبها :"لا داعي للبكاء "، بصوت هادئ عكس ما كان عليه قبل قليل 

:"أنا أقسم لك بانني .. لا أعلم .. أنا .. أنا كنت قد أكملت عرضي و جلست في انتظار والدتي و اختي و قدمت لي فتاة العصير .. بعدها شعرت بالنعاس و نمت .. و وجدت نفسي هنا .. أنا " ، بصوت مرتجف باكي 

:"حسنا فهمت ، أنا استغربت وجودك فأي شخص في مكاني اذا وجد فتاة في سريره سيستغرب الأمر !!"


رن هاتفه  مقاطعا كلامه معها نهض و اخذه ليرد على مكالمة أتاه صوت خبيث سرعان ما  تعرف عليه  :" أأعجبتك الهدية التي أرسلتها لك ؟؟ انها جميلة أليس كذلك "

:"اللعنة !!! انت ماذا تفعل بحق الجحيم ؟؟ ألا تمل من أعمالك السخيفة هذه ؟؟" ،بغضب قاتل 

:"ههههه ، أنت ستخسر صفقة الناجحة التي تطبل لها منذ زمن بسبب وجود هذه  الفتاة  في سريرك ،  أظن من مستحسن أن تستمتع بها ههههه "

صرخ :" ماذا تقصد بحق خالق الجحيم انت "


أغلق الخط قبل أن يكمل كلامه تنفس بعمق محاولا اهداء روعه 

( ماذا يقصد هذا مجنون ؟؟ ما علاقة الفتاة بصفقتي ؟؟ و لماذا وجودها سيجعلني اخسر الصفقة ؟؟ لحظة أيمكن أن تكون ؟؟)


اتجه نحوها بسرعة متسائلا :" ما هو اسمك ؟؟"

 :"ميرنا "، اجابت مستغربة 

:"لا أقصد اسمك الكامل "

:"ميرنا اوريون "

ليصرخ :"اللعنة ، ذلك اللعين الجبان "


اندهشت من ردة فعله عندما علم باسمها ( ما به ؟؟ لماذا هو غاضب ؟؟ من اتصل به ؟؟ هل هو خاطفي بالتأكيد خاطفي ؟؟)

:"انت ابنة اوريون صاحب شركة التصدير ***** "


هزت راسها مؤكدة معلومته التي طرحها


ابتعد و وقف بعيدا يمشي ذهابا و إيابا بينما يخترق شعره بأصابعه بقوة ( اللعنة ابنة اوريون شريك صفقتي الجديدة نائمة في سريري بعد اختطافها !! بالتأكيد أن سمع اوريون و علم أنها عندي سيفكر بأنني خطفتها و ستتوقف أهم صفقة قمت بها ستفسد و يذهب عمل عام سدى دون جدوى !!! مستحيل أنا لن أسمح بذلك )


قاطع أفكاره صوتها الهادئ :" أ لن تعيدني إلى المنزل ؟؟ "


التفت اليها و نظر لعيونها الحائرة التي تتسائل  ( هل اتصل بالشرطة لا ؟؟ بالتأكيد لن اتصل هي ابنة شريك صفقتي سآخذ٧ا أنا إلى هناك بالتأكيد ، لكن اولا سأطلب منها مساعدتي في إقناع والدها ببرائتي !! )

تقدم نحوها و جلس مقابلا لها و أردف :" اريد مساعدتك "


:"مساعدة !!!"، مستغربة 


:" نعم مساعدة .. والدك و انا على وشك الدخول في صفقة  جديدة و مؤثرة ، و هناك أشخاص أرادوا افسادها فاستغلوك و وضعوك في غرفتي حتى تفسد علاقتي به و تنتهي هذه الصفقة ، فأنا الآن خائف من ظن ابيك بي سوءا و يذهب تعبي لعام من أجل انجاحها و العمل عليها هكذا في فراغ "


:"و أنا كيف لي ان اساعدك ؟؟"، متسائلة 


:" ها أنا لا أعلم المهم أن لا تفسد صفقتنا " ، بحيرة 


:" اعدني فقط  ، و اشرح لأبي ما حدث  و سيفهم "


:" أ لن تنتهي صفقتنا ؟؟ هل انت متأكدة ؟؟" 


:"لست متأكدة و لكن  بالتأكيد ابي سيبحث في الاكر و إن كنت بريئا سيمر كل شيء على ما يرام "

:"حسنا "، ابتعد عنها و اخذت عيونه تحوم متأملة جسدها الممشوق و المتناسق و بشرتها البيضاء  الناعمة  التي تظهر تحت ذلك الفستان الابيض الشفاف القصير الذي يبرز مفاتنها،  و قد سقط و أظهر جزءا من كتفيها و صدرها .

 ثم رفع ناظريه لوجهها ذي الملامح الناعمة و العيون البنية اللطيفة و شفتيها المنتفخيتين بلونها الوردي الفاتح و شعرها الأسود المجعد الساقط على كتفيها جعل منها صورة فنية لم يرى نواه مثلها فهو ليس شخصا قد سبق له أن تأمل فتاة لهذه الدرجة 

شعر بدرجة حرارة جسده قد ارتفعت (اللعنة لماذا اشعر بهذا الشعور اللعين الآن ؟؟ لماذا انظر اليها ؟؟)


تنفس بعمق و اتجه نحو دولاب ملابسه  أخرج قميصا اسود و رماه باتجاهها :"ارتدي هذا فالجو بارد خارجا "

أمسكت به ميرنا مستغربة  ( هل فتنت هذا الرجل ؟؟ كاد يأكلني بعينيه و الآن يطلب مني أن البس هذا )  لكنها أردفت :" حسنا ، أعود إلى المنزل اليس كذلك "

:"نعم ، ارتديه بسرعة فوق ملابسك لنتجه نحو مركز الشرطة "

هزت رأسها ليخرج :"عندما تكملين اخرجي لنذهب "


اتجه كلاهما إلى مركز الشرطة ساد الصمت جو سيارته بينما انفاسهما الدافئة ملأت السيارة نزل كلاهما و ذهبا إلى مركز ليقدما افادتهما

:" اذن وجدتها في غرفتك بعد أن عدت من عملك " قال الشرطي بحدة 

:"نعم ، حتى أنني استغربت وجودها و ظننتها  جاسوسة لكن بعد أن أخبرتني يجهلها وجودها في غرفتي و علمت من تكون اتيت بها إلى هنا لتعود إلى منزلها "، قال بحزم


:"شكرا لك سيد نواه "


تنهد نواه و خرج من تلك الغرفة بعد ادلاء كل أقوال

(اللعنة عليك يا عمي عائلة مجنونة ) 

ليقابله مشهد اوريون محتضنا ابنته بكل حرارة شعر حينها بغرابة تذكر والده

 ابتسم باستهزاء ( انت يا نواه مجنون بتأكيد والدك اللعين حتى إن دفنت حيا لن يهتم و لا والدتك ستهتم لكنها ستأتي بالتأكيد لتأخذ ثروتك ) 

اقترب من اوريون و أردف :"مرحبا سيد اوريون "

ابتسم اوريون بهدوء و مد كفه لنواه:"مرحبا سيد نواه ، اريد ان اشكرك على إحضار ابنتي هنا "

:"لا شكر على واجب " ، بهدوء عكس داخله المضطرب الخائف من رده و مستقبل صفقتهما الضخمة 


:"سيد نواه " قال اوريون مناديا

:" نعم "

:" أنا أرجو منك  غدا ان تتفضل عندي لتناول العشاء " 

 :"بالتأكيد سيد اوريون "، متفجأ 

حدث ميرنا التي ناظرت والدها باستغراب  :" جميلتي ميرنا حان وقت ذهابنا للمنزل أن امك و اختك قلقتان عليك كثيرا "

هزت رأسها موافقة و ذهبت رفقة والدها بينما قلبها ينبض خوفا من كلام ابيها ( اتمنى ان لا يفسد صفقته لا يبدو شخصا سيئا ، و يبدو متعلقا بعمله ) 

و انطلق كل منهم إلى منزل 

توجهت ميرنا و والدها إلى قصرهم حيث استقبلتها امها و اختها بحرارة و خوف و بكاء 

:"حسنا لا داعي للقلق أنا حقا بخير ، لم يحصل أي شيء لي "، مهدئة اعصاب امها و اختها 


اخذت اميليا ابنتها في حضنها و أردفت :" أن لم نقلق عليك من سيقلق صغيرتي ، حمد لله انك بخير " ، بحنان لتكمل بحزم :" و لكم غدا سنأخذك للفحص لنتأكد أنك بخير "

قبلت ميرنا خد امها :" كما تريدين " بانصياع 

مدت روزانا يدها لأختها و امسكتها بحب :"لقد خفنا عليك كثيرا عندما لم نجدك في الغرفة "

أمسكت ميرنا يد اختها بدورها :" حتى أنا تفاجئت , و لكن أنا حقا لم يحصل لي شيء فبعد استيقاظي لم ابقى أكثر من 20 دقيقة  ، لانني كنت نائمة "

ابتسم الجميع براحة لوجود ميرنا معهم

كانت أجواء بينهم تبعث بالراحة و الاسترخاء تنبع بالحب و الحنان و الاهتمام

أما نواه فاتجه إلى قصره المشووم مجددا و هو متوتر لانه لا يعلم سبب دعوة اوريون له للعشاء و لا يعلم ماذا سيقرر بشأن صفقتهم و لا يعلم ماذا سيقول له ؟؟ هل يخبره بأن عمه السبب "

:"اللعنة ، عائلة مجنونة لعينة !!! ماذا سأفعل الآن ، تبا لك الفريد ، عم لعين مقزز "


"أوقفه صوت عمه الصارخ من خلفه قبل أن يصل إلى غرفته. انقلب نواه بغضب ورأى عمه يتقدم نحوه بخطى سريعة وعينين حمراوين. كان على وشك أن يغلق الباب في وجهه، لكن عمه دفعه بقوة ودخل خلفه. 

"لا تظن أنك ستفلت مني بهذه السهولة"، قال عمه بصوت مرتفع. 

"أنا لم أأتي إلى هنا لأضيع وقتي معك"، قال نواه ببرود. 

"أنت تعرف جيداً ما الذي أريده منك"، قال عمه وهو يحدق فيه بحقد. 

"أريدك أن تلغي هذه الصفقة اللعينة مع ذلك السفاح."


_ ما سبب دعوة اوريون نواه للعشاء ؟؟ هل سيقوم بإلغاء الصفقة ؟؟ ترى ما هو سبب مجيء عم نواه ؟؟ و ما الذي يريد قوله ؟؟ و لماذا حاول إفساد صفته مع اوريون ؟؟ 

إجابة كل هذه الاسئلة سنراها في الفصل_الثاني 

الرواية التالية الرواية السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url