أرض زيكولا

 

أعلم جيدا أن من يحب سيفعل كل شئ من أجل من يحبه ..

رواية من تأليف عمرو عبد الحميد


الفصل الأول

يقول الحب اعمي هو يقول اصبني العمي حينما احببت 

ولكن ماذا يفعل ما هو  قد احب وحدث ما حدث


كل يوم في حجرته يكتب مجدد :


ً " أنا خالد حسني.. ثمانية و عشرون عاما.. خريج كلية تجارة القاهرة منذ ستة أعوام.. بلدي

يسمي  "البهو فريك"  تابع ملحافظة الدقهلية.. 

"واليوم  رفض زواجي من حبيبي للمره الثامنه لنفس السبب "


ثم نظر إلى الحائط.. وقام بتعليق الورقةبجوار سبعة ورقات أخريات بدت أنها 

ّ

علقت في  أوقات سابقة.. 


ُ

الورقه الاوله كتب بها اسمه و سنه و بلده "رفض زواجي بحبيبتي اليوم"....


و بجوارها ورقة ثانية بها: 


"رفضت للمره الثانيه "  

و الورقه الثالثة بها "رفضه للمره الثالثه  

..وهكذا حتي الورقه السابعه 

ُ

* * *

بعدها أسند ظهره للخلف و نظر لألعلى، و عادت به ذكرياته إلى ماقبل ستة أعوام 

مضت حين كان يدرس بالسنةاألخيرة بالجامعة.. وشاءت القدار أن يتعرف على


""منى""


( ابنة بلدته، صدفة، في طريقهما من البلدة إلى جامعته بالقاهرة.. و زادت

فرحته حين علم أنها تدرس بنفس الكلية في عامها .

الاول بالجامعة.. و من يومها و قد 

ً تعددت صدف لقاءتهما كثيرا، سواء بقصد أودون قصد.. 

حين افاق من ذكرياته وزفر زفره قويه نظر إلي ورقةكبيرة علقها على الحائظ 

أسفل الثماني

ورقات كتب عليها: " 

ُ

رفضت لنفس السبب.. والد منى المجنونه".

* * *

كان خالد إن سمع كلمة مجنون

ً

دائما يتذكر والد منى.. وال أعتقد أنه خالد فقط 

بل جميع أهل البلدة.. و لكنه أكثر من عرف جنونه؛ فمنذ أن أنهى دراسته و عزم 

على أن يتقدم للزواج من منى حتى فوجئ به - في أول زيارة لخطبتها- ينظر إليه 

بغرابة ويسأله: 


- أنت عايز تتجوز منى؟!

- أيوة 

ً

فسأله مجددا:

فازداد وجه خالد حمرارا،و اضطرب كأنه لم يتوقع سؤاله.. حتى رد:

- عملت إيه في حياتي؟!.. الحقيقة، أنا خريج كليةتجارة جامعة القاهرة.. و حضرتك 

عارف إن والدي توفاهما الله و أنا صغير و عايش مع جدي.. و معفي من جيش.. 

و 

ً

حاليا  بدور علي وظيفة مناسبة

ّ

فاقطعه :

-و تفرق إيه عن غيرك عشان اجوزك بنتي ؟!!.. 


ثم أنهى المقبله بالرفض..


الفصل الثاني


 اعتقد خالد وقتها أن سبب رفضه للمرة الأولى أنه لم يجد الوظيفة المناسبة،  
و لكنه تأكد أن السبب ربما يكون غير ذلك  
ً  
تماما  
ً  
حين وجد عمال و توجه لخطبة  
ً  
منى مجددا.. حتى قابل بالرفض للمرة الثانيةو نفس سؤال .. ماذا فعلت في  
حياتك.. و فيم تختلف عن غيرك.. هذا السؤال الذي لم يجد له إجابة مستوفاة  
حتى المرة الثامنة طلبه الزواج ، و  
لم يراع في كل مرة حب خالد البنته أو حب ابنته  
له.. حتى فاض به الكيل في تلك املرةو صاح به:  
- أنا معملتش حاجة في حياتي.. أعمل إيه يعني؟!!.. عارف إنك حاربت في 37 ..  
ّ  
شايف إن ده سبب يخليك تذل ؟ !.. طب انت عايز لبنتك بطل.. قول يأبقى بطل  
ازاي.. أروح أحارب في العراق عشان تنبسط؟ !!.. ثم نظر إليه، و ظهر الغضب في  
عينيه:  
- زمنى 

ّ  
هتجوزها يعني  
ّ 
هتجو .. زها 
ّ 
غصب
ها تعرف غرابة أطوار هذا الرجل 
البلدة كل .. ج ابنته الوحيدة لشخص ّ 
ّ 
يريد أن يزو 
فريد من نوعه.. أي فريد هذا؟ .. ال أحد يعلم.. الكل يعلم أن مصير ابنته العنوسة 
ال غير.. طاملا أبوها ذلك الرجل.. و مع هذا لم يطرق االستسالم قلب خالد، و لم  
يعد بباله سوى هذا الشيء الذي  
ً  
يجعل هفريدا من نوعه ،و يجعله يستحق منى كما  
يريد أبوها.. لكن ما هو؟!.. اليعلم، فلم يجد سوى أن يتوجه بالدعاء إلى الله أن  
يأخذ أباها..  
* * *  
ً  
رغم أن خالدا كان يتسم بخفة الظل و الروح املبهجة، إال أن حبه ملنىو رفضأبيها  
ً الدائم له،  
جعل الحزن وشاحا  
ً  
دائما على وجهه.. حتى الحظ جده - و الذي كان  
ً يقترب من عامه الثمانين،و كانا يعيشان  
سويا منذ وفاة والدي خالد -حزنه الشديد  
بعد رفضهتل كاملرة، و اقترب منهو سأله :  
- انت لسه زعالن؟.. انتا المفروض خالص اتعودت.. 


رد خالد:  
- مش متخيل إني أشوفها لحد غير ي.. و مش عارف أبوها عايز إيه.. مش عارف إن  
زمن املعجزات انتهى..  
-و انت هتقعد جنبي كده   
ّ  
حاطط إيدك على خدك ؟!  
- طب هعمل إيه؟  
ً  
ضحك ا لجد مداعبا له :  
- .. انت أحسنلك تدفن نفسك في سرداب..  
ً فلمعت عينا خالد.. و  
كأنه تذكر شيئا ما:  
- السرداب..  
و أكمل:  
- جدي.. انت فاكر لما كنت صغير، و كنت ما أعيط تحكيلي عن قصة السرداب 
الموجود تحت بلدنا.. و إنك نزلته من أكتر من خمسين سنة؟ 

رد جده مبتسما:  
ً 
أيوة طبعا فاكر لما كنت بتعيط.. تحب أفكرك بأيامك.. 
ضحك خالد : 
- ال.. تحكيلي عن السرداب.. و نزولكم له.. 
ً 
فصمت جده متذكرا :  
- يااه.. دي أيام فاتت من زمن.. كنا  بنحب الشقاوة.. و سمعنا كلام كتير  
عن كنز موجودفي سرداب بيعدي تحت بلدنا.. و إن السرداب ده زمان كان مخزن كبير لألغنيا وقت أي غزو.. 

الكل كان عارف إن السرداب موجود فعال.. بس محدش بينزله لانه مسكون  
بالعفاريت، و إن اللي هينزله مش هيخرج منه.. بس احنا رمينا الكالم ده ورا ضهرنا..  
و قلنا الزم ننزل..  
كنا عارفين إن باب السرداب موجود في بيت مهجور في البلد.. و إن هناك صخرة  
كبيرة موجودة على الباب ده.. وفي ليلة توكلنا على هللا.. و رحنا للبيت ده في السر،  
و كالصخرة  
ّ  
قدرنا نحر و بدأنا ننزل واحد ورا التاني.. و مع كل واحد فينا ملبة جاز..  
و بعد ما نزلنا سلم طويل لقينا نفسنا في نفق.. و مشينا كام خطوةفي النفق ده لحد  
ما بقينامش قادرين ناخد نفسنا.. وفجأة انطفت لمبات الجاز كلها في وقتواحد..  
و صرخ واحد فينا: "عفريت".. و بعدها كل واحد خد ديله في سنانه.. و رجعنا جري  
ُ على برة.. و رقبنا بتخبط في بعضها.. و من وقتها و محدش فكر إنه ينزل هناك.  
فضحك خالد :  
- بس هتفضل ذكرى حلوة.. كفاية إنكم مخفتوش تنزلوا.. حتى لو أخدتوا ديلكم  
ً في سنانكم.. فعقد جده  
أيضًا 
ّ  
حاجبيا:  
- متقولش لحد حكاية ديلنا دي..  
* * *  
بعدها عاد خالد إلى حجرته.. و حاول أن ينام، و لكنه لم يغمض له جفن.. يفكر  
كثيرا فيما أخبره به جده.. هو يعلم أن ما سمعه يبدو أسطورة.. و لكن السرداب ً  
موجود بالفعل، و  

جده ال يكذب قط.. ثم نظر فجأة إلى الورقة املكتوب بها سبب  
رفض والد منى..  
أنه يريد شخصً  
ً  
شخصا يرضى جنونه.. و نفسه  
ّ  
حد ..  
أنه لن يتزوج غير مني  فلن يتزوج.. ثم عال صوته:  
-فيها إيه لو نزلت السرداب.. إ  
ً  
فرض كان في هكنز موجود فعالآ..  
ُ ثم صمت، و ثحدث نفسه  

ً  
كأنه شخص آخر في حديثه  

.......  

الفصل الثالث


21  
فأجابه العجوز :- أيوة.. عندهم حق، يمكن دي معلومة أنا الوحيد اللي أعرفها..  
إنا من خمسين سنة ما نزلنا احنا األربعة.. منزلناش سرداب فوريك.. و يمكن عشان  
كده طلبت من جدك إنه يسيبنا لوحدنا.. ألني مش عايز أحطم نقطة فخره  
بنفسه..  
- أومال النفق اللي نزلتوه ده كان إيه؟  
- النفق ده مجرد طريق لسرداب فوريك.. و الدليل على كلامي إن النفق على عمق 
مش كبير.. و له مسافة معينة،و الدليل الاكبر إن لمبات الجاز انطفت بعد دقايق  
من نزولنا..  
- أه.. العفاريت.. 
فضحك الرجل:  
- التقصد التهوية.. النفق غير السرداب.. الاكسجين في النفق قليل.. و  
ً 
تقريبا  
ممكن ميكونش موجود لو باب النزول اتقفل.. و وقتها  ملبات الجاز انطفت أنا 
قلت عفريت.. و الكل خاف و جري.. بس بعد كده اكتشفت إنه كان خيال حد فينا..  
و من جوايا كانت سعادتي ملهاش وصف.. أني حسيت إني حطيت رجلي على أول 
طريق السرداب.. و فضلت حاطط أمل لنفس ي إني هوصل للسرداب في يوم.. بس  
السنين فاتت، و المرض حاصرني، و فضلت مستني اليوم اللي ينزل فيه حد غير ي 
ً السرداب.. و يحقق حلمي..  
ثم أخرج كتابا 
ً 
قديما من معه.. و أكمل:  
- الكتاب ده من نسخة واحدة.. الليكتبهشخص نزل السرداب قبل كده.. لقيته  
بالصدفة في كتب والدي ملا كنت شاب.. ر عليه 
ّ 
لكن لألسف عامل الزمن كان  
ً قبل ما اللقيه..  
فكان السليم منه تقريبا عشر ورقات بتتكلم عن سرداب فوريك..  
ٍ ثم أعطى الكتاب لخالد.. و أشار إليه أن يقرأ سطورا لكتاب 
بصوت عالي 

أخذ خالد الكتاب ليقرأ وريقانه.. بينما جلس العجوز ليستمع إليه، و يحتس بكوب  
الشاي الذي برد بالفعل.. و بدأ خالد في قراءة سطوره المكتوبة بخط اليد.. و التي 
سرادب فوريك 
ّ 
تحدث ، أحد الاثرياء الذين تواجدوا في العصر الململوكي.. و كان يمتلك  
تلك المنطقة التي توجد بها بلده، البهو فريك - التي كانت تسمى وقتها.. بهو فوريك..  
و ما يحيطها من بلدان، و قد أمر أن يتم حفر ذلك السرداب على عمق كبير كي 
ً 
يكون مدينته إن تعرضت بالده أللي غزو.. و استغرق حفره و تشييده  
أكثر من خمسة عشر عاما.. و ه ثروات ً 
ُ 
كثيرة من ذلك الزمن..  
ثم من قام بكتابته عن رحلته للسرداب 
ّ 
ثم تحدث .. و عن ذلك النفق الذي ال توجد  
به تهوية.. و البد من تجاوزه في أسرع وقت إلى السلم الحقيقي للسرداب.. و الذي 
ً
يمتد ألكثر من ثالثين مترا تحت الارض.. و منذ تلك اللحظة فلن توجد أدنى مشكلة 
... عرف كيف تمت تهويته بتلك ُ بالتهوية.. فقد تم هذا السرداب بكل براعة

ً الطريقة..  
أما تعجب خالد فقد زاد حين قرأء السرداب اليكون مظلم
ً يوم  
يكتمل البدرفي السماء رغم وجود هتحت الارض.. إنهم مهندسون ابراع.. يا لها من  
براعة.. حتى انتهت العشر ورقات حين كتب صاحبه: 
"كنت أظن أن الكنز الحقيقي هو الثروات التي  
ّ 
ُ 
كانت به.. و لكنني اكتشفت ما هو  
ً 
أثمن من ذلك كثيرا، و أعظم من كنوز فوريك.. إنني اكتشفت...  
حتا انتهت العشر ورقات دون أن تكتمل الجملة..  
* * * 
نظر خالد إلى العجوز في لهفة: 
- اكتشف إيه؟  
فأخبره العجوز أنه ال يعلم.. و أنه وجد الكتاب على تلك الحالة.. و  

ظل سؤال ماذا  
ً 
اكتشف صاحب هذا الكتاب يشغله طوال خمسين عاما.. ثم نظر إلى خالد:  
- لو كنت عاوز تكتشف اللي اكتشفه.. ا 
لازم تكون في السرداب الليلة دي.. 

الليلة دي؟!!  
- أيوة.. الليلة دي القمر بدر.. و ده التوقيت اللي بيكون فيه حرس 
ّ 
السرداب منو ب  
كالم الكتاب.. 
ً 
فصمت خالد قليال.. ثم نظر إليه: 
-و أنامستعد أنزل.. مستعد لفرصة حياتي..  

كانت الساعة تقترب من السادسة حين تركه العجوز و غادر.. و ترك معه هذا 

لكتابا لذي تصفحه أكثر من مرة.. و مع كل مرة تزداد رغبته في نزول السرداب..  
ً يدفعه ذلك الفضول إلى معرفةما اكتشفه كاتبه.. 
يشعر أنه  من أسرار  
ً الزمان.. و يسأل نفسه: 
هل اكتشف كنوزا ال حصر لها؟.. هل توجد آثار باألاسفل،  
و أكون أنا مكتشف القرن الحادي و العشرين؟ .. و  
ظل  
ً 
هائما في أحالم اليقظة.. 
* * *
اقتربت الشمس من المغيب فصعد أعلى بيته.. و نظر إلى بلدته.. ينظر إلى أراضيها
الزراعية.. و إلى الاشجار العالية، و الطيور التي تزينها.. ينظر إلى البيوت المجاورة
و كأنه يراها آخر مرة.. يستنشق نسيم بلده العطر، و يتحدث إليها.. ربما يكون آخر 
نهار لي هنا.. أتمنى أال يكون.. ثم عاد إلى حجرته ليتم استعداده لرحلته..  
* * * 

مر الوقت، و دخل الليل، و  
ُ 
، السماء بالبدر.. و ها هو ينتظر حتى يسكن الهدوء  
ً البلدة.. و  
هو يعلم أنهلن ينتظر كثيرا.. يدب الهدوء بلدته بحلول العاشرة 
ً 
فعادة 
على الاكثر 
ً 
مساء .. ال يتأخر بها سوى صديقه دكتور ماجد منير، و الذي يغلق  
صيدليته في وقت قد يتجاوز الثانية عشرة.. إنه لا يريد أن يراه أحد و هو متجه إلى 

البيت المهجور في أطراف البلدة..  
ً 
حتى دقت الساعة الواحدة صباحا..  
و استعد للرحيل، و نظر إلى جده مبتسما 
ًمودعا له:  
- إن شاء الله هرجع..  
فابتسم جده : 
- أكيد هترجع إن شاء الله.. ثم طلب منه أن ينتظر لحظة.. و أخرج الصندوق 
الخشبي.. ثم فتحهو أخرج منه)ألبوم( الصورالقديم.. فسأله خالد:  
- إيه ده؟!!  
فقام جده بتقليب بعض صفحاته و وقف على تلك الصورة التي توقف أمامها من  
ّ قبل، و ثانيه تحدث :  
- عارف مين دول؟  
فنظر إليها خالد و مازالت الدهشة تتملكه.. فأكمل جده: 
-دي صورة أبوك أمك.. كانت آخر صورة لهم قبل ما يسيبوني.. ثم دمعت عيناه  
ظل فدمعت عينا خالد هو الاخر.. و  
ًمتأمال بها:  
- أول مرة أشوف صورتهم..  
فأكمل جده: 
- كنت مستني اليوم ده.. و فضلت معذب نفس ي عشان اليوم ده.. ثم أعطاه  
الصورة، و مسح بيده دموعه، و احتضنه.. فهمس خالد في أذنه:  
- هرجع لك يا عبده.. هرجع..  
ثم غادر..  

الفصل الرابع 


كان الهدوء يسود البلدة.. ولم يكن يسير بشوارعها أحد سوى خالد والذى كان 

يحمل حقيبة كتفه ، وما بها من طعام يكفيه لعدة أيام، ومصباح للإنارة، والكتاب 

الذي أعطاه له العجوز، وبعض الأوراق والأقلام؛ اعتقادا منه أن هناك ما " 

يحتاج لتدوينه.. وقد وجد عدم حاجته ل (كاميرا ) تصوير؛ فوجود هاتفه الخلوي 

يغنيه عنها .. 

كان يسير مسرعا إلى أطراف البلدة حيث ذلك البيت المهجور.. وما إن اقترب منه 

ومن سوره العالي حتى عزم على تجاوز ذلك السور.. 

أما جده فكان يجلس وحيدا يقرأ في كتاب الله، ويدعو ربه أن يعود به سالما.. حتى 

سمع طرقات على باب بيته.. وقد ظن أن خالدا عاد من جديد.. وما إن قام ليفتح 

الباب حتى وجد منى في وجهه.. وقد اندهش حين وجدها أمامه في ذلك الوقت 

المتأخر من الليل.. حتى سألته : 

- فين خالد..؟!! ومش بيرد على تليفونه ليه؟! 

- ليه؟! 

أجابت منى في فرحة: 

- خلاص يا جدو.. قدرت أقنع بابا إننا نتجوز أنا وخالد.. ومش قادرة استنى للصبح 

عشان أقوله.. خايفة يكون لسه زعلان من الصبح.. 

فابتسم العجوز ثم صمت.. 

تجاوز خالد سور البيت المهجور.. وأنار مصباحه حين وصل إلى مكان الصخرة 

الذي وصفه له جده بالتفصيل.. والتي كان يصعب أن يصل إليها دون وصف جده 

له.. ثم حاول إزاحتها فلم يستطع في البداية رغم قوته البدنية.. فحاول مرة أخرى 

دون أن يستطيع.. فصاح بنفسه أنه لن يستسلم.. وعاد للمحاولة مرة ثم مرة ثم 

مرة.. وقد انساب العرق من جبينه، ولكن دون جدوى.. 

حتى وجد لوحا قديما من الخشب ففكر أن يكون وسيلة لإزاحة الصخرة.. وندا 

يحاول من جديد، ويصرخ مجددا لن أستسلم.. ويدفع بقوة، ويضغط أسنانه 

ببعضها.. ويدفع اللوح الخشي.. ويصيح، ويدفع.. حتى تحركت الصخرة بعض 

الشيء تبعها سقوطه على الأرض.. 

ما إن تحركت الصخرة تلك الحركة الضئيلة.. حتى سهل تحريكها بعد ذلك.. 

ودفعها رويدا رويدا.. بعيدا عن باب حديدي كان يرقد أسفلها.. حتى سقط على 

ركبتيه.. وازدادت ضربات قلبه، وتسارعت أنفاسه.. وقال مبتسما لنفسه: 

- إجمد يا بطل.. إحنا لسه في البداية.. 

بعدها نظر إلى الباب الحديدي الذي احتل مربعا من الأرضية.. وسمى الله.. وقام 

بفتحه، فلم يكن موصدا بأي نوع من الأقفال سوى الصخرة.. وما إن فتحه حتى 

أحدث صريرا دلن على غلقه لمدة طويلة.. ثم وجه ضوء مصباحه بداخله فوجد 

سلما عموديا إلى الأسفل.. فتحدث إلى نفسه مشجعا لها: 

- بسم الله نبدأ طريقنا للسرداب.. 

بعدها بلحظات بدأ نزول ذلك السلم.. وما إن نزل حتى أغلق الباب مجددا.. وكأنه 

حبس.. فعلم أن اللوح الخشبي الذي كان يدعم فتح الباب قد كسر.. فلم يهتم 

بذلك.. ما شغل باله هو تجاوز النفق في أسرع وقت.. وتابع نزوله دون أن ينظر 

لأسفل.. يخطو درجة وراء الأخرى.. حتى وجد نفسه داخل نفق مظلم.. لا يوجد به 

ضوء سوى ضوء مصباحه.. فتحرك بضع خطوات يتحسس طريقه.. يمسك 

26 

المصباح بيده اليمنى، ويزيح شباك العنكبوت الكثيفة بيده اليسرى.. حتى سار 

لعدة أمتار فبدأ يشعر بسرعة ضربات قلبه.. يحاول أن يرى نهاية ذلك النفق.. 

ولكن دون جدوى بعدما حالت شباك العنكبوت دون ذلك.. 

تقدم خالد في الظلام أكثر وأكثر.. يبحث عن سلم السرداب الذي أخبره به 

العجوز.. وأسرع في تحركه بعدما شعر بضيق صدره الذي ازداد حين قل الهواء 

بصورة شديدة.. وبدأ يضع يده على رقبته من الاختناق.. ويتحرك، ولا يجد ذلك 

الطريق إلى السرداب.. يجري كالمجنون وقد خرت قواه.. يتحسس حوائط النفق 

بيده.. يبحث عن أي فجوة بها.. ولكن دون جدوى.. يسأل نفسه لاهثا: أين أنت أيها 

الطريق؟.. يعلم أنه لن يستطيع حتى العودة إلى سلم النفق.. سيموت مختنقا قبل 

في كل مكان.. على الجانبين وأعلى 

أن يعود.. يسرع في طريقه إلى الأمام.. يبحث 

وأسفل.. ولكنه لم يجد شيئا.. حتى سقط على الأرض.. وسقط بجانبه مصباحه، 

وصرخ بصوت واهن: 

- لا يوجد سرداب.. لا يوجد.. 

ثم صمت.. وأمال رأسه جانبا.. وكاد يغمض عينيه مستسلما.. قبل أن ينظر بعيدا 

إلى بقعة أضاءها مصباحه الملقى بجواره.. فابتسم ابتسامة شابا إعياء شديد، 

وتحدث: 

- سرداب فوريك.. ثم أغمض عينيه للحظات حتى فتحهما مرة أخرى.. ونظر 

مجددا إلى ألواح خشبية متراصة ظهرت في بقعة الضوء، وكأنها باب صغير يوجد 

بأحد جاني النفق.. 

لا دي

الفصل الخامس


كان الباب الخشي يبعد عن خالد عدة أقدام.. ومازال خالد ملقى على ظهره من  
شدة الإعياء حتى انتفض مجددا، وتحرك بجسده تجاه هذا الباب، يزحف كأنه  
إحدى الزواحف.. لا يقوى أن يقف على قدميه، وينازع اختناقه كمن ينازع الغرق..  
يتحرك بجسده، ويدفع بقدميه، ويستعين بذراعيه.. واضعا مصباحه بين فكيه..  
يقاوم أكثر وأكثر.. ويحدث نفسه أنه الأمل. إنه سرداب فوريك.. حيث الهواء..  
حيث الحياة، يهذي بكلمات يقوي با نفسه.. ويقترب أكثر وأكثر من الباب.. ويدفع  
بقدمه في قوة.. حتى توقف جسده مرة أخرى بعدما خرت قواه. ولم يكن يتبقى  
سوى أقدام فليلة نحو الباب..  
تنظر عيناه إلى الباب.. ويحاول أن يمد ذراعه إليه لكنها لا تلمسه وكأنها  
استسلمت.. حتى صرخ صرخة قوية. وكأنه يجمع ما تبقى لديه من قوة. وقذف  
بجسده تجاه الباب كصخرة اندفعت نحو باب خشي أذابه الزمن فانكسرت 
ألواحه.. واندفع بداخله ليجد جسده يهوى على سلم خشي مغمضا عينيه 
يتدحرج كما تتدحرج الكرة حين تسقط على درجات سلم.. ولم يستطع السيطرة 
على جسده على الإطلاق.. يرتطم بين الحين والأخر.. ويزداد سقوطه أكثر وأكثر.. 
ثم هدأ ارتطامه قليلا حتى توفف.. وقد فتح عينيه ليجد نفسه في مكان مختلف 
تماما..  

فتح خالد عينيه.. فوجد نفسه ملقى على إحدى درجات السلم العريضة.. وقد 
انتعش صدره بالهواء كأنه ارتوى ببئر ماء بعد ظما شديد.. وزاد سروره حين وجد 
نفسه يرى كل شيء دون الاستعانة بمصباحه وقد زال ظلام النفق.. حتى وقف على 
قدميه، وصرخ: 
- أنا في سرداب فوريك.. أنا في سرداب فوريك.. 
بعدها نظر إلى أسفل حيث لم ينته السلم بعد.. وأسرع إلى أسفل يخطو درجاته في 
أمل.. لا تعوقه آلام ارتطامه حين سقط.. يريد أن يكتشف كل شيء في وقت قليل 
قبل أن يختفي البدر.. ويتحدث إلى نفسه أن كل ما ذكره الكتاب حتى الآن قد 
وجده.. الهواء موجود بالفعل. وإضاءة البدر تنير له طريقه. وكأنا جمعت لتزداد 
قوة إضاءمها داخل السرداب.. يالها من براعة هندسية.. ولكن ظل سؤاله إلى 
نفسه؛ ماذا اكتشف صاحب الكتاب؟!.. حتى انتى السلم.. ووصل إلى فهايته، 
فوجد نفسه في السرداب.. 
وجد خالد نفسه أمام نفق كبير أكبر كثيرا من النفق الذي مر به سابقا.. فارتفاعه 
يقترب من العشرة أمتار.. واتساعه يبلغ مثل ارتفاعه.. حتى سار به، وينظر إلى 
جدرانه الضخمة في دهشة كأنه في مزار سياي.. وأخرج قلمه وأوراقه.. وأخذ 
يكتب بعض السطور عما يراه.. ويتقدم أكثر وأكثر. ويسأل نفسه؛ كيف يوجد 
هذا السرداب الضخم أسفل بلده ولا يعلم عنه سوى صاحب الكتاب المجهول 
وبعض الأشخاص الذين لن يصدقهم أحد؟!!.. إنه قد يكون أعظم اكتشاف 
بالعصر الحديث.. وقد يجعل من بلده مزارا سياحيا.. يبدو أن الكاتب قصد 
باكتشافه، السرداب نفسه.. ويسير منيهرا ويتقدم.. ويضحك بهستيرية ، لقد انترى 
الألم.. لعله يجد أحد الكنوز الأن.. 
يبحث في كل جوانب السرداب.. لا يريد أن يترك شبرا واحدا يفوته.. حتى ارتطمت 
قدماه بشيء ما.. وما إن نظر إليه حتى انتفض قلبه حين وجده هيكلا عظميا لأحد 


                            

          
                

الأشخاص.. وقد كانت المرة الأولى التي يرى فيها مثل هذا الهيكل، لكنها لم تكن 
الأخيرة.. فكلما تقدم وجد أكثر وأكثر.. حتى بدأ الخوف يتسرب إلى قلبه.. وكأن تلك 
الهياكل تتحدث إليه بأنها مصير كل من دخل هذا السرداب.. ودار بخلده أن يكون 
أحدها لأبيه أو أمه.. وتمنى أن تكون الحقيقة غير ذلك.. 
بعدها شعر أن الإضاءة تقل شينا فشيئا من خلفه.. فنظر إلى ساعة يده فوجدها 
قاربت الخامسة فجرا.. وعلم أن البدر قد بدأ في زواله.. ولا يعلم ماذا سيحدث 
بعد ذلك.. ما ذكره الكتاب أن السرداب يظل مضاء وقت وجود البدر.. ولم يذكر 
شيئا آخر، حتى مر قليل من الوقت.. وتلاشت معه إضاءة السرداب تدريجيا.. فلم 
يعط اهتماما لذلك.. وتقدم أكثر وأكثر.. حتى وجد صورة نقشت على أحد جداري 
السرداب لشخص تبدو على ملامحه الثراء.. فتحدث إليه مبتسما: 
- أكيد انت فوريك.. أحب أعرفك بنفسي.. أنا خالد حسني، مكتشف سردابك 
العظيم.. واللي بسببك هيعيش أحلى أيام حياته.. 
ثم أخرج هاتفه ليلتقط له صورة.. وما إن التقطها حتى شعر بهزة عنيفة تحت 
قدميه كادت تسقطه، فالتفت جانبا ليجد جدران السرداب تنهار بعيدا في طريقها 
إليه ويقترب منه الاسهيار بشدة، فعاد بظهره للخلف بضع خطوات.. بعدها لم يجد 
أمامه سوى أن يلتف بجسده ويجري للأمام.. 
يجري خالد سريعا وانهيار الجدران يسرع خلفه كأنه فريسة يلاحقها أسد مفترس.. 
لا يصدق عينيه.. يشعر بأنه في حلم ما، ويسرع.. وتسمع أذناه صوت ارتطام 
صخور الجدران الضخمة.. لو أصابته صخرة واحدة لقتلته.. حتى سقطت حقيبة 
كتفه وما بها فلم يعبا بذلك.. وواصل عدوه.. تساعده قدماه الطويلتان وخطواته 
الواسعة.. ويجري إلى حيث لا يعرف.. يجري إلى المجهول.. ويصرخ بداخل نفسه.. 

كيف يعود إلى بلده مجددا؟ !.. إنه الهلاك.. إن السرداب ينهار.. ماذا حدث 
بالأعلى؟! حتى وجد نفسه أمام طريقين انقسم إليهما السرداب.. فاندفع إلى 
أحدهما، دون رغبته حين انهار الطريق الأخر قبل أن يصل إليه.. وكأن الانيار 
يتحكم في مساره.. ثم فوى بنفسه يجري إلى مرتفع يتجه للأعلى.. ويلاحقه الانهيار 
أسرع وأسرع يريد أن يبتلعه.. 
يحاول أن يقاوم صعوبة الصعود.. ويتقدم ويخطو بقدميه سريعا.. حتى وجد نورا 
شديدا على مرمى بصره كأنه نور النهار الذي يعرفه جيدا فأسرع إليه ومازال 
الظلام والانهيار يلاحقاه حتى اقترب من الفتحة وقفز منها لتنهار من أسفله، وتغلق 
وكأن الأرض قذفته خارجها.. 
وجد خالد نفسه ملقى على الأرض.. ورأسه منغمسة في رمال.. فرفع رأسه. وأزال 
الرمال عن وجهه وعن عينيه.. ونظر إلى السماء وضحك.. وشكر الله بعدما ظن 
أنه عاد مرة أخرى إلى أعلى.. وأنه قد نجا من انهيار هذا السرداب الملعون.. حتى 
نظر إلى السماء مجددا.. ولاحظ زرقتها وصفاءها إلى درجة لم يرها من قبل، ونظر 
حوله فوجد رمالا بكل مكان وعلى مرمى بصره.. فنهض ودار بجسده ليرى ما حوله.. 
فلم يجد سوى صحراء واسعة تظلها سماء صافية فضرب رأسه بيده، وهمس إلى 
- فوق يا خالد.. انت بتحلم ولا إيه.. انت فين؟ !.. وإيه اللي جاب الصحرا دي هنا.. 
ثم نظر حوله مجددا. وسأل نفسه غير مصدقا ما يراه: أين هو؟.. وسار بضع 
خطوات في كل اتجاه لكن دون جدوى.. إنها صحراء لا يوجد بها أحد فجلس مكانه 
في دهشة.. ونظر إلى فتحة السرداب التي خرج منها فوجدها وكأنها لم تكن.. 
فضحك ساخرا.. وتحدث خائب الأمل : 
- واضح إن السرداب كان معمول عشان نعمر الصحرا.. والكنز وفوريك ده كان 
مقلب.. ويا ترى أنا في الصحرا الشرقية.. ولا الغربية.. ولا في سينا؟!!.. ولا أكون 
عبرت الحدود.. ورحت ليبيا.. أو السعودية.. ثم صرخ وكأن الجنون أصابه: 
- أنا فين؟!!!.. 
مرت ساعات على جلوسه.. يجلس ولا يعلم أين يذهب.. وخلع قميصه، ووضعه 
فوق رأسه ي يقيه حرارة الشمس.. واندهش حين نظر إلى ساعة يده فوجد 
عقاربها توقفت عن الحركة.. ولم يفكر بهذا الأمر كثيرا حيث فوجى برجلين يجريان 
بعيدا عنه.. فنهض وأسرع إليهما.. وبدأ الأمل يدق قلبه حتى اقترب منهما فلاحظ 
زيهما الغريب وشدة إعيائهما، وكأنهما مريضان بمرض مزمن شديد فأوقفهما.. 
وسألهما: 
- لو سمحتوا، أنا محتاج مساعدتكم.. 
فتركاه.. وواصلا جريما، فأسرع خلفهما ليوقفهما مجددا: 
- انتوا بتجروا ليه؟ !.. فنظر إليه أحدهما: 
- ألا ترى ما نحن به؟! 
تعجب خالد من لهجتهما الغريبة.. وابتسم ساخرا مقلدا له: 
وتحدث إلى نفسه: 
- أجل أرى يا سيدي.. ثم سأله: 
- إحنا في السعودية، صح؟! 
نظر إليه الرجل متعجبا: 
- ماذا تعمي السعودية؟!! 
ابتسم خالد.. وزفر زفيرا طويلا.. 
32 
- دول في الضياع.. 
فسأله الرجل الأخر لاهثا: 
- أأنت غريب؟ 
فأجابه خالد على الفور: 
- أيوة أنا غريب.. ثم أكمل: 
- إحنا فين؟.. وانتوا مين؟ 
أجابه أحدهما: 
- إننا فقراء.. وقد هربنا إلى الصحراء.. ألا يوجد معك طعام؟! 
أجابه: 
-لا للأسف.. كان معايا بس ضاع مع الشنطة.. ثم وضع يده في جيبه، وأخرج ورقة 
من فنة العشرة جنيهات.. وأكمل: 
- أنا معايا فلوس ممكن تشتروا أكل لو فلتوا لي إحنا فين.. وازاي أرجع بلدي.. 
فخطف أحدهما ما أخرجه خالد من نقود ووضعها بفمه وأكلها.. فاندهش خالد. 
وسأله متعجبا: 
- انت جعان للدرجة دي؟ 
فأجابه الأخر: 
- يبدو لي أنك كريم. ولهذا تأكدت أنك غريب عن هنا.. أشعر بأنك غني للغاية... 
ضحك خالد.. ونظر إلى نفسه، وملابسه البالية التي غطاها تراب النفق 
والسرداب، وحالته التي يرثى لها.. وسأل نفسه.. أي غنى يتحدث عنه هذا الأبله؟ 
عشرة جنيهات رأها شعر بأنني غني؟.. ثم تجاوب معهما وكأنما مجنونان.. وسألهما 
مجددا، وقد ضاق صدره: 


- دلوقتى أنا عايز أعرف انتوا هتعيشوا ازاي في الصحرا دي؟! ، وهربانين من إيه؟ 

وسؤالي الأهم: إحنا فين أساسا؟.. 

أجابه الذي أكل النقود بعدما حاول أن يفهم ما يقصده : 

- إننا فقراء، وستكون الصحراء أفضل لنا كثيرا من أرض زيكولا.. 

فسأله خالد مندهشا: 

- أرض زيكولا؟!! 

فسأله الآخر: 

- ألا تعرف أرض زيكولا؟! 

أجابه خالد: 

- لا.. فين زيكولا دي؟.. أنا مش شايف إلا صحرا في كل مكان.. 

فأكمل الرجل: 

- من يوجد في هذا الزمان ولا يعرف أرض زيكولا؟! ثم أكمل محدثا صديقه: 

- إنهم الأغنياء، يسخرون منا هكذا دائما.. ثم أشار إلى خالد أن يتحرك عدة أمتار 

في اتجاه يده: 

- إذها هناك بالأسفل.. أيها الغتي.. 

ثم تركاه وواصلا جريما في الصحراء.. وتحرك خالد إلى ما أشار إليه الرجل، 

وواصل تحركه حتى وجد نفسه على حافة هضبة عالية فنظر إلى أسفل فوجد 

مدينة كبيرة ذات منظر بديع من أعلى.. بها مبان شتى وتتخللها مساحات خضراء 

كأنها أراض زراعية، ومسطحات من الماء.. 

بلا د د 

- دلوقتى أنا عايز أعرف انتوا هتعيشوا ازاي في الصحرا دي؟ ! . وهربانين من إيه؟ 

وسؤالي الأهم: إحنا فين أساسا؟.. 

أجابه الذي أكل النقود بعدما حاول أن يفهم ما يقصده : 

- إننا فقراء. وستكون الصحراء أفضل لنا كثيرا من أرض زيكولا.. 

فسأله خالد مندهشا: 

- أرض زيكولا؟!! 

فسأله الآخر: 

- ألا تعرف أرض زيكولا؟! 

أجايه خالد: 

- لا.. فين زيكولا دي؟.. أنا مش شايف إلا صحرا في كل مكان.. 

فأكمل الرجل: 

- من يوجد في هذا الزمان ولا يعرف أرض زيكولا؟! ثم أكمل محدثا صديقه: 

- إنهم الأغنياء، يسخرون منا هكذا دائما.. ثم أشار إلى خالد أن يتحرك عدة أمتار 

في اتجاه يده: 

- إزها هناك بالأسفل.. أيها الغتي.. 

ثم تركاه وواصلا جريهما في الصحراء.. وتحرك خالد إلى ما أشار إليه الرجل. 

وواصل تحركه حتى وجد نفسه على حافة هضبة عالية فنظر إلى أسفل فوجد 

مدينة كبيرة ذات منظر بديع من أعلى.. بها مبان شتى وتتخللها مساحات خضراء 

كأنها أراض زراعية، ومسطحات من الماء.. 

بلا لا 

الفصل السادس


اتسعت عينا خالد من الدهشة، وسأل نفسه: كيف توجد تلك المدينة بجوار تلك  
الصحراء الجرداء؟!.. حتى قاطع تفكيره صياح أحد الرجلين إليه مجددا :  
- إياك أن تذهب إلى زيكولا.. إياك.. وواصل جريه مع صاحبه.. فلم يعطه خالد  
اهتماما.. وظل ينظر إلى تلك المدينة من أعلى.. وسأل نفسه: أين هو من العالم؟  
وأين توجد أرض زيكولا تلك؟.. حتى ابتسم حين نظر بعيدا إلى أسفل فوجد طريقا  
طويلا ممهدا إلى تلك المدينة.. به كثير من التعرجات ومرتفعا إلى أعلى حيث يمر  
بالقرب من تلك الهضبة التي يقف عليها.. فلم يجد أمامه سوى أن يسرع باحثا  
عنه.. يريد أن يذهب إلى المدينة في أسرع وقت بعدما حل به الجوع والعطش بعدها  
يحاول أن يعرف أين هو..  
بعدها سار في الصحراء متجها إلى ذلك الطريق.. وظن في البداية أنه قريب منه  
فاكتشف غير ذلك تماما.. فكلما تقدم لم يجد شيئا فاعتقد أنه سراب.. حتى  
تحقق من وجوده حين رأى عربة يجرها حصان تسير على مقربة منه.. فأسرع في  
اتجاهها فوجد أمامه ذلك الطريق الذي شاهده من أعلى.. ولكن سائق العربة لم  
يلحظ وجوده وابتعد بها عنه فواصل تحركه في نفس الاتجاه الذي سلكته العربة..  
35  
مر الوقت وأصبحت الشمس عمودية.. وزادت حرارتها. وحل الإرهاق والتعب على  
خالد.. وبدأت آلام ارتطامه في السرداب تحل عليه مرة أخرى.. ولكنه تايع سيره رغم  
علمه بأن هذا الطريق طويل للغاية، ولابد له من نيل قسط من الراحة.. يريد أن  
يصل إلى هناك في أسرع وقت.. يشعر أن هناك أملا ما في انتظاره.. حتى سمع صوتا  
من خلفه.. وحين التف وجد عرية أخرى يجرها حصان فأشار إلى سائقها أن يقف.  
فأوقف السائق حصانه بالفعل.. فنظر إليه خالد في تعب:  
- أنا عايز أروح أرض زيكولا..  
فسأله السائق:  
- وكم تدفع؟  
فوضع خالد يده في جيبه.. وأخرج بعض النقود الورقية.. وأشار إلى السانق أن  
يأخذها.. فسأله السائق غاضبا:  
-ورق؟!  
ثم ألقاها في وجهه.. وتركه وغادر.. وخالد لم يفقه شيئا مجددا.. وحدث نفسه  
بصوت مسموع:  
- البلد دي كلها مجانين ولا إيه؟!  
و واصل تحركه. فجاءت عرية أخرى وحدث معها مثلما حدث مع العرية السابقة  
تماما.. وتركه سائقها وغادر.. فابتسم خالد ابتسامة بها خيبة أمل كبيرة محدثا  
نفسه: " إنها زيكولا أرض المجانين ".. وسار مسافة أخرى. وازداد تعبه.. حتى سمع  
من جديد صوت عرية فالتفت فوجدها عربة ضخمة يبدو عليها الثراء، وقد  
اختلفت عن العربات السابقة من حيث تصميمها وأناقتها.. فرأى أن يوفر تعبه..  
ولا يشير إليها ويكمل سيره. ومزت بجواره فوجد شابا في مثل عمره متشبثا  
بمؤخرتها دون أن يراه سائقها.. وحين وجد خالدا أشار إليه بيده أن يسرع إلى  
36  
العربة.. فأسرع خالد إلى مؤخرة العربة هو الآخر.. وتشبث بها.. ونظر إلى الشاب 
مبتسما: "شكرا".. فهمس الشاب إليه، ووضع يده على فمه: 
-اصمت.. ي لا يسمعنا أحد.. 
سارت العرية في طريقها إلى زيكولا. يصيح سائقها إلى جيادها أن تسرع.. وخالد 
مازال متشبثا بمؤخرتها مع هذا الشاب.. ينظر إليه في دهشة من ملابسه.. وشعر 
بدهشته هو الآخر منه أيضا.. حتى اقتربت العربة من سور ضخم.. فأشار الشاب 
إلى خالد أن يقفز معه تاركين العربة.. فقفزا، وما إن نظر خالد أمامه حتى وجد 
سورا ضخما يصل ارتفاعه إلى ما يقرب من خمسة طوابق، تزينه نقوش غاية في 
الجمال. به باب ضخم كان مفتوحا على مصراعيه تمر منه العربات مجيئا 
وذهابا.. فنظر خالد إلى الشاب قائلا: 
- أنا بشكرك جدا.. 
رد الشاب: 
- لا تشكرني يا أنخي.. إنني مثلك، كادت تقتلني حرارة الشمس.. 
فسأله خالد: 
أنت من زيكولا؟ 
- نعم.. وأنت تبدو غريبا.. 
فابتسم خالد: 
- أيوة.. أنا من اليهو فريك.. بلد جنب المنصورة.. 
فا تسمت الدهشة على وجه الشاب: 
- ماذا؟!! 
فأسرع خالد وكأنه يصحح حديثه : 
37 
- أقصد مصر.. أنا من مصر.. 
- أقصد مصر.. أنا من مصر.. 
فلم تختف دهشة الشاب وسأله: 
- ماذا تقصد بمصر؟!.. هل هي في الشمال؟ 
فأجابه مندهشا: 
-انت مش عارف مصر أم الدنيا؟ 
رد الشاب: 
- نعم أني.. لا أعرفها.. 
فصمت خالد مفكرا ثم أجابه وكأنه يريح نفسه من غرابة هؤلاء الناس الذين 
يقابلهم: 
أيوة مصر في الشمال.. ثم سأله: 
- إحنا فين؟ 
رد الشاب: 
- ألا ترى يا أنخي.. إننا في زيكولا.. أرض الذكاء.. 
فلم يتمالك خالد نفسه من الضحك: 
- أرض الذكاء؟!.. لا فعلا الذكاء واضج على كل اللي قابلتهم ثم سأله: 
- يعتي تبع دولة إيه؟ .. قارة إيه؟ 
رد الشاب متعجلا: 
- لا أفهم قصدك.. إنها زيكولا وفقط.. والآن لابد أن أتركك.. إنني أضعت اليوم وقثا 
من العمل.. ولابد لي أن أقوم بتعويضه.. 
ثم مد يده مودعا خالد، فمد يده هو الآخر: 
- اسمي خالد.. 
38 
رد الشاب: 
رد الشاب: 
- وأنا يامن.. حظا سعيدا في أرض زيكولا .. ثم تركه وغادر .. 
كان خالد مازال واقفا أمام باب المدينة الضخم.. حتى تقدم إليه، وما إن مر خلاله 
حتى شعر برعشة قوية تسرى بجسده، وألم شديد برأسه كاد يقتله.. حتى سقط 
على ركبتيه ممسكا رأسه بيده من الألم الذي لم يشعر بمثله في حياته.. واستمر 
ألمه لدقائق حتى بدأ يتلاشى شيئا فشيئا وكأنه لم يحدث، ثم تابع مسيره إلى داخل 
المدينة.. 
سار خالد بالمدينة وكأنه يسير بمدينة الأحلام.. ينظر إلى وجوه الناس وتعبيرامهم 
المختلفة.. منهم من ترتسم البسمة على وجهه، ومنم من انطبع الحزن على جبينه.. 
وإلى زيهم الذي انقسم إلى أقسام عدة؛ فمنهم من يرتدي جلبابا وعلى رأسه عمامة، 
وقد كانوا كبار السن.. أما الشباب والصغار فكانوا يرتدون سراويل واسعة من 
أعلى وضيقة من أسفل.. وكأنها زي الصيادين الذي اعتاد أن يراه ولكنها أكثر 
أناقة.. ومن أعلى يرتدون قمصانا واسعة منقوشة صنعت ببراعة من الجلد أو 
القماش.. أما النساء فقد وجدهن يرتدين فساتين فضفاضة ذات ألوان براقة.. 
وجميعهن لا يضعن شيئا فوق رؤوسهن.. ولاحظ جمال الكثير من النساء في تلك 
المدينة.. وخشى أن ينظر إلى إحداهن.. وهو لا يعلم كيف ستكون ردة الفعل في 
تلك المدينة.. ويعجبه ذلك التنوع في الزي.. وتلك الأناقة التي بدت على كل فتى 
وفتاة بالمدينة.. ويسير بشوارعها منيهرا بتلك المباني المتلاصقة.. التي بدت عليها 
المهارة المعمارية.. وكانت تمتلك ارتفاعا واحدا لا يتجاوز الثلاثة طوابق.. وبنيت 
جميعها من الطوب المحروق والأخشاب.. 
39 
أكمل خالد مسيره حتى وجد مكانا يقدم طعاما فسمع أصوات بطنه تناديه. 
وتذكره بالجوع.. فاقترب من ذلك المكان.. وجلس به.. وطلب طعاما.. ثم جاءه رجل 
بطعام من الخيز واللحم.. وقال له : 
- شكرا لتشريفك لنا أيها الغني. 
فابتسم خالد: 
- تاني غني!! 
ثم أكل وامتلأت بطنه.. وانتظر أن يأتي الرجل ليأخذ نقوده فلم يأت.. فأكل 
ومشى.. وعادت إليه قوته مجددا.. وأكمل سيره في المدينة حتى وجد مكانا آخر 
لصناعة الملابس وبيعها.. فنظر خالد إلى نفسه.. ووجد أن يشتري لنفسه زيا.. ي 
لا يكون زيه مختلفا عن باقي أهل المدينة.. حتى يعرف أين هو.. ودخل ذلك المكان 
فسأله من به: 
- لست من زيكولا؟ 
فاوما خالد موافقا كلامه فأعطاه الرجل زيا مناسبا.. بنطاللا واسعا.. وقميصا 
منقوشا من القطن.. ولم يأخذ منه نقودا.. وقال له مثلما قال صاحب المطعم: 
- شكرا لتشريفك لنا أيبا الغتي.. 
فابتسم وتذكر كلام من قابلهما بالصحراء.. وأنه غريب لأنه كريم.. وقال لنفسه 
إنهما مجنونان بالفعل.. فما وجده من أهل المدينة حتى الأن كرم مبالغ فيه. 
يسير بالمدينة بزيه الجديد.. ويقلب عينيه هنا وهناك.. وقد لاحظ شيئا لم يفهمه.. 
وهو أن كل مكان للبيع والشراء يجد مكتوبا عليه أرقام ووحدات.. عشر وحدات 
أو خمس.. أي وحدات تلك لا يفهم.. حتى أكمل مسيره وحل الليل.. ففوجى بأن تلك 
المدينة رغم ما يبدو عليها من ثراء إلا أنها لم تصلها الكهرباء بعد.. ثم اندهش حين 
4O 
أضينت المدينة بالنيران.. وانتشر الضياء في كل مكان.. ولا تختلف إضاءتها عن 
المصابيح التي يعرفها.. تلك هي الأخرى براعة هندسية.. 
بعدها جلس على جانب أحد الشوارع.. وكاد يغلبه النعاس.. فوجد أهل المدينة 
يستعدون وكأنم يحتفلون بشيء ما.. الجميع يلعبون ويمرحون.. والأطفال 
يرقصون.. وسأل نفسه هل هناك عيد ما؟.. يبدو كذلك.. وفرح بذلك فجميع أهل 
المدينة خارج منازلهم.. وسيؤنس ذلك وحدته دون مسكن.. حتى اقترب منه فتى 
فسأله لماذا يحتفل الناس هكذا.. فأجابه الفتى فرحا: 
-إن الاحتفال لم يبدأ بعد .. 
فضحك خالد مداعبا الفتى: 
- أمال هيبدأ إمتى؟ 
تعجب الفى؛ 
• لماذا لهجتك غريبة؟ 
رد خالد: 
- أنا من الشمال.. إنني غريب.. 
رد الفق، 
- تقصد كنت غريبا.. أما الآن أنت من أهل زيكولا.. 
فابتسم خالد ووضع يده على رأس الفتى: 
- عارف إن زيكولا أرض الكرم.. 
فأكمل الفتى: 
- اليوم الكل يستعد للاحتفال.. أما الاحتفال الحقيقي سيكون غدا.. إنه أعظم 
احتفال بالكون.. والكثيرون من البلاد البعيدة يأتون للهضبة المجاورة.. ويقفون 
ها لمشاهدة احتفالاتنا.. 
41 
فتعجب خالد وسأله عن سبب الاحتفال. فظهر التعجب على وجه الفتى: 
- إنني كنت أظنك غنيا.. أرجوك لا تدعني أشك في قدراتي بمعرفة الأغنياء.. ثم 
- إن احتفالاتنا ستبدأ غدا احتفالا بيوم زيكولا.. اليوم الذي يجعل من زيكولا 
أشهر مدينة بالتاريخ.. اليوم الذي يسعد به كل أهل زيكولا.. 
ثم صمت قليلا.. وأكمل : 
- ماعدا شخصا واحدا بالطبع.. 
فسأله خالد: 
(4 ) 
اتسعت عينا خالد من الدهشة، وسأل نفسه: كيف توجد تلك المدينة بجوار تلك 
الصحراء الجرداء؟!.. حتى قاطع تفكيره صياح أحد الرجلين إليه مجددا : 
- إياك أن تذهب إلى زيكولا.. إياك.. وواصل جريه مع صاحبه.. فلم يعطه خالد 
اهتماما.. وظل ينظر إلى تلك المدينة من أعلى.. وسأل نفسه: أين هو من العالم؟ 
وأين توجد أرض زيكولا تلك؟.. حتى ابتسم حين نظر بعيدا إلى أسفل فوجد طريقا 
طويلا ممهدا إلى تلك المدينة.. به كثير من التعرجات ومرتفعا إلى أعلى حيث يمر 
بالقرب من تلك الهضبة التي يقف عليها.. فلم يجد أمامه سوى أن يسرع باحثا 
عنه.. يريد أن يذهب إلى المدينة في أسرع وقت بعدما حل به الجوع والعطش بعدها 
يحاول أن يعرف أين هو.. 
بعدها سار في الصحراء متجها إلى ذلك الطريق.. وظن في البداية أنه قريب منه 
فاكتشف غير ذلك تماما.. فكلما تقدم لم يجد شيئا فاعتقد أنه سراب.. حتى 
تحقق من وجوده حين رأى عربة يجرها حصان تسير على مقربة منه.. فأسرع في 
اتجاهها فوجد أمامه ذلك الطريق الذي شاهده من أعلى.. ولكن سائق العربة لم 
يلحظ وجوده وابتعد بها عنه فواصل تحركه في نفس الاتجاه الذي سلكته العربة.. 
35 
مر الوقت وأصبحت الشمس عمودية.. وزادت حرارتها. وحل الإرهاق والتعب على 
خالد.. وبدأت آلام ارتطامه في السرداب تحل عليه مرة أخرى.. ولكنه تايع سيره رغم 
علمه بأن هذا الطريق طويل للغاية، ولابد له من نيل قسط من الراحة.. يريد أن 
يصل إلى هناك في أسرع وقت.. يشعر أن هناك أملا ما في انتظاره.. حتى سمع صوتا 
من خلفه.. وحين التف وجد عرية أخرى يجرها حصان فأشار إلى سائقها أن يقف. 
فأوقف السائق حصانه بالفعل.. فنظر إليه خالد في تعب: 
- أنا عايز أروح أرض زيكولا.. 
فسأله السائق: 
- وكم تدفع؟ 
فوضع خالد يده في جيبه.. وأخرج بعض النقود الورقية.. وأشار إلى السانق أن 
يأخذها.. فسأله السائق غاضبا: 
-ورق؟! 
ثم ألقاها في وجهه.. وتركه وغادر.. وخالد لم يفقه شيئا مجددا.. وحدث نفسه 
بصوت مسموع: 
- البلد دي كلها مجانين ولا إيه؟! 
و واصل تحركه. فجاءت عرية أخرى وحدث معها مثلما حدث مع العرية السابقة 
تماما.. وتركه سائقها وغادر.. فابتسم خالد ابتسامة بها خيبة أمل كبيرة محدثا 
نفسه: " إنها زيكولا أرض المجانين ".. وسار مسافة أخرى. وازداد تعبه.. حتى سمع 
من جديد صوت عرية فالتفت فوجدها عربة ضخمة يبدو عليها الثراء، وقد 
اختلفت عن العربات السابقة من حيث تصميمها وأناقتها.. فرأى أن يوفر تعبه.. 
ولا يشير إليها ويكمل سيره. ومزت بجواره فوجد شابا في مثل عمره متشبثا 
بمؤخرتها دون أن يراه سائقها.. وحين وجد خالدا أشار إليه بيده أن يسرع إلى 
36 
العربة.. فأسرع خالد إلى مؤخرة العربة هو الآخر.. وتشبث بها.. ونظر إلى الشاب 
مبتسما: "شكرا".. فهمس الشاب إليه، ووضع يده على فمه:  
-اصمت.. ي لا يسمعنا أحد..  
سارت العرية في طريقها إلى زيكولا. يصيح سائقها إلى جيادها أن تسرع.. وخالد  
مازال متشبثا بمؤخرتها مع هذا الشاب.. ينظر إليه في دهشة من ملابسه.. وشعر  
بدهشته هو الآخر منه أيضا.. حتى اقتربت العربة من سور ضخم.. فأشار الشاب  
إلى خالد أن يقفز معه تاركين العربة.. فقفزا، وما إن نظر خالد أمامه حتى وجد  
سورا ضخما يصل ارتفاعه إلى ما يقرب من خمسة طوابق، تزينه نقوش غاية في  
الجمال. به باب ضخم كان مفتوحا على مصراعيه تمر منه العربات مجيئا  
وذهابا.. فنظر خالد إلى الشاب قائلا:  
- أنا بشكرك جدا..  
رد الشاب:  
- لا تشكرني يا أنخي.. إنني مثلك، كادت تقتلني حرارة الشمس..  
فسأله خالد:  
أنت من زيكولا؟  
- نعم.. وأنت تبدو غريبا..  
فابتسم خالد:  
- أيوة.. أنا من اليهو فريك.. بلد جنب المنصورة..  
فا تسمت الدهشة على وجه الشاب:  
- ماذا؟!!  
فأسرع خالد وكأنه يصحح حديثه :  
37  
- أقصد مصر.. أنا من مصر..  
- أقصد مصر.. أنا من مصر..  
فلم تختف دهشة الشاب وسأله:  
- ماذا تقصد بمصر؟!.. هل هي في الشمال؟  
فأجابه مندهشا:  
-انت مش عارف مصر أم الدنيا؟  
رد الشاب:  
- نعم أني.. لا أعرفها..  
فصمت خالد مفكرا ثم أجابه وكأنه يريح نفسه من غرابة هؤلاء الناس الذين  
يقابلهم:  
أيوة مصر في الشمال.. ثم سأله:  
- إحنا فين؟  
رد الشاب:  
- ألا ترى يا أنخي.. إننا في زيكولا.. أرض الذكاء..  
فلم يتمالك خالد نفسه من الضحك:  
- أرض الذكاء؟!.. لا فعلا الذكاء واضج على كل اللي قابلتهم ثم سأله:  
- يعتي تبع دولة إيه؟ .. قارة إيه؟ 
رد الشاب متعجلا: 
- لا أفهم قصدك.. إنها زيكولا وفقط.. والآن لابد أن أتركك.. إنني أضعت اليوم وقثا 
من العمل.. ولابد لي أن أقوم بتعويضه.. 
ثم مد يده مودعا خالد، فمد يده هو الآخر: 
- اسمي خالد.. 
38 
رد الشاب: 
رد الشاب: 
- وأنا يامن.. حظا سعيدا في أرض زيكولا .. ثم تركه وغادر .. 
كان خالد مازال واقفا أمام باب المدينة الضخم.. حتى تقدم إليه، وما إن مر خلاله 
حتى شعر برعشة قوية تسرى بجسده، وألم شديد برأسه كاد يقتله.. حتى سقط 
على ركبتيه ممسكا رأسه بيده من الألم الذي لم يشعر بمثله في حياته.. واستمر 
ألمه لدقائق حتى بدأ يتلاشى شيئا فشيئا وكأنه لم يحدث، ثم تابع مسيره إلى داخل 
المدينة.. 
سار خالد بالمدينة وكأنه يسير بمدينة الأحلام.. ينظر إلى وجوه الناس وتعبيرامهم 
المختلفة.. منهم من ترتسم البسمة على وجهه، ومنم من انطبع الحزن على جبينه.. 
وإلى زيهم الذي انقسم إلى أقسام عدة؛ فمنهم من يرتدي جلبابا وعلى رأسه عمامة، 
وقد كانوا كبار السن.. أما الشباب والصغار فكانوا يرتدون سراويل واسعة من 
أعلى وضيقة من أسفل.. وكأنها زي الصيادين الذي اعتاد أن يراه ولكنها أكثر 
أناقة.. ومن أعلى يرتدون قمصانا واسعة منقوشة صنعت ببراعة من الجلد أو 
القماش.. أما النساء فقد وجدهن يرتدين فساتين فضفاضة ذات ألوان براقة.. 
وجميعهن لا يضعن شيئا فوق رؤوسهن.. ولاحظ جمال الكثير من النساء في تلك 
المدينة.. وخشى أن ينظر إلى إحداهن.. وهو لا يعلم كيف ستكون ردة الفعل في 
تلك المدينة.. ويعجبه ذلك التنوع في الزي.. وتلك الأناقة التي بدت على كل فتى 
وفتاة بالمدينة.. ويسير بشوارعها منيهرا بتلك المباني المتلاصقة.. التي بدت عليها 
المهارة المعمارية.. وكانت تمتلك ارتفاعا واحدا لا يتجاوز الثلاثة طوابق.. وبنيت 
جميعها من الطوب المحروق والأخشاب.. 
39 
أكمل خالد مسيره حتى وجد مكانا يقدم طعاما فسمع أصوات بطنه تناديه. 
وتذكره بالجوع.. فاقترب من ذلك المكان.. وجلس به.. وطلب طعاما.. ثم جاءه رجل 
بطعام من الخيز واللحم.. وقال له : 
- شكرا لتشريفك لنا أيها الغني.  
فابتسم خالد:  
- تاني غني!!  
ثم أكل وامتلأت بطنه.. وانتظر أن يأتي الرجل ليأخذ نقوده فلم يأت.. فأكل  
ومشى.. وعادت إليه قوته مجددا.. وأكمل سيره في المدينة حتى وجد مكانا آخر  
لصناعة الملابس وبيعها.. فنظر خالد إلى نفسه.. ووجد أن يشتري لنفسه زيا.. ي  
لا يكون زيه مختلفا عن باقي أهل المدينة.. حتى يعرف أين هو.. ودخل ذلك المكان  
فسأله من به:  
- لست من زيكولا؟  
فاوما خالد موافقا كلامه فأعطاه الرجل زيا مناسبا.. بنطاللا واسعا.. وقميصا  
منقوشا من القطن.. ولم يأخذ منه نقودا.. وقال له مثلما قال صاحب المطعم:  
- شكرا لتشريفك لنا أيبا الغتي..  
فابتسم وتذكر كلام من قابلهما بالصحراء.. وأنه غريب لأنه كريم.. وقال لنفسه  
إنهما مجنونان بالفعل.. فما وجده من أهل المدينة حتى الأن كرم مبالغ فيه.  
يسير بالمدينة بزيه الجديد.. ويقلب عينيه هنا وهناك.. وقد لاحظ شيئا لم يفهمه..  
وهو أن كل مكان للبيع والشراء يجد مكتوبا عليه أرقام ووحدات.. عشر وحدات  
أو خمس.. أي وحدات تلك لا يفهم.. حتى أكمل مسيره وحل الليل.. ففوجى بأن تلك  
المدينة رغم ما يبدو عليها من ثراء إلا أنها لم تصلها الكهرباء بعد.. ثم اندهش حين  
4O 
أضينت المدينة بالنيران.. وانتشر الضياء في كل مكان.. ولا تختلف إضاءتها عن  
المصابيح التي يعرفها.. تلك هي الأخرى براعة هندسية..  
بعدها جلس على جانب أحد الشوارع.. وكاد يغلبه النعاس.. فوجد أهل المدينة  
يستعدون وكأنم يحتفلون بشيء ما.. الجميع يلعبون ويمرحون.. والأطفال  
يرقصون.. وسأل نفسه هل هناك عيد ما؟.. يبدو كذلك.. وفرح بذلك فجميع أهل  
المدينة خارج منازلهم.. وسيؤنس ذلك وحدته دون مسكن.. حتى اقترب منه فتى  
فسأله لماذا يحتفل الناس هكذا.. فأجابه الفتى فرحا: 
-إن الاحتفال لم يبدأ بعد .. 
فضحك خالد مداعبا الفتى: 
- أمال هيبدأ إمتى؟ 
تعجب الفى؛ 
• لماذا لهجتك غريبة؟ 
رد خالد: 
- أنا من الشمال.. إنني غريب.. 
رد الفق، 
- تقصد كنت غريبا.. أما الآن أنت من أهل زيكولا.. 
فابتسم خالد ووضع يده على رأس الفتى: 
- عارف إن زيكولا أرض الكرم.. 
فأكمل الفتى: 
- اليوم الكل يستعد للاحتفال.. أما الاحتفال الحقيقي سيكون غدا.. إنه أعظم 
احتفال بالكون.. والكثيرون من البلاد البعيدة يأتون للهضبة المجاورة.. ويقفون 
ها لمشاهدة احتفالاتنا.. 
41 
فتعجب خالد وسأله عن سبب الاحتفال. فظهر التعجب على وجه الفتى: 
- إنني كنت أظنك غنيا.. أرجوك لا تدعني أشك في قدراتي بمعرفة الأغنياء.. ثم 
- إن احتفالاتنا ستبدأ غدا احتفالا بيوم زيكولا.. اليوم الذي يجعل من زيكولا 
أشهر مدينة بالتاريخ.. اليوم الذي يسعد به كل أهل زيكولا.. 
ثم صمت قليلا.. وأكمل : 
- ماعدا شخصا واحدا بالطبع.. 
فسأله خالد:  

- ماعدا شخصا واحدا بالطبع..  
فسأله خالد:  
- مين الشخص ده؟  
فضحك الفى:  
- يبدو أنك لا تعرف كثيرا عن زيكولا.. ثم تنهد.. ونظر إليه:  
- سيدي، إن يوم زيكولا يذيح فيه أفقر شخص يوجد بالمدينة.

الفصل السابع


- كيف كان يومك الأول بزيكولا؟  
كانت الأصوات عالية من حولهما فاضطر خالد أن يرفع من صوته:  
- يومي الأول؟.. مش فاهم لحد دلوقتي إيه اللي بيحصل لي..  
ضحك يامن؛  
- ربما لأننا في أعياد زيكولا.. ما إن تنتي الأعياد حتى تعود الحياة مرة أخرى إلى  
(5)  
شعر خالد بالصدمة حين أخبره الفتى أن يوم زيكولا يذبح به أفقر من يوجد  
بالمدينة.. وحدث نفسه بأنه أفقر من بها.. وما معه من نقود لا تفيد بعدما تيقن  
من مواقفه السابقة أنهم لا يعترفون بها.. وإن كان حديث الفتى صحيحا سيكون  
هو الضحية.. حتى قاطع تفكيره الفتى حين أكمل:  
- في يوم زيكولا تجرى منافسة بين أفقر ثلاثة أشخاص بالمدينة.. أما غدا للأسف  
فسيذبح الشخص مباشرة دون منافسة بعدما نجح الأخران في الهرب.. آه لو  
رأيتهما بعيني..  
فتذكر خالد من قابلهما بالصحراء.. وفال بصوت عال:  
- المجانين؟!!  
فنظر إليه الفتى فتدارك خالد قوله، وسأله:  
- تقصد إن الفقير تم اختياره فعلا؟  
رد الفى:  
- نعم..  
فتنفس الصعداء، وأخرج زفيرا طويلا. وشكر ربه في سره. وأكمل الفتى:  
43  
- المعتاد في زيكولا أن يحبس الفقراء الثلاثة قبلها بأيام.. ثم تقوم بينهم منافسة  
الغنى والفقر.. الزيكولا.. ومن يخسر منهم يذبح.. وبالطبع طالما هرب الاثنان  
سيذبح الشخص الثالث.. ثم أشار إلى بيت مجاور:  
- إنه من منطقتنا.. فنظر خالد إلى البيت، وتعجب:  
- ازاي ده بيت فقير؟  
بعدها تره الفتى، ومضى ليلعب مع من معه..  
جلس خالد مرة أخرى في مكانه.. يفكر بما يحدث له، ويتذكر ماذا حدث له منذ أن  
وجد نفسه بالصحراء.. وزاد إلحاح سؤاله الذي تعمد تجاهله دائما.. أين هو؟..  
وأين زيكولا تلك التي لم يسمع عنها من قبل.. وعن أهلها المثيرين للدهشة؟..  
بعضهم يبدو عاقلا.. والكثيرون لا ينتمون للعقلاء بشيء.. ثم انتفض جسده حين  
سأل نفسه ماذا لو انتقل به الزمن عبر السرداب إلى الماضي كما كان يقرأ دائما في  
الأدب الأجنبي.. ماذا؟.. هل هذا صحيح؟! (( لا.. لا.. إنه خيال.. إنني لم أسمع عن  
زيكولا.. ولم أقرأ عنها من قبل )).. هكذا أجاب نفسه.. ثم علا صوته:  
- بس ليه لأ؟  
- الأحصنة اللي بتجر العربات.. ولبس الناس هنا.. مش معقول يكون لبس حد في  
القرن الواحد والعشرين.. الحاجات دي فات عليها قرون.  
ثم عاد إلى نفسه: ممكن تكون دي بلد معزولة انت مسمعتش عنها.. وده زوهم  
الوطني فعلا..  
فصاح إلى نفسه: بلد إيه.. كل اللي مشيته في السرداب حوالي كيلو أو اتنين  
بالكتير..  
- أكيد أنا انتقلت في الزمن.. والدليل إنم بيتكلموا عربي وميعرفوش مصر..  
فيه منطقة بتتكلم عربيي في العالم كله إلا الوطن العربي؟!!  
ثم أمسك رأسه بيديه؛ أنا حاسس إني مش قادر أفكر.. أنا كنت أذى من كده.. ثم  
نظر بعيدا: بس.. ده الدليل إني انتقلت للماضي..  
قال ذلك حين وجد جماعة يحملون سيوفا ودروعا وكأنهم جنود.. ويسيرون في  
صف واحد.. فوقف على قدميه.. واتجه مسرعا إلى الفتى الذي كان يمرح مع  
أصدقائه.. وجذبه من يده :  
- أنا عايز اسألك سؤال واحد.. إحنا في سنة كام؟  
فأجابه الفتى متعجلا:  
- يبدو أنك تشرب الكثير من الخمر.. إننا في ضاية العام التاسع بعد الألفين يا  
سيدي..  
فعاد خالد بقدمه للخلف.. ودارت به رأسه حتى سقط وكأنه فقد وعيه.. فضحك  
الفتى وتحدث إليه:  
- نعم سيدي. أرى أن النوم قد يفيدك. ثم تركه ومضى..  
في صباح اليوم التالي، فتح خالد عينيه على صوت ضوضاء شديدة.. فوجد نفسه  
ملقى على جانب أحد الشوارع فنهض مسرعا.. وحاول أن يصلح من هيئته، وأزال  
الغبار عن ملابسه.. ثم نظر أمامه وفرك شعره حين وجد ذلك الكم الهائل من  
الناس يسيرون بانتظام في اتجاه معين.. والجميع يرتدون ملابسن تبدو جديدة.. 
الرجال يمسكون بأيدي النساء.. والفتيان يمسكون بأيدي الفتيات، واللاتي بدا 
عليهن الجمال الشديد.. يسيرون في فرحة كبيرة.. ويضع كل منهم حول رقبته عقدا 
من الورد.. وتظلهم موسيقى لم يسمعها من قبل ولم يسمع في جمالها.. يعزفها 
45 
مجموعة من الأشخاص أصحاب زي مختلف. ويحملون طبولا ووتريات والات نفخ 
لم ير مثلها. ولكنها تخرج صونا بديعا.. ويسيرون وسط ذلك الحشد من الناس.. 
ثم وجد بعض الشباب يمتطون أحصنتهم.. وخلف كل شاب توجد فتاته تلف يدها 
اليسرى حول خصره ، واليمنى تمسك بها الورد وتلوح بها.. فابتسم خالد، وقال:  
- أنا عرفت ليه الكل مستني اليوم ده..  
ثم أعجبته تلك الحركات اليهلوانية التي كان يقوم بها البعض.. حتى فوى بالعربة  
الثرية - التي كان قد تشبث بها هو ويامن حينما كان في الصحراء -.. تسير وسط  
الحشد، وقد خرجت منها فتاة في غاية الجمال، وما إن خرجت حتى صاح البعض  
فرحا وزاد سرورهم.. وبدأت تلقي بالكثير من الورد.. والكل يتهافت ويتسابق على  
أخذه.. ثم بدأت تقذف الورد لأعلى وما إن يسقط حتى يرتطم الشباب بعضهم  
ببعض.. وتزداد بسمتها الرقيقة.. وخالد يشاهد ذلك في سعادة كبيرة.. وينظر  
مجددا إلى تلك الفتاة وقد شعر براحة نفسية كبيرة.. حتى وجد إحدى الفتيات  
تقترب منه، وتسأله:  
- لماذا تقف بمفردك؟.. يمكننى أن اصطحبك اليوم مجانا..  
فنظر إليها خالد.. ثم نظر إلى فتاة العربة مرة أخرى:  
- لا شكرا..  
ثم نظر بعيدا.. فوجد يامن. فأسرع إليه وسط الزحام ووصل إليه بصعوبة  
وسأله:  
- يامن.. انت فاكرني؟  
فابتسم يامن :  
- نعم.. أهلا بك يا صديق.. ثم نظر إلى زيه :  
- مبارك عليك الزي الجديد.. وسأله :  
46  
- آه، عرفت.. الفقير.. ثم صمت، وأكملا مسيرهما مع السائرين.. حتى سأله مجددا:  
- يامن.. هي مين دي؟ وأشار إلى الفتاة التي ترمي بالورد من العربة..  
فأجابه:  
- إنها أسيل.. طبيبة زيكولا..  
فهمس إلى نفسه: أسيل.. طبيبة؟  
ثم وجدها تقذف بوردة إلى أعلى وتسقط تجاهه.. وتصارع الشباب معه حتى قفز  
مستغلا طوله. وأمسكها ونظر إليها مبتسما فابتسمت له ابتسامة جعلته هانما  
الجميع يسيرون، وخالد يعجبه ذلك الاحتفال.. والموسيقى الرائعة التي تحلق في  
كل مكان. ورائحة الورد التي أنعشت صدره حتى تناسى أسئلته لنفسه عن أرض  
زيكولا.. وسار بجوار يامن وهو ينظر إلى العربة وإلى أسيل التي تبتسم كلما أمسك  
أحد بوردة قذفتها.. ثم ينظر نظرة مختلفة تماما مقوسا حاجبيه إلى الفتاة الأخرى  
التي رفض أن يسير معها.. والتي لم ثزح نظرها عنه طول الوقت، وما إن تصطدم  
عيناه بها حتى تخرج له لسانها غضبا.. فينظر مجددا إلى أسيل. ويستنشق رحيق  
الوردة التي أمسكها ويبتسم.. وتابع سيره معهم حتى وصلوا إلى أرض واسعة..  
وفوجى بوجود كم هائل من الناس قد يتعدى الخمسين ألفا.. فاندهش وسأل  
يامن:  
- إيه الناس دي كلها؟!  
فرذ يامن:  
- إنهم أهل زيكولا.. جاءوا من مناطقها الكثيرة.. إننا جننا من منطقة واحدة، وباقي 
الناس جاءوا من المناطق الأخرى.. 
ثم ابتسم فرحا حين اقترب منه شاب آخر.. واحتضنه كثيرا ثم نظر إلى خالد: 
- إنه صديق عمري إياد.. وأشار إلى خالد محدثا صديقه: 
48 
- إنه خالد.. صديقي الجديد.. وتبدو عليه الشهامة، وسيكون صديقك بالطبع.. 
صافح خالد إياد، وقال مبتسما: 
- أيوة.. هنكون أصدقاء لغاية ما أرحل قريبا.. 
فضحك إياد بصوت عال: 
- ترحل؟! ثم نظر إلى يامن؛  
- صديقك يريد أن يرحل!!.. ثم ضحك مجددا فغضب خالد من سخريته.. ونظر  
إلى يامن ،  
- هو غريب إني أرحل ولا إيه؟  
كاد يامن يجيبه ولكنه أشار إليه أن يصمت بعدما دقت الطبول كثيرا.. وصمت  
الجميع، وصمتت الموسيقى.. بعدها صعد رجل ضخم إلى منصة عالية وبيده  
سيف طويل.. فأدرك خالد أن الذبح سيتم.. وأن الفتى كان صادقا معه حين أخبره  
بذلك. ثم صعد رجلان قويان يجران رجلا حليق الرأس يبدو عليه المرض رغم  
شبابه.. والصمت يخيم على الجميع.. بعدها دقت الطبول مرة أخرى فنزل أهل  
المدينة كلهم على ركيهم عدا خالد.. فجذبه يامن حتى نزل هو الأخر على ركبتيه  
بجواره هو وإياد.. ونظر إلى المنصة حيث سقط الفقير هو الآخر على ركبيته،  
ويداه مقيدتان بالخلف.. وبعد لحظات وخز السياف ظهره فشهق برأسه فأطاح  
برقبته.. وتناثرت دماؤه على المنصة.. فصاح أهل المدينة فرحا.. ودقت الموسيقى  
مرة أخرى.. وبدأوا يرقصون ويمرحون.. وبدأت الألعاب اليهلوانية مجددا..  
أما خالد فسرت في جسده رعشة مما رآه.. وانتفض قلبه بقوة، وتسارعت أنفاسه..  
وهو ينظر إلى ذلك الجسد المنزوع الرأس.. وجسده يرتعد، إنه لم ير مثل ذلك من  
قبل.. يتحسس وجهه. ويسأل نفسه هل يحلم أم أنها حقيقة.. ويسأل نفسه  
49  
مجددا: لماذا ذبحوا هذا الفقير؟.. إننا في مجتمعنا نساعدهم.. إزم قوم بلا قلب..  
حتى صاح بيامن:  
.. إنم قوم بلا قلب..  
مجددا؛ لماذا ذبحوا هذا الفقير؟.. إننا في مجتمعنا نساعدهم  
حتى صاح بيامن؛  
- يامن.. إحنا في سنة كام؟  
فأجابه:-  
إننا في نهاية العام التاسع بعد الألفين..  
فصاع:  
إزااي؟  
فابتسم يامن ي يمتص غضبه :  
وسيتم ذبحها 
الطبيعة.. إنها أيام استثنائية ليست كباقي الأيام..  
فابتسم خالد:  
- ياريت ثم سأله:  
- أمال فين المزة بتاعتك؟  
فاندهش يامن: ماذا؟!  
فضحك خالد:  
- أقصد حبيبتك.. أنا شايف معظم الشباب معاهم بنات..  
فابتسم:  
- آه.. لا، إنني لم أرتبط حتى الآن..  
نظر خالد إلى الأمام وسأله:  
- هو إحنا رايحين فين؟ ثم شعر أنه لم يفهمه فسأله مجددا:  
- إلى أين نحن ذاهبون؟  
فضحك يامن:  
- إننا ذاهبون إلى أرض الاحتفال حيث سيلتقي هناك كل أهل زيكولا..  
شخص ما..  
فقال خالد:  
- إنه الزمن يا صديقي.. هل بيدنا أن نغيره؟!.. ثم صاح خالد بإياد في عصبية:  
- وإيه الغريب إني أرحل وأسيب زيكولا؟!  
فأجابه إياد:  
- يا صديق.. إن باب زيكولا قد أغلق فجر اليوم.. إنه لا يفئح إلا قبل يوم زيكولا  
بيوم واحد.. ثم يغلق مجددا حتى يوم زيكولا في العام الذي يليه.. ولا يستطيع أحد  
مغادرة زيكولا حتى ذلك اليوم..  
وأكمل يامن إلى خالد :  
- إنه اليوم الذي دخلت فيه إلى زيكولا.. وسأله متعجبا:  
- لماذا تريد أن ترحل وأنت لست فقيرا؟  
فجن جنونه.. وفاض به:  
- مين اللي قالك إني مش فقير؟!.. لأ، أنا فقير.. أنا ممتلكش أي حاجة..  
فاندهش إياد:  
- كيف هذا؟!.. ألا تشعر بنفسك؟  
50  
فأجابه غاضبا:  
- أشعر بإيه؟!.. دي حتى الفلوس اللي كانت معايا، وحمدت رينا إزها كانت معايا  
بالصدفة قلتوا عليها ورق وملهاش أي قيمة.  
فابتسم يامن:  
- ولماذا تحتاجها يا صديقي؟  
رد خالد:  
- دي فلوس.. يعني أشتري بيها اللي أنا محتاجه..  
فسأله يامن،  
• تقصد العملة؟!  
خالد: 
- أيوة.. 
فصمت يامن ثم تحدث مجددا: 
- أه.. الأن عرفت لماذا زاد ارتباكك إلى هذا الحد حين وجدت ذلك الفقير يذبح.. 
إنك خفت أن تكون فقيرا وتذبح مثله.. ثم نظر إليه: 
- يا صديقي إن عملتنا مختلفة تماما.. إن عملة أرض زيكولا هي وحدات الذكاء.. 
ومن يكون ذكيا هو الغني.. أما الفقير فهو الأقل ذكاء.. هنا نعمل ونأخذ أجرنا 
ذكاء.. ونبتاع وندفع من ذكاننا.. ونأكل مقابل وحدات أخرى من الذكاء.. ثم صمت 
برهة وأكمل: 
- لا أعلم من أين جنت.. ولكننا ولدنا فوجدنا أنفسنا هكذا.. علينا أن نحافظ على 
ذكائنا.. وأنت منذ دخولك إلى أرض زيكولا أصبحت مثلنا.. وعليك أن تحافظ على 
ذكائك، وأن تنميه.. ي لا يأتي يوم زيكولا وقد قل ذكاؤك فيكون هذا مصيرك.. 
وأشار إلى جثة الذبيح.. فنظر إليه خالد.. وكأنه لا يفهم شيئا : 

- يامن.. أنا كنت بقول عليك عاقل..  
رد يامن: 
- أعلم أنك تظننا بلهاء.. ولكننا - أهل زيكولا - نختلف عن باقي بقاع الدنيا.. والكل 
يعلم هذا.. ويخشون أن يدخلوا إلينا حتى لا تسري رعشة زيكولا بجسدهم  
تصبحون مثلنا.  
فتذكر خالد تلك الرعشة.. وذلك الألم الشديد الذي حل برأسه حين مر من باب  
زيكولا.. وأكمل يامن:  
- عليك أن تصدقنا.. وأن تحافظ على ذكائك لأن اعتقادك بأننا بلهاء لن يفيدك  
بشيء.. أنت لن تستطيع أن تغادر زيكولا مهما حدث.. وإن جاء يوم زيكولا وكنت  
الأقل ذكاء فسيحدث لك مثلما أخبرتك.. وتابع :  
- إنه عام.. ستحتاج إلى طعام، وإلى شراب، وإلى ملبس ومسكن.. وهنا في زيكولا لا  
يعط أحد شيئا بالمجان.. سوى يوم زيكولا فقط.. اليوم.. يكون يوما بلا عمل..  
وقد تكون هناك أشياء قليلة للغاية دون مقابل..  
- عليك أن تعمل وتأخذ أجرك من الذكاء تعوض ما تفقده لسد احتياجاتك..  
صديقي. هنا في زيكولا ثروتك هي ذكاؤك..  
فانطبعت الدهشة على وجه خالد، وتسرب إليه قلقه حين شعر أن ذكاءه قد قلن  
بالفعل منذ دخوله تلك المدينة، وأن قدرته على التفكير قد قلت قليلا.. ولا يعرف  
السبب.. ولكن ما يقوله يامن لا يصدقه عاقل حتى تذكر شينا.. فتحدث إلى يامن:  
- كلامك مش صحيح.. أنا أكلت وشربت واشتريت هدومي من غير مقابل..  
فابتسم يامن :  
- صديقي.. هل لاحظت وجود الأسعار بالوحدات في تلك الأماكن؟..  
فتذكر تلك الوحدات التي سأل نفسه عنها من قبل:  
- أيوة..  

فأكمل يامن :  
وحدات الذكاء لا تدفع باليد.. إنها تنتقل تلقائيا بيننا.. وطالما رأيت تلك  
الوحدات.. أقصد الأسعار. وتواجدت في تلك الأماكن.. هذا يعني أنك موافق على  
الشراء وعلى الأسعار التي رأيتها.. وينتقل منك ثمن ما أكلته أو اشتريته إلى صاحب  
هذا المكان دون إرادتك.. الغرباء يسمونها لعنة زيكولا.. فقاطعه خالد هائما:  
- أنا أكلت كتير.. والزي ده كان مكتوب عليه أكبر وحدات.. وصاحبه قال إنه أغلى  
زي عنده.. وشكرني لأنني غني..  
رد يامن:  
- بالفعل يا صديقي.. لقد لاحظت اليوم اختلافك قليلا عن المرة الأولى التي رأيتك  
ا..  
ثم نظر إلى إياد:  
- يبدو أن صديقنا قد فقد جزءا ليس بالقليل من ثروته..

الفصل الثامن


انت قدامك حل تاني؟  
تساءل خالد في لهفة:  
- وانت عرفت ازاي؟  
فابتسم يامن:  
- إن وجهك أصبح شاحبا بعض الشيء يا صديقي.. وأكمل :  
- كلما قل ذكاؤك زاد شحوب وجهك وبدا عليك المرض.. هكذا نعرف من هو الغمي  
ومن هو الفقير.. كلما تكسب ثروة تكون طبيعيا بل يزداد شبابك.. أما حين تخسر  
فستجد المرض يتسرب إلى جسدك.. وهكذا حتى يقترب يوم زيكولا فيقوم الجنود  
بجمع الأكثر مرضا بالمدينة.. ويعرضونهم على الطبيبة أسيل.. وهي من تحدد  
المريض حقا والمريض بالفقر.. ثم تختار الثلاثة الأشد فقرا..  
فقاطعه خالد:  
- لا. دي بلد مجانين.. ثم تركهما وجرى مسرعا.. وقلبه يدق خوفا. يخشى أن يكون  
ما قالاه واقعيا.. وأكمل جريه وسط الزحام وأهل المدينة يرقصون ويمرحون.  
وبلغت الموسيقى ذرومها- يتحرك بصعوبة بينهم، ويحاول أن يخرج من هذا الزحام..  
ويصطدم بالفتيان والفتيات دون أن يعتذر.. ما يشغل باله أن يخرج إلى باب  
زيكولا.. وواصل جريه بعيدا عن أرض الاحتفال.. ويحدث نفسه:  
54  
- مش معقول يكون ده صحيح.. مش معقول..  
وتعدو قدماه مسرعتين.. حتى اقترب من باب زيكولا، وقد ظهر العرق الغزير على  
جبينه.. فوجده قد أغلق بالفعل وتواجد أمامه الكثير من الحرزاس.. فاقترب خالد  
من أحدهم. كان ضخم الجثة.. وقال:  
- أنا عايز أخرج..  
فضحك الحارس ساخرا:  
- تخرج؟!!  
فصاح خالد: أيوة.. أخرج  
فضحك الحارس مجددا.. ثم نظر إلى حارس آخر، وحدثه:  
- إننا نترك احتفالات زيكولا ونقف هنا حتى يأتي السكارى.. ويعبثون معنا..  
فصاح خالد:  
- أنا مش سكران.. أنا هخرج.. ودفع الحارس بيده.. فظهر الغضب على وجهه ثم 
لكم خالدا لكمة قوية أعادته خطوات للخلف وسقط على الأرض وسالت دماؤه 
من حاجبه الأيسر.. فنهض على الفور. وعاد ووقف مرة أخرى أمام الحارس.. 
ولكنه نظر إلى درعه الذي يحمله وكان لامعا كالمرآة.. وأمعن النظر به إلى صورته 
المنعكسة.. فاتسعت عيناه خوفا، وتسارعت أنفاسه وخفق قلبه بقوة حين رأى 
وجهه شاحبا.. حتى قاطع تفكيره صوت الحارس الغليظ: 
- عد إلى حيث كنت وإلا سيكون السجن مصيرك.. 
فنظر إليه خالد خائب الأمل. واضعا يده على حاجبه.. يريد أن يوقف دماءه.. 
وأدرك أن هذا الباب لن يفتح كما أخبره إياد.. وأن حديث يامن إليه ما هو إلا 
الحقيقة التي خشيها.  
55  
بعدها عاد إلى شوارع المدينة.. يسير هائما، يفكر كيف سيعيش عاما في تلك البلد  
الملعونة.. ويسأل نفسه: عام؟!.. إنه لم يستطع أن يعيش يوما واحدا.. وعاد  
بتفكيره؛ ماذا لو مر العام وكان أفقر من بالمدينة؟ .. ماذا لو كان الأغى؟، وعلا  
صوته وسأل نفسه:  
- وجدي؟! هيقدر يعيش سنة من غيري؟.. أنا كنت بقول يومين أو تلاتة وأرجع له..  
- سنة؟!! هعيش هنا سنة؟!  
وظل هائما هكذا حتى أفاق حين صدمه حصان. كان الحصان الذي يجر العربة  
الثرية - عربة أسيل - فصاح به سائقها يعنفه.. وتوقفت العربة، ونزلت منها أسيل  
على الفور لتطمئن عليه.. ولكنه غادر شاردا.. ورغم ندانها إليه كثيرا إلا أنه أكمل  
مسيره دون أن يلتفت.. فعادت إلى عريتها. وحدثت نفسها؛ لو كان شخصا آخر..  
لطلب تعويضا على ذلك.. ثم أمرت السائق أن يتحرك من جديد..  
مرت ساعات وخالد مازال يسير بالمدينة.. ولم يتوقف عقله عن التفكير.. حتى  
وجد نفسه يقترب من بحيرة واسعة.. فأسرع إليها وحين تذوق ماءها وجده عذبا..  
فشرب منها كثيرا.. ثم أسند ظهره على شجرة بجوارها.. وضحك حين جال بخاطره  
أن يأتي والد منى إلى تلك المدينة.. وأقسم أنه سيذبح على الفور.. حتى منى لو جاءت  
سثذيح هي الأخرى.. يتذكر أصدقاءه وأنهم لا يمتلكون من الذكاء شيئا بل  
سيذبحون كلهم.. ثم ضحك وحدث نفسه ساخرا:  
- عايز آكل مقابل وحدتين ذكاء..  
ثم ضحك مجددا حين تذكر أحد أصدقائه.. وكان سمينا للغاية ويأكل كثيرا.. وأنه  
لو كان بزيكولا لفقد ثروته كلها مقابل أن يأكل.. ثم تحدث إلى نفسه: بتضحك يا  
خالد.. فعلا مصري ابن مصري.. نضحك في أشد أوقات الكرب.. ثم سأل نفسه: 
هتعمل إيه يا خالد؟ 
56  
فأجاب نفسه.. وكأنه شخص آخر؛ هعيش زي الناس هنا..  
فرد كأنه الشخص الأول :  
- لا..  
فابتسم.. وجعل صوته غليظا :  
- يبقى تكيف مع الوضع.. وأهلا بك في زيكولا..  
بعدها نظر إلى السماء التي خيم عليها الليل فوجد ألعابا نارية غريبة عما يعرفها  
تزينها. فابتسم:  
- يوم زيكولا.. ثم أكمل بعدما صمت برهة:  
- كلها ساعات وينتي.. وأشوف زيكولا على طبيعتها..  
ثم نظر إلى البحيرة وإلى شاطنها فلم يجد أحدا غيره.. فوجدها فرصة أن يستحم..  
وما إن تجرد من ثيابه.. وكاد يكون عاريا تماما حتى شعر بحركة غريبة.. وسمع  
همسا وبعض الضحكات فالتفت فوجد فتاتين تنظران إليه.. فارتدى ملابسه على  
الفور. ثم أسرع عائدا إلى الشجرة مرة أخرى وأسند إليها ظهره من جديد.. وحدث  
نفسه مازحا:  
- لا.. أنا بقول أنام أحسن..  
مر الليل. وأشرقت الشمس.. وخالد نائم بجوار شجرة شاط البحيرة.. حتى  
انتفض حين سمع صرخات.. وحين نظر بعيدا وجد امرأة تصرخ بأن ابنها يغرق في  
البحيرة.. فأسرع إلى الماء بملابسه.. يريد أن يصل إلى ذلك الفتى. والذي كان بعيدا  
بعض الشيء.. ولم يتخيل أن تكون البحيرة عميقة هكذا.. حتى اقترب منه فجذبه  
تجاهه. وعاد به مرة أخرى إلى الشاط.. - وقد فقد الفتى وعيه، ولم تتوقف أمه  
عن الصراخ -.. فأرقده على ظهره.. وندأ يضغط بيده على صدره.. يريد أن ينعش  
قلبه.. يضغط بعض الضغطات المتتالية ثم يضع فمه على فم الفتى ويملا صدره 
57 
بالهواء.. ثم يعود ليضغط بعض الضغطات مرة أخرى.. واجتمع الناس من حوله. 
وبينهم أسيل التي أسرعت إلى الفتى وطلبت من خالد أن يبتعد عنه لكنه لم ينظر 
إليها ولم يرفع نظره عن الفتى.. وأكمل ضغطه على صدره وإعطاءه من أنفاسه.. 
حتى شهق الفتى.. وشعر خالد بنبضاته حين وضع أصبعيه على رقبته.. فحمد الله 
ثم نظر إلى أمه قانلا: 
- الحمد لله.. هو بخير.. فنظرت إليه الأم باكية، واحتضنت ابنها: 
- شكرا لك.. ثم سألته : 
- كم تريد مقابل هذا؟ 
فأجابها: 
- أنا مش عايز حاجة.. أي حد مكاني كان هيعمل كده.. خدي بالك منه بعد كده.. 
والناس ينظرون إليه في غرابة.. حتى سألته أسيل: 
- كيف فعلت هذا؟!.. ولماذا لم تتركتي أساعدك؟! 
فرفع خالد رأسه.. ونظر إليها للمرة الأولى بعدما لم يفارق نظره الفتى حين كان 
ينقذه، وفوجى بأنها صاحبة الصوت الذي طلب منه أن يتركه.. فشعر بقلبه يخفق 
سريعا حين وجدها قريبة منه إلى هذا الحد.. لا تفصلهما سوى أقل من خطوة.. 
وحدث نفسه في سره: إنها جميلة جمالا لا حدود له. ونظر إلى شعرها الأسود 
الطويل. وعينيها الضيقتين ورموشهما السمراء الطويلة.. وتذكر ضحكتها حين 
كانت ترمي الورد. وتضيق عيناها كلما ضحكت فتزيد جمالها جمالا. ولاسيما مع 
شفتيها الرقيقتين.. حتى نطق هامسا: 
- أسيل!! 
ففوجنت هي الأخرى بأنه من تجاهلها، ومضى حين اصطدم حصان عريتها به.. 
- كيف فعلت هذا؟  
58  
، مرة أحس إني اتعلمت حاجة مفيدة.. دي دورة إسعافات أولية كنت اتعلمتها  
قاهرة.. ثم أسرع، وأخرج وردة من ملابسه المبتلة.. والتي قد التقطها في اليوم  
بق.. ونظر إليها مبتسما:  
وردتك.. أنا محتفظ بيها..  
اهلت حديثه عن الوردة.. وسألته:  
الهجتك غريية.. ثما  
ن القاهرة تلك؟  
. قصة غريبة جدا.. وأكيد مش هتعرفي القاهرة.. أنا مش من زيكولا.. ثم أراد  
• إليها بلهجتها فأكمل:  
ت من زيكولا.. وقد دخلت إلى زيكولا أول أمس.. ولم أكن أعرف أن بابها  
متت أسيل كأنها تتذكر شيئا ما.. ثم نظرت إليه، وقالت:  
تماما..  
بد د مر

الفصل التاسع


حتى جاء يوم ووجد يامنا. 
                     
- إنك أخطأت في بحثك.. هنا يريدون أن يوفروا مكسبا كبيرا، وعملك معهم 
                     
سيفقدهم جزءا من مكسيهم.. ستعرف كل شيء عن حياة زيكولا مع مرور الأيام.. 
                     
ثم تابع : 
                     
- إن المدينة ملينة بأماكن العمل.. هل تريد أن تعمل معي؟ 
                     
٦ 
                     
رد خالد في لهفة : 
                     
- مثلك؟ !! 
                     
ردت أسيل: 
                     
- نعم مثلي.. أنا أيضا لم أكن من أهل زيكولا ثم نظرت إلى حاجبه الذي 
                     
جرحه 
                    
- أنا آسفة.. 
                    
• على إيه؟ 
                    
أجابته: 
                     
- أرى أن اصطدام حصان عريتي بك قد أصاب حاجبك.. 
                     
فابتسم: 
                     
- أي حصان؟ 
                     
- حصاني بالأمس .. 
                     
فتذكر خالد: 
                     
60 
                     
- لا.. لا.. مش الحصان.. أنا المفروض اللي اعتذر ليي لأني امبارح مكنتش في حالتي 
                     
الطبيعية بعد ما شفت الفقير اللي دبحتوه.. بس أرجوي كملي حكايتك، وازاي انتي 
                     
هش من زيولا.. 
                     
انصرف الناس، وحملت الأم ولدها وانصرفت.. وجلست أسيل بجوار خالد على 
                     
شاط البحيرة وبدأت تتحدث؛ 
                     
- كانت هناك حروب كثيرة منذ سنوات طويلة بين زيكولا والبلاد الأخرى.. ومن بينهم 
                     
بلدي ( بيجانا ).. فكان جيش زيكولا يخرج يوم زيكولا، ولا يعود إلا يوم زيكولا الذي 
                     
يليه.. حتى جاء يوم منذ أربعة عشر عاما.. واستطاعت زيكولا أن تهلك بلدتي.. 
                     
وأخذت الكثير منا عبيدا لهم.. وقد كنت منهم.. كنت ابنة عشرة أعوام وقتها.. 
                     
فقاطعها خالد: 
                     
- عبيد؟! 
                     
أجابته: 
                     
- نعم.. كان الرق يتواجد في زيكولا حتى أعوام قليلة.. ولكنه لم يعد متواجدا الأن.. 
                     
وأكملت: دخلنا إلى زيكولا.. وبالطبع كما حدث لك حين دخلت إلى هنا. أصابتنا 
                     
لعنة زيكولا.. وأصبحنا مثلهم.. تعاملنا بوحدات الذكاء، والأفقر يذبح.. ولكني كنت 
                    
أوفر حظا من غيري.. فقد اشتراني رجل حكيم كان ذو قلب رحيم.. وكان يدرس 
                    
الطب والحكمة.. وأعطاني الكثير من علمه ثم أعطاني حريتى قبل أن يموت.. 
                    
وأعطاني ما هو أهم.. أعطاني كتبه عن الطب والحياة.. فتعلمت منها الكثير. 
                    
وأصبحت طبيبة زيكولا.. وعاملتهم بطريقتهم: أداويم مقابل جزء من ذكامهم.. وهنا 
                    
يمرضون كثيرا. وأنا أجني الكثير.. فأصبحت من أثرياء زيكولا، وأنا ابنة الأربعة 
                    
والعشرين. 
                    
فقاطعها خالد مجددا: 
                    
61 
                    
- ومفكرتيش تخري من زيكولا.. وترجعي لبلدك 
                    
فابتسمت وأكملت : 
                    
- كنت في البداية أنتظر اليوم الذي أعود فيه إلى بلدي.. ولكن بعد أريعة عشر 
                    
عاما أصبحت زيكولا حياتي.. أحببت الحياة هنا.. قد أذهب أحيانا إلى بلدي 
                    
القديمة يوم يفتح باب زيكولا.. ولكني لا ألبث أن أعود سريعا قبل أن يغلق الباب 
                    
مجددا.. 
                    
- لأنك غنية؟ 
                    
أجابت؛ ربما يكون هذا سبيا.. ولكن سبي الأكبر هو حي لقوة زيكولا.. 
                    
وأردفت : 
                    
- رغم ما بها من مساوئ تظل هي الأقوى بين البلدان.. لا تستطيع أي بلد أخرى 
                    
الاقتراب منها.. ستعرف مع وجودك هنا ما الذي يعطيها تلك القوة.. وأعتقد أنك 
                    
ستحيها مثلما أحببتها.. 
                    
فصمت خالد قليلا مفكرا في حديثها.. ثم سألها: 
                    
- زيكولا.. وبلدك اسمها بيجانا.. إحنا فين من العالم؟ 
                    
ولكنه لم يلبث أن يسأل سؤاله حتى جاءت فتاة مسرعة إلى أسيل تخبرها بأن هناك 
                    
مريضا في حاجة إليها.. ولابد أن تسرع.. فنظرت إلى خالد: 
                    
- إنني أريد أن أعرف فصتك أيضا.. أين أجدك لاحقا؟ 
                    
- هنا.. هنا مسكتي.. بجوار شجرة البحيرة.. 
                    
- حسنا. أتمنى أن نكمل حديثنا قريبا.. وابتسمت؛ 
                    
62 
                    
- هنا.. بجوار البحيرة.. 
                    
وغادرت، وتعجب خالد من حديثها، وحدث نفسه : 
                    
- يمكن تكون زيكولا مدينة غريبة.. لكن واضح إنه عالم غريب بالكامل، زيكولا 
                    
جزء منه.. فين بيجانا دي هي التانية.. وازاي بيتعاملوا فيها.. ثم ابتسم: 
                    
- كدة بقى فيه اللي ظروفه زي ظروفي، ومين؟.. دي أسيل.. ممكن أكون من الأغنياء 
                    
هنا؟.. ممكن أكون زيها؟ .. ثم أفاق : 
                    
لا.. أنا مش عايز أبقى أغتى الأغنياء.. أنا عايز أمشي من البلد دي.. ولكن هروح 
                    
فين؟.. وازاي هرجع بلدي مرة تانية حتى لو خرجت من زيكولا؟ 
                    
- المهم إني أمشي من زيكولا الأول، وبعدها أفكر ازاي أرجع بلدي، ولكن علشان 
                    
أمشي لازم أفضل عايش ثم نهض مجددا وقد جفت ملابسه. محدثا نفسه: لازم 
                    
ألافي شغل.. 
                    
اتجه خالد إلى شوارع المدينة وعزم على أن يجد عملا يساعده أجره على بقائه حيا 
                    
في تلك المدينة.. ولكنه ما إن يذهب إلى أحد ليسأله عن عمل حتى يرفض طلبه.. 
                    
فيذهب لآخر فيرفض هو الأخر.. وظل يبحث ويبحث حتى تعبت قدماه.. وجلس 
                    
على جانب أحد الشوارع.. ففوجى بيامن يقترب منه، ويصافحه: 
                    
أين أنت يا صديفي.. 
                    
فابتسم: 
                    
- أهلا يامن.. يامن. أنا عايز اشتغل.. وحاولت ألاقي شغل بس الكل رفض يشغلني.. 
                    
- أين بحثت عن العمل؟ 
                    
- في المنطقة دي.. المطاعم ومحلات البيع .. 
                    
63 
                    
- نعم يا صديقي.. وهناك الالاف يعملون في مناطق أخرى.. إن الصناعة هنا 
                    
مريحة.. 
                    
ثم أشار إلى مكان ما: 
                    
- هنا نقطع الأحجار من الجبال ثم نصنع منه طوبا متماثلا يصلح لبناء المساكن.. 
                    
وكل هؤلاء الناس يعملون. ويأخذون أجرهم يوما بيوم.. وأنت وأنا سنكون بينهم.. 
                    
أجرنا سبع وحدات ذكاء باليوم، هل يناسبك؟ 
                    
فابتسم خالد ثم تابع يامن: 
                    
- هيا.. عليك أن تثبت أنك جدير بالعمل.. 
                    
بدأ خالد عمله مع يامن والآخرين.. يقطعون الصخور والأحجار بألات يدوية.. 
                    
وربما كان عملا يحتاج إلى قوة بدنية، ولكن هذا ماكان يمتلكه خالد تماما.. وندأ 
                    
يعمل، يرفع الفأس بيديه ويبوى بها على الصخور.. وما إن تحطمت صخرته الأولى 
                    
حتى نظر إلى يامن: لقد بدأنا العمل بالفعل.. وحدث نفسه ساخرا: بكالوريوس 
                    
تجارة إلى مخزن أدوية إلى تقطيع حجارة.. وتابع عمله والجميع ينظر إليه في 
                    
إعجاب، وخاصة بعدما طلب من يامن أن ينافسه.. من يقطع الحجارة أسرع.. 
                    
وتخلص من قميصه وربطه حول خصره.. وغطى العرق جسده فجعله لامعا مبرزا 
                    
عضلاته.. 
                    
الجميع يعملون، ويامن وخالد يتنافسان ويسرعان.. والكل ينظر إليهما وإلى ما 
                    
يبذلانه من جهد. وقد أثارا حماس الباقيين.. حتى أخذا قسطا من الراحة.. وزادت 
                    
دهشة خالد حين نظر إلى الناس مجددا.. وإلى الفتيات اللاتي تعملن بقوة.. 
                    
وتحملن الأحجار إلى العربات.. وسأل يامن: 
                    
- ازاي البنات بتشتغل الشغل الصعب ده؟ 
                    
65 
                    
فأجابه: لا توجد فتاة بالمدينة لا تعمل.. إن قانون زيكولا لا يسري على الأطفال 
                    
فقط.. ولكن ما إن يتجاوز الشاب أو الفتاة السابعة عشر حتى يصبحوا خاضعين 
                    
لقانون زيكولا.. وعلى الشاب أن يعمل من أجل ثروته.. وعلى الفتاة أن تعمل من 
                    
أجل ثرو ميا.. 
                    
ثم أردف: 
                    
- هنا لا أحد يعطي غيره من ذكانه دون مقابل.. حتى إن تزوجت، فلن يعطيها زو جها 
                    
ما ينجيها.. إما أن تعمل وإما أن تموت.. أو تجد حلا أخر.. هو أن ترث.. 
                    
رد خالد مندهشا: 
                    
- ترث !! 
                    
- نعم.. هنا الميراث يقسم على الأبناء بالتساوي.. 
                    
ابتسم خالد: 
                    
- الميراث ذكاء؟ 
                    
- وهل توجد ثروة أخرى يا صديقي؟!.. حين يموت أحد تنتقل ثروته تلقائيا إلى 
                    
طالما عملت 
                    
سنعاد.. علينا أن نغادر.. 
                    
- وأجرنا؟ 
                    
رد يامن: ما إن نغادر مكان العمل حتى يصلنا أجرنا دون أن نشعر.. 
                    
سيصلك أجرك.. 
                    
٧/ YAA 
                    
- زيولا.. 
                    
فسأله يامن: 
                    
أين ستذهب ؟ .. هل نجتمع بالمساء؟ 
                    
فتذكر خالد أسيلا: 
                    
- لا.. أنا هشتري طعام.. وبعدين أروح البحيرة مكاني.. 
                    
يامن: حسنا.. 
                    
ظل خالد جالسا بجوار البحيرة.. ويسأل نفسه هل ستأتي أسيل كما أخبرته أم 
                    
تأخر الوقت فلن تأتي.. وإن لم تأت كيف سيقابلها مجددا وعمله ينتري مع انتهاء 
                    
النهار.. ويحدث نفسه: لماذا تريدها أن تأتي يا خالد؟، فيجيب: أريد أن أخبرها 
                    
بقصتي، وقد تساعدني.. إنها تبدو أكثر ذكاء وثقافة من الآخرين.. ثم سأل نفسه: 
                    
ألا يوجد سبب آخر؟.. فأجاب بعد صمت: لا لا.. ثم ضحك.. ربما.. حتى بدأت ألام 
                    
جسده تشتد من ذلك المجهود الذي بذله.. وظل في انتظار أسيل حتى مر الوقت، 
                    
وغلبه النعاس دون أن تأتي.. 
                    
لا د 
                    
في صباح اليوم التالي، أسرع خالد إلى عمله الجديد.. ولكنه فوى بثلاثة أشخاص 
                    
يعترضون طريقه. ويوقفونه وأخرج أحدهم سكينا.. ثم سأله: 
                    
رد أحدهم: 
                    
- إنه لا يريد أن يدفع لنا نصيبنا.. 
                    
فقال يامن وهو يحاول أن يخلص خالدا من أيديم : 
                    
- سيدفع.. سيدفع.. 
                    
ثم نظر إلى خالد الذي سالت الدماء من شفتيه؛ 
                    
- ادفع لهم وحدتين.. 
                    
فنظر إليهم خالد: 
                    
- حسفا أقبل.. 
                    
فرد أضخمهم: 
                    
- حسنا.. ثم انصرفوا 
                    
فنظر خالد إل يامن: 
                    
- مين دول؟ 
                    
- إنهم لا يعملون.. ويجيروننا أن ندفع لهم وإلا تعرضوا لنا بالأذى.. 
                    
- بلطجية يعمي.. وعايزين إتاوة.. 
                    
- أني، إننا نحيا في زيكولا هكذا.. وقد تعودنا على ذلك.. 
                    
خالد منفعلا: 
                    
- تدفع من ذكائك مقابل حمايتك.. وفين الشرطة.. 
                    
رد يامن: 
                    
- إنهم ليسوا مذنبين.. وقانون زيكولا لا يعاقيهم.. إنهم يريدون أن يبقوا أحياء.. 
                    
وهذا لا يتعارض مع قوانيننا.. عليك أن تدفع وحدتين كل يوم. وأن ترضى بذلك.. 
                    
69 
                    
فصاح به؛ 
                    
- ازاي أكون باخد سبع وحدات في اليوم. وأدفع وحدتين مقابل حمايتي، وأكل 
                    
منين، ويتبقى لي إيه.. 
                    
- عليك أن تبذل جهدا أكبر لتوفر أكبر قدر من أجرك.. ريما يساعدك مخزونك 
                    
الكبير قبل أن تأتي إلى هنا والذي قد يصل إلى الألف وحدة.. ولكن نصيحتي إليك.. 
                    
إياك أن تقترب مجددا من مخزونك من الذكاء.. إنه كفيل بأن يبعدك عن الفقر.. 
                    
فهمس خالد: 
                    
فابتسم يامن : 
                    
- حسنا.. هيا إلى العمل.. ما رأيك في منافسة كبيرة اليوم.. 
                    
مرت الأيام.. وخالد يعمل مع يامن في صناعة الطوب من الأحجار.. ويمر يوم بعد 
                    
يوم، وخالد ينهض من نومه، ويتجه إلى عمله، ويدفع الوحدتين مقابل حمايته.. ثم 
                    
يذهب إلى عمله فيحطم الصخور بفأسه.. وأصبح شعره الناعم طويلا بعض 
                    
الشيء. كما غطت لحيته الناعمة وشاربه، وجهه، وكبرت عضلاته.. وأصبح الكثير 
                    
من أهل المدينة يلقبونه بالغريب القوي.. 
                    
يسير في شوارع المدينة.. ويضحك مع هذا وذاك.. ثم يأكل الدجاج والخبز كعادته.. 
                    
ويعود إلى البحيرة مرة أخرى فيلقي بنفسه في مانها ي يريح جسده من عناء العمل.. 
                    
ويظل ينتظر أسيل كل يوم.. ويرفض أن يقابل يامنا ليلا.. ويحدث نفسه: ربما 
                    
ستأتي اليوم.. وتمر الأيام دون أن تأتي.. حتى أدرك أنها قد نسيت وعدها له بأن 
                    
يكملا حديثهما بعدما لم يرها منذ حديثهما السابق والوحيد.. ويظل ساهرا على 
                    
شاط البحيرة حتى يغلبه النعاس فينام.. ثم يأتي صباح اليوم التالي.. ويكرر ما 
                    
فعله في يومه السابق.. وعادت إليه نضارة وجهه، واختفى شحوبه بعدما شعر أنه 
                    
70 
                    
عوض ما فقده من ثروته حين دخل زيكولا أول يوم.. 
                    
فحدثه : 
                    
- يامن.. أنا محتاج أقلام وورق .. 
                    
رد يامن في دهشة: 
                    
- لماذا؟! 
                    
فأجابه: 
                    
قد 
                    
عملنا يحتاج إلى الأقوياء مثلك.. 
                    
فأجابه: 
                    
أيوة.. 
                    
- دون أن تعرف ماذا أعمل؟ 
                    
فاندهش خالد. وسأله: 
                    
- هو عمل مش كويس ولا إيه؟ 
                    
فأسرع مجيبا: 
                    
- لا لا.. إنه عمل مشرف.. إننا نعمل بجد.. 
                    
يكون أجره قليلا. ولكنه يكفي لاحتياجاتنا.. 
                    
- وفين العمل ده؟ 
                    
فابتسم يامن : 
                    
- حسنا.. تعال معي.. 
                    
فتوقف 
                    
ورثته.. هيا تابع عملك.. 
                    
فابتسم خالد: حسنا.. 
                    
مرت ساعات، وخالد يعمل ومعه يامن حتى بدأت الشمس في المغيب.. 
                    
الجميع عن العمل، وظهر الإنهاك على خالد فضحك يامن: 
                    
- هل تعبت؟ 
                    
فابتسم : 
                    
- أكيد.. أنا مش متعود على مجهود بدئي بالطريقة دي.. 
                    
فضحك يامن: 
                    
66 
                    
دخل الليل، واتجه خالد ي يحصل على طعام.. وما إن جلس بأحد المطاعم ليأكل 
                    
حتى وجد جميع من هناك لا يأكلون سوى الخبز.. وأتى رجل المطعم، وسأله: 
                    
- ماذا تريد أن تأكل أيا الغني؟ 
                    
فابتسم وطلب منه أن يخبره بأسعار الطعام.. فرذ الرجل؛ 
                    
- هنا الخبز مقابل وحدة واحدة.. والأرز مقابل ثلاث وحدات.. والدجاج خمسة 
                    
وحدات.. واللحم ثماني وحدات.. 
                    
فعلم خالد لماذا يأكل الجميع الخبز.. وطلب دجاجا وخيزا.. وأكل حتى شبع ثم اتجه 
                    
مسرعا إلى البحيرة.. وجلس بجوار الشجرة التي يجلس بجوارها دائما.. 
                    
67 
                    
هل تقبل أم لا؟ 
                    
- أين نصيبنا من عملك؟ 
                    
فسأله خالد في غرابة؛ 
                    
- نصيبكم؟!! 
                    
رد أحدهم: 
                    
- نعم.. لنا منك (وحدتان ذكاء) كل يوم.. 
                    
فقال غاضبا: 
                    
- مقابل إيه؟ 
                    
- أننا نحميك.. 
                    
- لا.. لا أقبل .. 
                    
انطلق خالد مع يامن. وسارا إلى أطراف المدينة حيث منطقة جبلية.. حتى فوجى 
                    
خالد بعدد هائل من الفتيان والفتيات يعملون كأسراب النمل.. واندهش من ذلك 
                    
الكم الهائل.. وسأل يامن : 
                    
- كل الناس دي بتشتغل؟ 
                    
64 
                    
فقام أحدهم بلكمه ثم انهالوا عليه ضربا حتى أسرع يامن الذي كان يمر بالقرب 
                    
- لماذا تضربونه؟ 
                    
68 
                    
- يعني.. فيه حاجات عايز أسجلها عن زيكولا.. أستغل فترة وجودي هنا بعد ما فات 
                    
- حسنا.. أعرف مكانا يمكنك أن تذهب إليه، وتجد أقلام وأوراق زيكولا المميزة.. 
                    
ثم تابع مفتخرا: بالطبع لا توجد صناعة أفضل من صناعة زيكولا.. وأكمل: 
                    
- إنه مكان يباع به الكتب.. وأعتقد أنك ستجد مرادك هناك.. 
                    
أراد خالد أن يسجل لحظاته التي يعيشها في زيكولا.. لعله يخرج منها ذات يوم، 
                    
وتكون تلك الأور اق التي يكتيها ذكرى لأيامه بها.. أو يصنع منها كتابا يقرأه الكثيرون 
                    
غيره.. وكان هناك سبب آخر؛ فقد جال بخاطره أن تأتي أسيل ذات نهار إلى البحيرة 
                    
فلا تجده.. فقرر أن يكتب ورقة ويتركها بجوار شجرته.. ويخبرها بأنه في عمله، وأنه 
                    
ينتظرها كل مساء.. وربما كان هذا السبب الذي أشعل حاجته إلى الأقلام 
                    
والأوراق.. حتى وصل إلى المكان الذي وصفه يامن.. وطرق بابه الخشبي، ودخل.. 
                    
فوجد حجرة كبيرة ملينة بالكتب.. ويجلس بها رجل عجوز وحيدا.. فاندهش خالد 
                    
من هذا الكم الهائل من الكتب المتراصة، حتى قال العجوز: 
                    
- يبدو أنك الغريب القوي.. 
                    
فأجابه خالد: 
                    
71 
                    
- نعم.. ولكن كيف عرفت؟! 
                    
رد الرجل: إنني أعرف الكثيرين من أهل المدينة.. 
                    
فابتسم خالد ثم سأله: 
                    
- مين اللي كتب كل الكتب دي؟! 
                    
رد العجوز : 
                    
- إمهم علماء زيكولا القدامى.. وهناك من الكتب ما ينتمي إلى البلاد الأخرى.. إن 
                    
زيكولا مهتم بالعلم والعمل.. 
                    
فسأله خالد : 
                    
- وأهل زيكولا قرأوا الكتب دي؟ 
                    
أجابه العجوز: 
                    
- الكثيرون منهم قرأوا.. 
                    
خالد:- يعتي الكتب دي حققت لك ثروة كبيرة.. 
                    
رد الرجل : 
                    
- لا.. ليست إلى هذا الحد.. إن أسعار الكتب رخيصة للغاية.. ثم صمت، وتنهد: 
                    
- ريما كفائي أن أبيع كتابا واحدا مثل كتاب بعته.. 
                     
سأله خالد متشوقا: 
                     
- أي كتاب؟ 
                     
رد العجوز؛ 
                     
- كان كتابا قد اشتراه متي رجل بأغلى سعر شهدته زيكولا.. 
                     
فاندهش خالد: 
                     
72 
                     
- لازم كان كتاب ثمين.. 
                     
ابتسم العجوز: 
                     
- لا أعتقد هذا.. وقتها لم أقرا منه سوى سطور.. ولكنني حين رأيت ذلك الرجل 
                     
يحتاجه بقوة طلبت منه أغلى سعر.. ثم ضحك، وتابع: 
                     
- يبدو أنه كان يحب الخيال.. إن الكتاب كان يتحدث عن أرض أخرى.. وعن وهم 
                     
يسمى سرداب فوريك.. 
                     
بلا د بد 
                     
73

الفصل العاشر


ب تسارعت ضربات قلب خالد، وانتفخت عروقه بدمائه حين سمع ا 
                     
كلمة "سرداب فوريك" وأرضا أخرى غير زيكولا.. وسأله في لهفة: 
                     
- سرداب فوريك؟!! 
                     
رد العجوز: 
                     
- نعم.. أتذكر هذا الاسم جيدا.. 
                     
سأله مرة أخرى: 
                     
- والكناب كان بيتكلم عن إيه في سرداب فوريك؟ 
                     
رد العجوز في هدوء؛ 
                     
- لا أتذكر يا ولدي.. كان هذا منذ وقت طويل. 
                     
- والكتاب كان كامل؟.. مكتمل؟ 
                     
- نعم يا ولدي.. 
                     
خالد وقد بدا متوترا: 
                     
• فيه منه نسخة تانية؟ 
                     
رد العجوز : 
                     
74 
                     
- لا أعتقد.. إنني لم أر كتابا يتحدث عن ذلك السرداب إلا ذلك الكتاب.. 
                     
- وألافي الرجل ده فين؟.. هو موجود في زيكولا؟.. 
                     
أجابه العجوز. وقد اندهش من أسئلته الكثيرة : 
                     
- لم أر هذا الرجل إلا مرة واحدة.. قد يكون هنا في زيكولا، ولكنه ليس بمنطقتنا.. 
                     
وقد يكون خرج منها.. لا أحد يدري.. 
                     
- لماذا أنت مهتم إلى هذا الحد.. هل تحب الخيال؟ 
                     
رد خالد: 
                     
- أنا لازم ألافي الكتاب ده.. الكتاب ده الأمل الوحيد لي لما أخرج من زيكولا.. ثم سأله: 
                     
تقدر توصف لي الرجل اللي اشتراه؟ 
                     
فصمت العجوز وكأنه يتذكر: 
                     
- كان رجلا عاديا.. كان طويلا مثلك. وكان ذا كتفين عريضين مثلك أيضا.. 
                     
ثم تابع بعدما صمت لحظاب أخرى : 
                     
- وكانت لهجته غريبة مثل لهجتك، تشبه لهجة تجار الشمال التي نفهمها 
                     
بصعوبة.. 
                     
فسأله خالد على الفور: 
                    
- هل تذكر اسمه؟ 
                    
فابتسم العجوز: 
                    
- إنني أتذكر اسمي بصعوبة.. 
                    
فهمس خالد إلى نفسه: 
                    
75 
                    
- طويل.. وجسمه يشبه جسمى.. ولهجته غريبة.. 
                    
فوريك.. معقول يكون هو؟ 
                    
فقاطع تفكيره العجوز : 
                    
- لماذا الصمت؟ أين شرد ذهنك؟ 
                     
رد خالد: 
                     
- طب لو كان حد تانى؟ 
                     
- ومين اللي هيشتري كتاب زي ده بأغلى سعر.. وهنا الناس كلها بخيلة. 
                     
وكتاب زي 
                     
ده ملوش أي قيمة عندهم؟ 
                     
.. أو ممكن 
                     
- ممكن يكون حد بيحب المغامرة.. عنده نفس الدوافع اللي نزلتك هنا 
                     
يكون حد نزل السرداب غيرك أو غير أبوك أو أمك .. 
                     
- لا.. هو أبوك .. 
                     
- لا.. حد تان.. 
                     
- لا.. أكيد أبوك.. 
                     
يجلس أمام نار أشعلها على شاط البحيرة.. ويواصل حديثه إلى نفسه: 
                     
- مهما كان الشخص ده، سواء كان والدي أو غيره.. معنى إن الكتاب موجود إن 
                     
الأمل أصبح موجود.. 
                     
- أكيد اللي كتب الكتاب ده، عارف ازايأقدر أرجع لمصر تاني.. 
                     
ثم علا صوته : 
                     
- أنا لازم ألافي الكتاب ده.. لازم.. حتى سمع صوتا من خلفه: 
                     
- أي كتاب؟ 
                     
التفت خالد حين سمع هذا الصوت، ففوجى بأنها أسيل وقد اقتربت منه.. فنطق 
                     
- أسيل؟! 
                     
فردت مبتسمة: 
                     
- نعم.. ثم سألته بعدما جلست بجواره: 
                     
77 
                     
- هل تتحدث إلى نفسك هكذا دائما؟ 
                     
فأجابها: 
                     
- أوقات.. بس أنا خلاص تفكيري مش قادر يتحمل.. 
                     
- لماذا؟ 
                     
- النهارده اكتشفت إن فيه أمل أقدر أرجع به لوطني.. بس أمل بعيد.. 
                     
أي أمل؟ 
                     
- عرفت إن فيه كتاب... 
                     
فقاطعته أسيل: 
                     
- مهلا.. أتعلم أنني لا أعرف اسمك بعد أيها الغريب.. وتابعت مبتسمة : 
                     
- لم تخبرني به المرة السابقة.. 
                     
فابتسم خالد: 
                     
- اسمى خالد.. خالد حستي.. 
                     
فابتسمت: خالد.. اسم جميل.. 
                     
فتابع: 
                     
- اكتشفت إن فيه كتاب تاني كان بيتحدث عن السرداب اللي جيت منه.. 
                     
فسألته : 
                     
- أي سرداب؟!! 
                    
فأجاب: 
                    
- سرداب فوريك.. 
                    

- في الحقيقة أنا لا أفهم شيئا.. لقد جنت اليوم كما أخبرتك أنني أود أن أستمع إلى 
                    
قصتك.. وكيف دخلت إلى زيكولا.. 
                    
فابتسم مداعبا لها: 
                    
- أيوة جيتي.. بعد شهر!! 
                    
فابتسمت: 
                    
- نعم، كان شهرا مزدحما بالعمل.. ولم يسمح وقتي أن أتي إلى هنا.. ولكنني دائما 
                    
كنت أتذكرك.. ولم أنسن إنقاذك للفتى دون مقابل.. وكنت أعلم أنني سأتي إلى 
                    
- انتي تعرفى إني من أول ما دخلت إلى زيكولا من شهر.. ومحدش يعرف أي حاجة 
                    
عن بلدي.. حتى يامن صديقي كل اللي يعرفه إن بلدي موجودة في الشمال.. وأنا 
                    

مش عارف فين الشمال ده أصلا.. 
                     
وأكمل : 
                     
- في البداية كنت فاكر أهل زيكولا مجانين.. دلوقتي خايف اتكلم عن بلدي 
                     
يفكروني أنا المجنون.. ثم نظر إليها وسألها: 
                     
- انتي هتصدقيني يا أسيل؟ 
                     
فابتسمت، وقد ضاقت عيناها: 
                     
- نعم.. أرى أنك صادق يا خالد.. 
                     
- أنا مش عارف فين زيكولا دي.. أو بيجانا اللي هي بلدك.. أول ما جيت هنا فكرت 
                     
إن زيكولا من البلاد المعزولة اللي عمري ما سمعت عنها.. زي البلاد اللي كنا 
                     
بنشوفها في التلفزيون.. 
                     
فقاطعته أسيل في دهشة؛ 
                     
- ماذا؟ 
                     
فضحك خالد: 
                     
- أكيد انتي متعرفيش التلفزيون.. بس هشرح لك كل حاجة بعدين.. وتابع؛ 
                     
- المهم إني كنت مفكر إن زيكولا معزولة.. وإن أهلها معزولين. وميعرفوش حاجة 
                     
عن العالم.. زي الهنود الحمر كده لما اكتشفهم كريستوفر كولومبوس.. 
                     
فقاطعته مجددا: 
                     
- من؟!! 
                     
فضحك خالد: 
                     
- أقولك على حاجة.. اسمعيني وبس.. مش هتفهمي مني حاجة دلوقتي.. ثم سألها: 
                     
- انتي تعرفي مصر؟ 
                     
أجابته وكأنها تسمع الاسم لأول مرة : 
                     
- مصر؟! لا أعرفه.. 
                    
- طب تعرفي أمريكا.. الصين.. أفريقيا.. استراليا؟! 
                    
- لا.. مفيش حاجة.. أنا محتاج أشتري أقلام وأوراق.. 
                    
ابتسم العجوز: بالطبع يا ولدي.. لك ماشنت.. 
                    
اشترى خالد بعض الأوراق والأقلام التي احتاجها.. كانت الأوراق سميكة بعض 
                    
الشيء تميل إلى الصفرة.. أما الأقلام فكانت أسطوانات خشبية رفيعة ذات سن 
                    
مدبب، وبداخلها خزان صغير للحبر.. واشترى معها زجاجة من الحبر الإضافي.. 
                    
وانصرف عائدا إلى البحيرة، وتفكيره لم يتوقف لحظة واحدة منذ حديث هذا 
                    
العجوز.. يسأل نفسه : 
                    
- معقول يكون الرجل اللي اشترى الكتاب هو والدي؟!.. 
                    
ثم يعود لنفسه: 
                    
ليه لأ؟ الكل كان بيقول إني طويل زيه.. وإني عريض برضه زيه.. وكمان نزل 
                    
السرداب.. وكلام العجوز. وإن لهجة الرجل كانت غريبة.. أكيد هو.. 
                    
ثم نظر إلى السماء: 
                    
- معقول يكون لسه عايش هو وأمي.. معقول أشوفهم بعد السنين دي كلها.. هنا.. 
                    
في زيكولا؟!! 
                    
ونظر إلى البحيرة، وسأل نفسه: 
                    
76 
                    
اللغة 
                    
- ما تلك الأسماء؟! 
                    
- دي أسامي بلاد العالم بتاي.. أنا بلدي اسمها مصر.. 
                    
.. أعرف إن 
                    

البحيرة يوما ي أستمع إلى قصتك.. 
                    
فضحك خالد: 
                    
- كنت في بالك؟!! 
                    
فأومأت برأسها: 
                    
- نعم.. لم تغادر تفكيري، لا أدري لماذا.. 
                    
فزاد سروره.. ثم سألته: 
                    
- هل كنت تنتظرني؟ 
                    
- أنا.. لا.. ثم ابتسم: 
                    
- الصراحة.. أه.. و كنت بدأت أفقد الأمل.. بس النهارده كأنه يوم الأمل 
                    
فيه كتاب موجود.. وإن أسيل الجميلة كمان هنا.. 
                    
فاحمر وجهها خجلا ونظرت إليه: 
                    
- هيا حدثني عن بلدك.. وعن هذا الكتاب الذي وجدته.. 
                    
فصمت قليلا.. ثم بدأ يتحدث: 
                    
بنتكلم نفس لغتكم.. 
                    
ألاف أخرى.. 
                    

العربية.. بس بالعامية زي كلامي كده.. 
                    
- أه.. وأين مصر؟! 
                    
أحاجها: 
                    
- زي ما بسأل نفسي بالظبط أين زيكولا.. هتكون نفس الإجابة لينا.. 
                    
- هل هي كبيرة مثل زيكولا.. 
                    
فضحك وسألها: 
                    
- هو عدد الناس في زيكولا كام؟! 
                    
فابتسمت ووقفت وتحركت تجاه البحيرة.. ثم إلتفتت وردت: 
                    
- كثيرون للغاية.. قد يتعدى ثلاثمائة ألف.. هذا غير البلاد الأخرى.. 
                    
فوقف خالد هو الأخر: 
                    
- عدد سكان مصر فوق التمانيين مليون نسمة.. 
                    
فنطقت غير مصدقة: 
                    
- ماذا؟! 
                    
فأكمل ضاحكا: 
                    
- أمال لو عرفتي عدد سكان بلد تانية اسمها الصين اللي عدى المليار.. وللا عدد 
                    
سكان الهند.. أقولك.. عدد سكان العالم بتاعى أكتر من ستة مليار نسمة.. 
                    
فنظرت إليه وبدأت تعد على أصابع يدها، وكأنها تتخيل العدد ثم سألته: 
                    
- وكيف يأكل كل هؤلاء الناس؟ 
                    
فضحك قائلا : 
                    
- اطمني.. كله بياكل.. 
                    
سألته: 
                    
ثم 
                    
- ومصر بلدك.. جميلة؟.. تحيها؟!! 
                    
ابتسم خالد ثم نظر بعيدا إلى البحيرة.. وصمت مفكرا قليلا.. ثم تنهد وتحدث: 
                    
- كان عندنا شاعر جميل اسمه صلاح جاهين قال: 
                    
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء 
                    
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء 
                    
بحيها وهي مالكة الأرض شرق وغرب 
                    
وبحيها وهي مرمية جريحة حرب 
                    
بحيها بعنف وبرقة وعلى استحياء 
                    
وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء.. 
                    
ثم توقف وحدثته أسيل وكأنا تريد المزيد: 
                    
- ماذا بعد.. أكمل.. 
                    

- لا.. أنا حافظ دول بسي.. 
                    
فضحكت أسيل.. ثم أكمل خالد: 
                    
- العالم بتاي بيختلف عن هنا كتير.. عندنا كهربا وإذاعة وتلفزيون.. وانترنت، 
                    
وبنتعامل بالنقود.. 
                    
- ماذا.. ما كل هؤلاء؟! 
                    
رد؛ مش هتفهمي قصدي لو قعدت أشرح لك سنة كاملة.. بس إحنا عالمنا متطور 
                    
إلى حد كبير .. 
                    
فسألته: 
                    
- هل تعيشون بالفضاء؟ 
                    
- لا لا.. إحنا بنعيش على الأرض.. وعندنا مياه. وصحرا.. وبنات حلوة زي هنا.. 
                    
فتغير وجهها ثم سألته على الفور بعدما تحدث عن جمال البنات: 
                    
- وكيف جنت إلى هنا؟ 
                    
- كنت في يوم زعلان.. فحب جدي يخفف عتي، فكلمي عن سرداب تحت قريتي اللي 
                    
اسمها اليهو فريك.. اسمه سرداب فوريك.. ومن أول ما حى لي، ومش عارف إيه 
                    
اللي حصل لي.. لقيت عندي رغبة قوية إني أنزل السرداب ده، وأكتشف اللي فيه.. 
                    
بعدها ظل خالد يحكي ما حدث له منذ نزوله إلى السرداب حتى وصل إلى تلك 
                    
الأرض.. وقابل الفقيرين بالصحراء.. وتشبث بعريتها مع يامن.. ودخوله إلى زيكولا.. 
                    
وعلمه أن التعامل با بوحدات الذكاء.. ثم نظر إليها: 
                    
83 
                    
- لما شفت العربات، والأحصنة. والدروع، والسيوف.. فكرت إني انتقلت بالزمن 
                    
في الماضي.. بس فوجنت إن الجميع هنا بيقولوا إننا في أواخر 9(M)2.. وده نفس 
                    
التوقيت في بلدي.. 
                    
ردت أسيل : 
                    
- نعم نحن على أعتاب العام العاشر بعد الألفين.. 
                    
أكمل خالد: 
                    
- دي الحاجة اللي هتجنني.. ومش قادر أستوعيها.. ازاي احنا في 2009.. وحياتكم 
                    
هنا بتقول إنكم من قرون؟!.. وتابع: 
                    
- ولما اتأكدت من إن التعامل بالذكاء فعلا مش كلام مجانين.. بقيت متأكد إن 
                    
السحر هنا مسيطر على المدينة.. أنا خلاص مش قادر أفكر.. 
                    
فقاطعته: 
                    
- لا أعتقد أنك محق بهذا.. إن الحياة هنا هكذا.. لماذا لا تقول إن السحر يسيطر 
                    
على بلدك أنت.. ويجعلكم تتعاملون بطريقة أخرى.. كيف تتعاملون بورق؟!.. أرى 
                    
هذا سحرا.. في بلدي القديمة بيجانا كنا نتعامل بالمقايضة. 
                    
رد خالد: أيوة المقايضة حاجة طبيعية.. 
                    
- هنا في زيكولا التعامل هكذا يا خالد.. هل كانت عملة بلدك مصر في كل البلدان؟ 
                    
- لا.. كل بلد لها عملة.. 
                    
- وهكذا هنا.. العملة الذكاء.. لست أنا أو أنت من فرضها.. 
                    
فصمت لحظات ثم قال : 
                    
- الواقع دلوقتي بيقول إنه اتحكم عليا إني أفضل سنة كاملة في زيكولا.. ونفسي 
                    
السنة دي تعدي بأقصى سرعة.. نفسي أرجع لبلدي.. أرجع لحياتي الطبيعية.. 
                    
84 
                    
وعاد بظهره.. وأسنده إلى الأرض واضعا يديه خلف رأسه.. ونظر إلى السماء.. حتى 
                    
نطقت أسيل: 
                    
- قصتك غريبة بالفعل يا خالد.. ولو سمعها غيري لظن أنك مجنون ثم ابتسمت؛ 
                    
- ولكنني أصدقك.. ولن أتركك حتى تحدثني عن التدـ. اون هذا.. في القريب.. ولكن 
                    
ليس الآن.. 
                    
فابتسم ثم تذكر شيئا وقام مسرغا إلى جانب الشجرة.. وحدثها: 
                    
- أنا عندي دليل.. 
                    
ثم عاد إليها.. ومعه ساعة يده التي توقفت.. فسألته: 
                    
- أهذا التا فز ..ون..؟!! 
                    
فضحك خالد: 
                    
- لا.. دي ساعة.. بنحسب بيها الوقت.. 
                    
فنظرت إلى الساعة بدهشة: 
                    
- إها عجيبة.. 
                    
فابتسم : 
                    
- لو كانت بتشتغل كنت قلت لك اقبليها هدية.. بس دي ملهاش قيمة دلوقتي.. 
                    
فابتسمت: 
                    
- إنك كريم.. 
                    
ثم نظرت إلى الساعة: 
                    
ثم سألها وكأنه يريدها أن 
                    
- في الحقيقة أنا مش عارف هي بتقيس الوقت ازاي.. 
                    
تبقى معه مدة أطول وألا تغادر: 
                    
- هو الوقت بيتحسب ازاي في زيكولا؟ 
                    
أجابته : 
                    
أكيد الكتاب ده 
                    
فأجابها:- أنا هدور على الكتاب في كل مكان.. لازم ألاقي الكتاب.. 
                    
هو اللي هيجيب عن كل أسئلتي.. 
                    
فابتسمت أسيل: 
                    

- أتمنى أن تجده.. وأن أستطيع مساعدتك يا خالد.. ثم نهضت؛ 
                     
- ترى ضخامة سور زيكولا.. كلما أشرقت الشمس حتى تشرق اليوم التالي يحسب 
                     
يوما.. وتنحت علامة على السور.. ثم تمر سبعة أيام فتنحت علامة أخرى 
                     
للأسبوع.. وما إن يأتي الشهر بعد ثلاثين يوما حتى تنحت علامة مختلفة.. ويأتي 
                     
العام بعد إثنتي عشرة من علامات الشهور.. فتنحت دائرة مميزة.. إنهم عمال 
                     
كثيرون ولهم أجر لعملهم.. يسمون (عمال الوقت).. وأكملت : 
                     
- ولكن الغريب والذي لاحظته.. أننا ندرك أننا في نهاية عام ألفين وتسعة.. وهذا لا 
                     
أعتقد أنه يتوافق مع عدد السنوات على السور.. والتي لا تكمل نصف هذا العدد 
                     
من السنين.. ولكنني لا أشغل بالي بهذا.. 
                     
فقال خالد: 
                     
- زيكولا.. كل شيء غريب تجده في زيكولا.. 
                     
ثم أكمل: 
                     
- النهارده بالصدفة عرفت إن فيه كتاب تاني عن سرداب فوريك.. وإن حد اشتراه 
                     
من سنين.. والكتاب ده بيمثل الأمل ليا.. وإني أرجع لبلدي.. وتابع: 
                     
- الأكبر من كدة إني حاسس إن اللي اشترى الكتاب ده ممكن يكون والدي.. 
                     
فصمتت أسيل وكأنا تفكر ثم قالت: 
                     
- إنني لم أسمع عن هذا الكتاب من قبل.. ثم سألته: 
                     
- ماذا ستفعل؟.. هل ستسأل كل شخص عن هذا الكتاب؟ 
                     

- علي أن أغادر الأن.. لقد تأخر الوقت كثيرا، ولدي الكثير من العمل بالغد.. أظن 
                     
أننا تحدثنا بما يكفي لحديث شهر كامل.. ثم أكملت، وهي تسير : 
                     
- ولكنني أحببت هذا الوقت معك يا خالد.. 
                    
غادرت أسيل. وظل خالد يقظا.. يفكر كثيرا ثم يقطع تفكيره بابتسامة حين يتذكر 
                     
حديثه مع أسيل.. وظل هكذا حتى أشرقت الشمس دون أن يغفو له جفن.. فاتجه 
                     
مسرعا إلى مكان عمله.. وكعادته قابل من يأخذون منه الوحدتين مقابل حمايته.. 
                     
فأثر أن يعطيهم الوحدتين.. ثم وجد يامن فنادى عليه: 
                     
، عايز أشتري حصان .. 
                     
إنه عمل 
                     

- كيف تقيس تلك الألة الوقت؟.. إننا هنا نقيسه بطريقة أخرى تماما.. 
                     
يقوم به أشخاص، ويأخذون راتيهم. 
                     
أجابها : 
                     
- يامن.. 
                     
رد يامن: 
                     
- أهلا خالد.. 
                     
- عايز منك طلب. 
                     
فسأله في دهشة: 
                     
- حصان؟!! 
                     
- أيوة 
                     
- اذا؟!! 
                     
فلم يجد مفرا إلا أن يخبر يامن بالحقيقة.. وأنه يريد ذلك الحصان ي يبحث عن 
                     
الكتاب في جميع مناطق زيكولا.. حتى بدا يامن وكأنه لا يصدقه.. ولكن هذا لم 
                     
يشغل بال خالد.. وطلب منه أن يدله على مكان لبيع وشراء الأحصنة.. حتى نظر 
                     
إليه يامن متجاهلا قصته: 
                     
- إن هذا سيكلفك كثيرا.. ريما يكلفك مائة وخمسين وحدة.. 
                    
رد خالد : 
                    
- أنا موافق .. 
                    
فتابع يامن : 
                    
- خالد.. هذا سيأخذ من مخزونك الكثير.. 
                    
- مش مهم.. المهم إني ألاقي الكتاب.. 
                    
- حسنا كما تريد.. سأخبرك أين تجد مكانا تبتاع منه حصانا قويا.. ولكن أين 
                    
ستبحث؟.. نحن هنا في المنطقة الشرقية حيث باب زيكولا وأرض الاحتفال 
                    
وصناعة الطوب.. هناك أربعة مناطق أخرى غيرنا.. المنطقة الشمالية. والمنطقة 
                    
الجنوبية، والمنطقة الغربية، والمنطقة الوسط التي يوجد بها الحاكم.. وكل 
                    
منطقة تختلف عن الأخرى وعن منطقتنا. 
                    
فأجابه: أنا هدور في كل مكان.. لازم ألافي الكتاب.. أو اللي اشتراه. 
                    
فسأله يامن: وعملك؟! 
                    
رد خالد: 
                    
- عندى مخزون كبير زي ما قلت.. 
                    
- خالد.. أخشى أن تقترب من مخزونك كثيرا فتندم على ذلك.. 
                    
- ده أمل مقدرش أتركه.. عرفني بس منين أشتري حصان .. 
                    

- حسنا.. ولكن ماذا إن وجدت الكتاب.. ولم تجد به ما ينفعك.. وقد أنفقت الكثير 
                    
من ثروتك ، وجاء يوم زيكولا؟! 
                    

أجابه خالد: 
                     
- لو جه يوم زيكولا.. أعتقد إن هيكون فيه كتير أفقر مني.. وأنا واثق إني بالكتاب 
                     
ده هقدر أرجع لبلدي.. حتى لو فقدت أكبر قدر من الذكاء.. 
                     
فصمت يامن قليلا.. ثم قال: 
                     
- ولكنك نسيت شيئا هاما لا تعرفه.. إن نجحت في ذلك وفقدت جزءا كبيرا من 
                     
ثروتك.. ستعود إلى وطنك كما خرجت من هنا.. مريضا.. لست ذكيا على الإطلاق.. 
                     
لن يميزك عن غيرك سوى شيء واحد.. فسأله خالد متعجبا: 
                     
- إيه هو؟ 
                     
رد يامن: 
                     
- الغياء يا صديقي.. 
                     
لا د ب

الفصل الحادي عشر


د أرض زيكولا Fo..._23757 
                     
- إيه؟!!.. انت بتقول إيه؟! 
                     
رد يامن، 
                     
- تلك هي الحقيقة يا خالد.. عليك أن تحتفظ بذكائك حين تخرج من زيكولا حتى 
                     
تعود إلى بلدك كما كنت.. أو تعمل وتحقق ثروة فتعود أكثر ذكاء.. أما إن فقدت 
                     
ذكاءك هنا وقد خرجت.. ثم صمت قليلا وأكمل : 
                     
- فكيف تسترده بعد ذلك؟ 
                     
فصمت خالد مرة أخرى من الصدمة.. وحدث نفسه في ضيق: 
                     
الكتاب أو الغباء.. ثم غضب، وترك يامنا الذي علا صوته تجاهه: 
                     
- ماذا ستفعل.. أما زلت تريد أن تشتري حصائا؟ 
                     
فلم يجبه وسار هائما مبتعدا عن مكان العمل، لا يعلم ماذا سيفعل وماذا يقرر.. 
                     
90 
                     
غادر خالد مكان عمله.. وما إن غادر حتى وصلت أسيل إلى ذلك المكان. وكأنا 
                     
تبحث عنه.. وسألت بعض الفتيان أين تجده.. فأخبروها بأن تجد يامنا صديقه 
                     
المقرب.. حتى وجدت يامنا الذي كان يعمل بتقطيع الصخور.. فسألته: 
                     
- أنت يامن؟ 
                     
فنظر إليها مندهشا: 
                     
- أسيل الطبيبة !!.. نعم، أنا يامن . 
                    
فسألته: أين خالد؟ 
                    
فزادت دهشته، وسألها: 
                    
- تريدين خالدا؟! 
                    
ردت: لعم .. 
                    
•لقد غادر العمل غاضبا.. 
                    
فسألته في لهفة؛ لماذا؟! 
                    
- إمها قصة طويلة.. ربما لن تصدقيها.. 
                    
فصمتت قليألا ثم سألته: 
                    
- الكتاب؟! 
                    
- أتعرفين قصة الكتاب؟! 
                    
أجابته:- نعم.. أعرف كل شيء.. لماذا غادر غاضبا؟ 
                    
فأخبرها بقصة ذلك الحصان الذي يريد خالد شراءه ي يبحث عن الكتاب في 
                    
أرجاء زيكولا.. وأكمل حديثه حين قال: 
                    
- والآن لا أعرف أين هو.. فابتسمت أسيل : 
                    
- ولكنني ربما أعرف.. 
                    
بشخص هكذا .. 
                    
وصل خالد إلى شاطى البحيرة مرة أخرى، وجلس والحزن والضيق يكسيان 
                    
وجهه.. ثم اتجه إلى أغراضه بجوار شجرة البحيرة.. وأخرج أقلامه وأوراقه التي 
                    
اشتراها.. وقرر أن يكتب أي شيء.. لا يدري ماذا يكتب، ولكنه يعلم أنه لا سبيل 
                    
للخروج من ضيقه سوى أن يكتب.. كما كان يفعل دائما حين يرفضه والد منى، 
                    
وكان يكتب وريقاته، ويعلقها على حائط غرفته.. وأمسك بقلمه.. وبدأ يرسم 
                    
خطوطا، ويكتب كلمات غير مفهومة.. حتى كتب: "ماذا أفعل؟.. بعدها فوجى 
                    
بأسيل تقترب منه.. وقالت مبتسمة : 
                    
- كنت أعرف أننى سأجدك هنا.. وسألته: 
                    
• لماذا لم تعمل اليوم؟ 
                     
فأجابها غاضبا : 
                     
- وأشتغل ليه؟!.. أنا كرهت كل حاجة هنا .. 
                     
فابتسمت في هدوء .. تريد أن تخفف من غضبه: 
                     
- حسنا.. ماذا فعلت بعدما تركتك بالأمس؟ 
                     
فأخبرها بأنه لم يفعل شيئا.. وظل يقظا حتى أشرقت الشمس فتابعت؛ 
                     
- لست وحدك من أصابك الأرق.. أنا أيضا لم أنم.. 
                     
فنظر إليها في دهشة.. حتى أكملت: 
                     
- كنت أفكر كيف تجد كتابك.. 
                     
ثم سارت بضع خطوات بعيدة عنه.. بعدها التفتت إليه وقالت؛ 
                     
- تريد أن تبحث في كل مناطق زيكولا.. وأنا أريد أن أساعدك في هذا.. 
                     
ثم ابتسمت؛ 
                     
- وهنا في زيكولا لا أحد يساعد غيره دون مقابل.. ثم صمتت برهة وأكملت: 
                     
- وأنت لا تريد أن تعمل.. ثم نظرت إلى أسفل: 
                     
92 
                     
- ولهذا لن أستطيع مساعدتك.. 
                     
ثم سارت بضع خطوات أخرى.. وتحدثت إلى نفسها بصوت يسمعه خالد: 
                     
- ولكن ربما يفكر خالد الذي.. ويريد أن يعمل.. وبعدها قد يساعده عمله.. 
                     
فنظر إليا خالد: 
                     
- أنا مش فاهم حاجة.. 
                     
فابتسمت أسيل؛ 
                     
خالد.. أنا أذهب إلى كل مناطق زيكولا عدا المنطقة الشمالية.. وجنت إليك 
                    
اليوم كي أقدم لك عرضا .. 
                    
فسألها في دهشة: 
                    
- عرض؟! 
                    
أجابته: 
                    
- نعم.. ما رأيك أن تأتي معي إلى تلك المناطق، وتعمل مساعدا لي جزةا من اليوم.. 
                    
وقد أعيرك أحد أحصنتي إن احتجته بافي اليوم لتبحث عن صاحب الكتاب كما 
                    
تشاء بالمكان الذي نتواجد به.. 
                    
ثم أكملت وأشارت إليه بأصبعها: 
                    
- ولكن عليك أن تعود إلي مبكرا في اليوم التالي.. أنا أحب أن يلتزم من يعمل معي.. 
                    
خالد ومازالت الدهشة منطبعة على وجهه: 
                    
خالد ومازالت الدهشة منطبعة على وجهه؛ 
                    
- أعمل معك؟!! 
                    
-نعم 
                    
- بس أنا مبفهمش حاجة في الطب.. 
                    
فسألته: 
                    
- وكيف أنقذت الفتى؟! 
                    
93 
                    
أجابا؛ 
                    
- زي ما قلث لك قبل كده، دي دورة إسعافات أولية.. بس مش معنى كده إني 
                    
بفهم في الطب.. 
                    
- حسنا.. أشعر أنك ستتعلم كثيزا.. وقد نجد غرق، فلن أجد أفضل منك 
                    
لإنقاذهم . 
                    
- أسيل.. هو انتي الطبيبة الوحيدة في زيكولا؟ 
                    
ردت؛ 
                    
- لا.. هناك العديد من الأطباء.. ولكني أكثر مهارة.. وهذا ما جعلني طبيبة الحاكم 
                    
وأسرته.. وطبيبة زيكولا الأولى رغم سني الصغيرة .. 
                    
ثم سألته : 
                    
- هل توافق؟ 
                    
فصمت مفكرا، وطال تفكيره.. فالتفتت أسيل، وسارت خطوات مبتعدة عنه.. 
                    
وقالت: 
                    
- أرى أنك حقا لا تحب الطب.. وابتعدت، حتى نطق خالد بصوت عال: 
                    
- أسيل.. أنا موافق.. 
                    
فابتسمت دون أن ثريه وجهها.. وقد ضاقت عيناها بعدما سمعت كلماته.. ثم 
                    
توقفت، والتفتت إليه مجددا: 
                    
- حسنا يا مساعدي.. عليك أن تعد نفسك، وأن تنام جيدا اليوم.. غدا سنذهب 
                    
إلى المنطقة الوسط التي يتواجد بها حاكم زيكولا.. 
                    
94 
                    
غادرت أسيل، أما خالد فقد امتلك من السعادة ما لم يمتلكه من قبل في زيكولا.. 
                    
حتى كاد يرقص فرحا.. وحدث نفسه: أنا مساعد أسيل.. أنا مساعد أسيل .. 
                    
ثم عاد مسرعا إلى أغراضه.. وأمسك القلم من جديد، وبدأ يكتب.. بعدما فكر 
                    
قليلا: "أسيل.. تلك الحورية التي وجدتها في زيكولا.. ربما كنت أظنها جميلة الوجه 
                    
فقط حين رأيتها للمرة الاولى.. ولكنها تمتلك كل ما هو جميل.. إن اليوم أسعد أيامي 
                    
1ة" 
                    
غادرت أسيل، أما خالد فقد امتلك من السعادة ما لم يمتلكه من قبل في زيكولا.. 
                    
حتى كاد يرقص فرحا.. وحدث نفسه: أنا مساعد أسيل.. أنا مساعد أسيل .. 
                    
ثم عاد مسرعا إلى أغراضه.. وأمسك القلم من جديد، وبدأ يكتب.. بعدما فكر 
                    
قليلا: "أسيل.. تلك الحورية التي وجدتها في زيكولا.. ربما كنت أظنها جميلة الوجه 
                    
فقط حين رأيتها للمرة الاولى.. ولكنها تمتلك كل ما هو جميل.. إن اليوم أسعد أيامي 
                    
في تلك المدينة.." 
                    
ثم ترك القلم، ووضع الأوراق بجواره، ثم أخفاها بأغراضه.. ونظر إلى ملابسه.. 
                    
وحدث نفسه بأنه اشتراها حين دخل إلى زيكولا منذ أكثر من شهر، ولا يمتلك 
                    
غيرها.. فعزم على أن يذهب إلى شواع المدينة.. وأن يشتري زيا جديدا يناسب 
                    
وظيفته الجديدة.. وذهب بالفعل، واشترى زيا ليس بغالي الثمن.. وقد اندهش بانع 
                    
الملابس.. وسأله : 
                    
- كيف تشتري زيا آخر بعد شهر واحد فقط.. 
                    
ولكن خالد لم يعبا بذلك.. وعاد إلى شاطى البحيرة مرة أخرى.. وظل هناك حتى 
                    
حل الليل، وهو ينتظر أن يأتي صباح اليوم التالي في أسرع وقت .. 
                    
في صباح اليوم التالي.. نهض خالد من نومه، وكعادته ألقى بجسده في البحيرة 
                    
ببنطاله القديم.. بعدها ارتدى زيه الجديد.. وظل في انتظار أسيل حتى وجد عريتها. 
                    
يقود حصانها سائق، ت قترب.. فأسرع إليها.. وركب العربة بجوارها.. وتحركت 
                    
العربة في اتجاهها إلى المنطقة الوسط.. بعدها نظرت أسيل إلى زيه الجديد: 
                    
- مبارك عليك الزي الجديد.. 
                    
ضحك خالد: 
                    
- لازم مساعدك يشرفك في أي مكان.. ثم سألها: 
                    
95 
                    
• إحنا هنعمل إيه في المكان اللي احنا رايحين له؟ 
                    
ردت أسيل: 
                    
المنطقة الوسطى يعيش بها الحاكم وأسرته.. وقد أرسلوا إلي كي أذهب إلى هناك 
                    
اليوم.. قد يكون أحدهم مريضا.. 
                    
- طب ليه انتي مش ملازمة الأسرة الحاكمة طول الوقت؟! 
                    
أجابته؛ 
                    
لقد طلب متي الحاكم ذلك بالفعل.. ولكنني رفضت.. 
                    
خالد في دهشة؛ 
                    
-رفضتي؟! 
                    
أجابته مبتسمة: 
                    
- نعم.. لا أريد أن أكون أسيرة لمكان بعينه.. حتى لو كان الحاكم.. 
                    
خالد وهو مازال مندهشا: 
                    
- تقدري ترفضي طلب للحاكم؟! 
                    
- إنه حقي.. ولدي من الحرية ما يجعلني أتحكم بإرادتي.. وأنا أحب الانطلاق.. لا 
                    
سسي،، يوسي س اسسري س يعسي «سسع برري، 
                    
أريد أن يقيدني أحد.. 
                    
فصمت خالد ثم سألها سؤالا جال بخاطره: 
                    
- هو نظام الحكم هنا في زيكولا ملكي؟ 
                    
ردت أسيل: 
                    
- لا.. إن حاكم زيكولا يظل بالحكم خمس سنوات.. ثم يأتي حاكم غيره يختاره أهل 
                    
زيكولا.. 
                    
96 
                    
فاندهش خالد كثيرا: 
                    
خمس سنوات بس ؟!!! 
                    
- ومفيش تجديد؟! 
                    
-لا.. كل حاكم له خمس سنوات فقط.. ألا تكفي تلك المدة.. أرى أنها كافية لكل 
                    
حاكم هنا ي يأتي غيره، ويكمل مسيرة التقدم لزيكولا، ويستفيد من أخطاء من 
                    
سبقه.. ولهذا زيكولا تتقدم عن البلاد الأخرى.. ألستم كذلك في بلدك؟ 
                    
ضحك خالد ثم فرك شعره.. وصمت، وحاول أن يختلق موضوعا آخر للنقاش.. 
                    
ثم حدث نفسه: 
                    
- أنا دلوقت متأكد إن زيكولا ليست لها أي صلة بالوطن العربى إلا اللغة العربية.. 
                    
حتى قاطعت صمته أسيل؛ 
                    
- لماذا الصمت؟ 
                    
فضحك: لا.. ولا حاجة.. لسه وقت كتير على المنطقة الوسط؟ 
                    
فنظرت أسيل من نافذة العربة ثم أجابته: 
                    
• لم يتبق إلا القليل.. ثم تابعت؛ 
                    
- ستساعدني حين يكون عملي مع الرجال فقط.. أما النساء فلا أريد مساعدتك في 
                    
فضحك خالد مداعبا لها: 
                    
- ليه؟ 
                    
فابتسمت ثم أكملت: 
                    
97 
                    
- يمكنك أن تنصرف وقتها.. وأن تبحث عن كتابك.. ولحسن حظك تلك المنطقة 
                    
صغيرة.. لا يوجد بها سوى قصر الحاكم، وبعض قصور الأثرياء.. 
                    
مر الوقت.. ووصلت العربة إلى تلك المنطقة التي يقصدوزا.. ونظر خالد من نافذة 
                    
العربة، واندهش حين وجد تلك القصور العالية وزخارفها الرائعة التي تزينها من 
                    
العرية، واندهش حين وجد تلك القصور العالية وزخارفها الرائعة التي تزينها من 
                    
الخارج.. وشاهد الكثير من الحراس يقفون أمام قصر فعلم أنه قصر الحاكم.. 
                    
حتى توقفت أمامه العربة، ونزلت أسيل ومعها خالد حاملا حقيبتها القماشية.. 
                    
واتجها إلى داخله.. وخالد يتلفت حوله كلما سار، ويشاهد البراعة المعمارية 
                    
مستمتعا، ولاحظت أسيل ذلك بعدما تلكا في خطواته.. فحدثته مبتسمة: 
                    
- على مساعدى أن يسرع.. ليس هناك وقث للتأمل.. 
                    
فابتسم. وأسرع حتى دخلا معا إلى بهو القصر.. وهناك وجد رجلا تبدو عليه 
                    
الفخامة والنفوذ.. وبجواره العديد من الأشخاص الذين بدا عليم الثراء أيضا.. 
                    
يرتدون ملابس مزركشة يكفي ثمن إحداها لإنقاذ عشرات الأشخاص من الذبح، 
                    
ثم انحنت أسيل.. وانحنى معها خالد.. بعدها تحدث الحاكم إلى أسيل: 
                    
-لقد جنت في موعدك أيتها الطبيبة.. ثم سألها: 
                    
- من هذا؟ ! وأشار إلى خالد.. 
                    
فأجابت؛ إنه مساعدي يا سيدي.. 
                    
فتابع الحاكم: 
                    
- لن تحتاجيه اليوم.. لا أريدك فقط سوى أن تداوي زوجتي.. أشعر أنها ليست 
                    
بخير في الأيام السابقة.. 
                    
فانحنت أسيل مرة أخرى.. ثم عادت إلى خارج بهو القصر.. ومعها خالد وحدثته 
                    
98 
                    
- أرى أنك محظوظ.. لن تعمل اليوم، ولكنني سأرهقك بالعمل في الأيام القادمة.. 
                    
ثم أشارت إليه أن ينصرف: 
                    
لك اليوم بالكامل.. ابحث عن كتابك.. ربما تجد ذلك الشخص الذي اشتراه هنا.. 
                    
أما أنا فعلي أن أرى زوجة الحاكم.. لعلها بخير.. 
                    
ابتسم خالد، وتركها وغادر.. وهو يحدث نفسه: 
                    
- أسيل.. حورية زيكولا.. 
                    
انصرف خالد.. وبدأ يسأل كل من يقابله عن شخص طويل وعريض مثله، ولهجته 
                    
غريبة أيضا، ولكنه يكبره سنا، ويتكلم عن الخيال.. أو عن شيء يسمى سرداب 
                    
فوريك.. فلم يجد ممن يسألهم سوى علامات الدهشة والغرابة.. ولم يكن يعلم 
                    
أحد - ممن يعملون بقصر الحاكم - شيئا عن ذلك الشخص الذي يقصده.. بعدها 
                    
خرج من القصر.. واتجه إلى القصور الأخرى، ويعلم أنه سيجد صعوبة فيما 
                    
يفعله.. ولكنه عزم على أن يتمسك بأمله.. وأن يحاول في سبيل حلمه بالعودة إلى 
                    
بلده.. وبدأ يسأل الناس من جديد.. ولكنه كلما سأل أحدا عن ذلك الشخص أو 
                    
ذلك الكتاب لم يجبه.. وظل يسأل كل من يقابله.. دون جدوى.. ومر الوقت وأصابه 
                    
التعب، وبدأ اليأس يتسرب إلى قلبه حتى مر عليه شخص فسأله.. فأخبره بأن 
                    
هناك مبنى كبيرا به الكثير من الكتب.. يسمى مكتبة الحاكم لعله يجد ذلك الكتاب 
                    
به .. 
                    
أسرع خالد إلى ذلك المكان الذي وصفه له الرجل مقابل وحدتين من ذكائه.. وهناك 
                    
وجد شخصا يعمل به.. فسأله عن ذلك الكتاب لعل صاحبه قد باعه أو أهداه إلى 
                    
تلك المكتبة.. فلم يجبه الشخص.. وأخبره بأنه لا يعلم كثيرا عن تلك الكتب.. 
                    
وسمح له أن يدخل إلى المكتبة مقابل خمس وحدات أخرى من ذكائه.. ووافق خالد 
                    
وسمح له أن يدخل إلى المكتبة مقابل خمس وحدات أخرى من ذكائه.. ووافق خالد 
                    
على ذلك.. واتجه إلى داخل المكتبة.. 
                    
99 
                    
بعدها بدأ خالد يبحث بين الكتب.. ويبحث بين الوريقات المتناثرة.. يبحث في كل 
                    
مكان بتلك المكتبة.. لا يريد أن يترك شبرا لا يبحث به.. ويستريح لبعض الوقت ثم 
                    
يعاود بحثه مجددا حتى لا يضيع وقته.. ويزيج الأتربة المتراكمة على بعض الكتب.. 
                    
د أرض زيكولا Fo..._23757 
                    
- إيه؟!!.. انت بتقول إيه؟! 
                    
رد يامن، 
                    
- تلك هي الحقيقة يا خالد.. عليك أن تحتفظ بذكائك حين تخرج من زيكولا حتى 
                    
تعود إلى بلدك كما كنت.. أو تعمل وتحقق ثروة فتعود أكثر ذكاء.. أما إن فقدت 
                    
ذكاءك هنا وقد خرجت.. ثم صمت قليلا وأكمل : 
                    
- فكيف تسترده بعد ذلك؟ 
                    
فصمت خالد مرة أخرى من الصدمة.. وحدث نفسه في ضيق: 
                    
الكتاب أو الغباء.. ثم غضب، وترك يامنا الذي علا صوته تجاهه: 
                    
- ماذا ستفعل.. أما زلت تريد أن تشتري حصائا؟ 
                    
فلم يجبه وسار هائما مبتعدا عن مكان العمل، لا يعلم ماذا سيفعل وماذا يقرر.. 
                    
90 
                    
غادر خالد مكان عمله.. وما إن غادر حتى وصلت أسيل إلى ذلك المكان. وكأنا 
                    
تبحث عنه.. وسألت بعض الفتيان أين تجده.. فأخبروها بأن تجد يامنا صديقه 
                    
المقرب.. حتى وجدت يامنا الذي كان يعمل بتقطيع الصخور.. فسألته: 
                    
- أنت يامن؟ 
                    
فنظر إليها مندهشا: 
                    
- أسيل الطبيبة !!.. نعم، أنا يامن . 
                    
فسألته: أين خالد؟ 
                    
فزادت دهشته، وسألها: 
                    
- تريدين خالدا؟! 
                    
ردت: لعم .. 
                    
•لقد غادر العمل غاضبا.. 
                    
فسألته في لهفة؛ لماذا؟! 
                    
- إمها قصة طويلة.. ربما لن تصدقيها.. 
                    
فصمتت قليألا ثم سألته: 
                    
- الكتاب؟! 
                    
- أتعرفين قصة الكتاب؟! 
                    
أجابته:- نعم.. أعرف كل شيء.. لماذا غادر غاضبا؟ 
                    
فأخبرها بقصة ذلك الحصان الذي يريد خالد شراءه ي يبحث عن الكتاب في 
                    
أرجاء زيكولا.. وأكمل حديثه حين قال: 
                    
- والآن لا أعرف أين هو.. فابتسمت أسيل : 
                    
- ولكنني ربما أعرف.. 
                    
بشخص هكذا .. 
                    
وصل خالد إلى شاطى البحيرة مرة أخرى، وجلس والحزن والضيق يكسيان 
                    
وجهه.. ثم اتجه إلى أغراضه بجوار شجرة البحيرة.. وأخرج أقلامه وأوراقه التي 
                    
اشتراها.. وقرر أن يكتب أي شيء.. لا يدري ماذا يكتب، ولكنه يعلم أنه لا سبيل 
                    
للخروج من ضيقه سوى أن يكتب.. كما كان يفعل دائما حين يرفضه والد منى، 
                    
وكان يكتب وريقاته، ويعلقها على حائط غرفته.. وأمسك بقلمه.. وبدأ يرسم 
                    
خطوطا، ويكتب كلمات غير مفهومة.. حتى كتب: "ماذا أفعل؟.. بعدها فوجى 
                    
بأسيل تقترب منه.. وقالت مبتسمة : 
                    
- كنت أعرف أننى سأجدك هنا.. وسألته: 
                    
• لماذا لم تعمل اليوم؟ 
                    
فأجابها غاضبا : 
                    
- وأشتغل ليه؟!.. أنا كرهت كل حاجة هنا .. 
                    
فابتسمت في هدوء .. تريد أن تخفف من غضبه: 
                    
- حسنا.. ماذا فعلت بعدما تركتك بالأمس؟ 
                    
فأخبرها بأنه لم يفعل شيئا.. وظل يقظا حتى أشرقت الشمس فتابعت؛ 
                    
- لست وحدك من أصابك الأرق.. أنا أيضا لم أنم.. 
                    
فنظر إليها في دهشة.. حتى أكملت: 
                    
- كنت أفكر كيف تجد كتابك.. 
                    
ثم سارت بضع خطوات بعيدة عنه.. بعدها التفتت إليه وقالت؛ 
                    
- تريد أن تبحث في كل مناطق زيكولا.. وأنا أريد أن أساعدك في هذا.. 
                    
ثم ابتسمت؛ 
                    
- وهنا في زيكولا لا أحد يساعد غيره دون مقابل.. ثم صمتت برهة وأكملت: 
                    
- وأنت لا تريد أن تعمل.. ثم نظرت إلى أسفل: 
                    
92 
                    
- ولهذا لن أستطيع مساعدتك.. 
                    
ثم سارت بضع خطوات أخرى.. وتحدثت إلى نفسها بصوت يسمعه خالد: 
                    
- ولكن ربما يفكر خالد الذي.. ويريد أن يعمل.. وبعدها قد يساعده عمله.. 
                    
فنظر إليا خالد: 
                    
- أنا مش فاهم حاجة.. 
                     
فابتسمت أسيل؛ 
                     
خالد.. أنا أذهب إلى كل مناطق زيكولا عدا المنطقة الشمالية.. وجنت إليك 
                     
اليوم كي أقدم لك عرضا .. 
                     
فسألها في دهشة: 
                     
- عرض؟! 
                     
أجابته: 
                     
- نعم.. ما رأيك أن تأتي معي إلى تلك المناطق، وتعمل مساعدا لي جزةا من اليوم.. 
                     
وقد أعيرك أحد أحصنتي إن احتجته بافي اليوم لتبحث عن صاحب الكتاب كما 
                     
تشاء بالمكان الذي نتواجد به.. 
                     
ثم أكملت وأشارت إليه بأصبعها: 
                     
- ولكن عليك أن تعود إلي مبكرا في اليوم التالي.. أنا أحب أن يلتزم من يعمل معي.. 
                     
خالد ومازالت الدهشة منطبعة على وجهه: 
                     
خالد ومازالت الدهشة منطبعة على وجهه؛ 
                     
- أعمل معك؟!! 
                     
-نعم 
                     
- بس أنا مبفهمش حاجة في الطب.. 
                     
فسألته: 
                     
- وكيف أنقذت الفتى؟! 
                     
93 
                     
أجابا؛ 
                     
- زي ما قلث لك قبل كده، دي دورة إسعافات أولية.. بس مش معنى كده إني 
                    
بفهم في الطب.. 
                    
- حسنا.. أشعر أنك ستتعلم كثيزا.. وقد نجد غرق، فلن أجد أفضل منك 
                    
لإنقاذهم . 
                    
- أسيل.. هو انتي الطبيبة الوحيدة في زيكولا؟ 
                    
ردت؛ 
                    
- لا.. هناك العديد من الأطباء.. ولكني أكثر مهارة.. وهذا ما جعلني طبيبة الحاكم 
                    
وأسرته.. وطبيبة زيكولا الأولى رغم سني الصغيرة .. 
                    
ثم سألته : 
                    
- هل توافق؟ 
                    
فصمت مفكرا، وطال تفكيره.. فالتفتت أسيل، وسارت خطوات مبتعدة عنه.. 
                    
وقالت: 
                    
- أرى أنك حقا لا تحب الطب.. وابتعدت، حتى نطق خالد بصوت عال: 
                    
- أسيل.. أنا موافق.. 
                    
فابتسمت دون أن ثريه وجهها.. وقد ضاقت عيناها بعدما سمعت كلماته.. ثم 
                    
توقفت، والتفتت إليه مجددا: 
                    
- حسنا يا مساعدي.. عليك أن تعد نفسك، وأن تنام جيدا اليوم.. غدا سنذهب 
                    
إلى المنطقة الوسط التي يتواجد بها حاكم زيكولا.. 
                    
94 
                    
غادرت أسيل، أما خالد فقد امتلك من السعادة ما لم يمتلكه من قبل في زيكولا.. 
                    
حتى كاد يرقص فرحا.. وحدث نفسه: أنا مساعد أسيل.. أنا مساعد أسيل .. 
                    
ثم عاد مسرعا إلى أغراضه.. وأمسك القلم من جديد، وبدأ يكتب.. بعدما فكر 
                    
قليلا: "أسيل.. تلك الحورية التي وجدتها في زيكولا.. ربما كنت أظنها جميلة الوجه 
                    
فقط حين رأيتها للمرة الاولى.. ولكنها تمتلك كل ما هو جميل.. إن اليوم أسعد أيامي 
                    
1ة" 
                    
غادرت أسيل، أما خالد فقد امتلك من السعادة ما لم يمتلكه من قبل في زيكولا.. 
                    
حتى كاد يرقص فرحا.. وحدث نفسه: أنا مساعد أسيل.. أنا مساعد أسيل .. 
                    
ثم عاد مسرعا إلى أغراضه.. وأمسك القلم من جديد، وبدأ يكتب.. بعدما فكر 
                    
قليلا: "أسيل.. تلك الحورية التي وجدتها في زيكولا.. ربما كنت أظنها جميلة الوجه 
                    
فقط حين رأيتها للمرة الاولى.. ولكنها تمتلك كل ما هو جميل.. إن اليوم أسعد أيامي 
                    
في تلك المدينة.." 
                    
ثم ترك القلم، ووضع الأوراق بجواره، ثم أخفاها بأغراضه.. ونظر إلى ملابسه.. 
                    
وحدث نفسه بأنه اشتراها حين دخل إلى زيكولا منذ أكثر من شهر، ولا يمتلك 
                    
غيرها.. فعزم على أن يذهب إلى شواع المدينة.. وأن يشتري زيا جديدا يناسب 
                    
وظيفته الجديدة.. وذهب بالفعل، واشترى زيا ليس بغالي الثمن.. وقد اندهش بانع 
                    
الملابس.. وسأله : 
                    
- كيف تشتري زيا آخر بعد شهر واحد فقط.. 
                    
ولكن خالد لم يعبا بذلك.. وعاد إلى شاطى البحيرة مرة أخرى.. وظل هناك حتى 
                    
حل الليل، وهو ينتظر أن يأتي صباح اليوم التالي في أسرع وقت .. 
                    
في صباح اليوم التالي.. نهض خالد من نومه، وكعادته ألقى بجسده في البحيرة 
                    
ببنطاله القديم.. بعدها ارتدى زيه الجديد.. وظل في انتظار أسيل حتى وجد عريتها. 
                    
يقود حصانها سائق، ت قترب.. فأسرع إليها.. وركب العربة بجوارها.. وتحركت 
                    
العربة في اتجاهها إلى المنطقة الوسط.. بعدها نظرت أسيل إلى زيه الجديد: 
                    
- مبارك عليك الزي الجديد.. 
                    
ضحك خالد: 
                    
- لازم مساعدك يشرفك في أي مكان.. ثم سألها: 
                    
95 
                    
• إحنا هنعمل إيه في المكان اللي احنا رايحين له؟ 
                    
ردت أسيل: 
                    
المنطقة الوسطى يعيش بها الحاكم وأسرته.. وقد أرسلوا إلي كي أذهب إلى هناك 
                    
اليوم.. قد يكون أحدهم مريضا.. 
                    
- طب ليه انتي مش ملازمة الأسرة الحاكمة طول الوقت؟! 
                    
أجابته؛ 
                    
لقد طلب متي الحاكم ذلك بالفعل.. ولكنني رفضت.. 
                    
خالد في دهشة؛ 
                    
-رفضتي؟! 
                    
أجابته مبتسمة: 
                    
- نعم.. لا أريد أن أكون أسيرة لمكان بعينه.. حتى لو كان الحاكم.. 
                    
خالد وهو مازال مندهشا: 
                    
- تقدري ترفضي طلب للحاكم؟! 
                    
- إنه حقي.. ولدي من الحرية ما يجعلني أتحكم بإرادتي.. وأنا أحب الانطلاق.. لا 
                    
سسي،، يوسي س اسسري س يعسي «سسع برري، 
                    
أريد أن يقيدني أحد.. 
                    
فصمت خالد ثم سألها سؤالا جال بخاطره: 
                    
- هو نظام الحكم هنا في زيكولا ملكي؟ 
                    
ردت أسيل: 
                    
- لا.. إن حاكم زيكولا يظل بالحكم خمس سنوات.. ثم يأتي حاكم غيره يختاره أهل 
                    
زيكولا.. 
                    
96 
                    
فاندهش خالد كثيرا: 
                    
خمس سنوات بس ؟!!! 
                    
- ومفيش تجديد؟! 
                    
-لا.. كل حاكم له خمس سنوات فقط.. ألا تكفي تلك المدة.. أرى أنها كافية لكل 
                    
حاكم هنا ي يأتي غيره، ويكمل مسيرة التقدم لزيكولا، ويستفيد من أخطاء من 
                    
سبقه.. ولهذا زيكولا تتقدم عن البلاد الأخرى.. ألستم كذلك في بلدك؟ 
                    
ضحك خالد ثم فرك شعره.. وصمت، وحاول أن يختلق موضوعا آخر للنقاش.. 
                    
ثم حدث نفسه: 
                    
- أنا دلوقت متأكد إن زيكولا ليست لها أي صلة بالوطن العربى إلا اللغة العربية.. 
                    
حتى قاطعت صمته أسيل؛ 
                    
- لماذا الصمت؟ 
                    
فضحك: لا.. ولا حاجة.. لسه وقت كتير على المنطقة الوسط؟ 
                    
فنظرت أسيل من نافذة العربة ثم أجابته: 
                    
• لم يتبق إلا القليل.. ثم تابعت؛ 
                    
- ستساعدني حين يكون عملي مع الرجال فقط.. أما النساء فلا أريد مساعدتك في 
                    
فضحك خالد مداعبا لها: 
                    
- ليه؟ 
                     
فابتسمت ثم أكملت: 
                     
97 
                     
- يمكنك أن تنصرف وقتها.. وأن تبحث عن كتابك.. ولحسن حظك تلك المنطقة 
                     
صغيرة.. لا يوجد بها سوى قصر الحاكم، وبعض قصور الأثرياء.. 
                     
مر الوقت.. ووصلت العربة إلى تلك المنطقة التي يقصدوزا.. ونظر خالد من نافذة 
                     
العربة، واندهش حين وجد تلك القصور العالية وزخارفها الرائعة التي تزينها من 
                     
العرية، واندهش حين وجد تلك القصور العالية وزخارفها الرائعة التي تزينها من 
                     
الخارج.. وشاهد الكثير من الحراس يقفون أمام قصر فعلم أنه قصر الحاكم.. 
                     
حتى توقفت أمامه العربة، ونزلت أسيل ومعها خالد حاملا حقيبتها القماشية.. 
                     
واتجها إلى داخله.. وخالد يتلفت حوله كلما سار، ويشاهد البراعة المعمارية 
                     
مستمتعا، ولاحظت أسيل ذلك بعدما تلكا في خطواته.. فحدثته مبتسمة: 
                     
- على مساعدى أن يسرع.. ليس هناك وقث للتأمل.. 
                     
فابتسم. وأسرع حتى دخلا معا إلى بهو القصر.. وهناك وجد رجلا تبدو عليه 
                     
الفخامة والنفوذ.. وبجواره العديد من الأشخاص الذين بدا عليم الثراء أيضا.. 
                     
يرتدون ملابس مزركشة يكفي ثمن إحداها لإنقاذ عشرات الأشخاص من الذبح، 
                     
ثم انحنت أسيل.. وانحنى معها خالد.. بعدها تحدث الحاكم إلى أسيل: 
                     
-لقد جنت في موعدك أيتها الطبيبة.. ثم سألها: 
                     
- من هذا؟ ! وأشار إلى خالد.. 
                     
فأجابت؛ إنه مساعدي يا سيدي.. 
                     
فتابع الحاكم: 
                     
- لن تحتاجيه اليوم.. لا أريدك فقط سوى أن تداوي زوجتي.. أشعر أنها ليست 
                    
بخير في الأيام السابقة.. 
                    
فانحنت أسيل مرة أخرى.. ثم عادت إلى خارج بهو القصر.. ومعها خالد وحدثته 
                    
98 
                    
- أرى أنك محظوظ.. لن تعمل اليوم، ولكنني سأرهقك بالعمل في الأيام القادمة.. 
                    
ثم أشارت إليه أن ينصرف: 
                    
لك اليوم بالكامل.. ابحث عن كتابك.. ربما تجد ذلك الشخص الذي اشتراه هنا.. 
                    
أما أنا فعلي أن أرى زوجة الحاكم.. لعلها بخير.. 
                    
ابتسم خالد، وتركها وغادر.. وهو يحدث نفسه: 
                    
- أسيل.. حورية زيكولا.. 
                    
انصرف خالد.. وبدأ يسأل كل من يقابله عن شخص طويل وعريض مثله، ولهجته 
                    
غريبة أيضا، ولكنه يكبره سنا، ويتكلم عن الخيال.. أو عن شيء يسمى سرداب 
                    
فوريك.. فلم يجد ممن يسألهم سوى علامات الدهشة والغرابة.. ولم يكن يعلم 
                    
أحد - ممن يعملون بقصر الحاكم - شيئا عن ذلك الشخص الذي يقصده.. بعدها 
                    
خرج من القصر.. واتجه إلى القصور الأخرى، ويعلم أنه سيجد صعوبة فيما 
                    
يفعله.. ولكنه عزم على أن يتمسك بأمله.. وأن يحاول في سبيل حلمه بالعودة إلى 
                    
بلده.. وبدأ يسأل الناس من جديد.. ولكنه كلما سأل أحدا عن ذلك الشخص أو 
                    
ذلك الكتاب لم يجبه.. وظل يسأل كل من يقابله.. دون جدوى.. ومر الوقت وأصابه 
                    
التعب، وبدأ اليأس يتسرب إلى قلبه حتى مر عليه شخص فسأله.. فأخبره بأن 
                    
هناك مبنى كبيرا به الكثير من الكتب.. يسمى مكتبة الحاكم لعله يجد ذلك الكتاب 
                    
به .. 
                    
أسرع خالد إلى ذلك المكان الذي وصفه له الرجل مقابل وحدتين من ذكائه.. وهناك 
                    
وجد شخصا يعمل به.. فسأله عن ذلك الكتاب لعل صاحبه قد باعه أو أهداه إلى 
                    
تلك المكتبة.. فلم يجبه الشخص.. وأخبره بأنه لا يعلم كثيرا عن تلك الكتب.. 
                    
وسمح له أن يدخل إلى المكتبة مقابل خمس وحدات أخرى من ذكائه.. ووافق خالد 
                    
وسمح له أن يدخل إلى المكتبة مقابل خمس وحدات أخرى من ذكائه.. ووافق خالد 
                    
على ذلك.. واتجه إلى داخل المكتبة.. 
                    
99 
                    
بعدها بدأ خالد يبحث بين الكتب.. ويبحث بين الوريقات المتناثرة.. يبحث في كل 
                    
مكان بتلك المكتبة.. لا يريد أن يترك شبرا لا يبحث به.. ويستريح لبعض الوقت ثم 
                    
يعاود بحثه مجددا حتى لا يضيع وقته.. ويزيج الأتربة المتراكمة على بعض الكتب.. 
                    

بعدها بدأ خالد يبحث بين الكتب.. ويبحث بين الوريقات المتناثرة.. يبحث في كل 
                     
مكان بتلك المكتبة.. لا يريد أن يترك شبرا لا يبحث به.. ويستريح لبعض الوقت ثم 
                     
يعاود بحثه مجددا حتى لا يضيع وقته.. ويزيج الأتربة المتراكمة على بعض الكتب.. 
                     
ويجلس من يعمل بتلك المكتبة يشاهده دون أن يساعده.. وخالد يواصل بحثه.. 
                     
يحاول أن يجد أي عنوان لكتاب يمت بصلة إلى سرداب فوريك.. ولكن دون فائدة.. 
                     
فقد مر الوقت وأكمل بحثه دون أن يجد ما يريده، وغادر وعاد إلى أمام قصر 
                     
الحاكم فوجد أسيلا في انتظاره بالعربة.. فسألها إن كانت قد انتهت هى الأخرى من 
                     
عملها فأجابته بأنها انتهت من عملها بالفعل.. ثم سألها لماذا لم تغادر؟ فأجابته 
                     
- وهل أغادر دون مساعدي؟!.. هيا.. ثم أمرت السائق أن يتحرك بهما إلى البحيرة.. 
                     
بعدها سألته : 
                     
- هل وجدت شيئا؟ 
                     
رد خالد: 
                     
-للأسف لا.. سألت ناس كتير بس ملقتش أي جواب.. 
                     
• لهم العذر في ذلك.. إنك تبحث عن شيء صعب للغاية.. تبحث عن شخص لا 
                     
تعرفه.. وعن كتاب لم يسمع به أحد.. 
                     
- عارف إنه أمل ضعيف.. بس لازم أتمسك بيه . 
                     
فابتسمت أسيل؛ 
                     
- لا تحزن يا خالد.. إنك مازلت باليوم الأول من البحث.. وعليك أن تسعد بأنك 
                     
انتهيت من منطقة بأكملها.. حتى لو كانت صغيرة.. ثم صمتت، وأكملت: 
                     
-لدي خبر سيجعلك سعيدا.. 
                     
نظر إليها خالد في لهفة: 
                     
IOO 
                     
• إيه هو؟ 
                     
ردت أسيل : 
                     
لقد اكتشفت أن زوجة الحاكم ليست مريضة.. وإنما ستستقبل مولودا قريبا.. 
                     
- حامل؟ 
                     
- نعم.. وأرى من أعراض هملها، أنه قد مر ثلاثة أشهر على حملها.. 
                     
فسألها مندهشا: 
                     
- وأنا أكون سعيد ليه؟ 
                     
ردت أسيل: 
                     
- إن أنجبت ذكرا سيكون هناك احتفال لأهل زيكولا بذلك الطفل تكريما للح 
                     
ويقام يوم زيكولا بعد مولده بسبعة أيام.. وبالطبع سيفتح باب زيكولا قبله 
                     
ويذبح أفقر من بالمدينة أيضا.. 
                     
ثم 
                     
- هذا يعني أن يوم زيكولا قد يكون بعد ستة أشهر فقط من اليوم.. 
                     
ثم صمتت، ونظرت عبر النافذة، ولمعت عيناها بالدموع.. وأكملت: 
                     
- وقتها تستطيع أن تخرج من زيكولا.. 
                     
بلا لا لا 

الفصل الثاني عشر


لم يتمالك خالد نفسه من الفرحة، وكأنه لا يصدق أذنيه.. وشعر بأن ما قالته 
                     
أسيل يجعله يرقص فرحا.. ثم نظر إلى أسيل: 
                     
- ست شور؟! 
                     
ردت أسيل؛ 
                     
- نعم.. إن أنجبت ذكرا.. 
                     
قال في فرحة، وهو ينظر إليها؛ 
                     
- أنا متأكد إنه هيكون ذكر.. عارفة ليه؟ 
                     
- لماذا؟! 
                     
((لأنك وش السعد عليا.. أهلى هاجة حصلت لي في زيكولا..)) : قال تلك الكلمات، 
                     
وفد غطت السعادة وجهه.. ثم تحدث إلى نفسه: 
                     
- ست شهور.. يارب يكون ولد.. ثم نظر إلى أسيل: 
                     
- متتخيليش أنا فرحان أد إيه.. أنا نفسي زوجة الحاكم تولد النهارده قبل بكرة.. 
                     
فعادت أسيل إلى ابتسامتها الرقيقة بعدما شعرت بسعادة خالد بهذا الخبر.. 
                     
102 
                    
- أنا أيضا سعيدة لأنك تشعر بالسعادة.. كنت أعلم أنك ستكون سعيدا هكذا.. 
                    
ابتسم خالد ثم نظر عبر نافذة العربة إلى السماء المظلمة.. والتي كان بها نجم مميز 
                    
في تلك الليلة.. يضيء منفردا بها ومبتعدا عن مجموعة نجوم أخرى.. ثم طلب من 
                    
أسيل أن تنظر إلى ذلك النجم الذي أشار إليه: 
                    
• شايفة النجم اللي هناك ده؟ 
                    
ردت أسيل؛ 
                    
•نعم.. إنه وحيد ومميز.. 
                    
- أثا هسميه أسيل.. ثم صمت وتحدث بعد لحظات: 
                    
- لو رجعت لبلدي يوم.. أكيد هلاقي النجم ده في السما.. 
                    
ضحكت أسيل؛ 
                    
-أرى أن الفرحة جعلتك شاعرا.. 
                    
فضحك خالد مكملا حديثه مداعبا لها: 
                    
- أكيد النجم مش في جمال أسيل.. بس هو جميل وميز زي ما أسيل جميلة 
                    
ومميزة.. 
                    
فاحمر وجهها خجلا.. وصمتت، وظلت تنظر إلى خالد الذي صمت هو الأخر، 
                    
وكأنه هام بفكره.. وسرح بين أحلامه.. 
                    
lna 
                    
نت العرية تسير مسرعة. وخالد وأسيل بداخلها يتحدثان أحيانا.. ويصمتان 
                    
أحايين أخرى.. وظلا هكذا حتى وصلت العربة إلى البحيرة.. وتوقفت هناك، ونزل 
                    
خالد ثم تحدثت إليه أسيل؛ 
                    
-الأسبوع القادم سنذهب إلى المنطقة الجنوبية.. 
                    
فابتسم. وأوما برأسه موافشفا.. ثم أكملت؛ 
                    
- أمامك سبعة أيام.. عليك أن تعود إلى عملك هنا.. لا تضيع وقثا دون عمل .. 
                    
فسألها مندهشا: 
                    
- وعملي كمساعد ليي؟! 
                    
فابتسمت؛ 
                    
- إن احتجت مساعدتك لي هذا الأسبوع فلن أتردد في هذا.. ولكن هنا يساعدئي 
                    
الكثيرون.. ثم تابعت؛ 
                    
- أترك لك المساعدة في المناطق الأخرى.. ولذا أمامك أيام لا تضيعها بالجلوس على 
                    
شاط البحيرة.. اذهب إلى عملك مع صديقك يامن، واجلب الكثير من الأجر.. 
                    
فابتسم خالد.. وهز رأسه موافقا.. 
                    
تحركت العربة مجددا.. وخالد ينظر إليها حتى اختفت عن أنظاره.. ثم اتجه إلى 
                    
شاطن البعيرة.. أما العربة فواصلت تحركها في أهد الشواع المنارة بالنيران هتى 
                    
توقفت أمام بيت كبير.. تبدو من واجهته الفخامة والثراء، وله باب ضخم.. ونزلت 
                    
أسيل، ودلفت إلى داخل البيت المضاء بالشموع، والذي امتاز بسقفه العالي، 
                    
وجدرانه المنقوشة من الداخل، والأثاث الخشبي والنعاسي المطعم بماء الذهب.. 
                    
ثم صعدت السلم الداخلي، واتجهت إلى هجرعها.. وألقت بنفسها على السرير 
                    
المتواجد بها.. ثم نهضت مجددا، وجلست أمام مرأة كبيرة.. وابتسمت برقة وهي 
                    
104 
                    
تنظر إلى صورتها المنعكسة، وإلى شعرها الأسود الناعم الطويل الذي بدأت 
                    
تتعسسه بيدها من الأمام إلى الخلف.. بعدها هامت للحظات، وبدأت تتحدث إلى 
                    
- ما سر هذا الشعور بداخلك؟ .. وأى شعور هذا؟! 
                    
- هل هو سعادة أم حزن 
                    
ثم نظرت إلى صورعها مجددا بالمرأة.. وتحدثت إليها؛ 
                    
- لماذا حزنت حين علمت بقرب خروج خالد من زيكولا.. 
                    
- لا.. أنا لم أحزن.. 
                    
- لا، حزنت.. نعم حزنت ، ثم سألت صورعا؛ 
                    
- هل تحبينه؟! 
                    
صمتت قليلا ثم أجابت نفسها: 
                    
- لا أعلم.. إنني لم أعرفه سوى أيام قليلة.. 
                    
- ولكنك أحبيته.. 
                    
- ربما أهببت هديئه وجرأته.. 
                    
- أو ربما أعجبنى اختلافه عن باقي رجال زيكولا البلهاء.. البخلاء. الذين لا يفكرون 
                    
إلا في جمع ثروة تفديهم من الذبح.. هتى إنهم يخافون أن يفكروا ويستخدموا 
                    
ذكاءهم. فيقلل ذلك من ثرومهم.. نعم يعجبني أنه يختلف عن غيره.. 
                    
ثم قامت. وتحركت إلى نافذة الحجرة.. وأزاحت ستارها، ونظرت إلى السماء. 
                    
وابتسمت حين رأت النجم الذي سماه خالد.. أسيل.. وظلت تنظر إليه كثيرا ثم 
                    
قالت: 
                    
- ولكنه سيرحل.. 
                    
في اليوم التالي اتجه خالد إلى عمله القديم.. وهناك وجد يامنا فصافحه. وبدا 
                    
يعملان معا بتقطيع الحجارة.. واندهش يامن من تلك السعادة التي بدت على 
                    
وجهه، وما تبعها من حماسة في عمله فسأله؛ 
                    
- خالد. أراك سعيدا اليوم.. هل هناك خطب ما؟.. هل وجدت كتابك؟ 
                    
ضحك خالد؛ 
                    
- لا. ولكن فيه خير فزحني.. ثم أكمل: 
                    
-احتمال أحرج من زيكولا بعد ست شهور بس.. 
                    
يامن في دهشة: 
                    
- ستة أشهر فقط؟!.. كيف؟!! 
                    
ابلسم خالد: 
                    
- يوم زيكولا احتمال يكون بعد ستة أشهر بس.. 
                    
يامن وهو لايصدقه؛ 
                    
- ماذا تقول؟.. يتبقى أحد عشر شهرا على ذلك اليوم.. 
                    
- لا يا صديقي.. أنا هقولك سر عرفته.. 
                    
ثم أخبره بأن زوجة الحاكم ستضع مولودا بعد ستة أشهر.. وأن أسيلا أخبرته 
                    
بذلك فابتسم يامن؛ 
                    
- أنا سعيد لك يا خالد.. ولكني كنت أتمنى أن تبقى هنا.. 
                    
ضحك خالي: 
                    
- أنا بحبك جدا يا يامن.. بس نفسي أرجع لبلدي.. ثم نظر إليه حائزا؛ 
                    
- بس لو خرجت من زيكولا هعمل إيه؟.. عشان كده لارم ألافي كتاب سرداب فوريك 
                    
قبل الست شهور الباقيين.. 
                    
106 
                    
فاتسم يأمن، 
                    
- أتمنى أن تجده.. وأن تحقق ما تريد.. ثم تايع؛ 
                    
- إن أملفال زيكولا سيكونون محظوظين هذا العام إن أقيم يوم زيكولا.. 
                    
فنظر إليه خالد، وكأنه يسأله عن السبب.. فأكمل يامن؛ 
                    
•إمهم سيشاهدون لعبة الزيكولا بعدما لم يشاهدوها المرة السابقة حين هرب 
                    
الفقيران.. 
                    
خالد في دهشة؛ 
                    
•لعبة الزيكولا؟! 
                    
رد يامن: 
                    
- نعم.. ثم تذكر أنه لم يحدث خالدا عنها من قبل.. فأكمل حديثه: 
                    
- لم أخبرك يها سابقا.. إنها اللعبة التي يقال إن أرض زيكولا قد سميت بهذا الاسم 
                    
لسبة لها.. هي في الحقيقة ليست لعبة.. إمها منافسة.. وينتظرها الجميع هنا.. فمي 
                    
ما تحدد الأفقر بالمدينة.. 
                    
سأله خالد: ازاي؟! 
                    
أجابه : 
                    
- قبل يوم زيكولا بعدة أيام يقوم الجنود بجمع الأكثر مرضا وشحوبا بالمدينة.. 
                    
يجمعون الكثيرين من الناس.. وهناك يحدد الأطباء من هم الفقراء ومن هم 
                    
المرضى حفا.. حتى يتبقى منهم عدد قليل.. وهنا يأتي دور أسيل الطبيبة.. وهي من 
                    
تحدد الثلائة الأكثر فقرا.. ثم يأتي دور لعبة الزيكولا في اليوم السابق للذبح.. أي 
                    
يوم فتح باب زيكولا.. 
                    
وصمت قليلا. وضرب صخرة بفأسه.. ثم أكمل حديثه : 
                    
لعبة الزيكولا تكون أمام الجميع.. وهي ببساطة؛ قرص خشي يدور بسرعة 
                    
معينة، وبه ثلائة أسهم تنطلق من ذلك القرص.. ويقوم نحاتو زيكولا بنحت تمثال 
                    
لكل فقير من الفقراء الثلائة.. ويوضع هذا التمثال على بعد أمتار أمام قرص 
                    
السهام.. وعلى كل فقير أن يختار ثلاثة أماكن بتمثاله ي يحميهم من السهام.. 
                    
- من يصيبه أكبر عدد من السهام يكون هو الفقير المختار.. وهكذا لا يظلم أحد 
                    
ي زيكولا. 
                    
فسأله خالد: 
                    
"ومين اللي اخترع اللعبة دي؟ 
                    
ود يامن، 
                    
- لا أعلم، فقد وجدناها منذ ولدنا.. إنا تجعل كل فقير مسنوللا عن حياته وعن 
                    
قدره.. ريما يكون هناك فقير قد أختير أياما كثيرة من أيام زيكولا.. ولكنه ينجح في 
                    
اجتياز لعبة الزيكولا.. وهذا قدره. 
                    
فقاطعه خالد: 
                    
- ي سهلة اللعبة دي؟ 
                    
- في الحقيقة أراها أسهل ما يمكن.. والكثير منا يتنبا بالأماكن التي تصييها السهام.. 
                    
ولكن حين يصيبك الفباء فإئك لا تستطيع تحديد تلك الاماكن.. وتحمي مناطق 
                    
أخرى من تمثالك.. ثم تابع؛ 
                    
- عليك أن تحافظ على ذكائك حتى تجد كتابك وترحل عن هنا.. ولذا هيا.. واصل 
                    
عملك.. ثم ابتسم وأكمل: 
                    
- ما رأيك في منافسة كبيرة في تكسير الصخور أيها السعيد. 
                    
108 
                    
مرت الأيام يوما بعد يوم.. وخالد يذهب إلى عمله لتقطيع الأحجار.. ويعود إلى 
                    
البحيرة ليلا. ويجلس أمامها لبعض الوقت ثم يغلبه النعاس متأثرا بإرهاقه.. أما 
                    
أسيل فكانت تواصل عملها في مداواة المرضى.. ثم تعود إلى غرفتها، وتظل تنظر إلى 
                    
السماء عير شرفتها.. تبحث عن ذلك النجم.. أسيل.. وعمدت ألا تذهب إلى البحيرة 
                    
في تلك الأيام حتى تتأكد من حقيقة مشاعرها تجاه خالد.. ورغم الصراع الذي كان 
                    
يشتعل بداخلها ما بين الرغبة في الذهاب إلى هناك أو المكوث بحجرعها.. إلا أنها 
                    
فضلت البقاء بحجرقها.. حتى مر الأسبوع، وجاء يوم ذهابها إلى المنطقة الجنوبية.. 
                    
فاتجهت بعريتها إلى البحيرة حيث كان خالد في انتظارها.. فسألته في ابتسامة؛ 
                    
- مساعدي.. هل أنت مستعد للعمل؟ 
                    
فابتسم خالد؛ 
                    
ركب خالد العربة مع أسيل.. وبدأت العربة في التحرك فسألته بعدما وجدت بعض 
                    
الأورق تظهر بين أغراضه: 
                    
- م 
                    
فابتسم خالد: 
                    
- فكرت إني أسجل بعض الأحداث هنا في زيكولا.. 
                    
فابتسمت وسألته: 
                    
- وماذا تد؟ 
                    
- في الحقيقة مكتبتش إلا حاجات قليلة. 
                    
فجذبت أسيل الأوراق.. وقالث؛ 
                    
109 
                    
- سأرى ماذا كتبت حتى الأن.. 
                    
حتى وجدت تلك الكلمات التي كنيها عنها خالد.. وأنها حورية زيكولا فاحمر وجهها.. 
                    
ونظرت إليه بطرف عينها دون أن تنطق.. فشعر خالد بالحرج بعدما قرأت كلماته 
                    
وضحك مداعبا لها: 
                    
- لا.. دي أسيل نجمة السما.. فضحكت ثم قالت؛ 
                    
- إنني لم أقل شيئا.. ثم صمتت.. وبدأت تقرأها من جديد.. وظلت تقرأها. وتكررها 
                    
أكثر من مرة في سرها.. حتى قاطعها خالد: 
                    
- أنا عرفت عن لعبة الزيكولا .. 
                    
فسألته: ألم تكن تعرف عنها حتى الآن؟ 
                    
رد خالد؛ لا.. اللي كنت أعرفه إنك مسئولة عن اختيار أفقر ثلاثة بالمدينة.. 
                    
أسيل: نعم.. فأنا طبيبة الحاكم .. 
                    
فسألها خالد: انتي بتعرفي الأفقر ازاي؟ 
                    
ضحكت أسيل: 
                    
- إجابتي كلمة واحدة: الخبرة.. ثم أكملت ؛ 
                    
- حين ينتي أطباء زيكولا من عملهم.. يتبقى عدد قليل اختار من بينهم الأفقر.. قد 
                    
يكون هناك المريض حقا. وبالطبع إن شككت بذلك، أعدته إلى دياره. ولي الحق في 
                    
ذلك دون أن يراجعني أحد.. أما الفقراء فشحوبهم مميز.. وأستطيع بخبرتي أن أميز 
                    
الأفقر منهم. 
                    
فسألها خالد: 
                    
- وهنا الفقير بيكون يمتلك أم وحدة ذاء تقريبا؟ 
                    
IIO 
                    
- إنها مسألة نسبية.. قد يمتلك شخص عشر وحدات، ويكون هناك من يمتلك 
                    
أقل منه.. وقد يمتلك ألف وحدة. ولكنه يكون الأقل فيكون الأفقر.. 
                    
فضحك خالد.. وسألها مجددا: 
                    
انتي تقدري تعرفي أنا أمتلك كام وحدة؟ 
                    
فابتسمت أسيل ثم وضعت يدها على جبينه.. ثم ردت ؛ 
                    
- تمتلك ما يين ثمائمانة وتسعمانة وحدة.. 
                    
فنطق خالد خانفا: 
                    
ابتسمت أسيل ي تطمئنه: إنه ليس بالقليل.. 
                    
- ولكن الكل هنا بيقول عليا غمي.. 
                    
- نعم.. ولكن هنا من يخبرك بأنك غني يعني فقط أنك لست فقيرا.. 
                    
- عادة الفقراء هنا يمتلكون مائة وحدة أو أقل.. وعليك أن تتخيل كيف يصلون 
                    
إلى تسعمائة وحدة إن كانوا يوفرون باليوم بعد احتياجاتهم الضرورية وحدة أو 
                    
وحدتين.. قد يحتاجون عاما أو اثنين أو ثلاثة ي يصلون إلى ذكائك. في الوقت الذي 
                    
تكون أنت به قد ضاعفت ذكاءك. وأصبحت تمتلك ضعف تلك الوحدات إن 
                    
عملث بجد في تلك الفترة من الزمن.. وهكذا تظل غنيا في نظرهم.. 
                    
فتذكر خالد شينا وسألها: 
                    
- ولكن الفقير اللي ذيع المرة اللي فاتت كن بيمتلك بيت ضخم.. ازاي يكون فقير؟ 
                    
وان ممكن يبيعه مقابل ثمن كيير؟! 
                    
ردت أسيل: ريما حاول أن يبيعه بالفعل.. ولكن ماذا لو لم يتقدم أحد لشرائه.. 
                    
بالطيع سيفقد فيمته وقتها.. ثم اكملث؛


                            

          
                

حين يقترب يوم زيكولا يخشى الجميع أن يفرطوا في وحدة واحدة من ذكاسم.. ريما 
 
إن علموا بخير مولود الحاكم فلن يشتري أحد أي شيء حتى ذلك اليوم.. 

بعدها سألها خالد مداعبا لا: 

وأسيل الجميلة تمتلك ام وحدة؟ 

ضحك أسي 

أسيل تمتلك الكثير.. أكثر مما تتخيل.. 

مر الوقث. وسانق العرية يأمر الحصان أن يسرع وخالد وأسيل يكملان حديمما 

يداخل العرية. حتى وصلث العرية إلى المنطقة الجنويية. ونزل خالد من العرية 

حاملا أغراضه وحقيية أسيل.. فوجد تلك المنطقة تختلف عن المنطقة التي يقلن 

يا وعن منطقة العاكم. فلأنن مانا صغيرة. تتكون من مطابق واحد.. وئث 

المبالي فليلة ومتلاصقة.. والشوارع يا الكلير من الأحصنة والحمير. وما لتج عن 

ذلك من روث الحيوانات.. لم نظر فوجد آلات زراعية قديمة.. حتي تحدثت أسيل 

فانلة: 

لا تندهش.. إنها المنطقة الجنوبية، منطقة الزراعة بزيكولا.. الجميع هنا 

مزارعون ويعملون بأراضيهم.. ويمدون زيكولا بالفمح والأرز وبافي المحاصيل.. وكل 

أنواع الفاكهة ثم أكملت: 

اليوم ستساعدني.. لن تستمع بالراحة كبوم منطقة الحاكم.. 

فابتسم خالد: 

112 

سارت أسيل ومعها خالد يحمل حقيبتها في أحد شوارع تلك المنطقة.. ثم دخلا أحد 

البيوت.. وكان كبافي البيوت؛ مكونا من طابق واحد لا أكثر.. وهناك استقبلتهما 

سيدة تقترب من الخمسين من عمرها ثم صحيتما إلى حجرة بالبيث حيث كان 

يرقد زوجها، وسافه اليسرى مضمدة. فنظرت أسيل إلى خالد: 

خالد.. أريدك أن تساعدني بأن أبدل له تلك الضمادة دون أن أحرك الجبيرة أو 

أسبب له أ.. 

فأوما برأسه ثم قام برفع قدم هذا الرجل وثبها على ذراعيه. وبدأت أسيل تفك 

الضمادة القديمة. وخالد ينظر إلى ما تفعله حتى أخرجث ضمادة جديدة من 

حقيبها. ثم أخرجت مادة عشبية خضراء اللون ولزجة ووضعث القليل مها على 

ساق هذا الرجل لم بدأت تلف الضمادة حول جييرة ساقه.. وسألها الرجل 

« متى أعود إلى عملي؟ 

ا 

إن عخام سافك لم تلتدم بعد. إها مازالت تؤلمك. أليس كذلك؟ 

رد الرجل؛ بلى.. ولكن يجب أن أعمل. لم أعمل منذ شهر.. وأشعر أن لروتي تقل.. 

علي أن أعوض ذلك.. 

أسيل وفد ابتسمت: عليك أن تصمد حتي تلتنم عظامك ثم تعوض ما فاتك من 

عمل في أيامك القادمة ونظرت إلى خالد: 

هل رأيت يا خالد كيف ألف تلك الضمادة؟ 

خالد؛ أيوة.. دي سهلة.. 

أسيل: حسنا.. عليك أن تكملها حتى أعود إليك.. هناك فتاة مريضة سأطمئن على 

حالها وأعود.. 

خالد وقد تحدث مثلها: حسفا.. 

113 

بعدها طلب خالد من الرجل أن يلبت فدميه في وضعهما.. لم بدأ يكمل لف 

الضمادة حول سافه كما كانت تفعل أسيل فرأته أسيل يفعلها ببراعة فتركته. 

وغادرت كما أخبرته.. وظل خالد مع الرجل المصاب يلف الضمادة حتى انتى.. ثم 

سأل الرجل : 

انث عايش مع زوجتك فقط؟ 

رد الرجل: نعم.. 

خالد: وأولادك فين ؟! 

رد الرجل في حزن: 

إسم كبار الآن.. لقد تركوني بعدما فسمت عليهم أرضي.. 

خالد في دهشة: فسمت عليم أرضك؟ 

الرجل: لعم.. فقد أجيروني على ذلك وتعدوا علي اكثر من مرة.. وأقسموا أن 

يفتلوني إن لم أعطم تلك الأرض. لم تايع؛ 

إسم مثلنا يخشون الفقر.. وبعدما أخذوا ما أرادوا تركوني.. 

فعس خالد إلى نفسه؛ 

-لا رحمة في زيكولا. 

حى فوى بامرأة تدحل فجأة وتصرخ سالة؛ 

أين الطبيبة أسيل.. أن الطبيبة أسيل .. 

رذ خالد : 

إنها ستأتي بعد فليل.. لماذا تريديها؟! 

أجابت المرأة وهي تبي: إن ابني فد مرض فجأة.. ويبدو أن مرضه شديد. وأخشى 

أن يموت فبل أن تأتي الطبيبة.. 

114 

فنطق الرجل. وأشار إلى حالد: 

إله مساعدها.. ويبدو أنه ماهر مثلها.. 

فنظر إليه خالد وفد رفع حاجبيه : 

لا.. أنا مشي ماهر.. أنا مشي طبيب.. 

فجذبته السيدة: 

، أرجوك.. سأعطيك كل ما تريد.. أريد أن يعيش ولدي.. 

وظلت تجذبه وتتوسل إليه.. وخالد يحاول أن يفنعها بأنه لا يعرف عن الطب 

شينا.. ولكها لم تصدقه فلم يجد إلا أن يذهب معها ي تهدأ.. ثم طلب من الرجل 

أن يخير أسيلا حين تعود - عن مكانه.. 

ذهب خالد مع تلك المرأة. والتي كانث تجري حافية الفدمين.. وتجز خالد وتصرخ؛ 

لفد ان صحيحا. إنه لم يمرض من قبل.. 

حتى وصلا إلى بيها. والذي كان بسيطا. وبوجد بمنتصفه حوضن كبيز ملية بالماء.. 

لم دخلا إلى حجرة صغيرة كان يرفد يا الطفل فاقدا وعيه على سرير صغير.. 

وخالد لا يعلم ماذا يفعل ويحاول أن يقول إنه مازال مساعدا جديدا لأسيل. 

ولكبها لا تدع له فرصة أن يقول شينا. وتصرخ: إن ابني سيموث.. إنه لم يكمل 

العشرة أعوام.. 

ولخالد يقف حائرا.. وينظر إلى الطفل دون أن يتحرك. والمرأة تصرخ؛ 

إله يعمل بجد. لا يسر يوم إلا ويعمل رغم سئه الصفيرة لا به حرارة الشمس.. 

ي ما مه هو عمله.. 

حتى نظر خالد فجأة إلى الطفل حين سمع صرخات أمه.. وتذكر أن شمس هذا 

اليوم أنث شديدة.. وافئرب من الطفل فوجد جلده جاف للغاية.. وحين لامس 

115 

جيينه وجده ساخنا بشدة. ووجد الطفل ذي بكلمات غير مفهومة.. فقام 

يحمله، والجه به إلى ذلك الحوض الذي يوجد بمئتصف البيث. ووضعه يه 

بملايسه. واندهشث أم الطفل مما فعله خالد ولكها تركته يمضي فيما يعمله 

حتي سألها 

فيه مياه أبرد من مياه الحوض؟! 

فردت؛ لا.. ولكنئي فد اشتري ماء باردا من جيرالي.. لم خرجت مسرعة فأكمل خالد 

عمله. وأخرج الطفل من الماء ثم وضعه مرة أخرى به.. حتى عادت أمه، ومعها من 

تحمل أوعية بها ماء بارد. وسكبته بالحوض.. لم أمرها أن تقوم بفتح نوافذ البيت؛ 

أريد أن يدخل الهواء البارد إلى هنا.. 

فأسرعت الأم إلى النوافذ تفتحها بعدها أخرج الطفل من الماء وجزده من ملابسه.. 

ووضعه على أرضية باردة، وتركه لفترة ولا يعلم ماذا يفعل غير ذلك.. وهل ما فعله 

مر بعض الوقث، وخالد ينتظر أن تأتي أسيل.. ولكها تأخرت. وظل هو بجوار 

الطفل والذى مازال فاقدا لوعيه. وأمه مازالت تصرخ.. ويحاول أن يدأ من 

روعها. ولكنه فشل في ذلك. حتى أتث أسيل. ووجدت خالد يجلس على ركبيته 

بجوار الطفل الذي يرفد عارئا على أرضية الحجرة. فسألته في لهفة؛ 

• ماذا فعلث؟.. لماذا تضعه على الأض هكذا؟!.. وماذا بلل هذا الفتى؟) 

ان سخن جدا. وشكيت إنه تعرض لضرية شمس.. 

فيدأت أسيل تفحص الطفل والأم مازالث تبى بجوارها.. حتى فوجنث بالطفل 

يفتع عينيه. وييحث عن أمه فيل أن تقوم أسيل بعمل أي شى. فوضعث أسيل 

116 

يدها على جبينه. لم سألث خالد. هل انث حرارته مرتفعة عن ذلك؟.. فوضع 

خالد يده فوجد حرارته فد انخفضت ولم بعد ساخنا كما كان.. فابتسم فرحا؛ 

•أيون سخن عن كدة كتير.. 

فابنسمث أسيل لم نخظرت إلى أمه؛ 

- إله بخير الأن.. 

لم ألحرجت زجاجة من حقييها وأعملها لأمه وأمرنها بأن تعطيه منها كل يوم حتى 

يصبح صحيخا.. فشكرتها على ذلك لم اتجهت إلى خالد وشكرته.. وأخبرته بأنه 

طبيب بارع فضحك خالد : 

أنا مشي طبيب.. صدفيتى.. 

«كم تريد؟ 

رذ خالد؛ لأ.. أنا مش عايز حاجة.. ثم نظر إلى أسيل : 

أعط أجر الطبيبة فقط.. 

فقالت أسهل، 

لا. أنا لن أخذ شيئا سوى ثمن الدواء. أما غير ذلك فهو لك.. لسث أنا من 

فابتسم خالد: 

وأنا مش عايز أي مقابل.. كفاية إنك اشتريتى الميه الباردة. 

فشكرته السيدة مجددا.. لم تأملته لبعض الوفث. وظلث صامتة حتى اندهش 

خالد. وغادر بعدها مع أسيل. والتي سألته: 

117 

خالد.. هل أنث طبيب؟! 

ضحك خالد: لا.. والله.. 

فسألته: كيف؟!. في المرة الأولى أنقذت الفتى من الغرق وقلت إنا دورة إسعافات.. 

واليوم ريطت الضمادة بيراعة. ثم أنقذت طفلا أخر. لم أكن أستطيع فعل ما 

رد حالد؛ 

هي الصدفة فقمط لا غير. أنا كنث صغير وكنث بلعب مع أصحاي.. وفجأة ولد 

أغن عليه مننا. وكان سخن زي الطفل ده.. ووفتها شفت الطبيب وهو بيعمل شه 

اللي أنا عملته كده. وقال إنها ضربة شمس.. فلما لفيت الهارده الطفل. وأمه 

فالث بالصدفة إنه بيعمل في الشمس.. افتكرت نفس المشهد القديم في بالي.. ولما 

اتأخرتي فررت إلي أغامر لحد ما تيتي.. وقلت لنفسي أكيد مش هخسر حاجة 

بالعكس يمكن الدقائق دي تفرق في حياته.. والحقيقة مكننش عارف النتيجة.. 

لكن التوفيق كان معايا والولد فاق فعلا.. 

صمتت أسيل ثم فالت مبتسمة: 

يعجبئي ذكاؤك يا خالد.. اليوم أثبت أنك خير مساعد لي.. ولكن لماذا لم تأخذ 

أجرك هنا أيضا من السيدة. وأنت تستحق ذلك.. 

ابتسم خالد: ده عمل خير. وكان لازم أعمله، مشى كل حاجة لارم آخد مقابل لها.. 

هي زيكولا مفيش فيها حد يعمل خير أبدا. 

ضحكت أسيل وأكملث : 

•ن يجب أن تأخذه. فإنك فد استخدمث ذكاءك. والذكاء ثروتك، وحين تفكر 

يذكاء بالطيع يأخذ من تلك الثروة. 

فابلسم خالد؛ 

118 

أنا عرفت ليه مفيش حد بيفكر في زيكولا.. ولكن أنا مش محتاج مقابل لإنقاذ 

إلس 

فقالت أسيل مبتسمة؛ حسنا. يمكنك أن تذهب الأن لتبحث في تلك المنطقة عن 

كتابك.. وأنا سأزور بعض المرضى من السيدات ثم أنتظرك في العرية حتى نعود.. 

يدأ خالد بحثه في تلك المنطقة. واندهش حين تذكر حديث يامن عن كنر زيكولا.. 

فمناطقها ليسث كبيرة كما صؤرها له ولكبا تحتاج ففط إلى وسيلة تنقله من 

منطقة إلى أخره. 

نث المنطقة الجنوبية تمتاز بكثرة الأراضي الزراعية. والتي مر علها خالد. ورأى 

المساحات الشاسعة المزروعة بالفمح. ومحاصيل أخرى. واندهش كيف تكون 

تلك الزراعات بالأراضي الصحراوية).. ولكنه تذ كر شيئا هافا لم يغفله وهو عمل 

أهل زيكولا الذي يجعلهم يزيلون جبلا إن أرادوا حتى لا يذبحوا.. وبدا يسأل الناس 

عن ذلك الكتاب، وعن الشخص الذي يشيهه ولكنه يكبره سنا.. ولكنه كما توقع.. 

كلما سأل أهدا لم يجبه. ولم يعرف عن أي كتاب يتحدث.. وسخر منه البعض 

حين سمعوه يسألهم عن ذلك الكتاب.. ولكنه لم يستسلم لليأس. وواصل سؤاله 

لكل من يقابله.. وسأل من يعملون بالأراضي عن الكتاب وعن صاهبه، ولكنهم لم 

يعرفوا أيضا.. حتى جلس أسفل شجرة. وأخرج أور افه وفلمه من أغراضه.. وكتب 

في أعلى الصفحة : 

المنطقة الجنوبية.. 

ثم كتب أسفلها؛ 

يبدو أن المنطقة الجنوبية هي الأخرى لا يوجد يهاذلك الكتاب أو صاحبه.. ولا يعلم 

أحد من أهلها عن سرداب فوريك.. أما ما أدهشي في تلك المنطقة هو اهتمامها 

المميز بالزراعة.. وعدم اهتمامها بغيرها.. 

119 

هنا كبافي مناطق زيكولا التي رأيها.. الكل يعمل بجد، ولا يضيعون وقتهم.. 

فصنعوا من الصحراء تربة خصبة. وهذا ما جعلتي أعرف لماذا لا تحتاج زيكولا أن 

يفتع سورها.. إنها تعتمد على أبناء زيكولا في كل شيء. ولا تعتمد على البلاد الأخرى 

في شيء. هئا المنطقة الجنوبية تنتع المحاصيل الزراعية الي تكفي زيكولا.. 

والمنطقة الشرقية التي أفطن با تمتاز بالصناعة. وخاصة الصناعات التي 

تحتاجها زيكولا مثل صناعة الطوب للمباني. وصناعة الملابس. وصناعات أخرى.. 

والمنطقة الغربية كما أخبرني يامن توجد يهاسوق كبيرة يمكنك أن تشتري أي شيء 

من صناعة وإنتاج أبناء زيكولا.. 

امم يحققون انتفاء ذاتيا في كل شي، بسبب عملهم. وخوفهم من الفقر.. وهذا ما 

جعلهم يشعرون بأن زيكولا أفوى البلدان الموجوة في هذا العالم.. وأعتقد أنتي 

أوافقم على ذلك.. فقومم تعني عدم اعتمادهم على أحد. حتى توفف عن 

الكتابة حين وجد السيدة التي أنقذ طفلا تقترب منه.. فاندهش من ذلك. حتى 

افتريت وسالته: 

هل تبحث عن رجل طويل وعريض مللك. ولجته غريية مللك أيضا. ولكنه اكبر 

سا 

فأجابها خالد في لهفة: 

لعم.. ائتي تعرفيه؟ 

أكملت السيدة : 

لقد ذكرتي اليوم بيوم مز منذ أعوام طويلة.. كنت وقتها في السابعة عشرة من 

عمري. وكنت أعمل بالمنطقة الشمالية.. حتى فابلت رجلا يشيك. ولهجته مثل 

لهجتك. وزوجته كانت تختلف عن نساء زيكولا.. وفدم إلي معروفا مثلما فعلت 

اليوم.. وأفنعتي بأن أعود للعمل هنا. 

فسألها خالد في لهفة: 

120 

يعثي هو في المنطفة الشمالية؟ 

ردت؛ لا أدرى أين هو الآن.. لكنه كان هناك منذ عشرين عاما.. أتمنى أن تجده 

ثم ابتسمت وأكملت؛ 

حين انهيت من إنقاذ ولدي تذكرته حين رأيتك.. وبعدما غادرت أخبرني رجل بأنك 

تبحث عن رجل غريب به تلك الصفات. ولكنك سألث الكثير ولم تسالي أنا.. 

فقال مالد: 
 
أنا من خوفي على ابنك نسيت أسألك. ثم سألها؛ 
 
انتي متأكدة من كلامك عن الرجل ده؟ 
 
أجابته: أجل.. إنني أتذكره جيدا.. 
 
فاكمل خالد؛ ن معاه كتاب يتكلم عن سرداب فوريك؟ 
 
ردث؛ لا أدري.. فقد فلث لك عما أعرفه. ولكن نصيحتي لك لا تضيع وقتك 
 
بالبحث هنا.. هنا الجميع يعملون بالزراعة ولا يحبون الكنب أو القراءة.. وأنا 
 
أعرف جمع سككن تلك المنطقة ولا يوجد بيهم من يمتلك صفات الرجل الذي 
 
تقصده.. أتمنى أن يكون هو من أحيرتك عنه.. 
 
فابتسم خالد؛ 
 
شكرا ليي.. أنا مش عارف أشكرك ازاي.. 
 
ابتسمث؛ لست أنا من يستحق الشكر.. إن لم تفعل ما فعلته مع طفلي في الصباح 
 
أعتقد أنتي لم أكن لأترك ابني مريضا. وأبحث عنك حتى أجدك لأخبرك بهذا.. 
 
121 
 
فابتسم خالد ثم استأذن منها، وغادر مسرعا إلى عربة أسيل.. يجري فرحا، يريد 
 
أن يبلغ أسيل بذلك الخبر، وذلك الأمل الذي سطع من جديد.. حتى وصل إلى 
 
العربة فلم يجد أسيلا بها.. 
 
ظل خالد في انتظار أسيل.. ويشعر قلبه بقرب خروجه من زيكولا، ويتذكر كلام 
 
تلك السيدة ويبتسم، ويحدث نفسه بتلك الصدفة، وأن تكون من تخبره بذلك 
 
سيدة أنقذ طفلها من الموت.. ثم فكر في ذلك الرجل الذي يشبهه، وزوجته كما 
 
قالت السيدة، وأنها تختلف عن نساء زيكولا.. هل هي أمه؟.. هل تتحقق أحلامه 
 
ويجدهما في زيكولا؟ 
 
يشعر بأن حديث تلك السيدة يؤكد ظنونه.. ثم يعود ليسأل نفسه.. هل يجدهما 
 
هناك بعد عشرين عاما، أم يكون الحظ عاثرا تلك المرة هي الأخرى.. حتى وجد 
 
أسيلا تقترب من بعيد، وتحمل حقيبتها فأسرع إليها.. وأخذ منها الحقيبة، وسار 
 
أية.. ثم نطق سعيدا: 
 
١٢٢ / ٢٨٨ 
 
- أسيل.. « تميت أمل جديد.. ثم أخبرها بما أخبرته به أم الطفل.. واختتم حديثه 
 
حين ركبا العربة، وسألها: 
 
- إحنا هنروح المنطقة الشمالية إمتى؟ 
 
فصمتت أسيل قليلا ثم نظرت إليه، وقالت: 
 
- أنا لا أذهب إلى المنطقة الشمالية..

الفصل الثالث عشر


اندهشي خالد وسال أسيلا على الفور؛ 
                    
-لا تذحي؟١!.. ليه؟! 
                    
صمتت أسيل مجددا.. لم نظرت عبر نافذة العربة التي بدأت في التحرك، وكأضا 
                    
تتذكر شيئا ثم نظرت إلى خالد. وتحدئت بصوب هادى؛ 
                    
-لفد أعطيت وعدا من فيل بألا أذهب هناد. 
                    
وعد؟ 
                    
ردث أسيل؛ لعم. تذكر أني أحيرتك بأني دحلث إل زيكولا يين الأسرى والعييد حتى 
                    
اشترالي رجل حكيم علمني الطب.. فأوما خالد برأسه موافقا دون أن يتحدث.. ثم 
                    
-كن هذا الرجل يعاملني ينته. وبخشى علي من كل مي.. حتى أحيرته ذات يوم 
                    
أنيي سأذهب إلى المنطفة الشمالية ي أداوي أحد المرضى حين طلب مني أهد 
                    
الأشخاص ذلك.. ففوجنت به يرفض بقوة. وطلب مني أن أعده بألا أذهب هناك 
                    
طيلة حيالي.. فوعدنه يذلك .. 
                    
فسألها خالد: 
                    
- وإيه السبب؟! 
                    
123 
                    
فاجابت؛ حين سألنه عن ذلك لم يقل لي سوى أنها أرض كسالى زيكولا.. ولم يخبرئي 
                    
شينا آحر حتى موته.. وأنا مازلت أحافظ على وعدي.. وأنا على يقين أنه محق في 
                    
ذلك. ثم نابعت بعد صمت؛ 
                    
- لم أجد في حياتي من يحبني قدره .. 
                    
صمت خالد مندهشا. وبدا الحزن على وجهه.. وأثر أن يكمل صمته. وكأنه يفكر 
                    
ماذا سيفعل.. حتى ابتسم. وتظر إلى أسيل والتي لم تفارق عيناها نجوم السعاء؛ 
                    
- وأنا مش هكون سبب إنك تخلفي وعدك.. أنا بشكرك على مساعدتك لي الفئرة 
                    
اللي فاتت. وأكيد ملى هطلب منك أكتر من كده.. 
                    
فردت أسيل في ابنسامة هادئة؛ 
                    
- هل ستذهب الى هناك؟ 
                    
فايتسم؛ 
                    
أكيد.. لارم أذهب.. 
                    
فايتسعت أسيل مجددا؛ حسنا. أتمنى أن نحد كتابك هناك.. ولكن إن لم نجده 
                    
فعليك أن تعود إلي.. أفصد إلى العمل معي على الفور.. أين أجد مساعدا في 
                    
مهارتك؟ 
                    
أرجع مصر هشئغل دكتور.. 
                    
ضحكت أسيل. وواصل خالد مداعيته لها. وأكملا حديهما عن أرض زيكولا. 
                    
وعن الطفل الذي أنقذه من ضربة الشمس. والرجل المصاب الذي ضريه أبناؤه، 
                    
وأخذوا أرضه.. حتى وصلت العرية إلى البحيرة فنزل خالد. ووذع أسيل التي سألته: 
                    
- مي ستذهب إلى المنطقة الشمالية؟ 
                    
فصمت مفكرا؛ مش عارف.. هحاول بكون في وقت فريب.. 
                    
124 
                    
اندهش خالد وسال أسيلا على الفور؛ 
                    
- لا تذهي؟!.. ليه؟! 
                    
صمتت أسيل مجددا.. ثم نظرت عير نافذة العربة التي بدأت في التحرك، وكأنها 
                    
تتذكر شيئا لم نظرت إلى خالد. وتحدلت بصوب هادى؛ 
                    
- لفد أعطيت وعدا من قيل بألا أذهب هناك.. 
                    
- وعد؟ 
                    
ردث أسيل؛ لعم. تذكر أنتي أحيرتك بأني دحلث إل زيكولا يبن الأسرى والعييد حتى 
                    
اشترالي رجل حكيم علعئي الطب.. فأوما خالد برأسه موافقا دون أن ينعدث.. ثم 
                    
- ان هذا الرجل يعاملني بئته. ويغشى علي من كل شيء.. عتى أحيرته ذات يوم 
                    
أنني سأذهب إلى المنطقة الشمالية ي أداوي أحد المرضى حين طلب مني أحد 
                    
الأشخاص ذلك.. ففوجنت به يرفض بفوة. وطلب مني أن أعده بألا أذهب هناك 
                    
طيلة حيالي. فوعدنه بذلك .. 
                    
فسألها خالد: 
                    
- وإيه السبب؟! 
                    
123 
                    
فاجابث: حين سألنه عن ذلك لم يفل لي سوى أنها أرض كسالى زيكولا.. ولم يخيرئي 
                    
شيئا آخر حتى موته.. وأنا مازلت أحافظ على وعدي.. وأنا على يفين أنه محق في 
                    
ذلك.. ثم نابعت بعد صمث؛ 
                    
- لم أجد في حيائي من يحبتي قدره .. 
                    
صمت خالد مندهشا. وبدا الحزن على وجهه.. وأثر أن يكمل صمته. وكأنه يفكر 
                    
ماذا سيفعل.. حتى ابنسم. ونظر إلى أسيل والتي لم تفارق عيناها نجوم السماء؛ 
                    
- وأنا مشى هكون سبب إنك تخلفي وعدك.. أنا بشكرك على مساعدتك لي الفئرة 
                    
اللي فاتت.. وأكيد مشى هطلب منك أكتر من كده. 
                    
فردت أسيل في ابتسامة هادئة؛ 
                    
هل ستذهب إلى هناك؟ 
                    
فايلسم؛ 
                    
- أكيد.. لارم أذهب.. 
                    
فايتسعت أسيل مجددا؛ حسنا.. أتمنى أن تجد كتابك هناك.. ولكن إن لم نجده 
                    
فعليك أن تعود إلي.. أفصد إلى العمل معي على الفور.. أين أجد مساعدا في 
                    
مهارتك؟! 
                    
فضحك خالد؛ 
                    
- أرجع مصر هشتغل دكتور.. 
                    
ضحكت أسيل. وواصل خالد مداعيته لها.. وأكملا حديهما عن أرض زيكولا. 
                    
وعن الطفل الذي أنقذه من ضربة الشمس، والرجل المصاب الذي ضربه أبناؤه. 
                    
وأخذوا أرضه.. حتى وصلت العربة إلى البحيرة فئزل خالد. ووذع أسيل التي سألته؛ 
                    
• متي ستذهب إلى المنطقة الشمالية؟ 
                    
فصمت مفكرا؛ مش عارف.. هحاول بكون في وفت فريب.. 
                    
124 
                    
ان اقراه.. ثم امرث سائق العرية ان يتحرك فضحك خالد ئم اتجه إلى الشجرة التي 
                    
يجلس بجوارها دالما.. 
                    
ظل خالد كعادته يفكر.. يفكر فيما أخيرته به أم الطفل وذلك الرجل الذي يشهه. 
                    
ويتذكر الصورة التي أعطاها له جده يوم نزوله السرداب وضاعت مع أغراضه 
                    
هناك.. صورة أبيه وأمه.. تداعبه أحلام اليقظة يأن يعود مرة أخرى إلى بلده ومعه 
                    
أبوه وأمه بعد سنوات كثيرة.. ويينسم حين يتخيل فرحة جده يذلك. والتي قد 
                    
تفتله.. لم يعود ليتذكر حديث أسيل.. وذلك الوعد الذي أعطته بألا تذهب إلى 
                    
المنطقة الشمالية. وقولها بأسا أرض الكسال.. ويسأل نفسه متعجبا.. كيف 
                    
يعيش الكسال بزيكولا؟/.. حتى غليه النعاس بعدما حل به إرهاق ذلك الهار.. 
                    
من الليل سريغا.. وأشرقت الشمس. وهض خالد من نومه. وقرر أن يذهب كعادته 
                    
إلى عمله مع يامن.. يريد أن يعلم الكثير عن المنطقة الشمالية.. حتى وصل إلى 
                    
هناك، وزاد ضيقه حين وجد من يأهذون منه وحدلي كل يوم. فأعطاهم ذلك. لم 
                    
أكل سيره حتى وجد يامثا الذي ساله على الفور ؛ 
                    
هل وجدت نابك؟ 
                    
فرد خالد : 
                    
- للأسف لسه.. يس فيه أمل إلي ألافيه. فيه امرأة قالت لي إها فابلت رجل له 
                    
نفس صفات صاحب الكتاب عن عشرين سئة. 
                    
يامن في دهشة: عشرون سنة ١٢.. وثريد أن تجدها 
                    
125 
                    
هو صعب. يس لازم أتعسك يأي خيط يدلي على الكتاب. عشان كده لارم أرو ع 
                    
المنطقة الشعالية.. 
                    
فاندهش يامن مجددا 
                    
• المنطقة الشعالية؟9 
                    
عالد؛ أيوة.. ثم سأله؛ 
                    
•الث وعدث حد انث بان إك متروحش هناك؟! 
                    
فضحك يامن؛ 
                    
- لا. لقد لأهيث إل هناك مرة من قيل.. أتمى إن ذهيت إل هناك أن نعود سريعا. 
                    
فزادت الحيرة على وجه حالد، 
                    
- إيه اللي هناك؟! 
                    
فجلس يأمن لم جلس خالد بجواره. حتى لحدث يامن؛ 
                    
- أهل زيكولا يعلمون أن تلك المنطقة تختلف كثيرا عن بافي مناطق زيكولا.. 
                    
فسأله خالد، وكأنه لا يفهم شيئا ازاي؟! 
                    
أكل يامن؛ سأهبرك.. أرض إيكولا هي أرض العمل. الجميع هنا يعملون 
                    
ويكسبون أجورهم مقابل عملهم.. أما تلك المنطقة فإنا تجمع كسال زيكولا.. 
                    
ولهذا ستجد صعوبة حين تذهب إلى هناك.. عليك أن تسأل كل شخص لأن 
                    
الكثيرين مبم لا يعرفون بعضم.. لم ألهذ نفشا.. وأحرج زفيزا. وأكمل: 
                    
إمم لا يعملون مثلنا.. إسم يكسبون أجورهم بأعمال أخرى.. لم صمث وأكمل؛ 
                    
ستجد أهلها فنتينP القنة الأولى من الأثريا، الكسالى الذين ورثوا الكثير من 
                    
الذك،.. الكلير من اللروة التي تجعلهم بعيشون أثريا،. وينفقون ببذخ حتى 
                    
•ف نرق فؤلا1، واسار إلى هن ياكذون نلك الوحدات مقابل حمايشم.. 
                    
فرذ حالد؛ أيوة.. 
                    
فاكمل يامن : 
                    
٠ إهم من المنطقة الشمالية التي تريد أن تذهب إليها.. هم يعيشون هناك هكذا.. 
                    
فضلوا أن يستغلوا فوقم في كسب لروعهم. فانتشروا في بافي أراضي زيكولا.. أما 
                    
الئساء هناك فالن استغلال جعالهن.. 
                    
لم صمث، و نظر إلى حالد وأكمل ؛ 
                    
أنت تعلم كيف تجني امرأة ثروة من جمالها دون نعب.. وخاصة وأن هناك 
                    
الكثيرين من الأثرياء الكسال.. إنها أرض الرزيلة يا صديقي.. 
                    
صعث خالد حين سمع ما قاله يامن. وابتسم حين تذكر وعد أسيل وأها على حق 
                    
لي ذلك لم زادت ضربات فليه حين تذكر أن صاحب الكثاب.. أباه. لهد يكون بتلك 
                    
المنطقة.. حتى قاطع يامن تفكيره؛ 
                    
- إمها بعيدة عن هنا كثيزا.. فكيف ستذهب إلى هناك.. أم الطبيبة سنساعدك.. 
                    
رد حالد؛ 
                    
لا.. أسيل ساعدئتي بعا فيه الكفاية.. قولي يا يامن. منين أفدر أستأجر حصان 
                    
فوي لمدة تلات أيام.. 
                    
فأجاب يامن؛ 
                    
- ثلالة أيام فد تكفك قرابة الخمسين وحدة.. 
                    
١٢٨/ ٢٨ 
                    
فاكمل حالد؛ 
                    
• مش مهم.. أثا هقدر أعوضهم بعد كده.. أنا قررت إلي هروع بكرة المنطقة 
                    
الشمالية.. عاوز أستغل كل يوم هنا لفي زيكولا.. 
                    
فابتسم يامن؛ 
                    
- حسنا. دعي أوفر لك حصانا قويا. وسأرشدك نحو الطريق إلى المنطقة 
                    
الشمالية. وأتمى أن تجد كتابك هناك.. ثم حمل فأسه. وقال لخالد؛ 
                    
- هيا، علينا أن لعمل اليوم كليزا بعدما أضعنا الكثير من الوقت في الحديث. 
                    
في صياح اليوم التال. الجه يامن إل شامل البحيرة، ومعه الحصان القوي الذي 
                    
وعد خالد به.. حتي وجده هناك فابتسم خالد حين رأه ومعه ذلك الحصان. 
                    
وشكره كثيرا على ذلك ثم حمل أمتعته. واحتضن يامنا، وضحك؛ 
                    
هشوفك فربم 
                    
أرجو أن نعيد الحصان صحيحا. إلي أتحمل مستوليته حتى نعود.. لو علم 
                    
صاحيه ألك ستذهب إل المنلفة الشمالية لما أعطالي حمارا.. فضحك خالد ثم 
                    
امتط ظهر الحصان.. واد يأمره أن يتحرك حتى صاح يامن؛ 
                    
- انتظ 
                    
ثم أخرج ورقة بيضا، رسمت عليا بعض الخطوط السوداء. وتحدث إلى خالد؛ 
                    
- تلك خطوط بدانية رسمتها للطريق نحو المنطفة الشمالية.. ثم أشار إلى حط 
                    
أسود طويل يخرج من مريع قد رسمه؛ 
                    
- هذا المريع هو منطقتئا.. وهذا الخط هو الطريق الذي لسلكه حين تخرج من هنا 
                    
بعدها أمر خالد حصانه أن يتحرك.. وبدا يتحرك بيط، حتى أسرع رويدا رويدا في 
                    
طريقه إلى بيت أسيل. وكاد يصل بيها حتى رأى عريتها نسير مبتعدة عنه، فأسرع 
                    
بحصاله إلى العرية.. وسار بجوارها لم ضحك حين وجدها تجلس بالعرية شاردة 
                    
الذهن. ولا تراه فظل يسير بجوارها دون أن يتحدث حتى نظرت إلى جانها عبر 
                    
النافذة ففوجئت به علي حصانه، فضحكت وحدئئه: 
                    
مثذ متى تسير بجوارنا؟! 
                    
من بدري.، با نرى بتفكري ي إيه؟ 
                    
ابنسمث؛ لا مي،.. إنني أشرد مع نفسي كليرا.. لم نظرت إلى حصائه؛ 
                    
- هل اشئريت حصانا؟! 
                    
فرذ خالد؛ لا.. أنا أجرته.. وزي ما وعدتك إلي أشوفك فبل ما أروح هناك، أنا 
                    
قدامك أهو.. 
                    
ايتسعث أسيل لم سألته؛ 
                    
هل ستذهب إلى المنطقة الشمالية الأن؟ 
                    
فرد خالد؛ أيوة.. 
                    
فصمتت أسيل لم سألته في هدوء؛ 
                    
حالد.. هل ستعود إلى هنا إن وجدت كتابك أو أباك.. 
                    
فتخلر خالد أمامه لم صمت لبعض الوفث. وابئسم؛ 
                    
-أكيد لارم أرجع. لم أكمل مداعبته لها؛ 
                    
129 
                    
د يأمن هيقتلي لو مرجعتش عشان الحصان.. 
                    
ضحكت أسيل. وضحك هالد.. وواصلا تحركهما في طرقات زيكولا.. وحالد على 
                    
حصاله يسير بجوار العربة. وأسيل تجلس ينافذها كمن تجلس أمام نافذة 
                    
غرفها.. حتى وصلا إلى أطراف المنطقة الشرقية.. فقالت أسيل بعدما أشارت إلى 
                    
طريق ممهد؛ 
                    
- هذا الطريق بفودك إلى المنطقة الشمالية.. 
                    
فاينسم لخالد لم تخلر إلها؛ 
                    
أتمى إلي ألافي الكناب وأرجع لهنا في أسرع وفث. 
                    
ثم أمر حصانه أن ينطلق نحو ذلك الطريق.. وأسيل تنظر إليه بيئعا لسير عريتها 
                    
في طريق أهر.. وتبلسم حين تجد شعر خالد الطويل يتطاير مع الهواء. وجسده 
                    
القوى يمتط ذلك الحصان بيراعة. وأنه ولد فارشا.. حتى المحتفى عن أنخلارها 
                    
أغمضت عينيها، وتمتت أن يحقق ما يريده.. أما خالد فواصل طريقه نحو 
                    
المنطفة الشمالية.. يريد أن يصل إلى هناك في وفث فليل.. يحفز حصانه أن يسرع. 
                    
لم يحرج تلك الورقة التي أعطاها له يامن. ويتظر إلها، وإلى خطوطها وبواصل 
                    
سيره مجددا.. وكلما يحل به النعب ينال القليل من الراحة فيوقف حصانه. 
                    
ويرجل، وبشرب الفليل من الماء لم يكمل طريفه نحو تلك المنطقة. 
                    
بدأت الشمس لفي المغيب. وحئ الليل.. حلى وصل خالد إلى أطراف المنطفة 
                    
الشمالية فترجل.. وسار على قدميه، وحصائه يسير بجواره.. واندهشي حين رأى 
                    
بيوت تلك المنطقة وتنؤعها ما يين ما هو فخم للغاية. وما هو متواضع وييدو عليه 
                    
الفقر.. وأكمل مسيره يين شوارع تلك المنطقة.. وزادث دهشته من الصمث الذي 
                    
يسودها حتى زالت تلك الدهشة سريعا حين توغل بشوارعها.. فوجد الكثير من 
                    
الناس يلهون ويمرحون ويئرافصون مع ألغام الموسيفى التي غطث ضواحي تلك 
                    
أحد الأشخاص بجواره يفول لأخر لفد راهنت بخمس عشرة وحدة على هذا 
                    
الرجل. وأشار إلى أحدهما فاندهش حالد. وأكمل سيره.. حتى يدأ يسأل أحد 
                    
الفتيان عن الرجل الذي يبحث عنه فلم يجيه.. وسأل غيره فلم يجيه هو الأحر.. 
                    
وسأل الكثيرين من الناس فلم يجبه أحد.. وظل يسير يين هؤلاء الناس الذين 
                    
ثنيعث من أفواحهم رائحة نتنة. ويترنحون فأدرك أها رائحة خمر.. ويين ضحكت 
                    
فتيات الليل المدللة التي ثعلا كفة الأركن.. حنى جلس بجالب الطريق. وجواره 
                    
حصائه ففوجى يشخص ضخم يأتيه.. ويطلب منه عشر وحداث من الذا، مقابل 
                    
أن يحميه هو وحصانه.. وإلا سيأخذ ذلك الحصان منه.. فصمت خالد فليلا ثم 
                    
وافق وحدثه: 
                    
سأعطيك ما تريد. ووحدثين إضافيتين مقابل أن أترك الحصان عندك حتى 
                    
أعود لآحذه غدا. 
                    
فوافق الرجل وأعطاه خالد الحصان ي بكون أكأر حرية. وواصل جلوسه 
                    
ومرافبئه لأهل تلك المنطقة من بعيد.. حتى مر الليل دون أن يغفو له جفن.. 
                    
في صباح اليوم النالي. ظل هالد منتظزا أن يرى أحدا يسأله، فلم يجد ما أراده.. 
                    
وكأن المدينة أصبعت مدينة المونى.. الشوارع خالية. يسودها صمت رهيب.. 
                    
فسض وبدأ يتحرك، ويتجول بشوارعها عله يجد أحدا.. ولكن دون جدوى، فأكمل 
                    
مسيره حتى جلس بمكان آخر، وأحرج فلمه وأوراقه. وبدا يكنب؛ 
                    
- المنلقة الشمالية. أرض كسال زيكولا. 
                    
ثم كنب تحما؛ 
                    
131 
                    
إها المنطقة الرابعة التي أزورها في زيكولا.. بعد يومي الأول هنا.. تأكدت أسم 
                    
يختلفون عن بافي أهل زيكولا.. هم لا يعملون كما أخيرلي يامن. وحياتهم بالمساء 
                    
كما رأيث بالأمس. 
                    
الكثير منهم ورلوا فلا يعملون، ويمرحون ويشربون ويتراهنون.. أما الففراء منهم.. 
                    
الفتى يجد ثروئه في فوئه فيستخدمها لتحقيق ثروته من الذا،.. والفتاة تجد 
                    
ثروها في أنوثها وجعالها فتستخدم ما تمتلكه في تحقيق ثروة دون عناء. 
                    
ثم صمت مفكرا.. وتوفف قليلا عن الكتابة.. ثم أكمل مجددا: 
                    
- أى ل العين عن كك النطفة سيكونون ضحايا الذيع فريدا، فالقوي 
                    
سيضعف ذات يوم، والجمال غير باي.. 
                    
ثم ضحك. وتوفف عن الكتابة. وحدث نفسه؛ 
                    
يقيت فيلسوف يا خالد.. زيكولا غيزت فيك كنير.. لم أنى كتابته يأن كتب 
                    
إما أضعف مناطق زيكولا.. 
                    
ثم وضع قلمه. وأوراقه مرة أخرى بين أغراضه.. وبدا يتحرك بين شوارع تلك 
                    
المنطقة من جديد.. وضاق به صدره حين وجد نفسه وحيدا بئلك الشوارع . وعلم 
                    
أنه لابد وأن يلنخظر حتى المساء.. 
                    
غربت الشمس.. ويدا الخللام يملا السماء. وأشعلت النيران لتضيء المدينة. ويدا 
                    
الناس يخرجون إلى الشوارع.. وبدأت الموسيقى من جديد، وخرجت الفتيات إلى 
                    
الخارج.. كل فتاة تحاول أن تجذب رجلا إلها.. حتى امتلأت الشوارع بالأشخاص في 
                    
تلك المنطقة التي تواجد بها خالد.. فبدا يسأل هذا وذاك عن ذلك الرجل الطويل 
                    
العريض صاحب الكتاب. وافترب ليسأل كبار السن.. ريعا عرفوه حين ان هنا 
                    
فالتفت هالد ليجد فتاة يشعر أنه قد رأها من قبل.. حتى نذكر أشا الفتاة التي 
                    
فابلها وم زيكولا.. وطليت منه أن يرافقها ورفض.. ولكبا اليوم اكثر عراة.. 
                    
فائدهشي حين وجدها: 
                    
ضحكت الفتاة:- نعم.. أتذكرني؟! 
                    
حالد؛ نعم.. 
                    
فضحكت الفتاة؛ حسنا. عليك أن تأتي معي.. 
                    
فسألها في دهشة: أي معاي فين؟! 
                    
فجذيته من يده لأم دخلا إلى مكن مجاور إضاءله خافتة. وبه الثير من الناس.. 
                    
كل رجل بجلس مع فثاة. فبدأ الشك يتسرب إلى قلبه وسألها؛ 
                    
- اني عايزة متي إيه؟! 
                    
ردت الفتاة؛ أنا؟!!.. لم صمتث وأكملت؛ 
                    
- إنك الرجل الوحيد الذي رفض أن يصطحيتي من قبل.. ولهذا أجدد عرضي لك.. 
                    
ثم اكملث؛ 
                    
- إنيي هنا أفعل ما يحلو للرجال مقابل الكلير من الوحدات.. ولكني لا أريد منك 
                    
شيئا.. سأصطحبك الليلة دون مقابل.. 
                    
فنض غاضبا: 
                    
133 
                    
١٣٤/ ٢٨٨ 
                    
-وأنا مشى موافق.. أنا مش زي اللي بيجولك هنا.. لم تحرك ليغادر فجذيته 
                    
ليجلس.. وسألئه؛ 
                    
- هل تعجبك فتاة أحرى؟ 
                    
فرذ منفعلا: 
                    
لا. لم سألها: 
                    
ائتي عايشة حيائك ده ازاي؟! 
                    
فضحكن الفتاة ساخرة: 
                    
حياتي.. ما يا؟ 
                    
أكمل خالد: ازاي تبيعي نفسك لأي حد؟ 
                    
ضحكث الفتاة مجددا.. لم تناولث كونا به خمر؛ 
                    
- وكيف أعيش في زيكولا أيها الوسيم.. كيف أحصل على الذكاء.. الثروة.. 
                    
فاحرج نفسا طويلا. وحدث نفسه متبرما: 
                    
ثم اكمل 
                    
- اعملي زي ينات ؤيكولا اللي بيعملوا بشرف لفي المناطق الأحرى.. انتي مفكرتيش لما 
                    
جمالك يروح هتفدري تحصلي على ذئك آزاي؟. 
                    
ضحكت الفتاة.. ويدا علها تأثير الخمر. ولفل لساما؛ 
                    
وفها سأكون حففت مخزونا كبيزا من الثروة.. أما بنات زيكولا فيعملن.. لم 
                    
وأنا أيضا أعمل.. وكلانا يحصل على أجره.. هيا انتهز الفرصة فبل أن يضيع 
                    
جعالي.. إن الكثيرين لفي الخارج يتمنون أن يجلسوا مكنك الأن أها الوسيم.. 
                    
فظهر الغضب على خالد.. وكأنه فقد أمله في حديثه معها، وصاح بها غاضبا: 
                    
- مثلك عار على زيكولا.. 
                    
ثم نهض. وتحرك بضع خطوات مبتعدا عنها.. فصرخت غاضبة: 
                    
- عار!!.. إنني أفضل حالا من آخر أعرفه. قتل أباه ي يرثه.. 
                    
ثم هدأ صوتها.. ووضعت رأسها على المنضدة التي أمامها من تأثير الخمر، 
                    
اندهشي خالد وسال أسيلا على الفور؛ 
                    
-لا تذحي؟١!.. ليه؟! 
                    
صمتت أسيل مجددا.. لم نظرت عبر نافذة العربة التي بدأت في التحرك، وكأضا 
                    
تتذكر شيئا ثم نظرت إلى خالد. وتحدئت بصوب هادى؛ 
                    
-لفد أعطيت وعدا من فيل بألا أذهب هناد. 
                    
وعد؟ 
                    
ردث أسيل؛ لعم. تذكر أني أحيرتك بأني دحلث إل زيكولا يين الأسرى والعييد حتى 
                    
اشترالي رجل حكيم علمني الطب.. فأوما خالد برأسه موافقا دون أن يتحدث.. ثم 
                    
-كن هذا الرجل يعاملني ينته. وبخشى علي من كل مي.. حتى أحيرته ذات يوم 
                    
أنيي سأذهب إلى المنطفة الشمالية ي أداوي أحد المرضى حين طلب مني أهد 
                    
الأشخاص ذلك.. ففوجنت به يرفض بقوة. وطلب مني أن أعده بألا أذهب هناك 
                    
طيلة حيالي.. فوعدنه يذلك .. 
                    
فسألها خالد: 
                    
- وإيه السبب؟! 
                    
123 
                    
فاجابت؛ حين سألنه عن ذلك لم يقل لي سوى أنها أرض كسالى زيكولا.. ولم يخبرئي 
                    
شينا آحر حتى موته.. وأنا مازلت أحافظ على وعدي.. وأنا على يقين أنه محق في 
                    
ذلك. ثم نابعت بعد صمت؛ 
                    
- لم أجد في حياتي من يحبني قدره .. 
                    
صمت خالد مندهشا. وبدا الحزن على وجهه.. وأثر أن يكمل صمته. وكأنه يفكر 
                    
ماذا سيفعل.. حتى ابتسم. وتظر إلى أسيل والتي لم تفارق عيناها نجوم السعاء؛ 
                    
- وأنا مش هكون سبب إنك تخلفي وعدك.. أنا بشكرك على مساعدتك لي الفئرة 
                    
اللي فاتت. وأكيد ملى هطلب منك أكتر من كده.. 
                    
فردت أسيل في ابنسامة هادئة؛ 
                    
- هل ستذهب الى هناك؟ 
                    
فايتسم؛ 
                    
أكيد.. لارم أذهب.. 
                    
فايتسعت أسيل مجددا؛ حسنا. أتمنى أن نحد كتابك هناك.. ولكن إن لم نجده 
                    
فعليك أن تعود إلي.. أفصد إلى العمل معي على الفور.. أين أجد مساعدا في 
                    
مهارتك؟ 
                    
أرجع مصر هشئغل دكتور.. 
                    
ضحكت أسيل. وواصل خالد مداعيته لها. وأكملا حديهما عن أرض زيكولا. 
                    
وعن الطفل الذي أنقذه من ضربة الشمس. والرجل المصاب الذي ضريه أبناؤه، 
                    
وأخذوا أرضه.. حتى وصلت العرية إلى البحيرة فنزل خالد. ووذع أسيل التي سألته: 
                    
- مي ستذهب إلى المنطقة الشمالية؟ 
                    
فصمت مفكرا؛ مش عارف.. هحاول بكون في وقت فريب.. 
                    
124 
                    
اندهش خالد وسال أسيلا على الفور؛ 
                    
- لا تذهي؟!.. ليه؟! 
                    
صمتت أسيل مجددا.. ثم نظرت عير نافذة العربة التي بدأت في التحرك، وكأنها 
                    
تتذكر شيئا لم نظرت إلى خالد. وتحدلت بصوب هادى؛ 
                    
- لفد أعطيت وعدا من قيل بألا أذهب هناك.. 
                    
- وعد؟ 
                    
ردث أسيل؛ لعم. تذكر أنتي أحيرتك بأني دحلث إل زيكولا يبن الأسرى والعييد حتى 
                    
اشترالي رجل حكيم علعئي الطب.. فأوما خالد برأسه موافقا دون أن ينعدث.. ثم 
                    
- ان هذا الرجل يعاملني بئته. ويغشى علي من كل شيء.. عتى أحيرته ذات يوم 
                    
أنني سأذهب إلى المنطقة الشمالية ي أداوي أحد المرضى حين طلب مني أحد 
                    
الأشخاص ذلك.. ففوجنت به يرفض بفوة. وطلب مني أن أعده بألا أذهب هناك 
                    
طيلة حيالي. فوعدنه بذلك .. 
                    
فسألها خالد: 
                    
- وإيه السبب؟! 
                    
123 
                    
فاجابث: حين سألنه عن ذلك لم يفل لي سوى أنها أرض كسالى زيكولا.. ولم يخيرئي 
                    
شيئا آخر حتى موته.. وأنا مازلت أحافظ على وعدي.. وأنا على يفين أنه محق في 
                    
ذلك.. ثم نابعت بعد صمث؛ 
                    
- لم أجد في حيائي من يحبتي قدره .. 
                    
صمت خالد مندهشا. وبدا الحزن على وجهه.. وأثر أن يكمل صمته. وكأنه يفكر 
                    
ماذا سيفعل.. حتى ابنسم. ونظر إلى أسيل والتي لم تفارق عيناها نجوم السماء؛ 
                    
- وأنا مشى هكون سبب إنك تخلفي وعدك.. أنا بشكرك على مساعدتك لي الفئرة 
                    
اللي فاتت.. وأكيد مشى هطلب منك أكتر من كده. 
                    
فردت أسيل في ابتسامة هادئة؛ 
                    
هل ستذهب إلى هناك؟ 
                    
فايلسم؛ 
                    
- أكيد.. لارم أذهب.. 
                    
فايتسعت أسيل مجددا؛ حسنا.. أتمنى أن تجد كتابك هناك.. ولكن إن لم نجده 
                    
فعليك أن تعود إلي.. أفصد إلى العمل معي على الفور.. أين أجد مساعدا في 
                    
مهارتك؟! 
                    
فضحك خالد؛ 
                    
- أرجع مصر هشتغل دكتور.. 
                    
ضحكت أسيل. وواصل خالد مداعيته لها.. وأكملا حديهما عن أرض زيكولا. 
                    
وعن الطفل الذي أنقذه من ضربة الشمس، والرجل المصاب الذي ضربه أبناؤه. 
                    
وأخذوا أرضه.. حتى وصلت العربة إلى البحيرة فئزل خالد. ووذع أسيل التي سألته؛ 
                    
• متي ستذهب إلى المنطقة الشمالية؟ 
                    
فصمت مفكرا؛ مش عارف.. هحاول بكون في وفت فريب.. 
                    
124 
                    
ان اقراه.. ثم امرث سائق العرية ان يتحرك فضحك خالد ئم اتجه إلى الشجرة التي 
                    
يجلس بجوارها دالما.. 
                    
ظل خالد كعادته يفكر.. يفكر فيما أخيرته به أم الطفل وذلك الرجل الذي يشهه. 
                    
ويتذكر الصورة التي أعطاها له جده يوم نزوله السرداب وضاعت مع أغراضه 
                    
هناك.. صورة أبيه وأمه.. تداعبه أحلام اليقظة يأن يعود مرة أخرى إلى بلده ومعه 
                    
أبوه وأمه بعد سنوات كثيرة.. ويينسم حين يتخيل فرحة جده يذلك. والتي قد 
                    
تفتله.. لم يعود ليتذكر حديث أسيل.. وذلك الوعد الذي أعطته بألا تذهب إلى 
                    
المنطقة الشمالية. وقولها بأسا أرض الكسال.. ويسأل نفسه متعجبا.. كيف 
                    
يعيش الكسال بزيكولا؟/.. حتى غليه النعاس بعدما حل به إرهاق ذلك الهار.. 
                    
من الليل سريغا.. وأشرقت الشمس. وهض خالد من نومه. وقرر أن يذهب كعادته 
                    
إلى عمله مع يامن.. يريد أن يعلم الكثير عن المنطقة الشمالية.. حتى وصل إلى 
                    
هناك، وزاد ضيقه حين وجد من يأهذون منه وحدلي كل يوم. فأعطاهم ذلك. لم 
                    
أكل سيره حتى وجد يامثا الذي ساله على الفور ؛ 
                    
هل وجدت نابك؟ 
                    
فرد خالد : 
                    
- للأسف لسه.. يس فيه أمل إلي ألافيه. فيه امرأة قالت لي إها فابلت رجل له 
                    
نفس صفات صاحب الكتاب عن عشرين سئة. 
                    
يامن في دهشة: عشرون سنة ١٢.. وثريد أن تجدها 
                    
125 
                    
هو صعب. يس لازم أتعسك يأي خيط يدلي على الكتاب. عشان كده لارم أرو ع 
                    
المنطقة الشعالية.. 
                    
فاندهش يامن مجددا 
                    
• المنطقة الشعالية؟9 
                    
عالد؛ أيوة.. ثم سأله؛ 
                    
•الث وعدث حد انث بان إك متروحش هناك؟! 
                    
فضحك يامن؛ 
                    
- لا. لقد لأهيث إل هناك مرة من قيل.. أتمى إن ذهيت إل هناك أن نعود سريعا. 
                    
فزادت الحيرة على وجه حالد، 
                    
- إيه اللي هناك؟! 
                    
فجلس يأمن لم جلس خالد بجواره. حتى لحدث يامن؛ 
                    
- أهل زيكولا يعلمون أن تلك المنطقة تختلف كثيرا عن بافي مناطق زيكولا.. 
                    
فسأله خالد، وكأنه لا يفهم شيئا ازاي؟! 
                    
أكل يامن؛ سأهبرك.. أرض إيكولا هي أرض العمل. الجميع هنا يعملون 
                    
ويكسبون أجورهم مقابل عملهم.. أما تلك المنطقة فإنا تجمع كسال زيكولا.. 
                    
ولهذا ستجد صعوبة حين تذهب إلى هناك.. عليك أن تسأل كل شخص لأن 
                    
الكثيرين مبم لا يعرفون بعضم.. لم ألهذ نفشا.. وأحرج زفيزا. وأكمل: 
                    
إمم لا يعملون مثلنا.. إسم يكسبون أجورهم بأعمال أخرى.. لم صمث وأكمل؛ 
                    
ستجد أهلها فنتينP القنة الأولى من الأثريا، الكسالى الذين ورثوا الكثير من 
                    
الذك،.. الكلير من اللروة التي تجعلهم بعيشون أثريا،. وينفقون ببذخ حتى 
                    
•ف نرق فؤلا1، واسار إلى هن ياكذون نلك الوحدات مقابل حمايشم.. 
                    
فرذ حالد؛ أيوة.. 
                    
فاكمل يامن : 
                    
٠ إهم من المنطقة الشمالية التي تريد أن تذهب إليها.. هم يعيشون هناك هكذا.. 
                    
فضلوا أن يستغلوا فوقم في كسب لروعهم. فانتشروا في بافي أراضي زيكولا.. أما 
                    
الئساء هناك فالن استغلال جعالهن.. 
                    
لم صمث، و نظر إلى حالد وأكمل ؛ 
                    
أنت تعلم كيف تجني امرأة ثروة من جمالها دون نعب.. وخاصة وأن هناك 
                    
الكثيرين من الأثرياء الكسال.. إنها أرض الرزيلة يا صديقي.. 
                    
صعث خالد حين سمع ما قاله يامن. وابتسم حين تذكر وعد أسيل وأها على حق 
                    
لي ذلك لم زادت ضربات فليه حين تذكر أن صاحب الكثاب.. أباه. لهد يكون بتلك 
                    
المنطقة.. حتى قاطع يامن تفكيره؛ 
                    
- إمها بعيدة عن هنا كثيزا.. فكيف ستذهب إلى هناك.. أم الطبيبة سنساعدك.. 
                    
رد حالد؛ 
                    
لا.. أسيل ساعدئتي بعا فيه الكفاية.. قولي يا يامن. منين أفدر أستأجر حصان 
                    
فوي لمدة تلات أيام.. 
                    
فأجاب يامن؛ 
                    
- ثلالة أيام فد تكفك قرابة الخمسين وحدة.. 
                    
١٢٨/ ٢٨ 
                    
فاكمل حالد؛ 
                    
• مش مهم.. أثا هقدر أعوضهم بعد كده.. أنا قررت إلي هروع بكرة المنطقة 
                    
الشمالية.. عاوز أستغل كل يوم هنا لفي زيكولا.. 
                    
فابتسم يامن؛ 
                    
- حسنا. دعي أوفر لك حصانا قويا. وسأرشدك نحو الطريق إلى المنطقة 
                    
الشمالية. وأتمى أن تجد كتابك هناك.. ثم حمل فأسه. وقال لخالد؛ 
                    
- هيا، علينا أن لعمل اليوم كليزا بعدما أضعنا الكثير من الوقت في الحديث. 
                    
في صياح اليوم التال. الجه يامن إل شامل البحيرة، ومعه الحصان القوي الذي 
                    
وعد خالد به.. حتي وجده هناك فابتسم خالد حين رأه ومعه ذلك الحصان. 
                    
وشكره كثيرا على ذلك ثم حمل أمتعته. واحتضن يامنا، وضحك؛ 
                    
هشوفك فربم 
                    
أرجو أن نعيد الحصان صحيحا. إلي أتحمل مستوليته حتى نعود.. لو علم 
                    
صاحيه ألك ستذهب إل المنلفة الشمالية لما أعطالي حمارا.. فضحك خالد ثم 
                    
امتط ظهر الحصان.. واد يأمره أن يتحرك حتى صاح يامن؛ 
                    
- انتظ 
                    
ثم أخرج ورقة بيضا، رسمت عليا بعض الخطوط السوداء. وتحدث إلى خالد؛ 
                    
- تلك خطوط بدانية رسمتها للطريق نحو المنطفة الشمالية.. ثم أشار إلى حط 
                    
أسود طويل يخرج من مريع قد رسمه؛ 
                    
- هذا المريع هو منطقتئا.. وهذا الخط هو الطريق الذي لسلكه حين تخرج من هنا 
                    
بعدها أمر خالد حصانه أن يتحرك.. وبدا يتحرك بيط، حتى أسرع رويدا رويدا في 
                    
طريقه إلى بيت أسيل. وكاد يصل بيها حتى رأى عريتها نسير مبتعدة عنه، فأسرع 
                    
بحصاله إلى العرية.. وسار بجوارها لم ضحك حين وجدها تجلس بالعرية شاردة 
                    
الذهن. ولا تراه فظل يسير بجوارها دون أن يتحدث حتى نظرت إلى جانها عبر 
                    
النافذة ففوجئت به علي حصانه، فضحكت وحدئئه: 
                    
مثذ متى تسير بجوارنا؟! 
                    
من بدري.، با نرى بتفكري ي إيه؟ 
                    
ابنسمث؛ لا مي،.. إنني أشرد مع نفسي كليرا.. لم نظرت إلى حصائه؛ 
                    
- هل اشئريت حصانا؟! 
                    
فرذ خالد؛ لا.. أنا أجرته.. وزي ما وعدتك إلي أشوفك فبل ما أروح هناك، أنا 
                    
قدامك أهو.. 
                    
ايتسعث أسيل لم سألته؛ 
                    
هل ستذهب إلى المنطقة الشمالية الأن؟ 
                    
فرد خالد؛ أيوة.. 
                    
فصمتت أسيل لم سألته في هدوء؛ 
                    
حالد.. هل ستعود إلى هنا إن وجدت كتابك أو أباك.. 
                    
فتخلر خالد أمامه لم صمت لبعض الوفث. وابئسم؛ 
                    
-أكيد لارم أرجع. لم أكمل مداعبته لها؛ 
                    
129 
                    
د يأمن هيقتلي لو مرجعتش عشان الحصان.. 
                    
ضحكت أسيل. وضحك هالد.. وواصلا تحركهما في طرقات زيكولا.. وحالد على 
                    
حصاله يسير بجوار العربة. وأسيل تجلس ينافذها كمن تجلس أمام نافذة 
                    
غرفها.. حتى وصلا إلى أطراف المنطقة الشرقية.. فقالت أسيل بعدما أشارت إلى 
                    
طريق ممهد؛ 
                    
- هذا الطريق بفودك إلى المنطقة الشمالية.. 
                    
فاينسم لخالد لم تخلر إلها؛ 
                    
أتمى إلي ألافي الكناب وأرجع لهنا في أسرع وفث. 
                    
ثم أمر حصانه أن ينطلق نحو ذلك الطريق.. وأسيل تنظر إليه بيئعا لسير عريتها 
                    
في طريق أهر.. وتبلسم حين تجد شعر خالد الطويل يتطاير مع الهواء. وجسده 
                    
القوى يمتط ذلك الحصان بيراعة. وأنه ولد فارشا.. حتى المحتفى عن أنخلارها 
                    
أغمضت عينيها، وتمتت أن يحقق ما يريده.. أما خالد فواصل طريقه نحو 
                    
المنطفة الشمالية.. يريد أن يصل إلى هناك في وفث فليل.. يحفز حصانه أن يسرع. 
                    
لم يحرج تلك الورقة التي أعطاها له يامن. ويتظر إلها، وإلى خطوطها وبواصل 
                    
سيره مجددا.. وكلما يحل به النعب ينال القليل من الراحة فيوقف حصانه. 
                    
ويرجل، وبشرب الفليل من الماء لم يكمل طريفه نحو تلك المنطقة. 
                    
بدأت الشمس لفي المغيب. وحئ الليل.. حلى وصل خالد إلى أطراف المنطفة 
                    
الشمالية فترجل.. وسار على قدميه، وحصائه يسير بجواره.. واندهشي حين رأى 
                    
بيوت تلك المنطقة وتنؤعها ما يين ما هو فخم للغاية. وما هو متواضع وييدو عليه 
                    
الفقر.. وأكمل مسيره يين شوارع تلك المنطقة.. وزادث دهشته من الصمث الذي 
                    
يسودها حتى زالت تلك الدهشة سريعا حين توغل بشوارعها.. فوجد الكثير من 
                    
الناس يلهون ويمرحون ويئرافصون مع ألغام الموسيفى التي غطث ضواحي تلك 
                    
أحد الأشخاص بجواره يفول لأخر لفد راهنت بخمس عشرة وحدة على هذا 
                    
الرجل. وأشار إلى أحدهما فاندهش حالد. وأكمل سيره.. حتى يدأ يسأل أحد 
                    
الفتيان عن الرجل الذي يبحث عنه فلم يجيه.. وسأل غيره فلم يجيه هو الأحر.. 
                    
وسأل الكثيرين من الناس فلم يجبه أحد.. وظل يسير يين هؤلاء الناس الذين 
                    
ثنيعث من أفواحهم رائحة نتنة. ويترنحون فأدرك أها رائحة خمر.. ويين ضحكت 
                    
فتيات الليل المدللة التي ثعلا كفة الأركن.. حنى جلس بجالب الطريق. وجواره 
                    
حصائه ففوجى يشخص ضخم يأتيه.. ويطلب منه عشر وحداث من الذا، مقابل 
                    
أن يحميه هو وحصانه.. وإلا سيأخذ ذلك الحصان منه.. فصمت خالد فليلا ثم 
                    
وافق وحدثه: 
                    
سأعطيك ما تريد. ووحدثين إضافيتين مقابل أن أترك الحصان عندك حتى 
                    
أعود لآحذه غدا. 
                    
فوافق الرجل وأعطاه خالد الحصان ي بكون أكأر حرية. وواصل جلوسه 
                    
ومرافبئه لأهل تلك المنطقة من بعيد.. حتى مر الليل دون أن يغفو له جفن.. 
                    
في صباح اليوم النالي. ظل هالد منتظزا أن يرى أحدا يسأله، فلم يجد ما أراده.. 
                    
وكأن المدينة أصبعت مدينة المونى.. الشوارع خالية. يسودها صمت رهيب.. 
                    
فسض وبدأ يتحرك، ويتجول بشوارعها عله يجد أحدا.. ولكن دون جدوى، فأكمل 
                    
مسيره حتى جلس بمكان آخر، وأحرج فلمه وأوراقه. وبدا يكنب؛ 
                    
- المنلقة الشمالية. أرض كسال زيكولا. 
                    
ثم كنب تحما؛ 
                    
131 
                    
إها المنطقة الرابعة التي أزورها في زيكولا.. بعد يومي الأول هنا.. تأكدت أسم 
                    
يختلفون عن بافي أهل زيكولا.. هم لا يعملون كما أخيرلي يامن. وحياتهم بالمساء 
                    
كما رأيث بالأمس. 
                    
الكثير منهم ورلوا فلا يعملون، ويمرحون ويشربون ويتراهنون.. أما الففراء منهم.. 
                    
الفتى يجد ثروئه في فوئه فيستخدمها لتحقيق ثروته من الذا،.. والفتاة تجد 
                    
ثروها في أنوثها وجعالها فتستخدم ما تمتلكه في تحقيق ثروة دون عناء. 
                    
ثم صمت مفكرا.. وتوفف قليلا عن الكتابة.. ثم أكمل مجددا: 
                    
- أى ل العين عن كك النطفة سيكونون ضحايا الذيع فريدا، فالقوي 
                    
سيضعف ذات يوم، والجمال غير باي.. 
                    
ثم ضحك. وتوفف عن الكتابة. وحدث نفسه؛ 
                    
يقيت فيلسوف يا خالد.. زيكولا غيزت فيك كنير.. لم أنى كتابته يأن كتب 
                    
إما أضعف مناطق زيكولا.. 
                    
ثم وضع قلمه. وأوراقه مرة أخرى بين أغراضه.. وبدا يتحرك بين شوارع تلك 
                    
المنطقة من جديد.. وضاق به صدره حين وجد نفسه وحيدا بئلك الشوارع . وعلم 
                    
أنه لابد وأن يلنخظر حتى المساء.. 
                    
غربت الشمس.. ويدا الخللام يملا السماء. وأشعلت النيران لتضيء المدينة. ويدا 
                    
الناس يخرجون إلى الشوارع.. وبدأت الموسيقى من جديد، وخرجت الفتيات إلى 
                    
الخارج.. كل فتاة تحاول أن تجذب رجلا إلها.. حتى امتلأت الشوارع بالأشخاص في 
                    
تلك المنطقة التي تواجد بها خالد.. فبدا يسأل هذا وذاك عن ذلك الرجل الطويل 
                    
العريض صاحب الكتاب. وافترب ليسأل كبار السن.. ريعا عرفوه حين ان هنا 
                    
فالتفت هالد ليجد فتاة يشعر أنه قد رأها من قبل.. حتى نذكر أشا الفتاة التي 
                    
فابلها وم زيكولا.. وطليت منه أن يرافقها ورفض.. ولكبا اليوم اكثر عراة.. 
                    
فائدهشي حين وجدها: 
                    
ضحكت الفتاة:- نعم.. أتذكرني؟! 
                    
حالد؛ نعم.. 
                    
فضحكت الفتاة؛ حسنا. عليك أن تأتي معي.. 
                    
فسألها في دهشة: أي معاي فين؟! 
                    
فجذيته من يده لأم دخلا إلى مكن مجاور إضاءله خافتة. وبه الثير من الناس.. 
                    
كل رجل بجلس مع فثاة. فبدأ الشك يتسرب إلى قلبه وسألها؛ 
                    
- اني عايزة متي إيه؟! 
                    
ردت الفتاة؛ أنا؟!!.. لم صمتث وأكملت؛ 
                    
- إنك الرجل الوحيد الذي رفض أن يصطحيتي من قبل.. ولهذا أجدد عرضي لك.. 
                    
ثم اكملث؛ 
                    
- إنيي هنا أفعل ما يحلو للرجال مقابل الكلير من الوحدات.. ولكني لا أريد منك 
                    
شيئا.. سأصطحبك الليلة دون مقابل.. 
                    
فنض غاضبا: 
                    
133 
                    
١٣٤/ ٢٨٨ 
                    
-وأنا مشى موافق.. أنا مش زي اللي بيجولك هنا.. لم تحرك ليغادر فجذيته 
                    
ليجلس.. وسألئه؛ 
                    
- هل تعجبك فتاة أحرى؟ 
                    
فرذ منفعلا: 
                    
لا. لم سألها: 
                    
ائتي عايشة حيائك ده ازاي؟! 
                    
فضحكن الفتاة ساخرة: 
                    
حياتي.. ما يا؟ 
                    
أكمل خالد: ازاي تبيعي نفسك لأي حد؟ 
                    
ضحكث الفتاة مجددا.. لم تناولث كونا به خمر؛ 
                    
- وكيف أعيش في زيكولا أيها الوسيم.. كيف أحصل على الذكاء.. الثروة.. 
                    
فاحرج نفسا طويلا. وحدث نفسه متبرما: 
                    
ثم اكمل 
                    
- اعملي زي ينات ؤيكولا اللي بيعملوا بشرف لفي المناطق الأحرى.. انتي مفكرتيش لما 
                    
جمالك يروح هتفدري تحصلي على ذئك آزاي؟. 
                    
ضحكت الفتاة.. ويدا علها تأثير الخمر. ولفل لساما؛ 
                    
وفها سأكون حففت مخزونا كبيزا من الثروة.. أما بنات زيكولا فيعملن.. لم 
                    
وأنا أيضا أعمل.. وكلانا يحصل على أجره.. هيا انتهز الفرصة فبل أن يضيع 
                    
جعالي.. إن الكثيرين لفي الخارج يتمنون أن يجلسوا مكنك الأن أها الوسيم.. 
                    
فظهر الغضب على خالد.. وكأنه فقد أمله في حديثه معها، وصاح بها غاضبا: 
                    
- مثلك عار على زيكولا.. 
                    
ثم نهض. وتحرك بضع خطوات مبتعدا عنها.. فصرخت غاضبة: 
                    
- عار!!.. إنني أفضل حالا من آخر أعرفه. قتل أباه ي يرثه.. 
                    
ثم هدأ صوتها.. ووضعت رأسها على المنضدة التي أمامها من تأثير الخمر، 
                    

- عار!!.. إنني أفضل حالا من آخر أعرفه. قتل أباه ي يرثه.. 
                    
ثم هدأ صوتها.. ووضعت رأسها على المنضدة التي أمامها من تأثير الخمر، 
                    
وغمغمت بصوت سمعه خالد: 
                    
- وفي النهاية لم يرث سوى كتاب لعين.. احتفظ به أبوه أكثر من عشرين عاما.. 
                    
ثم أغمضت عينيها..

الفصل الرابع عشر


توقفت قدما خالد عن الحركة. واتسعت حدفتا عيئيه. وزادت ضربات فلبه حين 
                     
سمع كماها وعاد إلها مسرغا.. وسألها في لهفة؛ 
                     
اني فلي إيه؟! 
                     
فوجدها فد وضعت رأسها على الطاولة. وغابت عن الوعي. فسألهامجدداوصاح 
                     
يا لكبا لم تجبه. فحاول أن يجعلها تفتع عيئيا وأن تكرر ما قالته مرة أخرى. 
                     
وضرب بيده على الطاولة حتي نفيق. ولكن دون جدوى حتى أمسك برأسها 
                     
وأعادها إلى الخلف لم جلس أمامها ففتعث عينها بيطء. ونظرت إليه في ذهول. 
                     
ائتي فلتي إيه لفي أحر كلامك؟ 
                     
فابتسمت ونظرت إليه ثم سألته: 
                     
من أنت؟ 
                     
فهض وسال نادلا أين يجد غرفة حالية. فأشار النادل إلى باب إحدى الغرف 
                     
فأسرع وحمل الفتاة على كتفه والتي ضحكت برعونة حين قام بعملها. وسار بها 
                     
تجاه تلك الغرفة وسط نظرات الفتيات الأحرى اللاي سامسن حين وجدنه يحعلها 
                     
وآن الغيرة أساسي. حى وصل إلي باب الفرفة فدفعه بقدمه ودلف بها إلى 
                     
الداخل - وما زالت تضحك - ثم طرحها علي أرضية الغرفة. وأكمل سيره للداخل 
                     
وو جد إناء كييرا به ماه فحمله. وعاد به إلها وسكيه بالكمل فوق رأسا فصرحت 
                     
من برودة الماء فسألها 
                     
-افنكرتي أنا مين 
                     
فنظرت إليه دون أن تجيب. فأسرع وحمل إناة أحر وسكبه فوق رأسها، فصرحث؛ 
                     
تذرئك.. أرجوك.. لا حاجة لمزيد من الماء. 
                     
فسألها على الفور؛ 
                     
مين اللي فنل أبوه عشان يرله ولفي الأخر ورث كتاب؟ 
                     
صمتت الفتاة. وكأسا نتذكر لم سألنه؛ 
                     
هل حدثتك عن ذلك؟ 
                     
رذ هالد متلهفا؛ أيوة .. 
                     
فنخلرت إليه الفتاة: 
                     
حسنا.. ماذا تريد مته؟ 
                     
فأجاسا؛ أنا عاوز أوصل له يأي طريقة.. لارم أوصل له.. لام ألافي الكثاب 
                     
وصاحبه.. ائتي نعرفيه؟ 
                     
فبضت وتحركت خطوات بملايسا الميللة وشعرها الميلل وجلست على أحر 
                     
الكراسي، ونظرت إليه: 
                     
نعم أعرفه.. وقد أدلك عليه الأن إن أعطيئي عشرين وحدة من ذكافك. 
                     
فأسرع تجاهها وقال : 
                     
وأنا موافق.. 
                     
فضحكت الفتاة 
                     
حسنا سأصطحبك إلى هناك ولكن انتظر حتى أبدل ملابسي.. 
                     
137 
                     
توقفت قدما خالد عن الحركة. وانسعث حدفتا عيئيه. وزادت صريات فلبه حين 
                     
سمع ككمانها.. وعاد إلها مسرغا. وسألها في لهفة» 
                     
الي فلي إيه؟! 
                     
فوجدها قد وضعت رأسها على الطاولة. وغابت عن الوعي. فسالها مجددا وصاح 
                     
يالكبالم تجيه. فحاول أن يععلها تفتع عيئيا وأن تكرر ما قالته مرة أخرى. 
                     
وضرب بيده على الطاولة حتي نفيق، ولكن دون جدوى، حتى أمسك برأس 
                     
وأعادها إلى الخلف ثم جلس أمامها ففتعث عيئها بيط. ونظرت إليه في ذهول. 
                     
التي قلتي إيه لفي أحر كلامك؟ 
                     
فابتسمت ونظرت إليه لم سألته؛ 
                     
من أنت؟! 
                     
فبض وسال نادلا أين يجد غرفة حالية. فأشار النادل إلى باب إحدى الغرف 
                     
فأسرع وحمل الفتاة على كنفه والتي ضعكت برعونة حين فام بحملها.. وسار بها 
                     
تجاه تلك الغرفة وسط تخلراث الفتيات الأحرى اللائي تهامسن حين وجدئه يحعلها 
                     
وكأن الغيرة أصايهن.. حته وصل إلي باب الغرفة فدفعه بقدمه ودلف بها إلى 
                     
الداحل - وما زالت تضحك - لم طرحها علي أرضية الغرفة وأكمل سيره للداحل 
                     
وو جد إناة كييا به ما، فحعله. وعاد به إلها وسكيه بالكمل فوق رأسا فصرحت 
                     
من برودة الماء فسألها؛ 
                     
- افتكرني أنا مين) 
                     
فنظرت إليه دون أن تجيب. فأسرع وحمل إناة أخر وسكبه فوق رأسها. فصرحت؛ 
                     
تذرتك.. أرجوك.. لا حاجة لمزيد من الماء. 
                     
فسألها على الفور؛ 
                     
مين اللي فتل أبوه عشان يرله.. وفي الأخر ورث كتاب؟ 
                     
صمتث الفتاة. وكأنا تتذكر لم سألته: 
                     
هل حدثنك عن ذلك؟ 
                     
رذ هالد متلهفا: أيوة .. 
                     
فنخلرث إليه الفناة: 
                     
حسنا ماذا تريد منه؟ 
                     
فأجايا؛ أنا عاوز أوصل له يأي طريقة.. لام أوصل له. لارم ألافي الكتاب 
                     
هل هناك تعريفة؟ 
                     
فبهضت وتحركت خطوات بملايسا المللة وشعرها المبلل وجلست على أحد 
                     
الكراسي. ونظرت إليه؛ 
                     
نعم أعرفه وقد أدلك عليه الآن إن أعطيتي عشرين وحدة من ذكاتك 
                     
فأسرع تجاهها وقال : 
                     
- وأنا موافق. 
                     
حسنا.. سأصطحبك إلى هناك ولكن انتظر حتى أبدل ملابسي.. 
                     
137 
                     
النفكير، وبفكر بما فالته الفتاة يأن هذا الشاب فتل أباه ي يرله. ويخشى أن 
                     
يكون ما يفكر ه حقيقة تصدمه بعد لحظات. حتى وصلا إلى أمام بيث متواضع. 
                     
فسألها حالد؛ 
                     
هو جوة؟ 
                     
فردث الفتاة؛ نعم. 
                     
فاندهش وسألها؛ 
                     
وليه هو مشى بالخارج زي بالي أهل المنطقة الشمالية؟! 
                     
إله هكذا.. بعد أن فنل أباه وفوتى بعدم امتلاكه لشي.. أصابه اليأس. فهو 
                     
يجلس بببته كثيرا.. وتزداد حالئه سوةا. وكأنه ينتظر أن يذبح يوم زيكولا. 
                     
لم طرقت الباب، وبعد لحظات فام شاب في العشرين من عمره بفتحه. فأشارت 
                     
إليه الفتاة: 
                     
ها هو صاحب الكناب.. أما أنا فعلي أن أعود إلى عملي.. وغمزت إلى خالد بطرف 
                     
عينها. وأكملك؛ 
                     
هناك من يلتظروئي.. 
                     
فنخلر إلها حال وهال. شكا علي حال.. 
                     
غادرت الفتاة. وتظر خالد إلى هذا الشاب الذي يقف أمامه. وظل بتأهله حتى 
                     
سأله الشاب؛ 
                     
من أنث؟! 
                     
فزادت دهشة خال حين وجد صوت هذا الشاب بشه صونه. فسأله الشاب 
                     
مجددا. وظهر الفضب علي وجهه: 
                     
فرذ خالد: أنا أطلب منك المساعدة. 
                     
فساله الشاب: مساعدة؟! 
                     
أيوة أنا عرفت إنك ورلث عن والدك كتابا احنفظ به لمدة عشرين ستة.. 
                     
فأحرج اللاب نفشا عميقا: لعم. 
                     
فابتسم هالدة هل تأفن لي بالدعول وننعدث فليلا. ثم تايع هين شعر برفض 
                     
وسأعطيك خمس وحداث ذ، مفابل هذا الحديث. 
                     
ققال الشاب؛ 
                     
حسنا. ولكن لا لضيع وفتي. عليك أن ترحل سريغا. أنا لا أحب الغرباء. 
                     
دخل خالد معه إلى الداخل. ولاحظ مدى الففر الذي يعيشه. وتلك الحياة 
                     
البائسة. والتي ظهرت على ملابسه وعلى أرضية بيئه حيث زجاجات الخمر 
                     
الفارغة. وظل يترفبه ويتأمله حتى سأله: 
                     
انث فتلت والدك فعلا؟ 
                     
فرذ الشاب غاضبا؛ 
                     
فنهض الشاب. وتحرك خطوات مبتعدا عنه. وحمل زجاجة كعر لفي يده.. لم نظر 
                     
- لعم قتلته.. إنه لم يجلب لي سوى الفقر. وتايع؛ 
                     
أعتهد أن أي مانت فديما بسيب جنونه 
                     
فسأله خالد على الفور: أمك ماتت؟ 
                     
فأجابه؛ 
                     
- متذ زمن فديم.. إنتي لا اتذكرها حتى.. ليتها عاشت ومات هو.. 
                     
فساله خالد؛ ليه ينكرهه ي الكره ده؟ 
                     
فرذ الشاب بعدما شرب الفليل من الخمر؛ 
                     
إنني أكرهه لأنه كأن مجتونا. هل بعقل أن ينفق أهد مخزونه من الذ، مقابل 
                     
كتاب لعين. لم ينفق ما تبقى له من ذكا، في التفكير في هذا الكناب.. بكفيه حظا 
                     
أ وجد من أفقر منه بزيكولا وإلا ذيع قبل أن أقتله بسنوات.. 
                     
ما أس؟ 
                     
أجابه، 
                     
أسعي هلال.. إنه من سمالي سذا الاسم. 
                     
فساله حالد على الفور؛ 
                     
• وأسم والدك إيه؟ 
                     
140 
                     
فاجايه ساح 
                     
-ن يدعي عسئي 
                     
فدق فلب خالد بفوة. واحمز وجهه. وكأن العقيقة التي كان ينتظرها فد لفحته.. 
                     
حسي عيد الفوي؟! 
                     
فاندهشي الشاب؛ 
                     
•نعم هل لعرفه؟ 
                     
فصمت خالد وتساقطت بعض دموعه. وانحتى بظهره للأمام. ووضع رأسه يين 
                    
يديه. وأكمل بصوت هادى: 
                    
- ن أبوك غريئا عن هنا وجاء إلى زيكولا من سيع وعشرين ستة. هو وأمك.. 
                    
ون بحدئك عن مصر.. وعن سرداب فوريك.. 
                    
فزادت دهشة هلال. وتظر إلى حالد. والذي اكمل؛ 
                     
ولكنه مقدرش يحميك من طباع زيكولا وأصبع همك مثلهم.. الثروة. 
                     
لم هض. وافنرب منه. وخطف زجاجة الخمر من يديه. ووضعها يعيدا.. م سأله: 
                     
- هل لاحظت الشيه القليل بيتي وبيئك؟.. هل لاحظت أن صوتي يشبه صوتك؟ ثم 
                     
- أنث هلال حسئي.. وأنا اسعي خالد حستي.. 
                     
لم عاد خطوات إلى الخلف. وألهز نفسا عميقا وأحرجه بيط، لم أكمل بعدما نظر 
                     
٠ أنا أحوك، وأتت قتلت والدنا.. لأنك ابن زيكولا.. 
                     
فصاع هلال به: 
                     
فصاع خالد غاضئا. ومازالت الدموع على وجه: أنا فعلا أخوك.. 
                     
فدفعه هلال مجددا 
                     
اخرج أها المجنون.. هل أنا بعاجة إلى مزيد من الجنون ي تأتيني أنت الآحر؟! 
                     
فنظر إليه خالد. وكأنه يراه وهو يقتل أياه لم مسح دموعه وسأله: 
                     
فأجابه هلال غاضبا؛ 
                     
وماذا تريد من الكناب؟! 
                     
فرذ حالد: أنا بحاجة للكثاب لأني عايز أرجع بلدي.. وممكن نيتي معايا.. 
                     
فضحك هلال ساحا؛ 
                     
- أرى أئك تشبه أي في جنونه. انتظر.. 
                     
ثم نظر إليه وعقد حاجييه، وسار إلى إحدى الغرف لم عاد مجددا إلى خالد، ومعه 
                     
كتاب فديم أور اله سميكة وقديمة فأسرع إليه خالد. وخطفه منه حين لمح 
                     
عنوانه.. سرداب فوريك. وبدا يقلب صفحاته المصفرة في لهفة ودق فلبه بقوة. 
                     
حى وصل إلى صفعة في منتصف الكناب مكنوب يا بخط يدوق يير.. الطريق إلى 
                     
سرداب فوربك.. واد يقرا ما يها حتى اختطفه هلال منه، وقال ساحا: 
                    
هل تريد هذا الكتاب؟ 
                    
رذ الد في لهفة: 
                    
142 
                    
-لفد أصيح للكثاب فائدة. ثم نخلر إلى حالد؛ 
                    
حسنا. عليك أن تشتريه.. 
                    
صمت هالد قليلا ثم ساله: 
                    
ابتسم وتحرك خطوات جيئة وذهايا. ونحدث؛ 
                    
- أرى أنك في حاجة ضرورية إلى الكناب 
                    
فنطق خالد نعم 
                    
فاكمل حلال 
                    
حسنا إن كنث ثريده. فعليك أن تعطيني ربعمائة وحدة من ذكائك 
                    
فصاج خالد على القور ربعميت وحدة؟ 
                    
فرذ هلال في هدو،. وتتاول زجاجته مرة أخرى؛ 
                    
نعم أها الغي.. ربعمائة وحدة. 
                    
فقال هالد: صدفتي. أنا أحوك. 
                    
فضحك هلال ساخا؛ 
                    
ليئي أتاكد أنك أتلي أييا المجنون. ألكسم لك إننيي لو ناكدت من ذلك لقثلثك ي 
                    
فصبت حالد. وزاد ضيفه لم سأله؛ 
                    
هل ثرك أبوك شينا أحر؟ 
                    
فأجابه: إنه لم ينرك سوى هذا الكتاب. هل ما زلت تريد شراء. وضحك ساخزا. 
                    
ألا تمتلكم الأن؟! 
                    
فتحرك خالد خطوات، ثم نظر إليه؛ 
                    
-أمتلكهم.. ولكني أهافظ على مخزوني من الذكاء.. وهقدر أوفر من عملي ثمن 
                    
الكناب.. وهرجع لك بعد شهرين من اليوم.. أرجوك حافظ على الكناب.. 
                    
فجلس هلال، وعاد بظهره للخلف؛ 
                    
حسا.. سأنتظرك حتى تعود. ولكن إن تأحرث يوما واحدا عن الشهرين.. سأمزق 
                    
عن كل يوم تأخرته عشر ورقات. حتى لو وصل بي الأمر أن أمزقه بالكامل.. إله لا 
                    
يسمني بشي».. هيا لا تضيع وفتك.. عد إلى حيث جئت. 
                    
فأوما خالد برأسه ثم تركه. وغادر. وأخرج زفيزا طويلا. وحدث نفسه: 
                    
- إنه أي.. وفائل أبب.. 
                    
مادر خالد بيث هلال، صاهب الكناب.. وسار يين الثاس وبين موسيقاهم 
                    
وصرحاسم التي لا تتوقف.. وعقله يشتعل بالتفكير.. تتضارب رأسه الكثير من 
                    
الأفكار ، ويتخبط فلبه ما بين شعور وأخر.. يسأل نفسه هل يسعد لأنه وجد كتابه. 
                    
أم يحزن حين علم بفتل أبيه وموت أمه، حتى لو لم يرهما من قبل.. وهذا الشاب 
                    
المهور الذي قد يكون أخاه. ومدى جشعه.. والمقابل الكبير الذي طليه ي يعطيه 
                    
كثابه.. وكيف سيوفر ريعمائة وحدة في شهرين.. وإن عاد ليأحذ كتابه هل ياخذه 
                    
144 
                    
ويترك أخاه. أم يأخذه معه.. حتى أمسك رأسه. وكأنه لم يعد يستطيع التفكير.. 
                    
وحدث نفسه يصوث هامس؛ 
                    
- هدفي دلوقتي إني أخد الكتاب.. 
                    
ثم سار إلى المكان الذي جلس به حين أتى إلى المنطقة الشمالية.. فوجد من أعطاه 
                    
حصانه. فانجه إليه ي يسترده؛ فلم يعطه الحصان إلا بعدما أعطاه وحدتين 
                    
أحريين.. لم أخذ حصائه.. واتجه إل مكان أحر، وألر أن يظل به حتى نشرق 
                    
الشمس فيعود إلى المنطقة الشرقية حيث أسيل ويامن وعمله معه. 
                    
في صباع اليوم التال، أعد خالد أغراضه، وامتل حصائه لم بدأ يتحرك بين 
                    
الشوارع الخالية إلى أطراف المنطقة الشمالية، حتى وصل إلى يداية طريقه نحو 
                    
المنطقة الشرقية فالتفت بحصانه نحو تلك المنطقة. وكأنه يودعها حتى يعود إليا 
                    
مجددا بعد ستين يوما.. لم التفث مجددا تجاه الطريق. وأمر حصانه أن ينطلق. 
                    
مر الوقث، وخالد في طريقه إلى المنطقة الشرفية.. لا يشغل نفكيره سوى ذلك 
                    
الكناب، وماذا سيكون في تلك الصفحة المكتوب بها الطريق إلى سرداب فوريك.. 
                    
يشعر بأن أمل خروجه قد ازداد.. لا يحتاج إلا تلك الوحدات التي طليها هلال ي 
                    
يأخذ كتابه.. أمله.. حتى وصل إلى المنطقة الشرفية بعد غروب الشمس فاتجه إلى 
                    
البحيرة. ففوى ينار مشتعلة في مانه بجوار الشجرة. ووجد يأمن يلتخظره. 
                    
فئرخل، واحتضنه حتي سأله يامن على الفور؛ 
                    
- هل وجدت كتابك؟ 
                    
فالسم خالد؛ 
                    
فساله لفي لهفة: وأين هو؟ 
                    
فالتفت إلها خالد فوجدها تعسع دموعها ثم افتريت منه، واحتضنته وابنسعت» 
                    
جلت إلى هنا وتمنيت أن أراك.. 
                    
فابتسم يامن حين وجد أسيلا تحتضن تخالد. وتنحنح. فابتسمث أسيل في خجل 
                    
لم جلست بجوار خالد . كأها لا تريد أن تفارقه.. وبدا خالد يروي لهعا ما حدث له 
                    
بالمنطقة الشمالية لكنه لم بتحدث عن فناة الليل، وما حدث معها حين وجد 
                    
أسيلا تسأله عن كل شي، حدث هناك وعن فنيات نلك المنطقة. فأخبرهما بأن 
                    
أحدا أحر فد دله على هذا الشاب.. هلال.. حتى أنى حديله فسألنه أسيل؛ 
                    
هل هو أحوك حقا؟! 
                    
فأجاب خالد: كل الدلاتل تقول إنه أخي.. أبوه صاحب الكتاب واسمه حسيي عبد 
                    
القوي.. وحى له عن مصر.. 
                    
ف 
                    
ريعا يكون شخصا أخر من بلدك.. مصر، وله نفس الاسم. ولكنه فد لا يكون 
                    
فقال خالد؛ لكن الولد شبي إلى حد ما. وصوتي يشبه صوتي. لكن طباعه طباع 
                    
فابتسم يأعي ، 
                    
تفصد طباع المنطفة الشمالية. ثم سأله؛ 
                    
- وكيف ستوفر ربعمانة وحدة من الذكاء في شهرين إن كنت توقر من العمل باليوم 
                    
بعد غذائك وحمايتك وحدة واحدة أو وحدتين على الأكثر.. 
                    
فصمت خالد حتي نطقت أسيل: 
                    
146 
                    
ريما نعمل معي. وأعطيك أريع وحدات باليوم.. 
                    
فابتسم يامن. وتحدث؛ 
                    
إن عملنا يحتاج إلى السار بأكمله. وإلى راحة بالليل ي يعود إلينا نشاطنا الذي 
                    
نواصل به عملثا.. 
                    
فصمنت أسيل. وظل حالد صامثا حتى نملق: 
                    
أنا افدر آكل ك بوم خبز. 
                    
فضحك يامن: حسنا.. أصبح لديك أريع وحدات باليوم.. تأحذ سبع وحدات، 
                    
وتدفع وحدئين للحماية، ووحدة للخيز. 
                    
ثم اكمل: 
                    
هكذا لن تكمل الأربعمائة وحدة بعد سنين يوما.. 
                    
فصمت خالد مرة أخرى.. ثم أكمل : 
                    
أنا ممكن أوفر ستث وحدات في اليوم. وفي سهاية الشهرين هيكون عندي 
                    
وحدة وفها حضيف أريعين وحدة فقط من مخزوي. وأقدر أشتري الكناب.. 
                     
فقاطعته أسيل تحذره : 
                     
- مخزونك من الذ، يا حال. أرى أنك بدأت نسترف منه الكثير. 
                     
فنظر إلها خالد مبنسئا. وأكمل: 
                     
-أكيد هعمل بعد الشهرين لحد ما يجي يوم زيكولا. وأقدر أعوض كل مخزوني.. 
                     
فضحك يامن. والذى صمث حتي انتى خالد وأسيل من حديلعالم قال: 
                     
إنك فوي بالحساب يا صديقي ولكن كيف ستوفر ست وحدات باليوم أيا 
                     
فبهض خالد ثم نظر إلى أسيل. وطلب منها أن تعود إلى بيها فرفضت. ونظرت إليه 
                     
- ماذا ستفعل). سأتي معك .. 
                     
فابنسم خالد ثم سار ومعه يامن وأسيل، واللذان لا يعرفان نيته.. واتجهوا إلى 
                     
شوارع المدينة حتى دخلوا إلى أحد المطاعم الذي يقدم الخبز والدجاج.. ووجد يه 
                     
خالد الكثير من العمال ممن يععلون معه في تقطيع الصخور.. ثم اتجه إلى صاحب 
                     
المطعم. وسأله؛ 
                     
-م سعر الدجاج هنا؟ 
                     
فرد الرجل؛ الدجاج مقايل خمس وحداث. 
                     
فسأله مجددا: 
                     
وم عامل يأل من دجاجك؟ 
                     
توقفت قدما خالد عن الحركة. واتسعت حدفتا عيئيه. وزادت ضربات فلبه حين 
                     
سمع كماها وعاد إلها مسرغا.. وسألها في لهفة؛ 
                     
اني فلي إيه؟! 
                     
فوجدها فد وضعت رأسها على الطاولة. وغابت عن الوعي. فسألهامجدداوصاح 
                     
يا لكبا لم تجبه. فحاول أن يجعلها تفتع عيئيا وأن تكرر ما قالته مرة أخرى. 
                     
وضرب بيده على الطاولة حتي نفيق. ولكن دون جدوى حتى أمسك برأسها 
                     
وأعادها إلى الخلف لم جلس أمامها ففتعث عينها بيطء. ونظرت إليه في ذهول. 
                     
ائتي فلتي إيه لفي أحر كلامك؟ 
                     
فابتسمت ونظرت إليه ثم سألته: 
                     
من أنت؟ 
                     
فهض وسال نادلا أين يجد غرفة حالية. فأشار النادل إلى باب إحدى الغرف 
                     
فأسرع وحمل الفتاة على كتفه والتي ضحكت برعونة حين قام بعملها. وسار بها 
                     
تجاه تلك الغرفة وسط نظرات الفتيات الأحرى اللاي سامسن حين وجدنه يحعلها 
                     
وآن الغيرة أساسي. حى وصل إلي باب الفرفة فدفعه بقدمه ودلف بها إلى 
                     
الداخل - وما زالت تضحك - ثم طرحها علي أرضية الغرفة. وأكمل سيره للداخل 
                     
وو جد إناء كييرا به ماه فحمله. وعاد به إلها وسكيه بالكمل فوق رأسا فصرحت 
                     
من برودة الماء فسألها 
                     
-افنكرتي أنا مين 
                    
فنظرت إليه دون أن تجيب. فأسرع وحمل إناة أحر وسكبه فوق رأسها، فصرحث؛ 
                    
تذرئك.. أرجوك.. لا حاجة لمزيد من الماء. 
                    
فسألها على الفور؛ 
                    
مين اللي فنل أبوه عشان يرله ولفي الأخر ورث كتاب؟ 
                    
صمتت الفتاة. وكأسا نتذكر لم سألنه؛ 
                    
هل حدثتك عن ذلك؟ 
                    
رذ هالد متلهفا؛ أيوة .. 
                    
فنخلرت إليه الفتاة: 
                    
حسنا.. ماذا تريد مته؟ 
                    
فأجاسا؛ أنا عاوز أوصل له يأي طريقة.. لارم أوصل له.. لام ألافي الكثاب 
                    
وصاحبه.. ائتي نعرفيه؟ 
                    
فبضت وتحركت خطوات بملايسا الميللة وشعرها الميلل وجلست على أحر 
                    
الكراسي، ونظرت إليه: 
                    
نعم أعرفه.. وقد أدلك عليه الأن إن أعطيئي عشرين وحدة من ذكافك. 
                    
فأسرع تجاهها وقال : 
                    
وأنا موافق.. 
                    
فضحكت الفتاة 
                    
حسنا سأصطحبك إلى هناك ولكن انتظر حتى أبدل ملابسي.. 
                    
137 
                    
توقفت قدما خالد عن الحركة. وانسعث حدفتا عيئيه. وزادت صريات فلبه حين 
                    
سمع ككمانها.. وعاد إلها مسرغا. وسألها في لهفة» 
                    
الي فلي إيه؟! 
                    
فوجدها قد وضعت رأسها على الطاولة. وغابت عن الوعي. فسالها مجددا وصاح 
                    
يالكبالم تجيه. فحاول أن يععلها تفتع عيئيا وأن تكرر ما قالته مرة أخرى. 
                    
وضرب بيده على الطاولة حتي نفيق، ولكن دون جدوى، حتى أمسك برأس 
                    
وأعادها إلى الخلف ثم جلس أمامها ففتعث عيئها بيط. ونظرت إليه في ذهول. 
                    
التي قلتي إيه لفي أحر كلامك؟ 
                    
فابتسمت ونظرت إليه لم سألته؛ 
                    
من أنت؟! 
                    
فبض وسال نادلا أين يجد غرفة حالية. فأشار النادل إلى باب إحدى الغرف 
                    
فأسرع وحمل الفتاة على كنفه والتي ضعكت برعونة حين فام بحملها.. وسار بها 
                    
تجاه تلك الغرفة وسط تخلراث الفتيات الأحرى اللائي تهامسن حين وجدئه يحعلها 
                    
وكأن الغيرة أصايهن.. حته وصل إلي باب الغرفة فدفعه بقدمه ودلف بها إلى 
                    
الداحل - وما زالت تضحك - لم طرحها علي أرضية الغرفة وأكمل سيره للداحل 
                    
وو جد إناة كييا به ما، فحعله. وعاد به إلها وسكيه بالكمل فوق رأسا فصرحت 
                    
من برودة الماء فسألها؛ 
                    
- افتكرني أنا مين) 
                    
فنظرت إليه دون أن تجيب. فأسرع وحمل إناة أخر وسكبه فوق رأسها. فصرحت؛ 
                    
تذرتك.. أرجوك.. لا حاجة لمزيد من الماء. 
                    
فسألها على الفور؛ 
                    
مين اللي فتل أبوه عشان يرله.. وفي الأخر ورث كتاب؟ 
                    
صمتث الفتاة. وكأنا تتذكر لم سألته: 
                    
هل حدثنك عن ذلك؟ 
                    
رذ هالد متلهفا: أيوة .. 
                    
فنخلرث إليه الفناة: 
                    
حسنا ماذا تريد منه؟ 
                    
فأجايا؛ أنا عاوز أوصل له يأي طريقة.. لام أوصل له. لارم ألافي الكتاب 
                    
وصاحه اتي تعرفيه؟ 
                    
فبهضت وتحركت خطوات بملايسا المللة وشعرها المبلل وجلست على أحد 
                    
الكراسي. ونظرت إليه؛ 
                    
نعم أعرفه وقد أدلك عليه الآن إن أعطيتي عشرين وحدة من ذكاتك 
                    
فأسرع تجاهها وقال : 
                    
- وأنا موافق. 
                    
حسنا.. سأصطحبك إلى هناك ولكن انتظر حتى أبدل ملابسي.. 
                    
137 
                    
النفكير، وبفكر بما فالته الفتاة يأن هذا الشاب فتل أباه ي يرله. ويخشى أن 
                    
يكون ما يفكر ه حقيقة تصدمه بعد لحظات. حتى وصلا إلى أمام بيث متواضع. 
                    
فسألها حالد؛ 
                    
هو جوة؟ 
                    
فردث الفتاة؛ نعم. 
                    
فاندهش وسألها؛ 
                    
وليه هو مشى بالخارج زي بالي أهل المنطقة الشمالية؟! 
                    
إله هكذا.. بعد أن فنل أباه وفوتى بعدم امتلاكه لشي.. أصابه اليأس. فهو 
                    
يجلس بببته كثيرا.. وتزداد حالئه سوةا. وكأنه ينتظر أن يذبح يوم زيكولا. 
                    
لم طرقت الباب، وبعد لحظات فام شاب في العشرين من عمره بفتحه. فأشارت 
                    
إليه الفتاة: 
                    
ها هو صاحب الكناب.. أما أنا فعلي أن أعود إلى عملي.. وغمزت إلى خالد بطرف 
                    
عينها. وأكملك؛ 
                    
هناك من يلتظروئي.. 
                    
فنخلر إلها حال وهال. شكا علي حال.. 
                    
غادرت الفتاة. وتظر خالد إلى هذا الشاب الذي يقف أمامه. وظل بتأهله حتى 
                    
سأله الشاب؛ 
                    
من أنث؟! 
                    
فزادت دهشة خال حين وجد صوت هذا الشاب بشه صونه. فسأله الشاب 
                    
مجددا. وظهر الفضب علي وجهه: 
                    
فرذ خالد: أنا أطلب منك المساعدة. 
                    
فساله الشاب: مساعدة؟! 
                    
أيوة أنا عرفت إنك ورلث عن والدك كتابا احنفظ به لمدة عشرين ستة.. 
                    
فأحرج اللاب نفشا عميقا: لعم. 
                    
فابتسم هالدة هل تأفن لي بالدعول وننعدث فليلا. ثم تايع هين شعر برفض 
                    
وسأعطيك خمس وحداث ذ، مفابل هذا الحديث. 
                    
ققال الشاب؛ 
                    
حسنا. ولكن لا لضيع وفتي. عليك أن ترحل سريغا. أنا لا أحب الغرباء. 
                    
دخل خالد معه إلى الداخل. ولاحظ مدى الففر الذي يعيشه. وتلك الحياة 
                    
البائسة. والتي ظهرت على ملابسه وعلى أرضية بيئه حيث زجاجات الخمر 
                    
الفارغة. وظل يترفبه ويتأمله حتى سأله: 
                    
انث فتلت والدك فعلا؟ 
                    
فرذ الشاب غاضبا؛ 
                    
فنهض الشاب. وتحرك خطوات مبتعدا عنه. وحمل زجاجة كعر لفي يده.. لم نظر 
                    
- لعم قتلته.. إنه لم يجلب لي سوى الفقر. وتايع؛ 
                    
أعتهد أن أي مانت فديما بسيب جنونه 
                    
فسأله خالد على الفور: أمك ماتت؟ 
                    
فأجابه؛ 
                    
- متذ زمن فديم.. إنتي لا اتذكرها حتى.. ليتها عاشت ومات هو.. 
                    
فساله خالد؛ ليه ينكرهه ي الكره ده؟ 
                    
فرذ الشاب بعدما شرب الفليل من الخمر؛ 
                    
إنني أكرهه لأنه كأن مجتونا. هل بعقل أن ينفق أهد مخزونه من الذ، مقابل 
                    
كتاب لعين. لم ينفق ما تبقى له من ذكا، في التفكير في هذا الكناب.. بكفيه حظا 
                    
أ وجد من أفقر منه بزيكولا وإلا ذيع قبل أن أقتله بسنوات.. 
                    
ما أس؟ 
                    
أجابه، 
                    
أسعي هلال.. إنه من سمالي سذا الاسم. 
                    
فساله حالد على الفور؛ 
                    
• وأسم والدك إيه؟ 
                    
140 
                    
فاجايه ساح 
                    
-ن يدعي عسئي 
                    
فدق فلب خالد بفوة. واحمز وجهه. وكأن العقيقة التي كان ينتظرها فد لفحته.. 
                    
حسي عيد الفوي؟! 
                    
فاندهشي الشاب؛ 
                    
•نعم هل لعرفه؟ 
                    
فصمت خالد وتساقطت بعض دموعه. وانحتى بظهره للأمام. ووضع رأسه يين 
                    
يديه. وأكمل بصوت هادى: 
                    
- ن أبوك غريئا عن هنا وجاء إلى زيكولا من سيع وعشرين ستة. هو وأمك.. 
                    
ون بحدئك عن مصر.. وعن سرداب فوريك.. 
                    
فزادت دهشة هلال. وتظر إلى حالد. والذي اكمل؛ 
                    
ولكنه مقدرش يحميك من طباع زيكولا وأصبع همك مثلهم.. الثروة. 
                    
لم هض. وافنرب منه. وخطف زجاجة الخمر من يديه. ووضعها يعيدا.. م سأله: 
                    
- هل لاحظت الشيه القليل بيتي وبيئك؟.. هل لاحظت أن صوتي يشبه صوتك؟ ثم 
                    
- أنث هلال حسئي.. وأنا اسعي خالد حستي.. 
                    
لم عاد خطوات إلى الخلف. وألهز نفسا عميقا وأحرجه بيط، لم أكمل بعدما نظر 
                    
٠ أنا أحوك، وأتت قتلت والدنا.. لأنك ابن زيكولا.. 
                    
فصاع هلال به: 
                    
فصاع خالد غاضئا. ومازالت الدموع على وجه: أنا فعلا أخوك.. 
                    
فدفعه هلال مجددا 
                    
اخرج أها المجنون.. هل أنا بعاجة إلى مزيد من الجنون ي تأتيني أنت الآحر؟! 
                    
فنظر إليه خالد. وكأنه يراه وهو يقتل أياه لم مسح دموعه وسأله: 
                    
فأجابه هلال غاضبا؛ 
                    
وماذا تريد من الكناب؟! 
                    
فرذ حالد: أنا بحاجة للكثاب لأني عايز أرجع بلدي.. وممكن نيتي معايا.. 
                    
فضحك هلال ساحا؛ 
                    
- أرى أئك تشبه أي في جنونه. انتظر.. 
                    
ثم نظر إليه وعقد حاجييه، وسار إلى إحدى الغرف لم عاد مجددا إلى خالد، ومعه 
                    
كتاب فديم أور اله سميكة وقديمة فأسرع إليه خالد. وخطفه منه حين لمح 
                    
عنوانه.. سرداب فوريك. وبدا يقلب صفحاته المصفرة في لهفة ودق فلبه بقوة. 
                    
حى وصل إلى صفعة في منتصف الكناب مكنوب يا بخط يدوق يير.. الطريق إلى 
                    
سرداب فوربك.. واد يقرا ما يها حتى اختطفه هلال منه، وقال ساحا: 
                    
هل تريد هذا الكتاب؟ 
                    
رذ الد في لهفة: 
                    
142 
                    
-لفد أصيح للكثاب فائدة. ثم نخلر إلى حالد؛ 
                    
حسنا. عليك أن تشتريه.. 
                    
صمت هالد قليلا ثم ساله: 
                    
ابتسم وتحرك خطوات جيئة وذهايا. ونحدث؛ 
                    
- أرى أنك في حاجة ضرورية إلى الكناب 
                    
فنطق خالد نعم 
                    
فاكمل حلال 
                    
حسنا إن كنث ثريده. فعليك أن تعطيني ربعمائة وحدة من ذكائك 
                    
فصاج خالد على القور ربعميت وحدة؟ 
                    
فرذ هلال في هدو،. وتتاول زجاجته مرة أخرى؛ 
                    
نعم أها الغي.. ربعمائة وحدة. 
                    
فقال هالد: صدفتي. أنا أحوك. 
                    
فضحك هلال ساخا؛ 
                    
ليئي أتاكد أنك أتلي أييا المجنون. ألكسم لك إننيي لو ناكدت من ذلك لقثلثك ي 
                    
فصبت حالد. وزاد ضيفه لم سأله؛ 
                    
هل ثرك أبوك شينا أحر؟ 
                    
فأجابه: إنه لم ينرك سوى هذا الكتاب. هل ما زلت تريد شراء. وضحك ساخزا. 
                    
ألا تمتلكم الأن؟! 
                    
فتحرك خالد خطوات، ثم نظر إليه؛ 
                    
-أمتلكهم.. ولكني أهافظ على مخزوني من الذكاء.. وهقدر أوفر من عملي ثمن 
                    
الكناب.. وهرجع لك بعد شهرين من اليوم.. أرجوك حافظ على الكناب.. 
                    
فجلس هلال، وعاد بظهره للخلف؛ 
                    
حسا.. سأنتظرك حتى تعود. ولكن إن تأحرث يوما واحدا عن الشهرين.. سأمزق 
                    
عن كل يوم تأخرته عشر ورقات. حتى لو وصل بي الأمر أن أمزقه بالكامل.. إله لا 
                    
يسمني بشي».. هيا لا تضيع وفتك.. عد إلى حيث جئت. 
                    
فأوما خالد برأسه ثم تركه. وغادر. وأخرج زفيزا طويلا. وحدث نفسه: 
                    
- إنه أي.. وفائل أبب.. 
                    
مادر خالد بيث هلال، صاهب الكناب.. وسار يين الثاس وبين موسيقاهم 
                    
وصرحاسم التي لا تتوقف.. وعقله يشتعل بالتفكير.. تتضارب رأسه الكثير من 
                    
الأفكار ، ويتخبط فلبه ما بين شعور وأخر.. يسأل نفسه هل يسعد لأنه وجد كتابه. 
                    
أم يحزن حين علم بفتل أبيه وموت أمه، حتى لو لم يرهما من قبل.. وهذا الشاب 
                    
المهور الذي قد يكون أخاه. ومدى جشعه.. والمقابل الكبير الذي طليه ي يعطيه 
                    
كثابه.. وكيف سيوفر ريعمائة وحدة في شهرين.. وإن عاد ليأحذ كتابه هل ياخذه 
                    
144 
                    
ويترك أخاه. أم يأخذه معه.. حتى أمسك رأسه. وكأنه لم يعد يستطيع التفكير.. 
                    
وحدث نفسه يصوث هامس؛ 
                    
- هدفي دلوقتي إني أخد الكتاب.. 
                    
ثم سار إلى المكان الذي جلس به حين أتى إلى المنطقة الشمالية.. فوجد من أعطاه 
                    
حصانه. فانجه إليه ي يسترده؛ فلم يعطه الحصان إلا بعدما أعطاه وحدتين 
                    
أحريين.. لم أخذ حصائه.. واتجه إل مكان أحر، وألر أن يظل به حتى نشرق 
                    
الشمس فيعود إلى المنطقة الشرقية حيث أسيل ويامن وعمله معه. 
                    
في صباع اليوم التال، أعد خالد أغراضه، وامتل حصائه لم بدأ يتحرك بين 
                    
الشوارع الخالية إلى أطراف المنطقة الشمالية، حتى وصل إلى يداية طريقه نحو 
                    
المنطقة الشرقية فالتفت بحصانه نحو تلك المنطقة. وكأنه يودعها حتى يعود إليا 
                    
مجددا بعد ستين يوما.. لم التفث مجددا تجاه الطريق. وأمر حصانه أن ينطلق. 
                    
مر الوقث، وخالد في طريقه إلى المنطقة الشرفية.. لا يشغل نفكيره سوى ذلك 
                    
الكناب، وماذا سيكون في تلك الصفحة المكتوب بها الطريق إلى سرداب فوريك.. 
                    
يشعر بأن أمل خروجه قد ازداد.. لا يحتاج إلا تلك الوحدات التي طليها هلال ي 
                    
يأخذ كتابه.. أمله.. حتى وصل إلى المنطقة الشرفية بعد غروب الشمس فاتجه إلى 
                    
البحيرة. ففوى ينار مشتعلة في مانه بجوار الشجرة. ووجد يأمن يلتخظره. 
                    
فئرخل، واحتضنه حتي سأله يامن على الفور؛ 
                    
- هل وجدت كتابك؟ 
                    
فالسم خالد؛ 
                    
فساله لفي لهفة: وأين هو؟ 
                    
فالتفت إلها خالد فوجدها تعسع دموعها ثم افتريت منه، واحتضنته وابنسعت» 
                    
جلت إلى هنا وتمنيت أن أراك.. 
                    
فابتسم يامن حين وجد أسيلا تحتضن تخالد. وتنحنح. فابتسمث أسيل في خجل 
                    
لم جلست بجوار خالد . كأها لا تريد أن تفارقه.. وبدا خالد يروي لهعا ما حدث له 
                    
بالمنطقة الشمالية لكنه لم بتحدث عن فناة الليل، وما حدث معها حين وجد 
                    
أسيلا تسأله عن كل شي، حدث هناك وعن فنيات نلك المنطقة. فأخبرهما بأن 
                    
أحدا أحر فد دله على هذا الشاب.. هلال.. حتى أنى حديله فسألنه أسيل؛ 
                    
هل هو أحوك حقا؟! 
                    
فأجاب خالد: كل الدلاتل تقول إنه أخي.. أبوه صاحب الكتاب واسمه حسيي عبد 
                    
القوي.. وحى له عن مصر.. 
                    
ف 
                    
ريعا يكون شخصا أخر من بلدك.. مصر، وله نفس الاسم. ولكنه فد لا يكون 
                    
فقال خالد؛ لكن الولد شبي إلى حد ما. وصوتي يشبه صوتي. لكن طباعه طباع 
                    
فابتسم يأعي ، 
                    
تفصد طباع المنطفة الشمالية. ثم سأله؛ 
                    
- وكيف ستوفر ربعمانة وحدة من الذكاء في شهرين إن كنت توقر من العمل باليوم 
                    
بعد غذائك وحمايتك وحدة واحدة أو وحدتين على الأكثر.. 
                    
فصمت خالد حتي نطقت أسيل: 
                    
146 
                    
ريما نعمل معي. وأعطيك أريع وحدات باليوم.. 
                    
فابتسم يامن. وتحدث؛ 
                    
إن عملنا يحتاج إلى السار بأكمله. وإلى راحة بالليل ي يعود إلينا نشاطنا الذي 
                    
نواصل به عملثا.. 
                    
فصمنت أسيل. وظل حالد صامثا حتى نملق: 
                    
أنا افدر آكل ك بوم خبز. 
                    
فضحك يامن: حسنا.. أصبح لديك أريع وحدات باليوم.. تأحذ سبع وحدات، 
                    
وتدفع وحدئين للحماية، ووحدة للخيز. 
                    
ثم اكمل: 
                    
هكذا لن تكمل الأربعمائة وحدة بعد سنين يوما.. 
                    
فصمت خالد مرة أخرى.. ثم أكمل : 
                    
أنا ممكن أوفر ستث وحدات في اليوم. وفي سهاية الشهرين هيكون عندي 
                    
وحدة وفها حضيف أريعين وحدة فقط من مخزوي. وأقدر أشتري الكناب.. 
                    
فقاطعته أسيل تحذره : 
                    
- مخزونك من الذ، يا حال. أرى أنك بدأت نسترف منه الكثير. 
                    
فنظر إلها خالد مبنسئا. وأكمل: 
                    
-أكيد هعمل بعد الشهرين لحد ما يجي يوم زيكولا. وأقدر أعوض كل مخزوني.. 
                    
فضحك يامن. والذى صمث حتي انتى خالد وأسيل من حديلعالم قال: 
                    
إنك فوي بالحساب يا صديقي ولكن كيف ستوفر ست وحدات باليوم أيا 
                    
فبهض خالد ثم نظر إلى أسيل. وطلب منها أن تعود إلى بيها فرفضت. ونظرت إليه 
                    
- ماذا ستفعل). سأتي معك .. 
                    
فابنسم خالد ثم سار ومعه يامن وأسيل، واللذان لا يعرفان نيته.. واتجهوا إلى 
                    
شوارع المدينة حتى دخلوا إلى أحد المطاعم الذي يقدم الخبز والدجاج.. ووجد يه 
                    
خالد الكثير من العمال ممن يععلون معه في تقطيع الصخور.. ثم اتجه إلى صاحب 
                    
المطعم. وسأله؛ 
                    
-م سعر الدجاج هنا؟ 
                    
فرد الرجل؛ الدجاج مقايل خمس وحداث. 
                    
فسأله مجددا: 
                    
وم عامل يأل من دجاجك؟ 
                    

فرد الرجل الدجاج مقايل خمس وحدا. 
                    
فسأله مجددا: 
                    
وم عامل يأل من دجاجك؟ 
                    
فضحك الرجل ساخرا. لم أشار إلى من يأكلون: 
                    
- الخلر إلهم.. إنهم لا يأكلون سوى الخبز.. ريما أبيع دجاجة حين يأتيني غني مثلك 
                    
الى هنا.. 
                    
فاينسم خالد لم صعت. وأكمل حديثه؛ 
                    
ما رأبك أن تبيع كل يومين كل ما تمتلكه من دجاج؟ 
                    
فتظر الرجل ويامن وأسيل إلى خالد في دهشة. وكأنهم لا يفهعون ما يقصده.. حتى 
                    
وليس 
                    
أكمل وسال الرجل، 
                    
هل نريد ذلك؟ 
                    
فأجابه الرجل: بالطيع.. 
                    
فايئسم خالد؛ حسنا.. أريدك أن تجعل سعر وجبة الدجاج أريع وحدات. 
                    
فظهر الغضب على وجه الرجل.. وسأل خالد: 
                    
هل تعزح؟! 
                    
فأجابه خالد. ومازالت ابتسامته على وجه؛ 
                    
لا.. اجعل السعر أريع وحدات. وسأضمن لك مكسيا لم تحلم به يوما. 
                    
فصمت الرجل. و كأنه يفكر. وما زال الصمت على وجه يامن وأسيل حتى رد 
                    
حسنا.. سأجعله أريع وحدات.. ولكن ماذا ستفعل؟ ثم نظرت أسيل إلى خالد؛ 
                    
خالد. لا أفهم شيئا حتى الآن.. 
                    
فابتسم خالد؛ التظري.. 
                    
ثم اتجه إلى صالة المطعم حيث يأكل العمال. ووفف بمنتصفهالم سألهم بصوت 
                    
من يأكل حيزا؟ 
                    
فابتسم الجميع. ورفعوا أيديم بالخيز فصمت لم سألهم؛ 
                    
ومن يريد أن يأكئ دجاجا ئ يومين؟ 
                    
فاندهش من يأككون. وواصلوا أكلهم. ولم يعروا حديله اهتماما بعدما ظنوا أنه 
                    
يمزح حتى أكمل؛ 
                    
دون أن يدفع شيئا مما يدحره كل يوم.. 
                    
لم اكمل، 
                    
- أنا أكسر الصخور، وأمتلك من القوة ما يكفيئي لأتغلب على مخاوفي. لم تابع؛ 
                    
إنتي أدفع وحدئين للحماية كل يوم لمجموعة من الكسال. وثاكل من لعي.. 
                    
إنني لن أعطي أحدا من تعيي غشر وحدة من اليوم. حتى لو فتلولي.. أفضل أن 
                    

أذيح بوم زيكولا.. ولا أعملي أحذا شيئا مقايل حوي.. 
                     
فتوقف من يسمعونه عن مضغ الطعام. وأسيل تترقب رد فعلهم. وتنظر إلى خالد 
                     
في إعجاب حى همس إلها يامن؛ 
                     
إنه بارع في استخدام لهجتنا، لقد ترك لهجته ي يعدمهم.. 
                     
فاشارت أسيل إليه أن يصعت ي تستمع إلى خالد.. حتى نحرك خالد بعض 
                     
الخطوات بين طاولات الطعامو 
                     
إنني وحدي لن أسئطيع إيقافهم.. ولكننا معا سنستطيع ذلك.. سنجعلهم 
                     
يعملون مللنا، وإلا يذيحون يوم زيكولا.. لن يأككون حقنا بعد اليوم.. لم وقف 
                     
بجوار طاولة يجلس حولها للالة أشخاص فنظر إلهم. وأكمل؛ 
                     
لا أعلم كيف يحيفولكم. وعددهم ضليل للغاية.. أعلم أسم أشرار. وأنكم 
                     
طيبون، ومتسامحون، ولكن إن اجتمعتم فسيكنب عنكم التاريخ ذات يوم أنكم 
                     
اجتمعتم ي تزيلوا الظلم عنكم.. 
                     
لم سار خطوات أخرى، وهدأ صونه: 
                     
في عالمي. هناك من يشهونكم.. وما زالوا ينتظرون يوما ليجتمعوا.. وما زال 
                     
التاريخ يسجل ذلهم.. وعلا صوته مجددا 
                     
150 
                     
اليوم يطلبون منكم وحدتين. غدا سيطلبون ثلاث.. بعده سيطلبون أريع.. 
                     
خس.. من يدري؟ ربعا يجعلونكم نععلون لديم.. 
                     
بعدها تحرك إلى أهد أركان صالة الطعام. لم التفت إلهم: 
                     
أعلم أنكم تنعاملون بوحدات الذء.. وأن الذكاء عملئكم.. ولكن حان الوفت 
                     
لتستخدموه عرة واحدة بحياتكم.. استدموه ي تعيشوا.. استخدموه ي تفخروا 
                     
فصاح يامن؛ 
                     
أنا لن أدفع ي يحميتي أحد.. أستطيع أن أحمي نفسي.. 
                     
وصاحت أسيل؛ 
                     
وأنا كذلك.. من يريد أن يأخذ متي شينا فليقتلني أولا.. 
                     
وصاح فتى أهر؛ 
                     
وأنا لن أدفع.. 
                     
ونبعه رجل غيره : 
                     
وأنا أفضل أن أكل الدجاج يلى يومين.. لن أدفع.. 
                     
و صاع عجوز يجلس بعيدا؛ 
                     
وأنا لن أدفع.. لقد دفعت الكثير.. لن أدفع حتى أموت.. 
                     
و ميض فتى فوي. ورفع فأسه؛ 
                     
وأنا سأكسر عظامهم.. إها ليست أقوى من الصخور التي أكسرها.. 
                     
حتى صاع الجميع؛ نحن لن لدفع.. لن ندفع.. لن نأكل خيزا مجددا.. سنايل ما 
                     
بعلو لنا.. فابتسم خالد. واحمر وجهه لم انجه إلى يامن، واحتضئه لم احتضته 
                     
أسيل وأغمضت عينيها، وحدثت نفسها؛ "كم أحبك يا خالد"، ثم فتحتهما، 
                     
وهمست في أذنه: 
                     
- سيكتب هذا اليوم في تاريخ زيكولا. 
                     
فهمس إليا خالد مبتسما: 
                     
- إنني أنظر إلى وجهك فأجد الأمل يا أسيل.. 
                     
فابتسمت أسيل. واحمز وجهها.. ثم نظر خالد إلى يامن؛ 
                     
هيا يا يامن.. عليك أن تعيد الحصان إلى صاحبه.. وأن تستريح ي نعمل غدا مغا.. 
                     
ثم نظر إلى العمال الذين ينرافصون فرخا، وتايع مبتسما؛ 
                     
- سأبدأ من الغد توفير ثمن كتابي.

الفصل الخامس عشر


وترافصوا فرخا بذلك. وزادت سعادة أسيل ويامن بما فعله . 
                     
في اليوم الثالي اتجه خالد مبكزا إلى عمله فوجد عشرة ممن يأخذون وحدات 
                     
الحماية يقفون بطريفه كعادمم. واقتريوا منه ي يأخذوا ما يريدون فابنسم 
                     
وواصل سيره حتى أوقفه أحدهم بعئف. وصاح به: 
                     
هيا.. ادفع وحدتيك .. 
                     
فابتسم مجددا. وواصل سيره فأوقفه الرجل مرة أخرى. وطالبه بالوحدتين من 
                     
جديد.. فرد في برود: 
                     
٠ أنا لن أدفع.. 
                     
فظهر الغضب علي وجوههم وضحك أحدهم ساخرا: 
                     
لن تدفع؟!! 
                     
فأجابه؛ لعم.. 
                     
ففال الرجل غاضبا؛ 
                     
153 
                     
-أنعلم ماذا سيحدث لك؟ 
                     
فرد خالد مبتسما: 
                     
فزاد الغضب على وجوههم جميغا. وهموا أن يضربوه حتى فوجدوا به يشير تجاه 
                     
غيار نيف بالجو.. وضحك؛ 
                     
- انظروا.. 
                     
فنظروا إلى ذلك الغبار بالأعلى ثم نظروا إلى أسفله فوجدوا المنات من العمال. 
                     
وبأيديم فؤوسهم والامم اليدوية. يفودهم يامن. ويفتربون عدوا تجاههم. حتى 
                     
قال الد؛ 
                     
- عليكم أن مهريوا وإلا ستدفعون الكثير اليوم.. 
                     
فصرخ زعيمهم إلى أحدهم؛ 
                     
•اذهب لتجلب الأخرين.. 
                     
ولم يكمل حديله حتى اقترب العمال. وألفى أحدهم بفأسه إلى خالد فابتسم ولوح 
                     
مها، لم تحدث بصوت عال إلى العمال: 
                     
-إنهم لا يصدفون أننا لن ندفع لهم من اليوم.. 
                     
ثم أكمل بعدما لمعت فأسه ؛ 
                     
«علينا أن نثبت لهم ذلك .. 
                     
ثم ضرب بفأسه أحدهم. وما إن فعل ذلك حتى صاع العمال ثم اسالوا على بقيشم 
                     
بالضرب. وكأنهم كانوا ينتظرون ذلك اليوم.. حتى من ذهب ليجلب بفيتم توارى 
                     
بعيدا وهرب مع الأخرين حين وجدوا زملاءهم يضربون كمن وقع عليم جيلا من 
                     
الفؤوس والعصي.. هتى هدأ العمال مرة أهرى، وسالت الدماء على وجوه أهذي 
                     
الوحدات.. فسألهم خالد؛ 
                     
154 
                    
وتراقصوا فرخا بذلك، وزادت سعادة أسيل ويامن بما فعله . 
                    
في اليوم الثالي انجه خالد مبكرا إلى عمله فوجد عشرة ممن يأخذون وحدات 
                    
الحماية يففون بطريقه كعادمم. وافنريوا منه ي يأخذوا ما يريدون فابتسم 
                    
وواصل سيره حتى أوقفه أحدهم بعنف. وصاح يه؛ 
                    
هيا.. ادفع وحدتيك .. 
                    
فابتسم مجددا. وواصل سيره فأوففه الرجل مرة أخرى. وطاليه بالوحدئين من 
                    
جديد. فرد في برود 
                    
• أثا لن أدفع.. 
                    
فظهر الغضب على وجوههم وضحك أحدهم ساخزا؛ 
                    
لن تدفع؟! 
                    
فأجابه؛ لعم.. 
                    
فقال الرجل غاضبا؛ 
                    
153 
                    
- أنعلم ماذا سيحدث لك؟ 
                    
فرذ خالد مبتسما: 
                    
فزاد الغضب على وجوههم جميعا.. وهموا أن يضربوه حتى فوجنوا به يشير تجاه 
                    
غيار كثيف بالجو.. وضحك؛ 
                    
- انظروا.. 
                    
فنظروا إلى ذلك الغبار بالأعلى ثم نظروا إلى أسفله فوجدوا المنات من العمال. 
                    
وبأيديم فؤوسهم والاتم اليدوية. يفودهم يامن. ويقتريون عدوا تجاههم. حتى 
                    
قال الد: 
                    
- عليكم أن صروا وإلا ستدفعون الكثير اليوم.. 
                     
فصرخ زعيمهم إلى أحدهم؛ 
                     
•اذهب لتجلب الأخرين.. 
                     
و لم يكمل هديئه هتى اقترب العمال. وألفى أهدهم بفأسه إلى خالد فابئسم ولوح 
                     
يها، لم تحدث بصوت عال إلى العمال؛ 
                     
-إنم لا يصدقون أننا لن ندفع لهم من اليوم.. 
                     
لم أكمل بعدما لمعت فأسه : 
                     
- علينا أن نثبت لهم ذلك .. 
                     
ثم ضرب بفأسه أحدهم. وما إن فعل ذلك حتى صاح العمال ثم اسالوا على يفيشم 
                     
بالضرب، وكأسم ائوا يفتظرون ذلك اليوم.. حتى من ذهب ليجلب بقشم توارى 
                     
بعيدا وهرب مع الأخرين هين وجدوا زملاء هم يضربون كمن وفع عليهم جبلا من 
                     
الفؤوس والعصي.. حتى هدأ العمال مرة أخرى. وسالت الدما، على وجوه أخذي 
                     
الوحدات.. فسألهم خالد؛ 
                     
إم مازالوا يريدون.. 
                     
فواصلوا ضربهم مجددا.. حتى صرخوا: 
                     
- إننا لا نريد شهقا.. إننا لا نريد.. 
                     
فصاح يامن غاضبا: 
                     
حسنا.. عليكم أن تتركوا تلك المنطقة إن لم تعملوا.. إن رأيناكم هنا مجددا فلن 
                     
تكتفي بما حدث اليوم.. 
                     
فصرخ أحدهم: 
                     
- حسفا.. حسنا.. 
                     
لم هضوا مسرعين يربون بعيدا. فصاح العمال فرحين. وبدأوا يتراقصون. 
                     
ويغنون، 
                    
- سنأكل الدجاج.. سنأكل الدجاج.. نحن أقوياء.. 
                    
ثم احتضن يامن خالدا. وهمس إليه: 
                    
- ريعا يأتون بيفيشم غدا.. 
                    
فضحك خالد: 
                    
• معتقدش.. هما خلاص عرفوا إن ائتوا اتحدتوا.. والمرة الجابة ممكن نفنلوهم.. 
                    
شفت اليوم الوحيد اللي استخدمتوا فيه الذ.. وحمل فأسه. وجذبه من يده؛ 
                    
- هيا يا صديقي، لدينا الكثير من العمل.. 
                    
فصحك يامن، 
                    
أصبحت تتحدث مثلنا.. 
                    
155 
                     
فضحك خالد. واستعاد لهجته مرة أخرى: 
                     
حلاص أنا بفيت من أبناء زيكولا.. 
                     
لم عاد إلى ليجة زيكولا؛ 
                     
هيا. سأنافسك اليوم في العمل.. وسأعمل ضعف ما تعمل. 
                     
فضحك يامن؛ 
                     
-أرى أنك تحلم.. 
                     
فرد خالد ضاحا؛ 
                     
أحلم ١١٢ سئرى.. لم أسرع إلى مكان العمل جريا. فتبعه يامن مسرغا: انتظر.. 
                     
بدأ خالد يعمل بقوة.. لا يشغل تفكيره شيء سوى أن يؤفر ثمن كتابه.. يعر اليوم 
                     
ثلو الآخر، يعلم أن عمله شاق للغاية. ولكنه يدرك أله العمل الأكثر ربحا في 
                     
زيكولا.. يحاول أن يحفز نفسه بأن ينافس يامن كل يوم في تكسير تلك الصخور.. 
                     
وبضحك حين يجد فتاة أو أحرى تنظر إلى جسده القوي اللامع تحث أشعة 
                     
الشمس.. فيكمل عمله. ويترك يامنا ليداعب تلك الفتيات.. هتى يفشي من عمله 
                     
فيذهب إلى ذلك المطعم ي ينناول غذاءه.. وييئسم حين يجد الكلير من العمال 
                     
يأكلون الدجاج بيئعا أصيع مو الوهيد الذي يأكل هيزا.. ثم يعود إلى البحيرة 
                     
فيلقي بجسده في ماسها لم يستلفى على شاطها.. ويخرج أوراقه وأقلامه ليسجل ما 
                     
حصل عليه من وحدات، وما تيقى له على ثمن الكناب، وما تبقى له من أيام.. حتى 
                     
ح يفليه النعاس. فينام حتى صباع اليوم الذي يليه. 
                     
حى جاء يوم والتى من عمله.. ففوجى بفتاة تقترب من بعيد ودق فلبه صاخبا 
                     
حين وجدها تشبه "متى" الفتاة المي أحيها لسنوات طويلة قبل أن يأتي إلى زيكولا. 
                     
156 
                     
حتى مزت بجانبه فوجدها تختلف عبها قليلا.. واندهشت حين وجدته ينظر إليها 
                     
في ذهول. حتى يامن أصابته الدهشة هو الأخر.. فسأله مداعبا له: 
                    
- هل تعجيك؟ا. إن كنث تريد أن تتزوجها، أخبرلي فقط .. 
                    
فضحك دالد 
                    
لا.. شكرا.. 
                    
بعدها غادر . ولم يتجه إلى الممطعم تلك الليلة كعادته بل ذهب إل شامل البحيرة. 
                    
وعقله منشغل بتلك الفتاة التي نشبه متى.. وكأنه تذكر سئوات مضت، وحدث 
                    
- مى؟! ثم أكمل: 
                    
- يا ترى اتجوزني الدكنور ولا لا؟! 
                    
ثم جلس على شاط البحيرة أمام نار أوفدها. وأخرج ورفة من أغراضه.. نصفها 
                    
العلوي ملي، بكتاباته.. ويدأ يكنب بنصفها السفلي؛ 
                    
لم تعد سوى أيام قليلة على إتمامي الشهرين. وأذهب ي أخذ كثاي.. ولكنني قد 
                    
قابلث اليوم فتاة نشيه منى التي أحيبها سث سنواث.. وانث أمنية حياتي أن 
                    
أتزو جها ذات يوم.. لولا أبوها المجنون.. ثم صمت مفكزا فليلا ثم أكمل كتابته؛ 
                    
لا أعلم ما سر أن أجد تلك الفتاة اليوم.. هل لأتذكر منى بعدما لم أفكر بها منذ 
                    
دحول زيكولا.. حين انشغل عقلي بالبحث عن كتاي.. لا أعلم.. 
                    
ثم توقف. ونخلر بعيدا إلى البحيرة. وأحذ نفشا ععيفا وأخرجه بيط... لثم نظر إلى 
                    
الورفة والتي امتلأت بالكتابة عدا جزما صغير بأسفلها، فكتب به؛ 
                    
ما أعلمه جيدا أني لم أحب غير متى طوال عمري. 
                    
وانتث الورقة التي يكتب بها. فأخرج ورفة أخرى ونظر إلى الورفة السابقة حيث 
                    
انشى ثم اكمل، 
                    
157 
                    
لم أهب غيرها طوال عمري قبل أن آتي إلى زيكولا.. هتى وجدت أسيلا التي يزداد 
                    
شعوري كل يوم بحيها لي.. أما أنا فأشعر تجاهاي.. 
                    
حتى شعر بأقدام تقترب من خلفه.. فوجد أسيلا تقترب، فضحك ثم أخفى أورافه 
                    
بين أغراضه.. واقتربت منه. وسألته: 
                    
• ماذا تفعل؟ 
                    
فابلسم؛ 
                    
ولا حاجة.. 
                    
يبدو أنك توفر طعامك.. 
                    
فقال ضاحكا؛ لا.. أنا مش بخيل للدرجة دي.. أنا فضلت إني أتي للبحيرة.. 
                    
فابنسمت أسيل؛ 
                    
- إن البخل ليس عيبا هنا في زيكولا كما تعلم.. لقد بدا أهالي زيكولا يدخرون 
                    
ثرو امهم بالفعل بعدما شعروا باقتراب يوم زيكولا إن أن مولود الحاكم ذكرا.. ريما 
                    
يكون بعد ثلاثة أشهر أو أكثر بأيام قليلة.. من يدري؟ 
                    
ثم أكملت ميئسعة: لولا تلك الوهدات التي وفرها الكثيرون من أهذي وهدات 
                    
الحماية لما اكلوا دجاجا حتى الشاء ذلك اليوم. وضحكث وأردفث؛ 
                    
- أتوقع أن يكون فقير هذا العام لديه أكثر من مائتي وحدة.. 
                    
- وأنا نفسي أسيب زيكولا قبل ما أشوف الفقير بيذيح.. لم سألها؛ وانتي مش عايزة 
                    
تسييي زيكولا؟ 
                    
158 
                    
فأجابته؛ 
                    
- إن تري لزيكولا فد يكون أصعب لهرار بحيائي.. لا أعتقد أنني سأتخذ هذا القرار 
                    
حتى يكون لدي ميرر قوي للغاية. لم نضث؛ 
                    
هيا عليك أن تنام.. أما أنا فسأعود إلى بيتي لدي أيضا الكثير من العمل باكرا.. 
                    
فابتسم خالد، وكأنه يقلدها؛ 
                    
ميرر قوي للغاية؟! 
                    
فضحكت أسيل؛ 
                    
للغاية.. 
                    
غادرت أسيل، ومر الليل. وأنى ما بعده من شهار.. وخالد يواصل عمله. ويتمنى أن 
                    
ثمر الأيام المتبقية سريعا.. وتوالت الأيام يوما بعد يوم.. وغالد يوفر ما يستطيع 
                    
توفيره من وحدات.. ولا يئرك بوما دون أن يعمل.. لا ينفق من أجره شيئا سوى 
                    
وحدة واحدة حين يأكل الخبز.. حتى إنه كان يوفرها بعض الأيام.. وقد يمر بومان 
                    
دون أن بضع لفعة بحلقه.. هتى جاء اليوم الأخير من الشهرين وكان بعمله مع 
                    
يامن. والذي حدله مبتسما؛ 
                    
لقد التهت المهلة اليوم.. 
                    
فحمد خالد ربه ثم فال: 
                    
-أحيرا.. كنث مستني اليوم ده بفارغ الصير. 
                    
فسأله يامن؛ 
                    
-كم جمعث من الأربعمائة وحدة؟ 
                    
فصمت خالد مفكرا، وكأنه يحسب ما جمعه بدقة: 
                    
159 
                    
•تقصد مائة وحدة. 
                    
فرد خالد مندهشا؛ مائة؟! 
                    
أكمل يامن :- لعم.. هل نسيت أنك ستستأجر الحصان مرة أخرى. 
                    
فضرب رأسه بيده.. وكأن ذلك الحصان لم يكن بحسبائه.. حتى صمت وأكمل: 
                    
أنا كنث هشئري حصان أوفر لي.. لم تايع؛ 
                    
مشى هتفرق خمسين من مية.. المهم إلي أخد الكثاب.. 
                    
فضحك يامن: 
                    
حسنا.. سأوفر لك الحصان مجددا.. وسأنتظرك حتى تعود.. إنني أريد أن أرى 
                    
أغلى كتاب بزيكولا.. أعتقد أسا ستكون لحظة تاريخية لي.. 
                    
فضحك خالد: 
                    
وأتعتى إنها تكون تاريخية لي أنا كمان. 
                    
ي صباح اليوم التال. امتط خالد الحصان الذي أحضره يامن.. وكان نفس 
                    
الحصان الفوي الذي استأجره المرة السابقة حين ذهب إلى المنطقة الشمالية.. 
                    
وانطلق نحو تلك المنطقة.. تعلو وجهه ابتسامة أمل لم يشعر بها من قبل.. يأمر 
                    
حصائه أن يسرع.. هيا.. إلى الأمل.. إلى خروجي من زيكولا.. يشق الطريق بقوة.. 
                    
ويتطاير فميصه مع الهواء لنظهر عضلات جسده الفوية، وذراعه القوي الذي 
                    
يمسك بلجام حصانه بإحكام.. ينطلق بحصائه. وبخشى أن يتأخر عن موعده 
                    
فيمزق هلال المجنون صفحة واحدة من كتابه.. ويأمره بأن يزيد من سرعته.. ويعر 
                    
الوفث. وتتحرك الشمس.. ويواصل طريقه دون أن يستريح. 
                    
160 
                    
حتى وصل إلى أطراف المنطقة الشمالية مع غروب الشمس.. فأسرع ينطلق في 
                    
شوارعها. والتي كانت خالية إلا من القليل من الأشخاص الذين بدأوا في الخروج 
                    
مع حلول الليل. وبعض فتيات الليل اللاتي خرجن إلى شوارع تلك المنطقة.. وأكمل 
                    
طريقه نحو بيت هلال.. أخيه.. صاحب الكتاب. 
                    
وصل خالد إلى بيت أخيه. فترجل مسرعا.. وعقل حصانه بجوار بابه.. ثم أعطى 
                    
فتى بجلس أمام هذا البيت وحدتين مقابل أن يحمي حصائه حتى يعود.. ثم طرق 
                    
بابه ففتح هلال ووجده أمامه. فضحك قاتلا: 
                    
•المجنون الذي يريد الكتاب.. 
                    
فصمت خالد ولم يرد ثم دلف معه إلى داخل البيت.. فوجد رجلين تيدو عليهما 
                    
الفوة. ويظهر الشر يأعيبهما.. حتى تحدث هلال: 
                    
•لقد جنث في موعدك تماها. 
                    
فرذ خالد: 
                    
- إئتي أريد الكتاب الآن. 
                    
فابتسم هلال ابتسامة خبيثة ؛ 
                    
• بالطبع يا عزيزي. لقد جنت إلي من السماء.. إلتني كنث أخشى أن أذيع يوم زيكولا.. 
                    
أما بعد ذلك الكتاب فلن أعمل عاما على الأقل.. إنئي اليوم أحترم أيي كليرا.. ثم 
                    
تظر إلى خالد؛ 
                    
- بالطبع يا عزيزي. لفد جنت إلي من السماء. إنني كنت أخثى أن أذيح يوم زيكولا.. 
                    
أما بعد ذلك الكثاب فلن أعمل عاما على الأقل.. إنتي اليوم أحترم أبي كثيرا.. ثم 
                    
نظر إلى حالد؛ 
                     
ييدو أنك على استعداد الآن لتعطيي الخمسمائة وحدة مقابل الكتاب. 
                     
161 
                     
فصاح خالد في غضب ؛ 
                     
فضحك هلال. وكأنه مندهش: 
                     
نعم.. أنسيت اتفاقنا؟! 
                     
فصاع خالد مجددا: 
                     
-ان اتفاقنا أريععانة وحدة.. 
                     
فصمت هلال ثم تحرك خطوات.. وتحدث إلى أحد الرجلين؛ 
                     
- إنه يقول أريعمائة. 
                     
ثم نظر إلى الآخر؛ 
                     
- إثني لا أتذكر ذلك.. 
                     
وثخظلر إل خالد؛ 
                     
- ريما لم تفهم قصدي وقتها.. ربما كنت أقصد أن تعطيني أربعمائة وحدة إن أحذته 
                     
هبل شبرين. 
                     
أما بعد ثلك المدة فلابد أن يزيد الثمن.. لا أعلم سر هذا الغباء في زيكولا. 
                     
فشاط خالد غضبا، وكاد يلكمه.. ولكنه تمالك أعصابه حين نظر إلى هذين 
                     
الرجلين، وما يخفيانه من شر.. ثم تحدث في هدوء؛ 
                     
لسه بقول إنك أفي.. 
                     
فضحك هلال ونظر إلى الرجلين؛ 
                     
-لفد أحيرنكم أنه مجنون.. ثم نظر إليه: 
                     
اعتقد أنك تملك الكثير.. لن تصبح فقيزا إن أعطيتني المائة وحدة الإضافية. 
                     
162 
                    
ثم تحرك إلى إحدى الغرف، وعاد وبيده ذلك الكناب وحدث الرجلين؛ 
                    
إن الوفث يمر. ومازال صديقنا يفكر.. حسنا. سأمزق أخر ورقة بالكتاب.. وهم 
                    
أن يمزقها فأمسك خالد بيده. ونظر في عينه بقوة؛ 
                    
حسنا.. وأنا أعطيك الكتاب. 
                    
فانتزعه خالد في غضب. واحتضنه بين ذراعيه. وتحدث كأنه يتحدث إلى الكتاب؛ 
                    
المهم إن الكناب معايا.. الوحدات اللي فقدسا أقدر أعوضها فبل يوم زيكولا إن 
                    
شاء الله.. لسه تلات شهور على يوم زيكولا لو كان المولود ولد.. لو عملث زي الفئرة 
                    
اللي فاتث أقدر أوفر حوالي همسعيث وحدة.. وأستعيد كل مخزولي وأكتر.. لم 
                     
ثظر إلى ملال. والذي بدأ يشرب الخعر مع الرجلين وقال 
                     
أتمتى إنك متكونش أني فعلا.. وأكمل : 
                     
لأنك عار.. 
                     
فضحك هلال ببرود، 
                     
- هيا.. اهرج من هنا أها المجنون فبل أن نأهذ منك الكناب مجددا.. 
                     
وترافصوا فرخا بذلك. وزادت سعادة أسيل ويامن بما فعله . 
                     
في اليوم الثالي اتجه خالد مبكزا إلى عمله فوجد عشرة ممن يأخذون وحدات 
                     
الحماية يقفون بطريفه كعادمم. واقتريوا منه ي يأخذوا ما يريدون فابنسم 
                     
وواصل سيره حتى أوقفه أحدهم بعئف. وصاح به: 
                     
هيا.. ادفع وحدتيك .. 
                     
فابتسم مجددا. وواصل سيره فأوقفه الرجل مرة أخرى. وطالبه بالوحدتين من 
                     
جديد.. فرد في برود: 
                     
٠ أنا لن أدفع.. 
                     
فظهر الغضب علي وجوههم وضحك أحدهم ساخرا: 
                     
لن تدفع؟!! 
                     
فأجابه؛ لعم.. 
                     
ففال الرجل غاضبا؛ 
                     
153 
                     
-أنعلم ماذا سيحدث لك؟ 
                     
فرد خالد مبتسما: 
                     
فزاد الغضب على وجوههم جميغا. وهموا أن يضربوه حتى فوجدوا به يشير تجاه 
                     
غيار نيف بالجو.. وضحك؛ 
                    
- انظروا.. 
                    
فنظروا إلى ذلك الغبار بالأعلى ثم نظروا إلى أسفله فوجدوا المنات من العمال. 
                    
وبأيديم فؤوسهم والامم اليدوية. يفودهم يامن. ويفتربون عدوا تجاههم. حتى 
                    
قال الد؛ 
                    
- عليكم أن مهريوا وإلا ستدفعون الكثير اليوم.. 
                    
فصرخ زعيمهم إلى أحدهم؛ 
                    
•اذهب لتجلب الأخرين.. 
                    
ولم يكمل حديله حتى اقترب العمال. وألفى أحدهم بفأسه إلى خالد فابتسم ولوح 
                    
مها، لم تحدث بصوت عال إلى العمال: 
                    
-إنهم لا يصدفون أننا لن ندفع لهم من اليوم.. 
                    
ثم أكمل بعدما لمعت فأسه ؛ 
                    
«علينا أن نثبت لهم ذلك .. 
                    
ثم ضرب بفأسه أحدهم. وما إن فعل ذلك حتى صاع العمال ثم اسالوا على بقيشم 
                    
بالضرب. وكأنهم كانوا ينتظرون ذلك اليوم.. حتى من ذهب ليجلب بفيتم توارى 
                    
بعيدا وهرب مع الأخرين حين وجدوا زملاءهم يضربون كمن وقع عليم جيلا من 
                    
الفؤوس والعصي.. هتى هدأ العمال مرة أهرى، وسالت الدماء على وجوه أهذي 
                    
الوحدات.. فسألهم خالد؛ 
                    
154 
                    
وتراقصوا فرخا بذلك، وزادت سعادة أسيل ويامن بما فعله . 
                    
في اليوم الثالي انجه خالد مبكرا إلى عمله فوجد عشرة ممن يأخذون وحدات 
                    
الحماية يففون بطريقه كعادمم. وافنريوا منه ي يأخذوا ما يريدون فابتسم 
                    
وواصل سيره حتى أوقفه أحدهم بعنف. وصاح يه؛ 
                    
هيا.. ادفع وحدتيك .. 
                    
فابتسم مجددا. وواصل سيره فأوففه الرجل مرة أخرى. وطاليه بالوحدئين من 
                    
جديد. فرد في برود 
                    
• أثا لن أدفع.. 
                    
فظهر الغضب على وجوههم وضحك أحدهم ساخزا؛ 
                    
لن تدفع؟! 
                    
فأجابه؛ لعم.. 
                    
فقال الرجل غاضبا؛ 
                    
153 
                    
- أنعلم ماذا سيحدث لك؟ 
                    
فرذ خالد مبتسما: 
                    
فزاد الغضب على وجوههم جميعا.. وهموا أن يضربوه حتى فوجنوا به يشير تجاه 
                    
غيار كثيف بالجو.. وضحك؛ 
                    
- انظروا.. 
                    
فنظروا إلى ذلك الغبار بالأعلى ثم نظروا إلى أسفله فوجدوا المنات من العمال. 
                     
وبأيديم فؤوسهم والاتم اليدوية. يفودهم يامن. ويقتريون عدوا تجاههم. حتى 
                     
قال الد: 
                     
- عليكم أن صروا وإلا ستدفعون الكثير اليوم.. 
                     
فصرخ زعيمهم إلى أحدهم؛ 
                     
•اذهب لتجلب الأخرين.. 
                     
و لم يكمل هديئه هتى اقترب العمال. وألفى أهدهم بفأسه إلى خالد فابئسم ولوح 
                     
يها، لم تحدث بصوت عال إلى العمال؛ 
                     
-إنم لا يصدقون أننا لن ندفع لهم من اليوم.. 
                     
لم أكمل بعدما لمعت فأسه : 
                     
- علينا أن نثبت لهم ذلك .. 
                     
ثم ضرب بفأسه أحدهم. وما إن فعل ذلك حتى صاح العمال ثم اسالوا على يفيشم 
                     
بالضرب، وكأسم ائوا يفتظرون ذلك اليوم.. حتى من ذهب ليجلب بقشم توارى 
                     
بعيدا وهرب مع الأخرين هين وجدوا زملاء هم يضربون كمن وفع عليهم جبلا من 
                     
الفؤوس والعصي.. حتى هدأ العمال مرة أخرى. وسالت الدما، على وجوه أخذي 
                     
الوحدات.. فسألهم خالد؛ 
                     
إم مازالوا يريدون.. 
                     
فواصلوا ضربهم مجددا.. حتى صرخوا: 
                     
- إننا لا نريد شهقا.. إننا لا نريد.. 
                     
فصاح يامن غاضبا: 
                     
حسنا.. عليكم أن تتركوا تلك المنطقة إن لم تعملوا.. إن رأيناكم هنا مجددا فلن 
                     
تكتفي بما حدث اليوم.. 
                     
فصرخ أحدهم: 
                    
- حسفا.. حسنا.. 
                    
لم هضوا مسرعين يربون بعيدا. فصاح العمال فرحين. وبدأوا يتراقصون. 
                    
ويغنون، 
                    
- سنأكل الدجاج.. سنأكل الدجاج.. نحن أقوياء.. 
                    
ثم احتضن يامن خالدا. وهمس إليه: 
                    
- ريعا يأتون بيفيشم غدا.. 
                    
فضحك خالد: 
                    
• معتقدش.. هما خلاص عرفوا إن ائتوا اتحدتوا.. والمرة الجابة ممكن نفنلوهم.. 
                    
شفت اليوم الوحيد اللي استخدمتوا فيه الذ.. وحمل فأسه. وجذبه من يده؛ 
                    
- هيا يا صديقي، لدينا الكثير من العمل.. 
                    
فصحك يامن، 
                    
أصبحت تتحدث مثلنا.. 
                    
155 
                    
فضحك خالد. واستعاد لهجته مرة أخرى: 
                    
حلاص أنا بفيت من أبناء زيكولا.. 
                    
لم عاد إلى ليجة زيكولا؛ 
                    
هيا. سأنافسك اليوم في العمل.. وسأعمل ضعف ما تعمل. 
                    
فضحك يامن؛ 
                    
-أرى أنك تحلم.. 
                    
فرد خالد ضاحا؛ 
                    
أحلم ١١٢ سئرى.. لم أسرع إلى مكان العمل جريا. فتبعه يامن مسرغا: انتظر.. 
                    
بدأ خالد يعمل بقوة.. لا يشغل تفكيره شيء سوى أن يؤفر ثمن كتابه.. يعر اليوم 
                    
ثلو الآخر، يعلم أن عمله شاق للغاية. ولكنه يدرك أله العمل الأكثر ربحا في 
                    
زيكولا.. يحاول أن يحفز نفسه بأن ينافس يامن كل يوم في تكسير تلك الصخور.. 
                    
وبضحك حين يجد فتاة أو أحرى تنظر إلى جسده القوي اللامع تحث أشعة 
                    
الشمس.. فيكمل عمله. ويترك يامنا ليداعب تلك الفتيات.. هتى يفشي من عمله 
                    
فيذهب إلى ذلك المطعم ي ينناول غذاءه.. وييئسم حين يجد الكلير من العمال 
                    
يأكلون الدجاج بيئعا أصيع مو الوهيد الذي يأكل هيزا.. ثم يعود إلى البحيرة 
                    
فيلقي بجسده في ماسها لم يستلفى على شاطها.. ويخرج أوراقه وأقلامه ليسجل ما 
                    
حصل عليه من وحدات، وما تيقى له على ثمن الكناب، وما تبقى له من أيام.. حتى 
                    
ح يفليه النعاس. فينام حتى صباع اليوم الذي يليه. 
                    
حى جاء يوم والتى من عمله.. ففوجى بفتاة تقترب من بعيد ودق فلبه صاخبا 
                    
حين وجدها تشبه "متى" الفتاة المي أحيها لسنوات طويلة قبل أن يأتي إلى زيكولا. 
                    
156 
                    
حتى مزت بجانبه فوجدها تختلف عبها قليلا.. واندهشت حين وجدته ينظر إليها 
                    
في ذهول. حتى يامن أصابته الدهشة هو الأخر.. فسأله مداعبا له: 
                    
- هل تعجيك؟ا. إن كنث تريد أن تتزوجها، أخبرلي فقط .. 
                    
فضحك دالد 
                    
لا.. شكرا.. 
                    
بعدها غادر . ولم يتجه إلى الممطعم تلك الليلة كعادته بل ذهب إل شامل البحيرة. 
                    
وعقله منشغل بتلك الفتاة التي نشبه متى.. وكأنه تذكر سئوات مضت، وحدث 
                    
- مى؟! ثم أكمل: 
                    
- يا ترى اتجوزني الدكنور ولا لا؟! 
                    
ثم جلس على شاط البحيرة أمام نار أوفدها. وأخرج ورفة من أغراضه.. نصفها 
                    
العلوي ملي، بكتاباته.. ويدأ يكنب بنصفها السفلي؛ 
                    
لم تعد سوى أيام قليلة على إتمامي الشهرين. وأذهب ي أخذ كثاي.. ولكنني قد 
                    
قابلث اليوم فتاة نشيه منى التي أحيبها سث سنواث.. وانث أمنية حياتي أن 
                    
أتزو جها ذات يوم.. لولا أبوها المجنون.. ثم صمت مفكزا فليلا ثم أكمل كتابته؛ 
                    
لا أعلم ما سر أن أجد تلك الفتاة اليوم.. هل لأتذكر منى بعدما لم أفكر بها منذ 
                    
دحول زيكولا.. حين انشغل عقلي بالبحث عن كتاي.. لا أعلم.. 
                    
ثم توقف. ونخلر بعيدا إلى البحيرة. وأحذ نفشا ععيفا وأخرجه بيط... لثم نظر إلى 
                    
الورفة والتي امتلأت بالكتابة عدا جزما صغير بأسفلها، فكتب به؛ 
                    
ما أعلمه جيدا أني لم أحب غير متى طوال عمري. 
                    
وانتث الورقة التي يكتب بها. فأخرج ورفة أخرى ونظر إلى الورفة السابقة حيث 
                    
انشى ثم اكمل، 
                    
157 
                    
لم أهب غيرها طوال عمري قبل أن آتي إلى زيكولا.. هتى وجدت أسيلا التي يزداد 
                    
شعوري كل يوم بحيها لي.. أما أنا فأشعر تجاهاي.. 
                    
حتى شعر بأقدام تقترب من خلفه.. فوجد أسيلا تقترب، فضحك ثم أخفى أورافه 
                    
بين أغراضه.. واقتربت منه. وسألته: 
                    
• ماذا تفعل؟ 
                    
فابلسم؛ 
                    
ولا حاجة.. 
                    
يبدو أنك توفر طعامك.. 
                    
فقال ضاحكا؛ لا.. أنا مش بخيل للدرجة دي.. أنا فضلت إني أتي للبحيرة.. 
                    
فابنسمت أسيل؛ 
                    
- إن البخل ليس عيبا هنا في زيكولا كما تعلم.. لقد بدا أهالي زيكولا يدخرون 
                    
ثرو امهم بالفعل بعدما شعروا باقتراب يوم زيكولا إن أن مولود الحاكم ذكرا.. ريما 
                    
يكون بعد ثلاثة أشهر أو أكثر بأيام قليلة.. من يدري؟ 
                    
ثم أكملت ميئسعة: لولا تلك الوهدات التي وفرها الكثيرون من أهذي وهدات 
                    
الحماية لما اكلوا دجاجا حتى الشاء ذلك اليوم. وضحكث وأردفث؛ 
                    
- أتوقع أن يكون فقير هذا العام لديه أكثر من مائتي وحدة.. 
                    
- وأنا نفسي أسيب زيكولا قبل ما أشوف الفقير بيذيح.. لم سألها؛ وانتي مش عايزة 
                    
تسييي زيكولا؟ 
                    
158 
                    
فأجابته؛ 
                    
- إن تري لزيكولا فد يكون أصعب لهرار بحيائي.. لا أعتقد أنني سأتخذ هذا القرار 
                    
حتى يكون لدي ميرر قوي للغاية. لم نضث؛ 
                    
هيا عليك أن تنام.. أما أنا فسأعود إلى بيتي لدي أيضا الكثير من العمل باكرا.. 
                    
فابتسم خالد، وكأنه يقلدها؛ 
                    
ميرر قوي للغاية؟! 
                    
فضحكت أسيل؛ 
                    
للغاية.. 
                    
غادرت أسيل، ومر الليل. وأنى ما بعده من شهار.. وخالد يواصل عمله. ويتمنى أن 
                    
ثمر الأيام المتبقية سريعا.. وتوالت الأيام يوما بعد يوم.. وغالد يوفر ما يستطيع 
                    
توفيره من وحدات.. ولا يئرك بوما دون أن يعمل.. لا ينفق من أجره شيئا سوى 
                    
وحدة واحدة حين يأكل الخبز.. حتى إنه كان يوفرها بعض الأيام.. وقد يمر بومان 
                    
دون أن بضع لفعة بحلقه.. هتى جاء اليوم الأخير من الشهرين وكان بعمله مع 
                    
يامن. والذي حدله مبتسما؛ 
                    
لقد التهت المهلة اليوم.. 
                    
فحمد خالد ربه ثم فال: 
                    
-أحيرا.. كنث مستني اليوم ده بفارغ الصير. 
                    
فسأله يامن؛ 
                    
-كم جمعث من الأربعمائة وحدة؟ 
                    
فصمت خالد مفكرا، وكأنه يحسب ما جمعه بدقة: 
                    
159 
                    
•تقصد مائة وحدة. 
                    
فرد خالد مندهشا؛ مائة؟! 
                    
أكمل يامن :- لعم.. هل نسيت أنك ستستأجر الحصان مرة أخرى. 
                    
فضرب رأسه بيده.. وكأن ذلك الحصان لم يكن بحسبائه.. حتى صمت وأكمل: 
                    
أنا كنث هشئري حصان أوفر لي.. لم تايع؛ 
                    
مشى هتفرق خمسين من مية.. المهم إلي أخد الكثاب.. 
                    
فضحك يامن: 
                    
حسنا.. سأوفر لك الحصان مجددا.. وسأنتظرك حتى تعود.. إنني أريد أن أرى 
                    
أغلى كتاب بزيكولا.. أعتقد أسا ستكون لحظة تاريخية لي.. 
                    
فضحك خالد: 
                    
وأتعتى إنها تكون تاريخية لي أنا كمان. 
                    
ي صباح اليوم التال. امتط خالد الحصان الذي أحضره يامن.. وكان نفس 
                    
الحصان الفوي الذي استأجره المرة السابقة حين ذهب إلى المنطقة الشمالية.. 
                    
وانطلق نحو تلك المنطقة.. تعلو وجهه ابتسامة أمل لم يشعر بها من قبل.. يأمر 
                    
حصائه أن يسرع.. هيا.. إلى الأمل.. إلى خروجي من زيكولا.. يشق الطريق بقوة.. 
                    
ويتطاير فميصه مع الهواء لنظهر عضلات جسده الفوية، وذراعه القوي الذي 
                    
يمسك بلجام حصانه بإحكام.. ينطلق بحصائه. وبخشى أن يتأخر عن موعده 
                    
فيمزق هلال المجنون صفحة واحدة من كتابه.. ويأمره بأن يزيد من سرعته.. ويعر 
                    
الوفث. وتتحرك الشمس.. ويواصل طريقه دون أن يستريح. 
                    
160 
                    
حتى وصل إلى أطراف المنطقة الشمالية مع غروب الشمس.. فأسرع ينطلق في 
                    
شوارعها. والتي كانت خالية إلا من القليل من الأشخاص الذين بدأوا في الخروج 
                    
مع حلول الليل. وبعض فتيات الليل اللاتي خرجن إلى شوارع تلك المنطقة.. وأكمل 
                    
طريقه نحو بيت هلال.. أخيه.. صاحب الكتاب. 
                    
وصل خالد إلى بيت أخيه. فترجل مسرعا.. وعقل حصانه بجوار بابه.. ثم أعطى 
                    
فتى بجلس أمام هذا البيت وحدتين مقابل أن يحمي حصائه حتى يعود.. ثم طرق 
                    
بابه ففتح هلال ووجده أمامه. فضحك قاتلا: 
                    
•المجنون الذي يريد الكتاب.. 
                    
فصمت خالد ولم يرد ثم دلف معه إلى داخل البيت.. فوجد رجلين تيدو عليهما 
                    
الفوة. ويظهر الشر يأعيبهما.. حتى تحدث هلال: 
                    
•لقد جنث في موعدك تماها. 
                    
فرذ خالد: 
                    
- إئتي أريد الكتاب الآن. 
                    
فابتسم هلال ابتسامة خبيثة ؛ 
                    
• بالطبع يا عزيزي. لقد جنت إلي من السماء.. إلتني كنث أخشى أن أذيع يوم زيكولا.. 
                    
أما بعد ذلك الكتاب فلن أعمل عاما على الأقل.. إنئي اليوم أحترم أيي كليرا.. ثم 
                    
تظر إلى خالد؛ 
                    
- بالطبع يا عزيزي. لفد جنت إلي من السماء. إنني كنت أخثى أن أذيح يوم زيكولا.. 
                    
أما بعد ذلك الكثاب فلن أعمل عاما على الأقل.. إنتي اليوم أحترم أبي كثيرا.. ثم 
                    
نظر إلى حالد؛ 
                    
ييدو أنك على استعداد الآن لتعطيي الخمسمائة وحدة مقابل الكتاب. 
                    
161 
                    
فصاح خالد في غضب ؛ 
                    
فضحك هلال. وكأنه مندهش: 
                    
نعم.. أنسيت اتفاقنا؟! 
                    
فصاع خالد مجددا: 
                    
-ان اتفاقنا أريععانة وحدة.. 
                    
فصمت هلال ثم تحرك خطوات.. وتحدث إلى أحد الرجلين؛ 
                    
- إنه يقول أريعمائة. 
                    
ثم نظر إلى الآخر؛ 
                    
- إثني لا أتذكر ذلك.. 
                    
وثخظلر إل خالد؛ 
                    
- ريما لم تفهم قصدي وقتها.. ربما كنت أقصد أن تعطيني أربعمائة وحدة إن أحذته 
                    
هبل شبرين. 
                    
أما بعد ثلك المدة فلابد أن يزيد الثمن.. لا أعلم سر هذا الغباء في زيكولا. 
                    
فشاط خالد غضبا، وكاد يلكمه.. ولكنه تمالك أعصابه حين نظر إلى هذين 
                    
الرجلين، وما يخفيانه من شر.. ثم تحدث في هدوء؛ 
                    
لسه بقول إنك أفي.. 
                    
فضحك هلال ونظر إلى الرجلين؛ 
                    
-لفد أحيرنكم أنه مجنون.. ثم نظر إليه: 
                    
اعتقد أنك تملك الكثير.. لن تصبح فقيزا إن أعطيتني المائة وحدة الإضافية. 
                    
162 
                    
ثم تحرك إلى إحدى الغرف، وعاد وبيده ذلك الكناب وحدث الرجلين؛ 
                    
إن الوفث يمر. ومازال صديقنا يفكر.. حسنا. سأمزق أخر ورقة بالكتاب.. وهم 
                    
أن يمزقها فأمسك خالد بيده. ونظر في عينه بقوة؛ 
                    
حسنا.. وأنا أعطيك الكتاب. 
                    
فانتزعه خالد في غضب. واحتضنه بين ذراعيه. وتحدث كأنه يتحدث إلى الكتاب؛ 
                    
المهم إن الكناب معايا.. الوحدات اللي فقدسا أقدر أعوضها فبل يوم زيكولا إن 
                    
شاء الله.. لسه تلات شهور على يوم زيكولا لو كان المولود ولد.. لو عملث زي الفئرة 
                    
اللي فاتث أقدر أوفر حوالي همسعيث وحدة.. وأستعيد كل مخزولي وأكتر.. لم 
                    
ثظر إلى ملال. والذي بدأ يشرب الخعر مع الرجلين وقال 
                    
أتمتى إنك متكونش أني فعلا.. وأكمل : 
                    
لأنك عار.. 
                    
فضحك هلال ببرود، 
                    
- هيا.. اهرج من هنا أها المجنون فبل أن نأهذ منك الكناب مجددا.. 
                    

فضحك هلال ببرود، 
                    
هيا.. اخرج من هنا أها المجنون فبل أن نأخذ منك الكتاب مجددا.. 
                    
فرد خالد؛ 
                    
وفتها.. افتلوني أوللا.. 
                    
ثم أحذ كتابه، وخرج، وأغلق الباب خلفه بعنف.. ثم امتط حصانه، وأسرع به 
                    
بغادر ذلك المكان.. وتناسى ما دفعه من وحدات إضافية.. وأصبع همه أن يقرأ ما 
                    
يذا الكثاب.. حتى وصل إلى مكان لا يوجد به الكثير من أهال تلك المنطقة. وجلس 
                    
بجوار عمود أنيرت فوقه نار للإضاءة.. وأخرج كنابه مسرغا. ويدا يتصفحه. 
                    
163 
                    
وبقلب صفعاته في لهفة.. ويقرا بعينيه سطوره مسرغا.. ينظر إلى صفحاته 
                    
الصفراء.. وما كتب يها بخط اليد. وكأنه أمل انتظره لسنوات.. 
                    
وجد خالد صاهب الكتاب يذكر في بدايته أنه قد كتب هذا الكتاب في القرن 
                    
الثامن عشر.. وأن تلك النسخة هي النسخة الثانية له، بعدما ضاعث نسخته 
                    
الأولى دون أن تكنمل.. فتذكر خالد صفحات الكتاب العشر البالية. والتي تحدثت 
                    
عن سرداب فوريك. وقرأها قبل أن يأني إلى زيكولا حين أعطاهاله صديق جده.. 
                    
مجنون السرداب.. 
                    
ثم فلب خالد صفعات الكتاب في سرعة.. فوجد تلك الصفحات العشر 
                    
فتجاوزها، حتى وصل إلى تلك الصفحة والتي انتهت بأنه اكتشف ما هو أهم من 
                    
كنوز فوريك.. فكانت مثلما توقع هالد بأنه سيتحدث عن اكنشافه لأرض زيكولا.. 
                    
لم قلب بعض الصفحات. فوجده يتحدث عن أهل زيكولا. وعن نعاملهم بوحدات 
                    
الذكاء. وبوم زيكولا. وذيع الأففر كل عام. وما تركه ذلك من طباع على هؤلا، 
                    
الناس.. فقلب تلك الصفحات مسرغا.. وكلما قرا شيئا يعرفه تجاوزه.. لا يريد أن 
                    
يضيع ثانية واحدة. حتى وجد صفحة مكنوب بها.. 
                    
(( لفد أفنيت عمرى أبحث عن سر تلك الأرض.. ولكني لم أجده حتى لحظة كتابة 
                    
كتاي هذا.. ولكني أعلم تماما أنتي لست المصرى الوحيد الذي أتى إلى تلك الأرض.. 
                    
لقد عثرت صدفة على بعض المخطوطات. والتي أخيرتتي بعضا من الحقائق التي 
                    
وضعيا نصب عيي 
                    
فاندهش خالد.. وأكمل فراءة: 
                    
((لقد ذكرت المخطوطات البالية أن الكثيرين قد أتوا إلى تلك الأرض بعد بناء 
                    
سرداب فوربك.. فبعدما شيد ذلك السرداب ببراعة معمارية لم يكن لها مثيل..
الذكاء، وبوم زيكولا، وذيعا كل عام، وما تركه ذلك من طباع على هؤلاء 
                    
الناس.. فقلب تلك الصفحات مسرعا.. وكلما قرا شيئا يعرفه تجاوزه.. لا يريد أن 
                    
يضيع ثانية واحدة.. حتى وجد صفحة مكنوب مها.. 
                    
(( لفد أفنيت عمرى أيعث عن سر تلك الأرض.. ولكنني لم أجده هتى لعظة كتابة 
                    
كتاي هذا. ولكنتي أعلم تماما أنتي لست المصرى الوحيد الذي أتى إل تلك الأرض.. 
                    
لقد عثرت صدفة على بعض المخطوطات. والتي أخبرتني بعضا من الحقائق التي 
                    
وضعيا لصب عيي 
                    
فاندهش خالد.. وأكمل قراءة: 
                    
((لقد ذكرت المخطوطات البالية أن الكثيرين فد أتوا إلى تلك الأرض بعد بناء 
                    
سرداب فوريك.. فبعدما شيد ذلك السرداب بيراعة معمارية لم يكن لها مثيل.. 
                    
أعجب به ((فوريك)) ذلك الثري. كثيزا. ووضع به كل ما يملك من كنوز وثروة لم 
                    
164 
                    
يكن لها مثيل في ذلك العصر.. حتى طمع الكثيرون سا فائجهوا إلى السرداب ي 
                    
يسرفوها. وحين علم فوريك بذلك أمر حراسه بأن يغلقوا أبوابه.. فخظلوا بداحله 
                    
دون أن يجدوا مخرجا حى ماث بعضيم، وظل الباقون يبحلون عن مخرج حى 
                    
وجدوا ذلك المخرج إلى تلك الصحراء.. والتي لم تكن بها سوى تلك المدينة، وسورها 
                    
القوي الذي لم يكن قد اكتمل وقتها.. فاسقروا بها. وظنوا أن نعاملهم بوهدات 
                    
الذكاء ما هو إلا عقابا لهم على نزولهم السرداب ومحاولتم سرفة كنوز فوريك.. 
                    
وبعدها كثر عددهم.. وعاشوا مع سكان زيكولا الأصليين.. وتكائروا بينهم.. )) 
                    
((وتقول المخطوطات إمهم لم يتذكروا شينا عن حياتهم السابقة. سوي تفويمهم 
                    
الذي كنبوه على سور زيكولا منذ دخولهم إليها.. ولغبهم العربية والتي بدأوا 
                    
يعلعونها سكان زيكولا.. هتى إنهم نسوا ديسم، وأصبع الكثيرون مبهم من الكسالى 
                    
الذين اتجهوا للمنطقة الشمالية في ذلك الوفت فبل فرون.. حيث يكسبون 
                    
ثرواجم دون أن يعملوا بجد..)) 
                    
وواصل خالد تصفحه لصفحات الكتاب متعجلا.. وكأنه لا همه ما فاته مما ذكره 
                    
الكناب.. يبحث عن هدفي واحد لا يريد غيره.. وأخذ يقلب حتى وصل إلى تلك 
                    
الصفعة التي قرأها منذ شهرين وكتب بمنتصفها؛ 
                    
الطريق إلى سرداب فوريك .." 
                    
فأحذ يقرأها متلفا.. حتى وجد الكاتب يقول : 
                    
- إئئي جنت إلى زيكولا مرئين.. وأعلم جيدا الطريق إلى ذلك السرداب، ولكنتي 
                    
أحببت العيش هنا.. ولن أغادر حتى أموت.. 
                    
ثم قرا خالد بعض السطور مسرغا.. ووصل إلى سطر يقول: 
                    
- حين سرت بسرداب فوريك لأول مرة. وبدأ انهياره.. وأسرعت هربا حوفا من ذلك 
                    
الاسيار.. لم يدر بخلدي وقتها أنه يدفعتي إلى طريق يريده السرداب... فتذكر خالد 
                    
نفسه حين كان بالسرداب وحدث الانيار. وأكمل قراءة؛ 
                    
165 
                    
الذاء. وبوم زيكولا. وذيع الأففر كلى عام. وما تركه ذلك من طباع على هؤلاء 
                    
الناس.. فقلب تلك الصفحات مسرعا.. وكلما قرأ شيئا يعرفه تجاوزه.. لا يريد أن 
                    
يضيع ثانية واحدة.. حتى وجد صفحة مكنوب بها.. 
                    
(( لقد أفنيت عمرى أبحث عن سر تلك الأرض.. ولكنني لم أجده حتى لحظة كتابة 
                    
كناي هذا.. ولكني أعلم تماما أتتي لست المصرى الوحيد الذي أنى إلى تلك الأرض.. 
                    
لقد عثرت صدفة على بعض المخطوطات. والتي أخبرتني بعضا من الحقائق التي 
                    
وضعنها نصب عبه..) 
                    
فاندهش خالد.. وأكمل قراءة؛ 
                    
((لقد ذكرث المخطوطات البالية أن الكثيرين قد أتوا إلى تلك الأرض بعد بناء 
                    
سرداب فوريك.. فبعدما شيد ذلك السرداب ببراعة معمارية لم يكن لها مثيل.. 
                    
أعجب به ((فوريك)) ذلك الثري. كثيزا. ووضع به كل ما يملك من كنوز وثروة لم 
                    
164 
                    
يكن ليا مليل في ذلك العصر.. حتى طمع الكثيرون با فاتجهوا إل السرداب ي 
                    
يسرقونها.. وحين علم فوريك بذلك أمر حراسه بأن يغلقوا أبوابه.. فظلوا بداخله 
                    
دون أن يجدوا مخرجا حتى مات بعضيم، وظل الباقون يبحثون عن مخرج حتى 
                    
وجدوا ذلك المخرج إلى تلك الصحراء.. والتي لم تكن بها سوى تلك المديئة، وسورها 
                    
القوي الذي لم يكن قد اكتمل وقتها.. فاستقروا بها. وظنوا أن نعاملهم بوحدات 
                    
الذكاء ما هو إلا عقابا لهم على نزولهم السرداب ومحاولهم سرقة كنوز فوريك.. 
                    
وبعدها كثر عددهم.. وعاشوا مع سكان زيكولا الأصليين.. وتكائروا بينهم.. )) 
                    
((ونقول المخطوطات إنم لم يتذكروا شيئا عن حياتم السابقة. سوى تقويمهم 
                    
الذي كتبوه على سور زيكولا منذ دخولهم إليها.. ولغتهم العربية والتي بدأوا 
                    
يعلمونها سكان زيكولا.. حتى إسم نسوا دينهم، وأصبع الكثيرون منهم من الكسالى 
                    
الذين اتجهوا للمنطفة الشمالية في ذلك الوفث قبل فرون.. حيث يكسبون 
                    
ثرواتم دون أن يعملوا بجد..)) 
                    
وواصل خالد تصفحه لصفحات الكثاب منعجلا.. وكأنه لا يعه ما فانه مما ذكره 
                    
الكتاب.. يبحث عن هدفي واحد لا يريد غيره.. وأخذ يقلب حتى وصل إلى تلك 
                    
الصفعة التي فرأها منذ شهرين وكتب بمنتصفها؛ 
                    
" الطريق إلى سرداب فوريك .. 
                    
فأحن يقرأها متلهفا.. حتى وجد الكاتب يقول : 
                    
- إنني جنت إلى زيكولا مرنين.. وأعلم جيدا الطريق إلى ذلك السرداب، ولكنني 
                    
العيش هنا.. ولن أغادر حتى أموت.. 
                    
ثم قرأ خالد بعض السطور مسرغا.. ووصل إلى سطر يقول: 
                    
- حين سوت بسرداب فوريك لأول مرة. وبدأ انهياره.. وأسرعت هريا خوفا من ذلك 
                    
الاسيار.. لم يدر بخلدي وقتها أنه يدفعتي إلى طريق يريده السرداب... فتذكر خالد 
                    
تفسه حين كان بالسرداب وحدث الاخيار. وأكمل فراءة؛ 
                    
165 
                    
فدق فلبه بقوة. وأكمل: 
                    
" إن جاء أحد من بعدي. ولم يفرا كنابي.. سيظن أنه لابد أن يخرج من زيكولا يي 
                    
يعود إلى مصر مجددا.. وهذا الغباء ذاته.. من يأني إلى تلك الأرض ويريد أن يعود 
                    
إلى دياره. وأن يصل إلى سرداب فوريك مجددا.. لابد أن بدخل زيكولا.. ويكون 
                    
الشمس. وينحث في الصخر.. فيجد باب السرداب الأخر أمام الرأس مباشرة.." 
                    
والبث الصفحة. ومعا البث صفحات الكناب.. فأعاد خالد القراءة مرة أحرى 
                    
بعدما لم يفهم شيقا؛ 
                    
من يريد أن يصل إلى سرداب فوريك. لابد أن يدحل زيكولا. ويكون كالشمس. 
                    
وينحث في الصخر. سيجد باب السرداب الأخر أمام الرأس مباشرة.. 
                    
ثم سأل نفسه؛ 
                    
أي شعس١٢ وأى رأس؟! 
                    
ويقصد إيه بالنحث في الصخر؟ 
                    
أي أس 
                    
وفلب صفعات الكناب مجددا.. وسأل نفسه.. وسأل الكناب.. أي شمس؟.. أي 
                    
رأس؟.. لم شهض وتحرك مسرعا، ودخل مكانا به الكير من أهالي المنطقة 
                    

الشمالية.. يشريون الخمر، ويترافصون.. فصاح بأهدهم، وأشار إل تلك 
                     
• هل تفهم ذلك؟ 
                     
كيف أنحت في الصخر أمام الرأس؟! 
                     
فضحك الرجل: 
                     
166 
                     
- هل أنت مجنون؟! 
                     
فسأل أخر فلم يجيه.. فسأل غيره فلم يجبه.. وظل يسأل كل من يقابله ععا قرأه. 
                     
المجنون فلم يجيه أحد.. ثم جلس على إحدى الطاولات.. وبدأ يقرأ تلك السطور 
                     
الأخيرة ويكررها بصوت عال.. ولكنه لم يفهم منا شيئا. حتى وجد أمامه كأسا 
                     
من الخمر فشربه دون أن يدرك أنه خمر.. وشرب منه مجددا.. وظل يقرا ويفكر 
                     
دون أن يصل لشيء.. وكلما انتى ذلك الكأس أمامه ملأه النادل من جديد.. حتى 
                     
ظهر تأثير الخمر عليه.. فوقف فوق الطاولة التي كان بجلس عليها.. وأمسك 
                     
زجاجة الخمر بيده. والكتاب بيده الأخرى.. لم صاح ضاحكا في سخرية إلى من 
                     
يجلسون بذلك المكان؛ 
                     
- ظللت أحلم أن أجد هذا الكتاب.. وأبحث في كل مكان بتلك المدينة اللعينة.. ثم 
                     
شرب قليلا من الخمر. ونابع: 
                     
وحين وجدته.. فظللت أعمل. وأعمل. وأعمل.. لا آكل.. ولا أنام حتى أحصل عليه.. 
                     
ثم صمث. وضحك مقهقها، وأكمل: 
                     
وفد حصلت عليه اليوم.. مقابل خمسمائة وحدة من ذكائي.. 
                     
فنظروا إليه.. وكأنم لا يصدقونه فأكمل، وقد احمز وجهه من الخمر؛ 
                     
•لا تندهشوا.. لو طلب مني ذلك المعتوه.. الذي فد يكون أي. اكثر من ذلك 
                     
لدفعت.. ثم شرب كثيؤا من الزجاجة. وأكمل بعدما ترنع فوق الطاولة. وبدألسانه 
                    
يتلعثم بالحديث؛ 
                    
فنظروا إليه.. وكأنم لا يصدقونه فأكمل، وقد احمر وجهه من الخمر: 
                    
- لا تندهشوا.. لو طلب متي ذلك المعتوه.. الذي قد يكون أخي، أكثر من ذلك 
                    
لدفعت.. ثم شرب كثيرا من الزجاجة، وأكمل بعدما ترنح فوق الطاولة. وبدألسائه 
                    
يتلعثم بالحديث؛ 
                    
- وفي النهاية علمت لماذا لم يستطع أيي الخروج من هنا. ومعه هذا الكتاب.. 
                     
فسأله سكير يجلس على طاولة بعيدا: 
                     
- لماذا أها المجنون؟ 
                     
فأشار إليه خالد ضاحكا ثملا: 
                     
167 
                     
- سأخيرك أها السمين.. لابد أن الفصة قد أعجبتك.. سأخيرك.. 
                     
- ييدو أن صاحب هذا الكتاب اللعين خشى أن يذهب أحدكم إلى ذلك السرداب.. 
                     
لا أعلم لماذا خشى أن تذهبوا إلى هناك.. ليت أهل زيكولا يذهبون إلى بلدي 
                     
فيجعلومم يعملون.. ولا يعتمدون على غيرهم، مثل زيكولا.. ثم ضحك عاليا؛ 
                     
لقد وضع لغزا بأخره.. 
                     
لم جلس على الطاولة ، ووضع رأسه بين يديه.. ثم رفعها مجددا، وضحك ضحكة 
                     
يشوبا ألم كبير: 
                     
- كان يعلم أنكم تتعاملون بالذكاء.. كان يعلم أنكم أغبياء.. لن تستخدموا ذزة ذكاء 
                     
واهدة لنفكروا في هذا اللغز.. وهدأ صوته: 
                     
- ويبدو أتتي سأظل مثل أي.. طوال عمري أبحث عن ذلك المخرج.. إنتي غيي مثلكم. 
                     
ثم نهض مجددا فوق الطاولة.. ورفع الكناب بيده ، وصاح بصوته السكير؛ 
                     
- والأن.. من يريد أن يشتري هذا الكناب مقابل عشر وحدات من الذكاء؟ 

الفصل السادس عشر


- لماذا أها المجنون؟  
فأشار إليه خالد ضاحكا ثملا:  
167  
- سأخيرك أها السمين.. لابد أن الفصة قد أعجبتك..  
سأخيرك..  
- ييدو أن صاحب هذا الكتاب اللعين خشى أن يذهب  
أحدكم إلى ذلك السرداب..  
لا أعلم لماذا خشى أن تذهبوا إلى هناك. ليت أهل  
زيكولا يذهبون إلى بلدي  
فيجعلومم يعملون.. ولا يعتمدون على غيرهم، مثل  
زيكولا.. ثم ضحك عاليا؛  
لقد وضع لغزا بأخره..  
لم جلس على الطاولة ، ووضع رأسه بين يديه.. ثم  
رفعها مجددا، وضحك ضحكة  
يشوبا ألم كبير:  
- كان يعلم أنكم تتعاملون بالذكاء.. كان يعلم أنكم  
أغبياء.. لن تستخدموا ذزة ذكاء  
واهدة لنفكروا في هذا اللفز، وهدأ صوته:  
- ويبدو أتتي سأظل مثل أي.. طوال عمرى أبحث عن  
ذلك المخرج.. إنتي غيي مثلكم.  
ثم نهض مجددا فوق الطاولة.. ورفع الكناب بيده ،  
وصاح بصوته السكير؛  
- والأن.. من يريد أن يشترى هذا الكناب مقابل عشر  
٥٤١٤ كلمة  
وحدات من الذكاء؟  
168  
قوله: 
٠ ألا يستعق عشر وحدات؟!.. صدفوئي إنه ثمين.. ثم أكمل:  
حسنا.. خمس وحدات؟  
فلم بجبه أحد مرة أخرى فتمتم إلى نفسه بكلمات غير مفهومة ثم نزل من فوق  
الطاولة.. وسار خارجا من ذلك المكان وسط سخرية كل من يقابلونه وتحرشات  
فتيات الليل.. يسير مترنحا لا يدري بشيء من حوله، وفي يده كنابه يلوح به إلى من  
يقابله. ويضحك ثملا.. هتى عاد إلى المكان الذي يقف به هصانه.. وما إن وصل  
إليه حتى سفط وكأنه فقد وعيه.  
في صباح اليوم النالي، كان خالد نائما على جائيي أهد شوارع تلك المنطقة بجوار  
حصانه.. حتى فتع عينيه فجأة حين فوجى بفيض من الماء البارد ينسكب فوق  
رأسه.. وما إن نظر أمامه حتى وجد تلك الفتاة التي أرشدته إلى هلال من قبل.. فتاة  
الليل.. وبيدها إناء فارغ، وضحكت:  
•لست وحدك من تسكب الماء..  
169  
فهض خالد مسرغا. ونظر إلى ملابسه الميتلة.. وأمسك رأسه من الألم ثم نظر إلها  
غاضبا. فأسرعت مبتعدة عنه. وحدئته ضاحكة؛  
- هيا عد إلى حيث جنت.. لن يفيدك أن تبتى هنا..  
فصمت، ولم يتحدث ثم أمسك بلجام حصانه، وامتطاه.. وبدأ ينحرك به ببطء  
ميتعدا عن الفتاة.. حتى صاحت إليه؛  
- كنت أتمنى ألا أراك هكذا ليلة أمس . ثم صمتت، وصاحت مرة أخرى:  
- كنت أظنك أقوى من ذلك..  
فأوقف خالد حصانه ثم النفت إليها.. ونحدث بصوت هادى:  
- أنا أسف..  
ثم استدار مجددا. وأمر حصانه أن ينطلق بين شوارع تلك المنطقة إلى أطرافها  
حيث طريقه إلى المنطقة الشرقية..  
ان الحصان في طريفه نحو المنطقة الشرقية.. وخالد يريد أن يلقي بنفسه من  
فوفه ندما عما فعله ليلة أمس.. لا يصدق أنه لمل ولم يتحمل صدمة لغز  
الكناب.. ينعدث إلى نفسه ويؤنيها.. كانت المرة الأولى التي يشرب خمرا.. لا ينذكر  
عما تحدث إلى السكارى.. ولكنه لم بود لحظة واحدة أن بكون هكذا.. ينظر إلى  
السماء ويسنغشضر ربه.. وبحدث نفسه بأنه لن يفعلها مجددا.. ثم نذكر الكتاب.  
وذلك اللغز.. ماذا يفصد كانبه؟.. كيف يكون الشمس؟.. كيف ينحت في  
الصخر؟.. وأي رأس تلك؟.. وظل هكذا حتى وصل إلى أطراف المنطقة الشرقية مع  
حلول الليل.. واتجه إلى شاطى البحيرة.. وما إن وصله حتى غلبه النعاس من التعب  
وألم رأسه الشديد.. فاثر أن يستريح حتى صباح اليوم التالي..  
- هل حصلت على كنابك؟  
فابنسم ابنسامة يعترها حزن؛  
ثم نهض. وسار بضع خطوات تجاه البحيرة.. وألقى ينفسه في مانها.. يرتدي بنطاله.  
ونصفه العلوى عار بعدما ألقى بقميصه على شاطنها.. وأخذ يغمر جسده بالماء.  
حتى سألنه أسيل. وهي تقف أمام البحيرة:  
• خالد.. هل دفعت الكثير من مخزونك؟!  
فصمت خالد. وأكمل سيره إلى داخل البحيرة. ثم أكملت :  
- خالد.. أراك شاهبا اليوم. وشحوبك مميز.. إنك أنفقت الكثير من ثروتك..  
تجاوزت ثمن الكتاب..  
فتوقف ثم التفت إليها:  
- أيوة.. هلال طلب مني مائة وهدة إضافية..  
حتى صاع صوت في دهشة: 
• مائة وحدة؟ 
فالنفتت أسيل فوجدت يامنا قد جاء.. فأكمل خالد إليما؛ 
نعم. مائة وحدة.. لقد طلب مني خمسمائة وحدة مقابل ثمن الكتاب. وإلا قطع 
ثم سار خارجا من الماء.. والمياه تتسافط من جسده وبئطاله المبللين. ثم ارتدى 
فميصه. وسأل يامنا؛ 
171 
ليه مرحنش عملك؟ 
فضحك يامن ، 
•أخبرئي أحد أنك جنت بالأمس بعد حلول الليل، فجنت ي أخذ الحصان. 
وأعيده إلى صاحبه، وأرى أثمن كتب زيكولا.. بعدها فد أذهب إلى عملي أو لا أذهب 
اليوم.. إن تلك اللحظة لا يضيعها عاقل، ثم سأله: 
- أين الكتاب؟ 
فصمت خالد حتى نطقت أسيل: 
-خالد.. مالي أراك هزيفا؟! 
فتعرك خالد إلى جوار شجرته. وأخرج الكناب من بين أغراضه ثم ألفاه إلى يامن.. 
وتحدث ساخرا: 
- ده أغلى كتاب في زيكولا.. 
فالتقطه يامن فرحا. وظل يتأمله وأكمل خالد؛ 
- للأسف كنت مفكر إني مجرد ما الافيه هقدر أخرج من هنا بعد يوم زيكولا.. بس 
تقريبا اللي يدخل زيكولا صعب إنه يسيا.. 
فرذ خالد؛ 
•الكتاب تحدث عنه. وعن فوريك. وعن مصر.. والغريب إن الكناب بيفول إني 
ممكن أخرج فبل يوم زيكولا.. وإني مشى مضطر أنتظر لليوم ده.. وإني عشان أرجع 
لبلدي كان لازم أدخل زيكولا.. ثم أهذ نفسا عميقا وزفره بقوة: 
لكنه ترك لغزا في سايته.. لمخرج السرداب.. 
أسهل: أي لغز؟ 
فنظر إلى يامن لم سأله أن يفرا أخر سطور الكتاب.. فبدأ يامن يقرا؛ 
"- من يأتي إلى تلك الأرض. ويريد أن يعود إلى دياره. وأن يصل إلى سرداب فوريك 
مجددا.. لابد أن يدخل زيكولا.. وبكون كالشمس. وينحت لفي الصخر.. فيجد باب 
السرداب الأهر أمام الرأس مباشرة .." 
بعدها صمت يامن. وكأنه لم يفهم شيئا.. وصمتت مثله أسيل.. وصمت خالد حتى 
- أول مرة أحس إلي ضعيف كانث في اللحظات اللي قريت فيها اللغز.. مش عارف 
إيه اللي حصل لي. حسيت إلي بعد ما مسكت الأمل بإيدي.. راح فجأة.. وكأنه 
تبخر، وشربث خمرا للأسف.. 
فقاطعته أسيل : 
- شربت خما؟ 
فرد خالد: أيوة للأسف.. أعتقد إن تصرفي ده كان ننيجة الصدمة.. 
ففالت أسيل: 
أو ننيجة لشيء أخر، وهو فقدائك لذكائك.. إنك فقدت وحدات كثيرة من ذكائك 
في وقت قليل.. لا تفس أن مخزونك كان قد زاد بعد ادخارك لثمن الكناب.. ثم 
أنفقته فجأة. ومعه مانتا وحدة إضافية لهلال وثمن استئجار هصانك.. أي 
شخص مكانك كان سيتصرف بغراية.. كان سيفعل أي شيء بعيدا عن شخصيته 
الحقيقية.. ولن يلومه أحد.. إنه تصرف لا إرادي.. إنك أصبحت مثلنا يا خالد.. 
فصمت خالد.. ثم نطق يامن؛ 
- وهل لا يوجد حل هذا اللغز في الكناب ذاته؟! 
فأجابه: 
173 
لا.. أنا فريت الكتاب بسرعة.. وكان بيتككم عن أهل زيكولا. وعن حياتكم. واللغز 
موجود في أخر الكتاب بس.. 
فقال يامن على الفور في دهشة: 
• تفكر ؟!! ثم النفت بوجهه. وكأنه سرب فظهر الغضب على وجه خالد. وصاح به؛ 
- أيوة.. صاهب الكناب أكبد كان عارف إن زيكولا مفيش هد فها بيفكر. أو 
يستخدم ذكاء من شدة بخلهم.. يس انتوا لارم تساعدوني.. ثم تظر إلى أسيل؛ 
-أسيل.. لارم تفكرى.. لارم تساعديئى.. أنتى غنية.. يعني ذكية. انتي أذى مننا 
بمراحل.. 
فصمتت دون أن ترد ثم نظر إلى يامن؛ 
وانث عارف زيكولا أكتر مني.. لازم تفكر.. لازم.. 
ثم صاح إلى الاثنين بعدما صمتا. ولم ينطقا: 
عارف إن تفكركم بذ، هيفلل من لروتكم. بس هتحسوا بالفخر لو فدرتوا 
تحلوا اللغز ده.. 
فلم يردا مجددا.. فصمت خالد. وجلس أمام البحيرة. وأعط ظهره لهما حتى نطق 
- حسنا.. سأفكر يا خالد. ولكن علي أن أعيد الحصان إلى صاحيه الأن.. وأن 
نذهب إلى عملنا سويا. 
فصاح خالد : 
- لن أعمل الآن..  
174  
فاقتريت أسيل منه:  
- خالد. لا تيأس.. أعتقد أنك قوي بما يكفي لتجد حلا لهذا اللغز..  
فرذ خالد مبتسما:  
- فوي؟!.. إن اللغز بعتاج إلى ذي.. إن رجال زيكولا أفوباء. ولكنهم ليسوا أذكياء..  
إن اللغز يعتاج إلى من يفكر.. وأنا سأفكر..  
لم نظر إلى يامن الذي د بغادر، وصاح به؛  
- يامن.. اجلس.. لن تذهب إلى عملك قبل أن نجد حلا هذا اللغز..  
فاندهش يامن حتى أكمل خالد. وهدأ من ثورته؛  
اجلس يا يامن.. سأعطيك أجرك عن عملك. ولكن فكر معي.. أريد مساعدتك.  
ثم نظر إلى أسيل:  
-أسيل.. ستجدين معنا الحل.. فابنسمت أسيل. وردت؛  
ثم جلس كلاهما. وتحرك خالد أمامهما جينة وذهابا. وبدأ يتحدث؛  
أنا فقدت تفريبا خمس مخزوني من الذكاء في الأيام اللي فاتت.. بس لسه عندي  
اللي يكفي إني أفكر.. وأنا هفكر لأخر لحظة في حياني.. ثم رفع الكتاب بيده.  
وتحدث إليهما:  
يكون كالشمس.. ينحث في الصخر.. الباب أمام الرأس..  
ثم نظر إلى يامن:  
• فيه نمائيل موجودة في زيكولا؟  
175  
فرد يأمن مادا؟  
فأجابه؛ فد يكون يفصد رأس تماثيل.. 
فصمت يامن فليلا ثم تحدث: 
- لا أعتقد .. واكملت أسيل: 
• لا توجد تماثيل في زيكولا إلا تلك التي ينحتها نحاتو زيكولا لفقراء يوم زيكولا.. 
حين تلعب لعبة الزيكولا. ثم تحطم جميغا.. أصحابهم الذين ينجون من اللعبة 
من يحطمومها.. إمها نذير شؤم لهم .. 
فصمت خالد. وتحرك بعض الخطوات جينة وذهابا مرة أخرى، وهمس إلى نفسه: 
•لا يوجد تماثيل.. 
بعدها نظر إلى أسبل؛ 
- كيف أنعت في الصغر يا أسيل؟ 
فصمتت فليلا ثم تحدثت ؛ 
إلك تكسر الصخور بالفعل.. فضحك يامن؛ 
- وأنا أيضا.. فنظر إليه خالد غاضبا. فصمت ثم أكمل خالد إلى أسيل؛ 
ولكن لا توجد رؤوس هنا لفي المنطقة التي أكسر بها الصخور.. لم صمتوا جمهعا. 
حتى نطق خالد بعدما أطلق صفيرا هادنا: 
. وكيف أكون كالشمس؟!! 
فضحك يامن؛ 
•إنك مضي، مثلها يا خالد، وغضبك مثل حرها الشديد.. ففاطعه غاضبا؛ 
-ليتني تركتك تذهب إلى عملك.. اصمت يا يامن.. لا أريدك أن تتعدث.. إنك اليوم 
أغى مما كنت أتخيل.. 
176 
فصمت يامن. وعاد بظهره إلى الخلف رافدا أمام البحيرة.. وهالد ما زال يفكر. 
ويتحدث إلى نفسه.. وأسيل تترقيه في صمت، حتى نظر إلهاء 
- أسيل.. ساعديني.. 
فابنسمت أسيل : 
فرد خالد؛ 
فصمتت مجددا.. ويدأ الوقت يمر.. وخالد لايكف عن الحركة.. وأسيل نضع 
رأسها بين يديها. وتفرك شعرها الناعم وكأنا تفكر. ويامن نائعا على ظهره. 
واضعا إحدى فدميه فوق ركبة رجله الأخرى.. حتى غربت الشمس. ولم يصلوا إلى 
فيء. حتى نطق خالد في يأس : 
- أرى أنني أصبحت غييا بالفعل.. 
فتحدثت أسيل ميتسمة: 
- سنجد الحل يا خالد.. سنجده.. 
ويامن يستمع إلهما - ومازال راقدا -. وينظر إلى النجوم التي تملا السماء.. حتى 
تحدث إلى خالد: 
- أنا أعتذر هقا يا خالد.. إنني أريد أن أساعدك. ولكنني لا أستطيع ذلك.. كانت 
أمي تخبرنى دانما أن إيادا صديق عمري أكثر منى ذكاة.. ولكن أين نجد إيادا الأن.. 
إنه في المنطقة الغربية يكسر الصخور مثلنا.. 
فالنفت إليه خالد، وسأله في لهفة: 
177 
يكسر الصخور؟! 
فرذ يامن مندهشا من لهفة خالد: نعم.. 
فسألهما هالد: هو فيه منطقة صخرية غير المنطقة الشرقية؟ 
فأجابت أسيل، 
نعم.. المنطقة الغربية أيضا منطقة صخرية.. نعم. إنك لم تذهب إلها.. 
فصمت خالد كأنه يفكر.. ولمعت عيناه. وتحرك تجاههما مسرعا.. ووضع بعض 
الأحشاب في النار التي أشعلها يامن من فبل ي نزداد إنارثها.. ثم تحدث؛ 
• لما كنت في سرداب فوريك.. انقسم السرداب إلى طريقين.. أنا أحدت طريق منهم.. 
والسرداب أبعدئي عن طريق نائي.. طريق المخرج.. 
بعدها جلس على الأرض أمام يامن الذي شسض وجلس، وأسيل التي تابعته في 
ترقب.. ثم أمسك بفطعة خشب صغيرة، وبدأ يرسم على الرمال أمامهعا.. ورسم 
حطا طويلا. وتحدث: 
ان كان ده طريق السرداب الرئيسي.. 
ثم رسم خطا متفرعا منه. ويسير تجاه يامن وأسيل.. وأكمل هديثه: 
وأنا أخدت الطريق ده لحد ما جيت في الصعرا خارج زيكولا.. 
ثم رسم خطا أخر متفرغا من الخط الرئيسي أيضا.. ولكنه معاكس للفرع الذي 
رسمه من قبل. وأكمل: 
- والطريق ده اللي السرداب أبعدئي عنه.. طريق المخرج على هسب كلام الكتاب.. 


                            

          
                

ثم أشار إليهما بأن ينظرا إلى الفرع الذي رسمه تجاههما، ونطق: 
178 
- هو ده الطريق إلى شرق زيكولا.. أكيد هو.. 
ثم أشار إلى الخط المنفرع المعاكس له وهدأ صوته. وابئسم: 
- وهو ده الطريق إلى غرب زيكولا.. 
وأكمل : 
-المنطقة الوحيدة التي لم أزرها في زيكولا.. المنطقة الغربية.. 
ثم تظر إلى السماء حيث النجوم التي برزت.. ثم نظر إلى يامن وأسيل: 
لم يقصد بالشمس أنتي مضي، يا يامن.. 
• إنه قصد بالشمس.. حركتها .. 
- من الشرق إلى الغرب.. إنه أسهل مما تخيلت.. إنه سهل للغاية. ولكن لشخص 
لم يفقد ذكاء.. شخص عايز يفكر.. 
فضحك يامن. وابنسمت أسيل.. لم توففت عن ابتسامتها، وتحدثت: 
- ولكن يبفي الرأس. 
فابتسم خالد؛ سأجدها.. 
ففاطعه يامن، 
- وما الذي يؤكد لك أنها حفا المنطقة الغربية؟ 
فأجابه خالد بلهجته بعدما ننوعت لهجنه مابين ليجته الأصلية ولهجة زيكولا: 
- لست متأكدا.. ولكن لم يعد وفثا سوى للمجازفة.. إن خشيت المجازفة سأظل 
مثل أبي.. هنئا طوال عمري.. وتارع : 
- سأذهب إلى هناك.. وأعتقد أنني سأجد تلك الرأس بسهولة.. لابد وأن يكون بقية 
اللغز أسهل مما نتخيل.. فضحكت أسيل : 
- يبدو أن الذكاء في بلدكم يختلف عن الذكاء هنا.. وأكملت؛ 
179 
- لو فقد أهد مثلك، لخمس ذكائه لما نطق.. 
فابئسم خالد: أتمغى أن تكون شكوي سليمة.. وأن يكون صاحب الكناب قصد 
يخليه سهل ده.. 
فضحك يامن. وأمسك بلجام الحصان الذي كان يفف بجوارهم: 
حسقا اج.٠اج. المنحاةة الة..،ة أدعد " المنطقة الشمالة. ها. ستستأج 
ثم أشار إليهما بأن ينظرا إلى الفرع الذي رسمه تجاههما. ونطق؛ 
178 
- هو ده الطريق إلى شرق زيكولا.. أكيد هو.. 
ثم أشار إلى الخط المنفرع المعاكس له وهدأ صوئه، وابنسم: 
وهو ده الطريق إلى غرب زيكولا.. 
وأكمل ، 
- المنطقة الوحيدة التي لم أزرها في زيكولا.. المنطقة الغربية.. 
ثم نظر إلى السماء حيث النجوم التي برزت.. ثم نظر إلى يامن وأسيل: 
لم يقصد بالشمس أنني مضيء يا يامن.. 
• إنه قصد بالشمس.. حركتها .. 
- من الشرق إلى الغرب.. إنه أسهل مما تخيلت.. إنه سهل للغاية. ولكن لشخص 
لم يفقد ذكاء».. شخص عايز يفكر.. 
فضحك يامن. وابنسمث أسيل.. ثم توقفت عن ابتسامتها. وتحدثث؛ 
- ولكن ببفي الرأس.. 
فابتسم خالد؛ سأجدها.. 
فقاطعه يامن؛ 
- وما الذي يؤكد لك أنها حفا المنطقة الغريية؟ 
فأجابه هالد بلهجنه بعدما تنوعت لهجنه مابين ليجته الأصلية ولهجة زيكولا: 
- لسث متأكدا.. ولكن لم يعد وقثا سوى للمجازفة.. إن غشيت المجازفة سأظل 
مثل أبي.. هنا طوال عمري.. وتابع ؛ 
- سأذهب إلى هناك.. وأعتقد أنني سأجد تلك الرأس بسهولة.. لابد وأن يكون بفية 
اللغز أسهل مما نتخيل.. فضحكت أسيل : 
- يبدو أن الذكاء في بلدكم يختلف عن الذكاء هنا.. وأكملت؛ 
179 
- لو فقد أحد مثلك. تحمس ذكانه لما نطقى.. 
فابئسم خالد: أتمنى أن تكون شكوي سليمة.. وأن يكون صاحب الكناب فصد 
يخليه سهل ده.. 
فضحك يامن. وأمسك بلجام الحصان الذي كان يفف بجوارهم: 
حسا اذ. «اج. امنماقة الة..،ة أدعد م" المنطقة الشمالمة.. ها. سقسةأج 
فصمت خالد مفكرا.. حتى نطقت أسيل: 
- لا.. إنه استأجر حصانا إلى المنطقة الشمالية لأنني لم أكن أذهب إلى هناك.. أما 
المنطقة الغربية فسأذهب إليها بعد عدة أيام.. هل تنتظر، وتأتي معي؟ 
فابتسم خالد. ورد على الفور؛ 
- أيوة.. هئتظر.. 
فابتسمت أسيل : 
- حسنا.. عليك أن تعمل حتى نذهب إلى هناك.. عليك أن تحاول إعادة أجزاء ولو 
قليلة من ثروتك.. فابئسم خالد ثم نظرت أسهل إلى يامن؛ 
- وأنت؟ .. لا تريد أن تساعد صديقك هناك؟ .. فنظر إليها يامن مندهشا حتى 
- إنني أريد مساعدا أخر مع خالد.. ولكنتي لن أدفع لك أكثر من أريع وحدات 
باليوم. وملايس جديدة لك.. 
فصمت يامن ثم ضحك: 
- مساعد طبيبة؟!!.. حسنا لم لا؟! ثم تمتم إلى نفسه: 
- مساعد طبيبة صباحا.. وباحث عن رأس مجهولة مع صديق بعد الظهيرة.. لا أظن 
أن هناك ما يمنع ذلك.. 
180 
بعدها تحدثت أسيل إلى خالد: 
- الأن سأغادر يا خالد.. وسأقابلكما هنا صباها بعد سئة أيام حتى ننجه سويا إلى 
هناك. ثم نظرت إلى يامن : 
وأنت. سيأتيك أحد بالملابس الجديدة فبلها بيوم.. ثم غادرت. فضحك خالد 
ونظر الى يامن، 
- ستكون مساعدا لمساعد الطبيية. 
فرد يامن ضاحه: 
- أظن أنها تريدئي أن أكون سائقا لعربتها.. 
ثم أمسك بلجام الحصان. وهم ليغادر؛ 
- الآن علي أن أتركك.. إنني لم أضع شيئا في حلقي منذ الصباح.. هل ستأكل أنت 
الأح؟ 
فرذ خالد: 
لا.. أنا سأنام.. ربما أكل غدا.. ثم تابع: 
- إن طعامي الأن يأخذ من ذكائي.. وأنا أحتاج كل وحدة حتى أجد ذلك الرأس وذلك 
فابتسم يامن؛ 
- حسنا. أراك غدا في العمل.. وسأخير العمال بأنني أمسكت أثمن كتب زيكولا 
181 
مرت الأيام يوما تلو الأخر، وخالد يعمل مع يامن.. ويقرا الكتاب أكثر من مرة 
باليوم. ويقارن بين ما ذكره الكتاب عن أهل زيكولا وبين ما كتبه هو في أوراقه.. 
ويحاول أن يسأل الكثيرين ممن ذهبوا إلى المنطقة الغربية من قبل. لعل أحدهم 
يدرك سر ذلك الرأس.. يعلم أن ذهابه إلى هناك مجازفة وفد لا نكون ما يقصده 
صاحب الكتاب.. ولكنه لم يجد حلا أخر .. 
حتى جاء اليوم السادس. وكان في انتظار أسيل وعريها عند البحيرة.. حتى وجد 
يامنا يقترب من بعيد . وفد ارتدى زيا جديدا. جلبابا أزرق قصيرا ومزركشا. ويظهر 
من تحته بنطال فضفاض.. ويسير متباهيا بزيه، وينفض كل لحظة عن أكمامه.. 
فضحك خالد حين رأه. ثم سأله يامن على الفور: 
- ألست وسيما في هذا الزي؟ 
فضحك خالد: 
- إن ملابسك أجدد كثيرا من ملايسي.. 
فضحك يامن : 
إنتي أعمل بمقابل.. أما أنت فتعمل مقابل ذهابك إلى مناطق زيكولا.. 
بعدها وصلث عرية أسيل. وما إن رأى يامن السائق حتى همس إلى خالد: 
- يبدوا أنني لن أعمل سائفا.. سأعمل مساعدا حفا. 
فضحك خالد حتى ظهرث أسيل من نافذة العربة، ونادت بصومها في ابتسامة؛ 
فحمل خالد جميع أغراضه، وكانت لفافة من القماش بها أورافه وكتابه. وبعض 
كسرات الخبز الفديم.. وركب مع يامن العربة بمواجهة أسيل. والتي أمرت السانق 
أن ينحرك نحو المنطقة الغربية.. 
182 
انطلقت العرية. وبداخلها خالد ويامن وأسيل.. ويامن ينظر عبر النافذة مسرورا 
حتى أثار دهشة أسيل.. وبريد أن يخرج عبر النافذة ي يراه من يعمل معهم بزيه 
الجديد.. أما خالد فظل صامثا. ونظر عبر النافذة الأخرى.. وأسيل تترقبه في 
فأجابها: 
- لا.. كل أملي أن يكون ظننا صحيخا.. ويكون فعلا هناك المخرج .. 
فصمتت ثم ابتسمت. وقالت: 
- تريد أن تغادر زيكولا في أسرع وقت.. لن تنتظر يوم زيكولا حتى.. ثم سألته: 
• ماذا ذر الكتاب عن تاريخ زيكولا؟ 
فرد مبتسما. وفضل أن بجييها بلهجتها: 
- إن صاحب الكتاب لم يعرف هو الأخر سر زيكولا.. يبدو أنه لا أحد يعلم سر تلك 
الأرض.. ولكنه ذكر كيف تحدثتم العربية.. 
فسألته أسيل: كيف؟! 
فقلب خالد صفحات الكتاب على عجل، وأشار إلى صفحة به: 
- يقول الكتاب أن هناك من جاءوا من بلدي إلى هنا من قبل، عبر سرداب فوريك 
منذ فرون.. وهم من علموا أهل زيكولا اللغة العريية.. أما بعض المناطق المجاورة 
ففد علمها من جاء من بلدي ولم يدخل زيكولا.. 
فضحك يامن. وقاطعه: 
- حسنا.. إننا ندين لكم بالكثير .. 
فابتسم خالد. وأكمل : 
183 
ويقول أيضا.. إنهم ممن سكنوا المنطقة الشمالية.. 
فصمت يامن ثم أكمل ضاحا: 
- لا ندين كثيرا .. 
وسألته أسيل: 
- هل ذكر أين زيكولا من أرضك؟ 
فأجايها : 
لا، لم يذكر ذلك.. الشئ الذي أعلمه أنا وصاحب الكتاب.. أن الطريق بين أرضى 
وأرضكم هو سرداب فوريك.. وأكمل بعدما فلب بعضا من صفحات الكتاب ؛ 
- هو الأخر لم يستطع أن يجد تفسيرا لوجودكم. ووجود تلك الصحراء. والأراضى. 
وأبار المياه التي توجد بها، وتلك السماء. وتلك الشمس.. فقال إن زيكولا أرض 
أخرى لا أحد يعلم أين هى.. سوى أنها نهاية سرداب فوريك.. يبدو أنها ستظل سرا 
أبديا لا يعلمه أحد.. 
بعدها أكمل الثلائة حديثهم عن الكتاب.. وبدأ خالد يقرا لهما بعضا من صفحاته. 
واندهشا كثيرا حين فرا لهما عن سرداب فوربك. وتصميمه البديع. وكيف يكون 
مضاء ليلة البدر فقط، وكيف تمت تهوينه، وحين يجدهما لايصدفان ما يسمعانه 
اخذ مائة وحدة إضافية، وضح كثيرا حين اخبرهما خالد بائه قد نمل، ولا يتذكر 
شينا عما تحدث به إلى الناس في تلك اللحظات هناك.. ثم بدأوا يتحدثون عن تلك 
المنطقة التي يتجهون إلها. ونظر خالد إلى يامن. وقال : 
184 
•انت قلت لي فبل كده إن المنطقة الغربية بها سوق كبيرة.. بيتم فيها بيع وشراء 
جميع منتجات زيكولا الزراعية أو الصناعية.. 
فأجابه يامن: 
نعم.. تلك المنطقة يقصدها الكثيرون رغم بعدها عن منطقتنا. وقاطعته أ 
- ولكها أكثر قربا إلى منطقة الحاكم التي نمر أماما الأن.. 
فنظر خالد عبر النافذة، فوجد فصور المنطقة الوسحل. وأكمل يامن؛ 
- وفريية أيضا من المنطقة الجنوبية.. منطقة الزراعة. وغرفت دانما أنها أرض 
الشراء والبيع في زيكولا.. وأن الأسعار بها أرخص كثيرا من مثيلادها في المناطق 
الأخرى.. فيلجأ إليها الكثيرون من أهالي زيكولا.. 
فنحدثت أسيل: 
- إنها منطقة تجار زيكولا.. وهم يعيشون بها رغم أنها منطقة يصعب العيش بها.. 
ثم أكمل يامن؛ 
• ومنذ سنوات قريبة أصبحت المنطقة المنافسة لمنطقتنا في صناعة الطوب من 
الصخور.. بعدما بدأوا يستغلون طبيعتها الصخرية في صناعة الطوب مثلنا. وبها 
الكثير من العمال الأقوياء. منهم إياد صديقي.. 
فصمت خالد.. ثم ضحك ساخرا: 
- كن في الأول هدفي إني ألافي الكتاب. ولقيث الكتاب.. دلوفتي هدفي إني ألافي رأس 
مجهولة.. 
ثم عاد بظهره إلى مسند المقعد الذي يجلس عليه. وأكمل ساخرا من نفسه في 
خايف ألافي الرأس. يكون علي إني ألافي حاجة تانية غيرها.. 
فابتسمت أسيل: 
185 
- وإن ان.. سنجد كل ما تريد.. أنت القوي.. أنت الذي.. أنت تختلف عن غيرك يا 
خالد.. أنت من وجدت كتابك. وأنت من وجدت حل لغزه.. وأنت من ستخرج 
غربت الشمس. وحل الظلام بالسماء.. وعاد يامن بظهره إلى الخلف، وأغمض 
عينيه، و كأن النعاس فد غلبه.. أما أسيل فلم تفارق عيناها السماء.. حتى صاهت 
•انظر هناك.. ثم أشارث إلى السماء: 
- إنه أسيل.. 
فنظر خالد إلى السماء، ونظر إلى ذلك النجم اللامع ثم نظر إليها؛ 
- أنا يتفاءل به. وبتفاءل بوجهك يا أسهل.. 
فاحمر وجهها خجلا كعادتها.. وابنسمث. وظلث تنخظر إلى النجم بالسماء، وخالد 
ينظر إليها. ويبنسم حين يجدها نحرك رأسها وعينيها مع ذلك النجم مع مرور 
العرية.. لا تريد أن يغيب عنهالحظة واحدة.. ثم يضحك هين ينظر إلى يامن فيجده 
قد انزلق بجسده بين المقعدين. وقد تعمق في نومه.. حتى نظر عبر النافذة بعيدا 
فوجد نيرانا بعيدة، فعلم أنم قد اقتربوا من تلك المنطقة التي يقصدونها.. 
186 
وصلت العرية إلى أطراف المنطقة الغربية فأيقظ خالد يامن على الفور، ففتح 
عيفيه في ابتسامة حين وجد نفسه منزلفا داخل العرية.. ثم نهض. وعدل من 
جلوسه وملابسه، ثم تحدثت أسيل؛ 
• سلتجه الأن إلى مكان لنبيث به حتى الصباح.. هئا يوجد مكان خاص لطبيبة 
الحاكم.. أنا.. ولمساعدي.. أنتما.. 
فابتسم يامن، 
رائع.. خشيت أن أنام على جائبي أحد الشوارع مثلما يفعل صديقنا دائما..  
فابتسم خالد. ثم أكملت أسيل:  
• سنبدأ عملنا في الصباح، وبعد الظهيرة لن أحتاج مساعدتكما.. فاذهبا لتبحثا  
عن مخرج ذلك السرداب..  
بعدها توقفت العربة أمام أحد البيوت، ونزل الثلائة.. تتقدمهم أسيل، ويليها  
خالد.. ثم يامن. والذي حمل جميع الحقائب. ومن بينهم أغراض خالد، واتجهوا  
إلى داخل ذلك البيث حيث كان أحد الأشخاص في استقبالهم..  
في صباح اليوم التالي. نهض خالد مسرعا. وأيقظ يامن.. ثم اتجها مع أسيل إلى  
يضده.. ويامن" د يععل المنين "سؤلى" «ن "يحفن الحما بب ويببامن "بمربسه  
الجديدة، وكلما مرت فتاة بجواره يضع الحقائب أرضا ثم ينفض عن أكمامه حتى  
تمر فيحمل الحقائب مجددا.. وخالد يراه ويضحك..  
أما أسيل فكانت تستشيط غضبا، ولكنها نعود لنضحك حين تجد خالد يضحك  
لذلك.. وظلوا يتنفلون يين شوارع تلك المنطفة.. وخالد ينظر إلى بيومها، والتي بدا  
على الكثير مها الثراء.. ولكها ليست في ثراء قصور المنطقة الوسط.. يعلم أنها  
187  
ثم أشار إليهما بأن ينظرا إلى الفرع الذي رسمه تجاههما، ونطق:  
178  
- هو ده الطريق إلى شرق زيكولا.. أكيد هو..  
ثم أشار إلى الخط المنفرع المعاكس له وهدأ صوته. وابئسم:  
- وهو ده الطريق إلى غرب زيكولا..  
وأكمل :  
-المنطقة الوحيدة التي لم أزرها في زيكولا.. المنطقة الغربية..  
ثم تظر إلى السماء حيث النجوم التي برزت.. ثم نظر إلى يامن وأسيل: 
لم يقصد بالشمس أنتي مضي، يا يامن.. 
• إنه قصد بالشمس.. حركتها .. 
- من الشرق إلى الغرب.. إنه أسهل مما تخيلت.. إنه سهل للغاية. ولكن لشخص 
لم يفقد ذكاء.. شخص عايز يفكر.. 
فضحك يامن. وابنسمت أسيل.. لم توففت عن ابتسامتها، وتحدثت: 
- ولكن يبفي الرأس. 
فابتسم خالد؛ سأجدها.. 
ففاطعه يامن، 
- وما الذي يؤكد لك أنها حفا المنطقة الغربية؟ 
فأجابه خالد بلهجته بعدما ننوعت لهجنه مابين ليجته الأصلية ولهجة زيكولا: 
- لست متأكدا.. ولكن لم يعد وفثا سوى للمجازفة.. إن خشيت المجازفة سأظل 
مثل أبي.. هنئا طوال عمري.. وتارع : 
- سأذهب إلى هناك.. وأعتقد أنني سأجد تلك الرأس بسهولة.. لابد وأن يكون بقية 
اللغز أسهل مما نتخيل.. فضحكت أسيل : 
- يبدو أن الذكاء في بلدكم يختلف عن الذكاء هنا.. وأكملت؛ 
179  
- لو فقد أهد مثلك، لخمس ذكائه لما نطق..  
فابئسم خالد: أتمغى أن تكون شكوي سليمة.. وأن يكون صاحب الكناب قصد  
يخليه سهل ده..  
فضحك يامن. وأمسك بلجام الحصان الذي كان يفف بجوارهم:  
حسقا اج.٠اج. المنحاةة الة..،ة أدعد " المنطقة الشمالة. ها. ستستأج  
ثم أشار إليهما بأن ينظرا إلى الفرع الذي رسمه تجاههما. ونطق؛  
178  
- هو ده الطريق إلى شرق زيكولا.. أكيد هو..  
ثم أشار إلى الخط المنفرع المعاكس له وهدأ صوئه، وابنسم:  
وهو ده الطريق إلى غرب زيكولا..  
وأكمل ،  
- المنطقة الوحيدة التي لم أزرها في زيكولا.. المنطقة الغربية..  
ثم نظر إلى السماء حيث النجوم التي برزت.. ثم نظر إلى يامن وأسيل:  
لم يقصد بالشمس أنني مضيء يا يامن..  
• إنه قصد بالشمس.. حركتها ..  
- من الشرق إلى الغرب.. إنه أسهل مما تخيلت.. إنه سهل للغاية. ولكن لشخص  
لم يفقد ذكاء».. شخص عايز يفكر..  
فضحك يامن. وابنسمث أسيل.. ثم توقفت عن ابتسامتها. وتحدثث؛  
- ولكن ببفي الرأس..  
فابتسم خالد؛ سأجدها..  
فقاطعه يامن؛ 
- وما الذي يؤكد لك أنها حفا المنطقة الغريية؟ 
فأجابه هالد بلهجنه بعدما تنوعت لهجنه مابين ليجته الأصلية ولهجة زيكولا: 
- لسث متأكدا.. ولكن لم يعد وقثا سوى للمجازفة.. إن غشيت المجازفة سأظل 
مثل أبي.. هنا طوال عمري.. وتابع ؛ 
- سأذهب إلى هناك.. وأعتقد أنني سأجد تلك الرأس بسهولة.. لابد وأن يكون بفية 
اللغز أسهل مما نتخيل.. فضحكت أسيل : 
- يبدو أن الذكاء في بلدكم يختلف عن الذكاء هنا.. وأكملت؛ 
179 
- لو فقد أحد مثلك. تحمس ذكانه لما نطقى.. 
فابئسم خالد: أتمنى أن تكون شكوي سليمة.. وأن يكون صاحب الكناب فصد 
يخليه سهل ده.. 
فضحك يامن. وأمسك بلجام الحصان الذي كان يفف بجوارهم: 
حسا اذ. «اج. امنماقة الة..،ة أدعد م" المنطقة الشمالمة.. ها. سقسةأج 
فصمت خالد مفكرا.. حتى نطقت أسيل: 
- لا.. إنه استأجر حصانا إلى المنطقة الشمالية لأنني لم أكن أذهب إلى هناك.. أما 
المنطقة الغربية فسأذهب إليها بعد عدة أيام.. هل تنتظر، وتأتي معي؟ 
فابتسم خالد. ورد على الفور؛ 
- أيوة.. هئتظر.. 
فابتسمت أسيل : 
- حسنا.. عليك أن تعمل حتى نذهب إلى هناك.. عليك أن تحاول إعادة أجزاء ولو 
قليلة من ثروتك.. فابئسم خالد ثم نظرت أسهل إلى يامن؛ 
- وأنت؟ .. لا تريد أن تساعد صديقك هناك؟ .. فنظر إليها يامن مندهشا حتى 
- إنني أريد مساعدا أخر مع خالد.. ولكنتي لن أدفع لك أكثر من أريع وحدات 
باليوم. وملايس جديدة لك.. 
فصمت يامن ثم ضحك: 
- مساعد طبيبة؟!!.. حسنا لم لا؟! ثم تمتم إلى نفسه: 
- مساعد طبيبة صباحا.. وباحث عن رأس مجهولة مع صديق بعد الظهيرة.. لا أظن 
أن هناك ما يمنع ذلك.. 
180 
بعدها تحدثت أسيل إلى خالد: 
- الأن سأغادر يا خالد.. وسأقابلكما هنا صباها بعد سئة أيام حتى ننجه سويا إلى 
هناك. ثم نظرت إلى يامن : 
وأنت. سيأتيك أحد بالملابس الجديدة فبلها بيوم.. ثم غادرت. فضحك خالد 
ونظر الى يامن، 
- ستكون مساعدا لمساعد الطبيية. 
فرد يامن ضاحه: 
- أظن أنها تريدئي أن أكون سائقا لعربتها.. 
ثم أمسك بلجام الحصان. وهم ليغادر؛ 
- الآن علي أن أتركك.. إنني لم أضع شيئا في حلقي منذ الصباح.. هل ستأكل أنت 
الأح؟ 
فرذ خالد: 
لا.. أنا سأنام.. ربما أكل غدا.. ثم تابع: 
- إن طعامي الأن يأخذ من ذكائي.. وأنا أحتاج كل وحدة حتى أجد ذلك الرأس وذلك 
فابتسم يامن؛ 
- حسنا. أراك غدا في العمل.. وسأخير العمال بأنني أمسكت أثمن كتب زيكولا 
181 
مرت الأيام يوما تلو الأخر، وخالد يعمل مع يامن.. ويقرا الكتاب أكثر من مرة 
باليوم. ويقارن بين ما ذكره الكتاب عن أهل زيكولا وبين ما كتبه هو في أوراقه.. 
ويحاول أن يسأل الكثيرين ممن ذهبوا إلى المنطقة الغربية من قبل. لعل أحدهم 
يدرك سر ذلك الرأس.. يعلم أن ذهابه إلى هناك مجازفة وفد لا نكون ما يقصده 
صاحب الكتاب.. ولكنه لم يجد حلا أخر .. 
حتى جاء اليوم السادس. وكان في انتظار أسيل وعريها عند البحيرة.. حتى وجد 
يامنا يقترب من بعيد . وفد ارتدى زيا جديدا. جلبابا أزرق قصيرا ومزركشا. ويظهر 
من تحته بنطال فضفاض.. ويسير متباهيا بزيه، وينفض كل لحظة عن أكمامه.. 
فضحك خالد حين رأه. ثم سأله يامن على الفور: 
- ألست وسيما في هذا الزي؟ 
فضحك خالد: 
- إن ملابسك أجدد كثيرا من ملايسي.. 
فضحك يامن : 
إنتي أعمل بمقابل.. أما أنت فتعمل مقابل ذهابك إلى مناطق زيكولا.. 
بعدها وصلث عرية أسيل. وما إن رأى يامن السائق حتى همس إلى خالد: 
- يبدوا أنني لن أعمل سائفا.. سأعمل مساعدا حفا. 
فضحك خالد حتى ظهرث أسيل من نافذة العربة، ونادت بصومها في ابتسامة؛  
فحمل خالد جميع أغراضه، وكانت لفافة من القماش بها أورافه وكتابه. وبعض  
كسرات الخبز الفديم.. وركب مع يامن العربة بمواجهة أسيل. والتي أمرت السانق  
أن ينحرك نحو المنطقة الغربية..  
182  
انطلقت العرية. وبداخلها خالد ويامن وأسيل.. ويامن ينظر عبر النافذة مسرورا  
حتى أثار دهشة أسيل.. وبريد أن يخرج عبر النافذة ي يراه من يعمل معهم بزيه  
الجديد.. أما خالد فظل صامثا. ونظر عبر النافذة الأخرى.. وأسيل تترقبه في  
فأجابها:  
- لا.. كل أملي أن يكون ظننا صحيخا.. ويكون فعلا هناك المخرج ..  
فصمتت ثم ابتسمت. وقالت:  
- تريد أن تغادر زيكولا في أسرع وقت.. لن تنتظر يوم زيكولا حتى.. ثم سألته:  
• ماذا ذر الكتاب عن تاريخ زيكولا؟  
فرد مبتسما. وفضل أن بجييها بلهجتها:  
- إن صاحب الكتاب لم يعرف هو الأخر سر زيكولا.. يبدو أنه لا أحد يعلم سر تلك  
الأرض.. ولكنه ذكر كيف تحدثتم العربية..  
فسألته أسيل: كيف؟!  
فقلب خالد صفحات الكتاب على عجل، وأشار إلى صفحة به:  
- يقول الكتاب أن هناك من جاءوا من بلدي إلى هنا من قبل، عبر سرداب فوريك  
منذ فرون.. وهم من علموا أهل زيكولا اللغة العريية.. أما بعض المناطق المجاورة  
ففد علمها من جاء من بلدي ولم يدخل زيكولا..  
فضحك يامن. وقاطعه: 
- حسنا.. إننا ندين لكم بالكثير .. 
فابتسم خالد. وأكمل : 
183 
ويقول أيضا.. إنهم ممن سكنوا المنطقة الشمالية.. 
فصمت يامن ثم أكمل ضاحا: 
- لا ندين كثيرا .. 
وسألته أسيل: 
- هل ذكر أين زيكولا من أرضك؟ 
فأجايها : 
لا، لم يذكر ذلك.. الشئ الذي أعلمه أنا وصاحب الكتاب.. أن الطريق بين أرضى 
وأرضكم هو سرداب فوريك.. وأكمل بعدما فلب بعضا من صفحات الكتاب ؛ 
- هو الأخر لم يستطع أن يجد تفسيرا لوجودكم. ووجود تلك الصحراء. والأراضى. 
وأبار المياه التي توجد بها، وتلك السماء. وتلك الشمس.. فقال إن زيكولا أرض 
أخرى لا أحد يعلم أين هى.. سوى أنها نهاية سرداب فوريك.. يبدو أنها ستظل سرا 
أبديا لا يعلمه أحد.. 
بعدها أكمل الثلائة حديثهم عن الكتاب.. وبدأ خالد يقرا لهما بعضا من صفحاته. 
واندهشا كثيرا حين فرا لهما عن سرداب فوربك. وتصميمه البديع. وكيف يكون 
مضاء ليلة البدر فقط، وكيف تمت تهوينه، وحين يجدهما لايصدفان ما يسمعانه  
اخذ مائة وحدة إضافية، وضح كثيرا حين اخبرهما خالد بائه قد نمل، ولا يتذكر  
شينا عما تحدث به إلى الناس في تلك اللحظات هناك.. ثم بدأوا يتحدثون عن تلك  
المنطقة التي يتجهون إلها. ونظر خالد إلى يامن. وقال :  
184  
•انت قلت لي فبل كده إن المنطقة الغربية بها سوق كبيرة.. بيتم فيها بيع وشراء  
جميع منتجات زيكولا الزراعية أو الصناعية..  
فأجابه يامن:  
نعم.. تلك المنطقة يقصدها الكثيرون رغم بعدها عن منطقتنا. وقاطعته أ  
- ولكها أكثر قربا إلى منطقة الحاكم التي نمر أماما الأن..  
فنظر خالد عبر النافذة، فوجد فصور المنطقة الوسحل. وأكمل يامن؛  
- وفريية أيضا من المنطقة الجنوبية.. منطقة الزراعة. وغرفت دانما أنها أرض  
الشراء والبيع في زيكولا.. وأن الأسعار بها أرخص كثيرا من مثيلادها في المناطق  
الأخرى.. فيلجأ إليها الكثيرون من أهالي زيكولا..  
فنحدثت أسيل:  
- إنها منطقة تجار زيكولا.. وهم يعيشون بها رغم أنها منطقة يصعب العيش بها..  
ثم أكمل يامن؛  
• ومنذ سنوات قريبة أصبحت المنطقة المنافسة لمنطقتنا في صناعة الطوب من  
الصخور.. بعدما بدأوا يستغلون طبيعتها الصخرية في صناعة الطوب مثلنا. وبها  
الكثير من العمال الأقوياء. منهم إياد صديقي..  
فصمت خالد.. ثم ضحك ساخرا:  
- كن في الأول هدفي إني ألافي الكتاب. ولقيث الكتاب.. دلوفتي هدفي إني ألافي رأس 
مجهولة.. 
ثم عاد بظهره إلى مسند المقعد الذي يجلس عليه. وأكمل ساخرا من نفسه في 
خايف ألافي الرأس. يكون علي إني ألافي حاجة تانية غيرها.. 
فابتسمت أسيل: 
185 
- وإن ان.. سنجد كل ما تريد.. أنت القوي.. أنت الذي.. أنت تختلف عن غيرك يا 
خالد.. أنت من وجدت كتابك. وأنت من وجدت حل لغزه.. وأنت من ستخرج 
غربت الشمس. وحل الظلام بالسماء.. وعاد يامن بظهره إلى الخلف، وأغمض 
عينيه، و كأن النعاس فد غلبه.. أما أسيل فلم تفارق عيناها السماء.. حتى صاهت 
•انظر هناك.. ثم أشارث إلى السماء: 
- إنه أسيل.. 
فنظر خالد إلى السماء، ونظر إلى ذلك النجم اللامع ثم نظر إليها؛ 
- أنا يتفاءل به. وبتفاءل بوجهك يا أسهل.. 
فاحمر وجهها خجلا كعادتها.. وابنسمث. وظلث تنخظر إلى النجم بالسماء، وخالد 
ينظر إليها. ويبنسم حين يجدها نحرك رأسها وعينيها مع ذلك النجم مع مرور 
العرية.. لا تريد أن يغيب عنهالحظة واحدة.. ثم يضحك هين ينظر إلى يامن فيجده 
قد انزلق بجسده بين المقعدين. وقد تعمق في نومه.. حتى نظر عبر النافذة بعيدا 
فوجد نيرانا بعيدة، فعلم أنم قد اقتربوا من تلك المنطقة التي يقصدونها.. 
186 
وصلت العرية إلى أطراف المنطقة الغربية فأيقظ خالد يامن على الفور، ففتح 
عيفيه في ابتسامة حين وجد نفسه منزلفا داخل العرية.. ثم نهض. وعدل من 
جلوسه وملابسه، ثم تحدثت أسيل؛ 
• سلتجه الأن إلى مكان لنبيث به حتى الصباح.. هئا يوجد مكان خاص لطبيبة 
الحاكم.. أنا.. ولمساعدي.. أنتما.. 
فابتسم يامن، 
رائع.. خشيت أن أنام على جائبي أحد الشوارع مثلما يفعل صديقنا دائما.. 
فابتسم خالد. ثم أكملت أسيل: 
• سنبدأ عملنا في الصباح، وبعد الظهيرة لن أحتاج مساعدتكما.. فاذهبا لتبحثا 
عن مخرج ذلك السرداب.. 
بعدها توقفت العربة أمام أحد البيوت، ونزل الثلائة.. تتقدمهم أسيل، ويليها 
خالد.. ثم يامن. والذي حمل جميع الحقائب. ومن بينهم أغراض خالد، واتجهوا 
إلى داخل ذلك البيث حيث كان أحد الأشخاص في استقبالهم.. 
في صباح اليوم التالي. نهض خالد مسرعا. وأيقظ يامن.. ثم اتجها مع أسيل إلى 
يضده.. ويامن" د يععل المنين "سؤلى" «ن "يحفن الحما بب ويببامن "بمربسه 
الجديدة، وكلما مرت فتاة بجواره يضع الحقائب أرضا ثم ينفض عن أكمامه حتى 
تمر فيحمل الحقائب مجددا.. وخالد يراه ويضحك.. 
أما أسيل فكانت تستشيط غضبا، ولكنها نعود لنضحك حين تجد خالد يضحك 
لذلك.. وظلوا يتنفلون يين شوارع تلك المنطفة.. وخالد ينظر إلى بيومها، والتي بدا 
على الكثير مها الثراء.. ولكها ليست في ثراء قصور المنطقة الوسط.. يعلم أنها 
187 


        

          
                

بيوت تجار زيكولا. ولا بد أنم أثرياء.. تتكون أغليها من طابقين. وتمتاز ببراعة  
معمارية من الخارج.. وجدران صخرية سميكة، ونقوش مميزة على واجهتها 
ونوافذها، وليست عتيقة مثل مبائي المنطقة الشرقية.. حتى مرت الساعات. 
فأهبرعهما أسيل بأنها ستكمل مداواة الفساء. أما هما فعلهما أن ينصرفا ويبحثا 
عن هدفهما..  
انصرف خالد ويامن على الفور. وتخلص يامن من ملابسه الجديدة. وارتدى زيه  
القديم الذي أحضره معه.. وسارا مغا في شوارع المنطفة الغربية.. يبحثان عن أي  
شيء.. يبحثان عن ذلك الرأس الذي لا يعلمون ماهيته.. حتى وصلا إلى منطقة  
شاسعة، وبها الكثير من أهل زيكولا.. رجالا ونساء.. فأخبر يامن خالد بأنها سوق  
زيكولا الكبير، حتى افئربا.. فوجد خالد بهذا السوق الكلير من المحاصيل  
الزراعية، والفواكه والخضروات التي يعرفها. وبعضها لا يعرفه ولم يره من فبل  
ويتزاحم الناس حوله. وتلك المنتجات التي صنعها أهل زيكولا.. ملابس جديدة.  
جلابيب. وقمصان. وفساتين.. متراصة.. رسمت من ألوانها لوحات رائعة..  
والبائعون ينادون بأسعارهم من الوحدات. والصخب يعم المكان، وخالد ويامن  
يتحركان بصعوبة بين هذا الزحام، حتى سأله خالد، وقد أعلى صوته ى يسمعه:  
- كيف يشتري هؤلاء الناس؟! ألا يخافون على ثرواتم؟  
فأجابه يامن. وأعلى صوته هو الآخر:  
- إن الأسعار هنا ليست باهظة كلمناطق الأخرى. كما أخيرتك.. هنا يشترون تلك  
المنتجات، ويأخذونها ليبيعونا في المناطق الأخرى بأسعار أكثر غلاء للأثرياء..  
فيعققون المزيد من الثروة.. ثم أكمل:  
وهناك سلع كالسلع الزراعية. لا نستطيع أن نستغني عسها.. وهم يعرفون جيدا  
كيف يريحون من تجارعها..  
188  
ثم واصلا سيرهما بين الزحام، وعين خالد تتنقل هنا وهناك.. تبحث عن ذلك  
أصاسما النعب، وجلسا بجوار أهد البيوت، وشريا من الماء الذي أهضره يامن  
معه.. حتى تحدث يامن محمسا خالد:  
- سنجدها.. أشعر أننا سنجدها يا خالد.. حتى قطع حديثه إليه حين صاح بصوته  
بعيدا إلى أحد الأشخاص:  
إيااااد..  
ثم جرى نحوه، واحتضنه كثيرا ثم تحدث إليه قليلا. وأتى به إلى خالد:  
إنه خالد الذي قابلته معي يوم زيكولا.. هل تتذكره؟!  
فابنسم إياد:  
- الغريب؟!! نعم. إنني أتذكره.. هل أصبحنما أصدقاء؟  
فضحك يامن؛ لعم.. 
فسأله إياد مجددا؛ 
- وماذا جاء بكما إلى هنا ؟!! هل تريدان أن تشتريا شيئا ما ؟ ثم نظر إلى يامن، 
- ولماذا لم تخبرني بمجيئك سايفا.. أخشى دائما مفاجاتك.. 
فضحك يامن قبل أن يسأله خالد؛ 
- إياد.. تلك المنطقة صخرية؟ 
فأجابه: نعم.. إنها أكثر المناطق وعورة في زيكولا.. إن الأرض هنا صلبة للغاية.. ولا 
تصلع للزراعة.. 
فقاطعه خالد، وسأله: 
189 
- هل توجد تماثيل في تلك المنطقة.. أبحث عن رأس.. لا أدرى أي رأس.. 
فصمت إياد مفكرا: 
- لا.. تلك المنطقة أسكن بها منذ زمن.. ولا توجد بها أي رؤوس.. لا بد أنكما أخطاتما 
فصمث خالد. وبدا عليه التوتر؛ 
- ولكن الكتاب بيفول أنحت في الصخر.. وإني أكون كالشمس.. وأقرب تفسير للغز 
هي المنطقة الغربية.. 
فنظر يامن إلى إياد: 
- أرجوك يا إياد.. أعلم أنك ذي.. فكر معنا.. تذكر أن خالد صديقي. وأريده أن 
يصل إلى مراده.. 
فابتسم إياد. وشرب من ماء يامن، وأكمل إلى خالد: 
- أنا أود ذلك.. ولكنني لا أفهم شيئا مما قلته من حديثك عن الكتاب.. صدقتي لا 
يوجد لديك دليل مما سمعته الأن.. سوى النحت في الصخر.. نعم، تلك المنطقة 
أرضها الصخرية شهيرة هنا.. حتى يقال إن طبيعة تلك الأرض الصخرية هي من 
- أنا أود ذلك.. ولكنني لا افهم شيئا مما قلته من حديثك عن الكتاب.. صدقني لا  
يوجد لديك دليل مما سمعته الأن.. سوى النحت في الصخر.. نعم، تلك المنطقة  
أرضها الصخرية شهيرة هنا.. حتى يقال إن طبيعة تلك الأرض الصخرية هي من  
تحكمت في بناء سور زيكولا..  
ولم يكد يكمل حديثه، حتى فوى الثلاثة بأسيل تأتي إليهم. وتلهث، وكأنها أتت  
عدوا، ووضعت يدها على صدرها.. تريد أن تلتقط أنفاسها، ونظرت إلى خالد  
والعرق على وجهها، وقالت:  
- خالد.. لقد وجدت ذلك الرأس الذي تبحث عنه..  

الفصل السابع عشر


فجذبنه من يده:  
- هيا..  
ثم انطلقت، ويدها تمسك بيده، وتبعهما يامن وإياد، وأسرعوا بين الزحام.  
واصطدموا بالكثير من الناس.. وكلما سيهم أحد ابتسموا له وأكملوا عدوهم.  
وخالد يسأل أسيل عن الرأس ولكنها تبتسم وتطلب منه أن ينتظر قليلا.. ثم  
يواصلون تحركهم بين الزحام، وما زالت يداهما متشابكتين.. لا ينفصلان سوى ي  
يمر أحد الأشخاص بينهما، وما يلبث أن يمر حتى تتشابك اليدان مرة أخرى..  
ويامن وإياد يسرعان خلفهما. ويزيحان بأيديما من يقابلهما.. لا يريدان أن يفقد  
بصرهما خالد أو أسيل.. حتى خرجوا من السوق إلى أحد الشوارع الأقل زحاما.  
وأسرعوا إلى شايته.. تقودهم أسيل وما زالت صامته لا تريد أن تتحدث.. وخالد  
يتبعها، وقلبه يدق وأنفاسه تتسارع.. 
حتى وصلوا إلى الطرف الغرى للمنطقة الغريية. ولم تكن هناك سوى بيوت قليلة 
أغليها ليست بفخامة مثيلامها من البيوت الأخرى بتلك المنطقة وقد ظهر سور 
زيكولا. وارتفاعه الذي يصل إلى خمسة طوابق فتوقفت أسيل وحاولت أن تلتقط 
191 

-انظر هناك.. 
فنظر خالد أمامه، ونظر معه يامن وإياد.. 
يجدوا شينا حتى سألها خالد: 
فبن؟ 
فابتسمت أسيل. وما زالت أنفاسها سريعة: 
- إنه ليس رأس تمثال كما خيل إليك وإلينا.. إنه رأس أخر تماما.. فاندهش ونظر 
. ونظر معه يامن وإياد.. يبحثون عن رأس بذلك المكان فلم 
ف 
يجدو ب ى سألها خالد: 
فبن؟ 
فابتسمت أسيل. وما زالت أنفاسها سريعة: 
- إنه ليس رأس تمثال كما خيل إليك وإلينا.. إنه رأس أخر تماما.. فاندهش ونظر 
مجددا. ولكنه لم يفهم ما تفصده حتى نطقت: 
•خالد.. انظر إلى سور زيكولا ذاته.. 
فنظر الثلاثة إلى سور زيكولا الذي كان يبعد عنهم قرابة المائة مترا.. فسألها خالد: 
- أتقصدين ما أفكر به؟ 
فابتسمت: 
-نعم.. ثم أكملت: 
- انظر إلى سور زيكولا في تلك المنطقة، وانظر إلى مساره، وكيف تم تصميمه.. ثم 
تابعت، وخالد ينظر إلى السور يتأمله: 
فلم 
يبحثون عن رأس بذلك المكان 
مجددا. ولكنه لم يفهم ما تفصده حتى نطقت: 
•خالد.. انظر إلى سور زيكولا ذاته.. 
فنظر الثلاثة إلى سور زيكولا الذي كان يبعد عنهم قرابة المائة مترا.. فسألها خالد: 
- أتقصدين ما أفكر به؟ 
فابتسمت: 
-نعم.. ثم أكملت: 
- انظر إلى سور زيكولا في تلك المنطقة، وانظر إلى مساره، وكيف تم تصميمه.. ثم 
تابعت، وخالد ينظر إلى السور يتأمله: 
عجوزا مريضة بعدما غادرتما اليوم.. وأخبرتني صدفة أن طبيعة تلك المنطقة 
الصخرية تحكمت في بناء سور زيكولا. كما أخبرها القدام.. وهنا بدأت أفكر من 
جديد.. فقاطعها إياد: 
- نعم.. إنتي كنت سأخبرك بأن أرض المنطقة الغربية على هينة مثلث يحيط مها 
سور زيكولا، لولا أن قاطعتنا الطبيبة.. 
فأكملت أسيل: 
192 
- نعم يا خالد.. إنها المنطقة الوحيدة في زيكولا التي شيد بها سور زيكولا كضلعي 
مثلث.. بينهما زاوية منفرجة.. 
ثم صمتت، و 
- انظر إلى تلك الزاوية يا خالد بين ضلعي السورالضخمين.. إن كنا نراها نحن 
زاوية من الداخل فيي - في التوفيت ذاته - الرأس من الخارج.. رأس المثلث.. فصاح 
يامن بعد أن تركهم. واقترب من السور الضخم: 
- انظروا.. 
فاقترب الثلائة منه فأشار إلى رسمة صغيرة منحوتة بجدار تلك الزاوية. وأكمل: 
- توجد رسمة لشخص ما.. ولكني لا أعرف من هو.. 
فرد خالد في لهفة بعدما تذكر شيئا ما: 
- الرسمة.. أنا شفت الرسمة دي مرة قبل كده.. الرسمة دي تشبه رسمة نفس 
الرجل الغني اللي كانت في السرداب، وكنت عايز أصورها.. ومن بعدها حصل 
انيار السرداب.. 
فتحدث يامن مبتسما: 
- هذا دليل أن ما قالته أسيل صحيح.. فدق قلب خالد بقوة. وتحدث بصوت 
هادى، 
- نعم أعتقد أن أسيل على صواب.. وجود تلك الرسمة هنا يؤكد ذلك.. لا بد أن 
صاحب الكتاب من نقشها. وأدرك أنه لن يعرفها إلا شخص عبر سرداب فوريك.. 
شخص سعى بكل ما لديه ي يصل إلى حل لغزه. ويستحق الوصول إليه. ولكني 
لم أكن أتخيل أن يكون الرأس رأس مثلث ضلعاه سور زيكولا ذاته!! 
ثم نظر إلى أسيل: 
193 
-خالد.. لماذا لا أراك سعيدا بإيجادنا الرأس الذي نبحث عنه.. 
فصمت فليلا ثم أجايها: 
- إن اللغز يقول إن الباب أمام الرأس مباشرة.. 
ثم أكمل، 
- هذا يعتي أن باب السرداب خارج هذا السور.. 
فصمتوا جميعا كأنهم لم يفكروا في ذلك. وزالت فرحتهم، حتى نطق إياد: 
-علينا أن نغادر هذه المنطقة الآن.. إن حراس سور زيكولا لا يحبون أن يتواجد 
أحد بالقرب منه.. وهم يمزون بين الحين والأخر.. 
ابتعد الأربعة عن سور زيكولا. ووقفوا مجددا على بعد قرابة المائة مترا منه.. وقال 
يامن، 
- إن كان باب ذلك السرداب خارج سور زيكولا فلماذا ذكر صاحب الكتاب أن من 
يريد أن يعود إلى بلده فليمر أولا بزيكولا؟ 
فردت أسيل: 
- حين قرأت الكتاب بالأمس، ذكر صاحبه أن سور زيكولا لم يكن قد اكتمل بناؤه 
حتى وفت قريب من كتابته لكتابه.. منذ قرنين.. ثم أشارت إلى سور زيكولا وأكملت؛ 
-ربما كان هذاالجزء هو الجزء الأخير الذي تم بناؤه.. بعدما استغرق الكثير من 
الوفت، كما حكت لي العجوز عما تعرفه.. ثم نظرت إلى خالد؛ 
194 
- هذا يعتي أن صاحب الكتاب حين ذكر أنه عاد إلى وطنك ثم جاء إلى هنا مجددا 
قد وصل إلى ذلك المخرج قبل اكتمال بناء السور.. ثم ذكر أنه لم يغادر بعدها.. 
ريما كان لحبه لزيكولا كما كتب ذلك.. أو لاكتمال بناء السور.. فزاد ذلك من اللغز 
تعقيدا. ولكنه ترك تلك الرسمة دليلا قويا لمن يصل إلى هنا.. 
ثم صمتت فتحدث خالد. وظهر اليأس على وجهه: 
-ده معناه إني لازم أنتظر تاني يوم زيكولا.. وأخرج يوم فتح باب زيكولا، وأقدر 
أوصل لمخرج السرداب من خارج زيكولا.. 
فقال إياد: 
«هذا مستحيل يا صديق.. 
• لماذا؟ 
فرد إياد: 
- إن الأرض ممهدة داخل زيكولا. وهذا نتاج قرون طويلة من عمل أهلها.. ولكن 
خارجها، خارج هذا السور.. تختلف الطبيعة عن هنا كثيرا. إن زيكولا هي غرب 
عالمنا.. لا توجد بلاد أخرى في هذا الاتجاه الغربي.. أو على جانبيها الشمالي أو 
الجنوي.. إن جميع البلدان توجد شرق زيكولا فقط.. لم نسمع يوما عن أحد مر 
بجانيها على الإطلاق.. ويقولون أن الأرض بجوارها تختلف بين الجبال العالية. 
والكثبان الرملية. والرمال المتحركة.. هذا يعني الهلاك لكل من يفكر فيما تفكر 
فيه.. لم ولن يمر أحد بجانيها.. 
ثم جلس بمكانه. وأكمل: 
- لهذا لا تخشى زيكولا أي هجوم من البلاد الأخرى سوى من اتجاه الشرق، والذي 
يحميه سور زيكولا القوي.. ثم صمت، وتايع: 
195 
- وجود الرأس خلف هذا السور لا يعتي سوى شيء واحد.. أنه قد حكم عليك 
بالبقاء هئا طوال حياتك.. 
فظهر الغضب والحزن على وجه خالد. ونظر إلى أسيل: 
- أخبرتك أنني حين أجد الرأس سأبحث عن شيء جديد.. كنت أعلم هذا.. إنها 
دائرة أدور بها.. ليس لها نهاية.. 
ثم جلس. ووضع رأسه بين يديه: 
•لا بد من وجود حل.. لا بد.. 
ووضع يامن رأسه بين يديه هو الأخر، وحدث نفسه: 
- الباب أمام الرأس.. 
حتى أسيل ظلت تتحرك جينة وذهابا، وتحدث نفسها: 
- عليك أن تكملي تفكيرك يا أسيل.. معرفتك للرأس ذاتها لم تكف.. إنك من أذى 
أذكياء زيكولا.. لا بد وأن تجدي حلا.. 
أما إياد فظل ينظر إلى السور، ويقلب نظره بين أركانه.. حتى نهض خالد. وأشار إلى 
- لابد أن أخرج.. لن أمكث هنا وأعلم أن عودتي إلى وطني خلف هذا السور.. 
ثم نظر إليهم: 
فسأله إياد متعجبا مما قاله: 
- تنحت في السورذاته؟!! تريد أن تجعل مخرجك من زيكولا سور زيكولا ذاته؟!! 
196 
فأجابه خالد في هدوء؛ 
- نعم.. هل يوجد حل أخر؟ 
فأجابه اياد: إنه ليس بالحل يا صديق.. إن فكرت في ذلك. فلن تنتظر يوم زيكولا 
حفا.. لأنك ستقتل على الفور.. ألا ترى هؤلاء؟! 
ثم أشار إلى مجموعة من الجنود يسيرون في صفين. ويرتدون دروعا. ويحملون 
سيوفا بأيديهم: 
- إنهم حماة سور زيكولا.. لا يفارقونه.. مهمتهم فقط أن يحموا هذا السور.. 
ثم أخذ نفسا عميقا. وأخرجه: 
«هنا في زيكولا ريما تقتل ي تعيش.. تسرق ي تأكل.. تفعل ما تشاء.. إلا شيئا 
واحدا.. فقاطعه يامن: 
- أن تخدش سور زيكولا.. 
ثم أكمل إياد: 
- ربما نقش صديقك صاحب كتابك تلك الرسمة وفتلوه.. فتحدثت أسيل: 
- خالد إن سور نكولا أهم رمز هنا.. حتى إن تركك الحراس تفعل ذلك.. فلن يتركك 
١٩٧/ ٢٨٨ إنهم يؤمنون أن سور زيكولا من أسرار قوقها. ولن يسمحوا 
«احد أن يقترب من قوتهم.. ما تفكر به محال يا خالد.. محال.. فصمت خالد ثم 
صع 
• إيه الحل؟ هل ستمنعونئي إن فعلت ذلك؟ 
فصمتوا جميعا.. حتى ابتسمت أسيل وقالت؛ أنا لن أمنعك يا خالد.. وابتسم 
يامن: 
- وأنا بالطبع لن أمنعك.. ولكن هؤلاء الحراس قد وضعوا خصيصا لحماية هذا 
السور.. ولا تستطيع حتى رشوتم.. فصمت خالد ثم نظر إلى أسيل: 
197
ها.. لا 
وأنت؟ 
فأجابها: أنا لن أعود إلى المنطقة الشرقية مجددا.. سأظل هنا حتى أخرج من 
زيكولا.. ثم نظر إلى يامن فابتسم: 
- وأنا أستطيع أن أجد عملا هنا.. ويكفيني أن أظل بجوارك، وبجوار صديقي إياد.. 
حتى تحدثت أسيل: 
- يجب أن نعود إلى المسكن الآن حتى لا يرتاب هؤلاء الجنود بنا.. وهناك نستطيع 
التفكير بعد أن نتناول طعامنا.. 
فنطق خالد: حسفا 
عاد خالد ويامن وأسيل إلى المسكن المخصص لهم، وصاحيهم إياد.. ثم تناولوا 
طعامهم الذي أعده مضيفهم. حتى انتهوا منه فجلسوا ليفكروا من جديد، ونطق 
خالد يالسا: 
• وصولي للسرداب من خارج زيكولا مستحيل.. ووصولي له عبر سور زيكولا 
مستحيل.. ثم زفر زفرة قوية وصمت.. فابتسمت أسيل وقالت؛ 
• ستجد الحل يا خالد.. لن يضيع تعبك هباء.. 
وابتسم يامن: 
نعم يا خالد.. ستجده.. لقد قطعت شوطا كبيزا.. لا بد وأن هناك حلا.. ثم نظر 
إلى إياد: 
- يا صديقي.. إنتي أعلم منذ صغرنا كم أنت بارع في إيجاد الحلول.. فكر معنا.. 
فأكمل خالد إليه: 
198 
فكر معنا يا إياد.. إن وجدت الحل سأعطيك من ذكاني ما استنفدته في تفكيرك.. 
فابتسم إياد: حسنا سأفكر.. ولن اتركك حتى أجد لك حلا.. 
ثم صمتوا مجددا، وكل واحد ينظر إلى الأخر.. لا يجد ما يقوله، وأسيل تنظر إلى 
خالد.. تخشى أن تقول أنها لا تجد حلا فيزداد اليأس بقلبه. ويامن يضرب برأسه. 
حتى مهض إياد: 
-علي أن أغادر الأن.. 
فسأله يامن مندهشا: 
ها.. لا 
وأنت؟ 
فأجابها: أنا لن أعود إلى المنطقة الشرقية مجددا.. سأظل هنا حتى أخرج من 
زيكولا.. ثم نظر إلى يامن فابتسم: 
- وأنا أستطيع أن أجد عملا هنا.. ويكفيني أن أظل بجوارك، وبجوار صديقي إياد.. 
حتى تحدثت أسيل: 
- يجب أن نعود إلى المسكن الآن حتى لا يرتاب هؤلاء الجنود بنا.. وهناك نستطيع 
التفكير بعد أن نتناول طعامنا.. 
فنطق خالد: حسفا 
عاد خالد ويامن وأسيل إلى المسكن المخصص لهم، وصاحيهم إياد.. ثم تناولوا 
طعامهم الذي أعده مضيفهم. حتى انتهوا منه فجلسوا ليفكروا من جديد، ونطق 
خالد يالسا: 
• وصولي للسرداب من خارج زيكولا مستحيل.. ووصولي له عبر سور زيكولا 
مستحيل.. ثم زفر زفرة قوية وصمت.. فابتسمت أسيل وقالت؛ 
• ستجد الحل يا خالد.. لن يضيع تعبك هباء.. 
وابتسم يامن: 
نعم يا خالد.. ستجده.. لقد قطعت شوطا كبيزا.. لا بد وأن هناك حلا.. ثم نظر 
إلى إياد: 
- يا صديقي.. إنتي أعلم منذ صغرنا كم أنت بارع في إيجاد الحلول.. فكر معنا.. 
فأكمل خالد إليه: 
198 
فكر معنا يا إياد.. إن وجدت الحل سأعطيك من ذكاني ما استنفدته في تفكيرك.. 
فابتسم إياد: حسنا سأفكر.. ولن اتركك حتى أجد لك حلا.. 
ثم صمتوا مجددا، وكل واحد ينظر إلى الأخر.. لا يجد ما يقوله، وأسيل تنظر إلى 
خالد.. تخشى أن تقول أنها لا تجد حلا فيزداد اليأس بقلبه. ويامن يضرب برأسه. 
حتى مهض إياد: 
-علي أن أغادر الأن.. 
فسأله يامن مندهشا: 
نظر إلى خالد: 
- أتمنى أن أعود فأجدك قد وصلت إلى بابك.. 
ثم غادر. وظل الثلائة كما هم.. يفكرون. والوقت يمر.. وخالد يقلب في كتابه.. يود 
أن يجد شيئا يصل به إلى سردابه. ولكن دون جدوى.. حتى حل الظلام. وأنيرت 
المنطقة الغربية وبيوتها بالنيران.. فنظر خالد إلى أسيل: 
- عليك أن تذهي إلى حجرتك الأن.. لا بد أن تنالي قسطا من الراحة.. ثم نظر إلى 
يامن؛ 
- وأنت أيضا يا يامن، خذ قسطا من الراحة.. لن يفيدنا إجهادنا اليوم.. لقد تعبنا 
بما يكفي.. سنستريح الأن، ونكمل تفكيرنا غدا.. 
فسألته أسيل: 
- وأنت ستنال راحة؟ 
199 
فابتسم خالد: 
- لا.. سأظل أفكر.. لن يغمض لي جفن ورأسي تفكر بذلك المخرج.. إنه مصيري يا 
أسيل.. 
فابتسمت؛ هسنا.. وأنا سأظل أفكر معك.. 
فنظر إليها: أنا لا أريد أن أزيد من تعبك اليوم.. أعلم أنك تريدين مساعدتي، ولكن 
أ تظلي طبيبة زيكولا الأولى.. 
لديك عملك غدا، لا يجب أن تغفليه.. يجب ن 
فابتسمت أسيل، وكدت تتجه إلى حجرمها.. حتى دخل إياد فسأله يامن على الفور 
- هل وجدت الحل؟ 
فسألهم أن يجلسوا.. ثم نظر إلى خالد: 
• حين خرجت من هنا، اتجهت إلى حيث كنا.. بالقرب من سور زيكولا.. ثم صمت، 
واكمل، 
- لم أجد لك إلا ثلاثة حلول.. 
فنظروا إليه متلهفين.. فأكمل: 
- الحل الأول.. أن تظل في زيكولا طوال حياتك.. والحل الثاني.. أن تنتظر حتى يوم 
زيكولا. وتخرج إلى مصيرك. وتحاول أن تصل إلى باب سردابك. وهذا يعني هلاكك 
أيضا.. 
فصاع به يامن غاضبا: 
- هل جنت لتهزأ بنا.. نحن نعرف ذلك.. 
فابتسم إياد؛ 
•انتظر.. هناك حل أخر.. 
فسأله خالد متلهفا : 
• إيه هو؟! 
200 
فتحرك إياد. وجلس بجواره، وتحدث بصوت هادى: 
٠ أن تعود إلى بلدك قرييا.. ثم أكمل بعدما صمت برهة: 
- ولكن بعد أن تفقد الكثير من ذكائك.. 
فسأله خالد: 
• ماذا تعي؟! 
فقال إياد: 
- تعالوا مي.. 
بعدها خرج الأربعة من دار ضيافة الطبيبة ومساعدها.. يقودهم إياد.. حتى وصلوا 
إلى حيث وقفوا منذ ساعات قليلة أمام سور زيكولا. والذي قد لمع مع انعكاسات 
إضاءة النيران القريبة منه، وجعلت من ضلعيه وزاويته منظرا بديعا.. ان لينال 
إعجاب خالد لولا انشغاله بمصير خروجه.. ثم نظر يامن إلى إياد. وسأله: 
- يف يخرج خالد من زيكولا؟! 
فأجابه : 
- انظروا هناك.. 
وأشار إلى بيت من طابقين يبتعد قليلا عن بيوت المنطقة الغربية، ويقترب من سور 
زيكولا.. لا يفصله عنه سوى مائة من الأمتار ثم أشار إلى الجنود المتواجدين أمام 
السور، وسألهم أن ينظروا إليهم أيضا.. فاندهشت أسهل: 
- أنا لا أفهم شيئا.. 
وتبعها يامن: 
- وأنا أيضا.. 
وخالد مازال صامثا حتى أكمل إياد: 
201 
أصابني العطش فذهبت إلى ذلك البيت.. وأشار إلى البيت مجددا. وأكمل: ي 
أشترى منه كوبا من الماء.. وهناك فوجنت بأن ذلك البيت لا يسكن به أصحابه 
الآن.. يعيش به خادمه بمفرده.. أما أصحابه فهم من التجار الذين يبيعون 
بضائعهم إلى المدن الأخرى غير زيكولا، وخرجوا يوم زيكولا السابق، ولن يعودوا إلا 
يوم فتح باب زيكولا مع يوم زيكولا.. 
فقاطعه خالد: 
- أنا لا أفهم شيئا.. ماذا يعنينا كل هذ؟! 
فأجابه: انتظر.. أنا أعمل في تلك المنطقة منذ سنوات عديدة. وأعلم جيدا خفايا 
تلك المنطقة وأرضها.. سأخبركم سرا نعلمه نحن من نعمل بتكسير الصخور هنا: 
• إن العمل هنا في تكسير الصخور ليس بصعوبة العمل في المنطقة الشرقية.. إن 
الصعوبة هنا تكمن في الطبقة الخارجية من الأرض فقط.. أما إن تجاوزت تلك 
الطبقة يكون الحفر يها وتكسير صخورها ليس صعبا على الإطلاق.. 
فلمعت عينا خالد: 
تقصد؟! 
فأكمل إياد: 
- نعم يا صديق.. إن هذا البيت أقرب مكان إلى زاوية سور زيكولا.. وإن كانت زاوية 
هذا السور. أو رأسها كما تحب أن تسميها.. هي التقاء ضلعي سور زيكولا.. بالطبع 
ستكون أضعف نقاط الجزء العميق منه.. 
ثم ابتسم، وأكمل: 
202 
- وإن كن سيمنعك حماته من الاقتراب منه.. فأنا أعرف من يستطيعون أن 
يحفروا لك نفقا ببراعة.. من ذلك البيت إلى أسفل ذلك السور.. حتى تخرج إلى 
سردابك دون أن يشعر حماته أو أهل منطقتنا بشيء.. 
ثم قال: أعلم أنني هكذا خائن لزيكولا.. ولكنك صديق صديقي الحميم.. 
فصاحت أسيل: 
ان هذا جنون.. 
وصاح يامن؛ 
- نعم.. إنك مجنون يا إياد.. 
فأشار إليهما. ورفع كتفيه: 
على الإطلاق.. أما ذلك الخادم حين استدرجته في الحديث أخبرني بأنه قد يعطي 
البيت لمن يعطيه مائتي وحدة حتى يوم زيكولا حين يعود سيده ومن معه.. 
فصاح يامن؛ 
- مائتي وحدة؟! 
ثم سأله خالد. وقد تجاهل صيحة يامن: 
- ومن يحفرون النفق؟ 
فأجابه إياد: أعلم ثلائة من العمال الماهرين.. قابلتهم من قبل. إمهم بارعون في تلك 
الأعمال.. إنه عمل يحتاج إلى براعة. وقد يتجاوز معهم حفر هذا السرداب عشرين 
يوما.. هذا لأنهم سيعملون شهارا فقط حتى لا يسمع ضجيجهم أحد مع ضجيج 
السوق.. ولكن عليك ألا تنسى أنم سيأخذون أجرا إضافيا مقابل صمتم.. ثم 
صمت، وأكمل: 
- قد يأخذون تلائمائة وحدة. 
203 
فقاطعه خالد: 
- أنا ممكن أحفر معهم. وأوفر أجر عامل. وكذلك يامن؛ 
فابتسم: كما أخبرتك.. إن حفر النفق يحتاج إلى براعة نفتقدها.. وأعتقد أنم لن 
يريدوا مساعدتك لهم.. لن يودوا أن يشاركهم أحد أجرهم.. 
إنم سيأخذون 
الثلائمائة وحدة.. سواء عملت معهم أو لا.. 
حتى تحدثت أسيل. ونظرت إلى خالد؛ 
• خالد هل جننت؟!!.. مائتى وحدة، وثلاثمائة وحدة؟!.. تفقد خمسمائة وحدة من 
فصمت خالد، ولم يجيها.. حتى نطق إياد: 
- لم أجد إلا هذا الحل أيتها الطبيبة.. ثم ابتسم: 
«يمكنك الأن أن تعرفي كم استنزفت من ذكائي اليوم.. عليك أن تخبري به صديقك 
ي يعوضه لي.. 
فحدثه خالد مبتسما: 
- حسئا يا إياد.. سأعطيك ما تريد كما وعدتك.. ثم نظر إلى أسيل مجددا. وقال في 
هدوء؛ 
- أسيل.. أريدك أن تخيريني، كم أمتلك من وحدات 

الفصل الثامن عشر


نظرت إليه. وتأملته كثيرا، ثم أمسكت برأسه، وأمسكت ثنية من جلده بين  
أصبعيها؛  
•خالد.. إن مخزونك الأن لا يتعدى ستمائة وخمسين وحدة.. وقد يكون ستمائة  
فقط بعد استنزافك الكثير من الوحدات في تفكيرك..  
فصمت ثم سألها:  
- وكم يتبق لامرأة الحاكم حتى تضع مولودها؟  
فأجابته:  
-أعتقد أنه يتبقى شهران وعشرون يوما أكثر أو أقل بأيام..  
بعدها نظر إلى إياد:  
• هل سيستغرق حفره عشرين يومها فقط؟  
فابتسم إياد: أعتقد ذلك.. وإن شنت أحضرت هؤلاء العمال من الغد.. 
فصمت خالد. وطال صمته تلك المرة ثم نظر إليم: 
- أريدكم أن تتركوني وحدي الآن.. 
فابتسمت أسيل: 
205 
- خالد.. أريد أن أبقى معك.. 
فوضع وجهها بين كفيه برقة: 
- أريد أن أكون وحدي يا أسيل.. عليك أن تعودي إلى المسكن مع يامن الأن.. أريد 
أن أتخذ قراري بمفردي.. ثم نظر إلى يامن: 
- اصطحب أسيل إلى المسكن.. وأنا سأتبعكما لاحقا.. 
ثم نظر إلى إياد، وشكره على تفكيره في إيجاد الحل له.. ثم غادروا جميعا.. 
غادر إياد ومعه يامن وأسيل، والتي ظلت تتلفت وهي تسير مبتعدة عن خالد. 
وتنظر إليه حيث يجلس. وكأنها لم ثرد أن تفارقه حتى اختفى عن نظرها.. بينما 
جلس هو على صخرة عريضة أمام السور.. ينظر إليه ويفكر فيما أخيره به إياد. 
ويتحدث إلى نفسه.. إما البقاء في زيكولا أو العودة إلى بلده.. وهو غبي.. ويسأل 
نفسه: هل يجد ذلك السرداب حفا إن عبر هذا السور أم أنه سراب سيظل 
يطارده.. ثم يبتسم، ويتحدث إلى نفسه، وكأنا شخص أمامه يحدثه ويقنعه: 
- انت شايف إن فيه حل تاني؟ .. زي ما فلت قبل كده مبقاش فاضل غير المجازفة.. 
ثم ضحك وأكمل مناقشته لذاته: 
جلس هو على صخرة عريضة أمام السور.. ينظر إليه ويفكر فيما أخبره به إياد. 
ويتحدث إلى نفسه.. إما البقاء في زيكولا أو العودة إلى بلده.. وهو غبي.. ويسأل 
نفسه: هل يجد ذلك السرداب حفا إن عبر هذا السور أم أنه سراب سيظل 
يطارده.. ثم يبتسم، ويتحدث إلى نفسه. وكأنا شخص أمامه يحدثه ويقنعه: 
- انت شايف إن فيه حل تاني؟.. زي ما قلت فبل كده مبقاش فاضل غير المجازفة.. 
ثم ضحك وأكمل مناقشته لذاته: 
- قررت إيه يا خالد؟.. ترجع بلدك ومعاك مية وحدة ذكاء بس.. وللا تبقى هنا طول 
حياتك؟ 
-لو وافقت على اللي قاله إياد لازم تحس بلذة اللحظات دي.. لأنها ممكن تكون 
آخر لحظات ذكاء تعيشها.. 
ثم عاد بجسده للخلف.. وأسند ذراعيه خلفه، وتذكر جده حين كان يبتسم. 
ويداعبه صغيرا.. ويخبره بأنه ذي.. حتى كبر، وعاد إليه يوما بعدما لم يجد وظيفة 
206 
بشهادته.. وأخبره أنه لا فائدة لذكائه في بلده.. ماذا يفعل به، لاشيء.. يبتسم، 
وينحدث إلى نفسه بصوب مسموع؛ 
مش هتفرق كتير لما أرجع لبلدي.. الذي مبيختلفش عن الغي كتير.. 
يشعر كم اشتاق إلى جده، وإلى رؤيته. ويعلم أنه لم يشغله عن التفكير به سوى 
سعيه للعودة إليه من جديد.. وينظر إلى السور، ويحدثه بصوت هامس: 
- أنت الحاجز الوحيد بيني وبين اللي بحبهم.. 
ثم نظر إلى البيت الذي يسكنه الخادم: 
- وانت الحل الوحيد اللي هيخليني أشوف اللي بحيهم.. ثم أمسك برأسه ومرر 
شعره بين أصابعه، وتحدث: 
- أصعب قرار بحياتي.. أصعب قرار.. هتقرر إيه يا خالد؟. هتقرر إيه؟ 
وظل هكذا لا يتوقف عقله عن التفكير.. حتى اقترب الليل من الزوال. وبدأ خيط 
النهار يظهر.. فنهض واتجه إلى المسكن الذي يسكن به يامن وأسيل.. وما إن وصله 
حتى دلف إلى غرفة يامن فوجده نائما، فهمس إليه: 
- يامن.. اهن.. 
فلم يستيقظ فنكزه بيده حتى فتح عينيه.. وكاد يتحدث فأشار إليه خالد أن 
بصمت، وتحدث بصوت منخفض: 
حتى أكمل خالد بصوته 
207 
فنهض يامن. وجلس على سريره فاتحا عينيه بصعوبة.. 
المنخفض: 
- أريد أن أتحدث إليك.. 
يامن: حسفا.. 
فأكمل خالد: لقد اتخذت قراري.. 
فابتسم خالد ثم زالت ابتسامته: 
- أردت أن أحدثك بعيدا عن أسيل لأنني لا أريد أن أسبب لها الكثير من التعب.. 
وأخشى أن يؤثر ذلك على عملها كطبيبة زيكولا الأول.. اليوم سأفقد ذكائي.. 
سأصبح في عداد أغبياء زيكولا وفقراسم.. لن أستطيع التفكير.. وإن فكرت ربما 
ستكون قراراتي غبية.. 
ثم نظر إليه. وأمسك بذراعيه: 
- يامن.. من اليوم أنت من ستتخذ أي قرار يخصني.. 
فسأله يامن مندهشا: 
- أنا؟! 
فأجابه خالد: 
«نعم.. أخشى أن يكون تفكيري بغياء سيسبب الكثير من المتاعب.. ولهذا 
سأحملك مسنوليتي بعد اليوم.. سأطيعك مهما كان قرارك.. بالطبع ستكون أذى 
مي 
فصمت يامن، وفرك شعره: 
إسها حفا مسنولية كبرى.. 
فأكمل خالد: 
- ما عليك سوى أن تجعلني أعمل.. حتى أسترجع ذكائي.. 
فإن فعلت ذلك فلن 
أنساه طوال عمري.. ثم هدأ صوته. واقترب منه: 
- أريد أن أخبرك بشيء آخر.. 
209 
- يامن.. إنني أحب أسيلا.. وأخشى أن أكون غبيا فتبتعد عني.. سأطيعك فيما تراه 
أن أفعله تجاهها أيضا فرد يامن: 
- أرى أنها تحبك أيضا. وتحبك كثيزا.. 
فابتسم خالد: أعلم ذلك.. ولهذا فكرت أن أخذها معي إلى أرضي.. لقد فكرت كثيرا 
في ذلك.. ولكنني ترددت أن أخبرها بحيي لها.. وقررت أن أخبرها بذلك حين أجد 
الطريق ممهدا لعودتي إلى بلدي.. سأتركك وقتها تخبرني ماذا أفعل.. 
فابتسم بامن: 
- أتمنى لكما السعادة يا صديقي.. 
فابتسم خالد: 
فابتسم يامن. وقد نهض: حسفا.. 
استيقظت أسيل فوجدت خالدا ويامنا في انتظارها. فسألت خالدا على الفور: 
- هل اتخذت قرارك؟ 
فابتسم خالد: 
- نعم.. لقد قررت أن أجازف. وأفعل ما أخبرنا به إياد. 
فصمتت أسيل حتى أكمل: 
- وسأنتظر حتى يوم زيكولا حيثما كان.. بعد ثمانين يوما أو بعد خمسة أشهر.. 
وسأعمل ي أسنرجع جزءا كبيرا من ذكاني حتى عودتي.. 
فسألنه. وبدا الحزن على وجهها: 
210 
- ألم تجد حلا آخر؟ .. فهز خالد رأسه نافيا. فسألته مجددا: 
- ولماذا لا تنتظر حتى تعمل أولا فيزيد مخزونك.. ثم تحفر نفقك قبلها بأيام. 
وتحافظ على ذكائك.. كما فعلت حين اشتريت كتابك؟ 
فأجابها : 
فكرت في ذلك.. ولكنني أصبحت أعلم جيدا طبيعة أهل زيكولا. ومدى انتهازهم.. 
كلما اقتربنا من ذلك اليوم.. سيطلب من يحفرون النفق الكثير من الأجر.. ريما 
يطلبون ضعف الثلاثمائة وحدة أو ضعفين.. ثم نظر إليها. وابتسم: 
- سأكون بخير يا أسيل.. سأكون بخير.. أريدك فقط أن تكوني معي.. 
فابتسمت أسيل هتى تحدث يامن: 
- هيا.. علينا أن نجد إيادا.. 
ولم يكد بكمل جملنه حتى وجدوا إياد يدخل إليهم فابتسم يامن: 
•كنا في طريقنا إليك.. 
فضحك إياد: 
•أعلم ذلك.. ولذا أردت أن أوفر القليل من الوقت.. ثم نظر إلى خالد: 
- هل اتخذت قرارك؟ 
فرد خالد: 
- نعم.. وسأترك لك المسنولية لمتابعة ذلك النفق. وسأعطيك مقابلا.. ولكنه ليس 
211 
وعاد ومعه فتى 
- لا بأس.. ثم أكمل: 
• كنت أعلم أنك ستقرر ذلك.. ثم تحرك خطوات إلى الخارج. 
ملابسه بالية ثم أشار إلى خالد، وحدث الفتى: 
- إنه من يريد أن يستأجر بيت سيدك.. 
فتحدث الفتى: 
فنظر إليه يامن.. ينتظره أن يكمل حديثه سريعا.. حتى أكمل؛ 
- أرى أن إيادا على حق.. سأعبر سور زيكولا من خلال النفق.. 
فقاطعه يامن: 
- خالد.. وذكاؤك؟! 
فأجابه: لقد فكرت كثيرا في ذلك.. لقد أخبرنا إياد أن حفر ذلك النفق سيستغرق 
عشرين يوما.. وسيعطينا ذلك الخادم البيت حتى يوم زيكولا. حتى يعود أصحابه 
إن عادوا..  
فقاطعه يامن؛ نعم سيعودون.. هكذا تجار زيكولا، سيطير خبر يوم زيكولا قبله  
بأيام.. فيستعد كل من يريد العودة، حتى يفتح باب زيكولا فيدخلونها..  
فواصل خالد حديثه؛ هذا ما أقصده.. يتبقى على يوم زيكولا شهران وعشرون  
يوما.. سيحفر ذلك النفق، ولكني لن أغادره حتى يوم زيكولا.. إنهم ثمانون يوما..  
إن عملت هنا مقابل ست وحدات باليوم. سأوفر حتى يوم زيكولا ربما ربعمانة  
وثمانين وحدة.. مع ما تبقى لدي من المائة وحدة.. سيكون لدي ما يقرب من  
ستمائة وحدة.. أي أنتي لن أختلف كثيرا حين أخرج من النفق.. وستنفعني كثيرا  
تلك الوحدات حين أصل إلي سرداب فوريك..  
فابتسم يامن:  
- إنه قرار حياتك يا صديقي.. ولا دخل لي به..  
ثم أكمل: إنك ذي حقا يا خالد، وكم أنا مسرور لذلك.. فإنك ستبقى معنا شهرين  
أخريين.. خشيت أن ترحل بعد عشرين يوما فقط..  
فابتسم خالد:  
- هذا إن وضعت زوجة الحاكم ذكرا.. ربما تطول المدة إن وضعت أنثى.. وانتظرنا  
يوم زيكولا في موعده الأساسي بعد خمسة شهور..  
208  
ولم يترك رأسه حتى مر قليل من الوقت.. وخرج إياد وعاد مجددا. وتحدث إليه؛  
- لقد أتى زعيم العمال الذين سيحفرون النفق.. ولكنه يريد أن يأخذ الثلائمانة  
وحدة دفعة واحدة.. هل ستعطيم أجرهم دفعة واحدة كما طلبوا؟  
فنطقت أسيل على الفور  
•لا.. لن يدفع لهم ثلاثمائة وحدة الأن..  
فأمسك خالد بيدها.. ثم تحدث إلى إياد: 
هل يأخذون أجرهم دانما هكذا؟ 
فرد إياد: نعم.. وهذا ما سيجعلهم يكتمون أمر ذلك النفق.. الذي قد يودي بحياتنا 
فنطق خالد في صوت هادى؛ 
- حسنا.. سأعطيهم ما يريدون.. 
فصرخت إليه أسيل: 
- خالد.. إن هذا فد يودي بحياتك.. 
فابتسم إليها خالد: إنني قوي.. سأدفع لهم مايريدون. سواء الآن أو بعد ذلك.. ولا 
أريد أن يخبروا أحدا.. فتحدث إياد: 
-حسنا.. سأدخله إليك الآن ثم أذهب معهم إلى ذلك البيت لأنم سيبدأون عملهم 
من اليوم.. وأنت ستواصل عملك.. وستجد نفقك كاملا بعد عشرين يوما.. وقد 
أكدوا لي ذلك.. وبعد أن تغادره - متى تشاء سأجعلهم يملأون جزءه القريب من 
البيت بالصخور مجددا ثم يعيدون أرضية البيت كما كانت.. وأتمنى ألا يثير ريبة 
- حسنا. ولكن سأكررها.. إلى يوم زيكولا فقط.. بل اليوم السابق له حتى.. يوم 
يفتح باب زيكولا.. إن عاد سيدي فلن يترككم لحظة واحدة ببيته.. وربما يقتلتي إن 
علم أنني من أدخلتكم بيته.. 
فأوما خالد إليه برأسه موافقا دون أن يتحدث ثم نظر إلى إياد: 
- ومتى يأتي عمالك؟ 
فهمس إليه إياد: 
- سيأتون بعد قليل.. لا تخير الفتى بما سنفعله أسفل بيت سيده.. ربما يضيع كل 
شيء إن علم بذلك.. سيأتون بعد أن يرحل.. بعدها نظر خالد إلى الفتى؛ 
- حسنا.. أستأجر منك البيت حتى يوم فتح باب زيكولا مقابل مائتي وحدة.. 
فابتسم الفتى. وأخرج مفتاحا حديديا كبيرا: 
-وهذا مفتاح بيت سيدي.. 
وما إن أخذه خالد حتى شعر بألم شديد برأسه.. فنظرت إليه أسيل في لهفة. 
واقتربت منه، بعدما أمسك برأسه: 
- خالد. تماسك.. أرجوك تماسك.. أعلم أن اليوم شاق عليك.. 
فلم يرد. وظل ممسكا برأسه، وبدا شحوب جلده يزداد.. حتى سألته: 
- خالد.. هل أنت بخير؟ 
فأجابها بصوت منخفض: 
212 
213 
وشاريه كثيف، وشفتاه 
وتخرج منه عصا خشبية 
صاحبه حين يعود إليه .. فحدثه خالد : 
- حسنا.. أدخله.. 
فخرج إياد.. وعاد ومعه رجل ضخم شعره مجعد، 
غليظتان. وبيده ألة حفر يدوية ستها حديدي مدبب. 
سميكة.. ثم نطق بصوته الغليظ: 
- إننا نريد ثلاثمائة وحدة الأن.. 
فتحدث إليه خالد: 
- لا أريد أن يعلم أحد بذلك أبدا.. 
فرد الرجل: 
- حسنا. كما تريد.. إننا نعلم كيف نصون السر جيدا.. 
- سنبدأ العمل اليوم.. وسترى كم نحن بارعون.. 
ثم غادر. ومعه إياد الذي أخذ المفتاح الحديدي معه.. أما خالد فأمسك رأسه من 
جديد. وتزايدت ضريات قلبه، وتسارعت أنفاسه. وزاد شحوبه للغاية. وشحبت 
شفتاه. واحمرت عيناه، ونهض من مكانه. وسار مترنحا بين أرجاء المكان، ونظر إلى 
يامن وأسيل في ذهول، وترنح مجددا. وبرزت عيناه وأمسك برقبته كأنه يختنق. 
وأسيل تناديه وقد تساقطت دموعها: 
خالد.. عليك أن تصمد.. لم يفعل أحد من قبل مثلما فعلت.. 
خالد.. ستصمد.. إنك قوي.. أعلم أنك ستصمد.. ستصمد.. 
ثم أمسكه يامن: خالد.. ستعود إلى بلدك.. ستعود قويا كما كنت.. ستسترجع 
ثروتك.. 
وخالد ما زال يتحرك، ويذي. ولا يدري بشيء من حوله، وينظر إلى ذراعه التي 
أصبحت صفراء شاحبة. وإلى كفيه اللنين ارتعشتا قليلا.. حتى أراد أن يتجه نحو 
214 
الباب، وما إن تحرك خطوات نحوه حتى سقط على الأرض. وظل جسده ينتفض.  
وضمت أسيل رأسه إلى صدرها. ورجلاه تنتفضان بقوة، حتى هدأتا رويدا رويدا.  
وأغمض عينيه.. فنظرت أسيل باكية إلى يامن:  
-كنت أعلم أن ذلك سيصيبه.. ولكنتي لم أعلم أنني لن أستطيع أن أراه هكذا..  
وزادت دموعها. ومررت يدها فوق شعره وأكملت:  
إن اليوم سيكون أصعب أيامه في زيكولا.. إن مخزونه الآن لا يزيد عن مائة  
وحدة.. عليه أن يأخذ فسطا كبيرا من الراحة اليوم..  
فرذ يامن:  
- حسنا.. سأتركه ينام حتى الغد. وأنا سأذهب كي أرى عملنا الجديد.. لابد وأن  
نعمل من الغد.. لقد أصبح هدفي الأن أن يستعيد خالد ذكاءه قبل أن يغادر  
زيكولا.. وسأتايع مع إياد أيضا حفر ذلك النفق..  
فقالت أسيل. ومازالت دموعها على خديها:  
- حسنا.. عليك أن تحمله إلى سريره الآن.. وأنا سأظل بجواره حتى نعود..  
غادر يامن بيت ضيافة الطبيبة بعدما حمل خالد إلى سريره.. وترك بجواره أسيلا  
التي ظلت تنظر إليه. وتحاول أن تتمالك نفسها من البكاء مجددا، وتسكب القليل  
من الماء البارد على يدها ثم تمررها على وجهه وعلى لحيته الناعمة ثم على شعره  
مميومة.  
مات  
الناعم.. وخالد مغلقة عيناه، ويذ  
تذكرت حديثه إليها حين رأى نجما لامعا فريدا. وأخبرها بأنه قد سماه أسيلا..  
تشعر بأنها تراه أمامها كما رأته حين وقف أمام عمال المنطقة الشرقية كقائدهم.  
215  
وجعلهم «بكلمات منه- يتخلون عن خوفهم. ويتحدون ضد أخذي وحدات  
الحماية.. وبدأت تتحدث إليه بصوت هادى:  
- ستكون على مايرام يا خالد.. ستكون بخير..  
ثم مهضت لتحضر المزيد من الماء فوجدته يهذي، ويعلو صوته:  
فتوقفت قدماها حين سمعته.. ثم أكملت طريقها لتحضر الماء.. حتى عاد يامن.  
وظلا بجواره ساعات طويلة دون أن يغفو لهما جفن.. حتى مر ذلك اليوم... 
في صباح اليوم التالي. فتح خالد عينيه فوجد أسيلا ويامنا بجواره فضحك. 
-لماذا تجلسان هكذا؟! 
فابستم يامن. وابنسمت أسهل. وردت: 
لقد أصابنا الفلق فحسب.. 
فصمت خالد. ولم يتحدث بعدما نظر إلى ذراعه ثم نظر إلى يامن، وحدثه بصوت 
هادي: 
- هل بدأوا العمل؟ 
فأجابه: نعم.. لقد بدأوا بالأمس.. 
فسأله مجددا: 
- ونحن لماذا لانعمل معهم؟! 
فابتسم يامن: 
•لدينا عملنا.. 
فصاح به في غضب: 
216 
إلى امن؛ 
• نعم.. لماذا تجلسان؟.. هيا امضا إلى عملكما؟ 
فنظر خالد إلى أسيل مندهشا: 
- ألن نساعدك؟ 
فابنسمت: 
- كنت أتمنى ذلك.. ولكن مرضى تلك المنطقة أغليهم من النساء.. لقد وجد يامن 
لك عملا ستوفر منه ست وحدات باليوم.. 
فركل يامن بقدمه: 
-حسفا.. هيا بنا إلى العمل.. 
فضحك يامن: 
- حسنا يا صديقي.. انتظر حتى أغسل وجي بالماء.. أراك أصبحت متسرعا قليلا.. 
اتجه خالد مع يامن إلى عملهما الجديد في المنطقة الغربية.. وخالد يسير واجما. 
وقد بطأت حركته، وكلما سار بمكان ما، تلفت حوله كثيرا. وظل يسأل يامنا الكثير 
الأسئلة واليى أجابها له يامن من قبل، ويامن يبتسم ويجيبه مجددا.. حتى 
وصلا إلى عملهما الجديد.. فتحدث إليه يامن: 
- هنا سنكسر الصخور مثلما كنا نكسرها في المنطقة الشرقية.. أتتذكر؟ 
فرد خالد: 
- نعم.. أتذكر.. 
فأكمل يامن: 
217 
- أعلم أن كفاءتك ستكون أقل.. ولكن ما عليك سوى أن تقلدني في عملي.. إنه 
عمل لا يحتاج إلى ذكاء.. وحين ننتي من عملنا سننال أجرنا.. ثم نذهب إلى إياد  
كنرى نفقك يا صديقي..  
بدأ خالد يعمل مع يامن.. وكانت كفاءته أقل كما أخبره.. وكلما اشتد بعمله زاد  
نعبه وإنهاكه وأراد أن يستريج.. فيحدثه يامن بأن يعمل. ويحمسه:  
هيا يا خالد.. هيا.. إنك بحاجة إلى كل وحدة..  
فيعمل مجددا. ويحاول أن ينافس يامنا. ولكنه لا يستطيع.. فيهدى يامن من  
عمله، ويكسر مثله ببطء.. ثم يوحي إليه بأنه من تفوق في تلك المنافسة.. حتى انتهيا  
من عملهما. وأخذا أجرهما، وانجها إلى ذلك البيت الذي استأجره.. فوجدا إيادا  
فأجابه إياد: إنهم فد انصرفوا.. لن يستطيعوا أن يعملوا مع هدوء الليل.. إن  
ضجيج السار يستر خلفه ضجيج الحفر..  
فصاح به خالد:  
- إننا نريد أن نسرع..  
فأشار يامن إلى إياد بأن يهدئ من حديثه.. وأن خالدا ليس كطبيعته. ثم أمسك  
بيده. وتحرك بهما إلى إحدى غرف الطابق السفلي بالبيت:  
- انظرا.. لقد تخلصوا اليوم من أرضية تلك الغرفة. ومعها الطبقة الصخرية  
الصلية.. إنها أصعب ما في الأمر.. بعد ذلك أعتقد أن الحفر سيكون سهلا..  
وسيتى في موعده بعد عشرين يوما.. ثم نظر إلى خالد:  
- اطمئن.. سأجعلهم يعملون ليلا أيضا، ولكن مع افترابهم من نهاية النفق.. ثم  
- من سيزيل تلك الصخور والرمال التي سيخرجوشها من النفق. غيرهم؟!..  
218  
فهدأ خالد، وهم للمغادرة:  
•افعلوا ما تشاءون.. ثم نظر إلى يامن: 
- يامن.. أريد أن أعود إلى المسكن.. 
فابتسم إليه يامن في هدوء:  
-حسنا يا خالد.. سنعود.. ثم نظر إلى إياد:  
- إياد.. إن مصير خالد مصيرى.. لن أوصيك..  
فضحك إياد :- لا أنسى أنتنى سأنال أجرا لمتابعة هؤلاء العمال..  
توالت الأيام يوما تلو الآخر، وخالد يعمل مع يامن. ويترك كل ما يريد أن يأخذ قرارا  
بشأنه إليه، ولا يناقشه بشىئ.. ما يريده فقط أن يعمل. وينال أجره.. ثم يتجها إلى  
إياد ومن معه من غمال. وتأتى إليهم أسيل حين تنتى من عملها، وخالد ينظر إلى  
ما يفعلونه من بعيد.. ولا يتدخل بعملهم مطلفا.. وفد تعمقوا بالأرض مسافة  
عمودية، قد تصل إلى مترين. ووضعوا يها سلما خشبيا صغيرا.. ومنها بدأوا  
يحفرون نففا أفقيا.. واندهشت أسيل حين نزلت تلك الحفرة، ونظرت إلى النفق  
الأفقى.. وتعجبت من تلك البراعة التي يحفرون بها.. وكلما حفروا مسافة معينة  
دعموها بالأخشاب حتى لا ينهار ما فعلوه.. وتنظر إلى خالد ضاحكة؛  
- لقد بدأ العمل بحق يا خالد.. ستحقق أملك قريبا.. ثم نظرت إلى إياد، وطلبت  
أن تتحدث إليه بعيدا عن خالد ثم سألته: 

الفصل التاسع عشر


إياد 
إلا د، وحى 
لأرى نفقك يا صديقي.. 
بدأ خالد يعمل مع يامن.. وكانت كفاءته أقل كما أخبره.. وكلما اشتد بعمله زاد 
نعبه وإشاكه وأراد أن يستريح.. فيحدثه يامن بأن يعمل. ويحمسه: 
- هيا يا خالد.. هيا.. إنك بحاجة إلى كل وحدة.. 
فيعمل مجددا، ويحاول أن ينافس يامنا، ولكنه لا يستطيع.. فيهدئ يامن من 
عمله، ويكسر مثله ببطء.. ثم يوحي إليه بأنه من تفوق في تلك المنافسة.. حتى انتهيا 
من عملهما، وأخذا أجرهما، واتجها إلى ذلك البيت الذي استأجره.. فوجدا إيادا 
هناك بمفرده، وعمال الحفر قد انصرفوا، فسأله خالد في غضب: 
-أين العمال؟ 
فأجابه إياد؛ إنهم قد انصرفوا.. لن يستطيعوا أن يعملوا مع هدوء الليل.. إن 
ضجيج النهار يستر خلفه ضجيج الحفر.. 
فصاح به خالد: 
- إننا نريد أن نسرع.. 
فأشار يامن إلى إياد بأن يهدئ من حديثه.. وأن خالدا ليس كطبيعته، ثم أمسك 
بيده، وتحرك بهما إلى إحدى غرف الطابق السفلي بالبيت: 
- انظرا.. لقد تخلصوا اليوم من أرضية تلك الغرفة. ومعها الطبقة الصخرية 
الصلبة.. إنها أصعب ما في الأمر.. بعد ذلك أعتقد أن الحفر سيكون سهلا.. 
وسينتى في موعده بعد عشرين يوما.. ثم نظر إلى خالد: 
- اطمئن.. سأجعلهم يعملون ليلا أيضا، ولكن مع اقترابهم من نهاية النفق.. ثم 
- من سيزيل تلك الصخور والرمال التي سيخرجونها من النفق، غيرهم؟ !.. 
218 
فهدأ خالد، وهم للمغادرة: 
-افعلوا ما تشاءون.. ثم نظر إلى يامن: 
- يامن.. أريد أن أعود إلى المسكن.. 
فابتسم إليه يامن في هدوء: 
- حسنا يا خالد.. سنعود.. ثم نظر إلى إياد: 
من لغمننا سننان اجرنا.. تم ندهب إلى إياد 
غلثئ لا ايحئاج إلى زياء وحين نئتي" 
لأرى نفقك يا صديقي.. 
بدأ خالد يعمل مع يامن.. وكانت كفاءته أقل كما أخبره.. وكلما اشتد بعمله زاد 
تعبه وإساكه وأراد أن يستريح.. فيحدثه يامن بأن يعمل. ويحمسه: 
- هيا يا خالد.. هيا.. إنك بحاجة إلى كل وحدة.. 
فيعمل مجددا، ويحاول أن ينافس يامنا، ولكنه لا يستطيع.. فيهدئ يامن من 
عمله، ويكسر مثله ببطء.. ثم يوحي إليه بأنه من تفوق في تلك المنافسة.. حتى انتهيا 
من عملهما، وأخذا أجرهما، واتجها إلى ذلك البيت الذي استأجره.. فوجدا إيادا 
هناك بمفرده، وعمال الحفر قد انصرفوا، فسأله خالد في غضب: 
-أين العمال؟ 
فأجابه إياد؛ إنهم قد انصرفوا.. لن يستطيعوا أن يعملوا مع هدوء الليل.. إن 
ضجيج النهار يستر خلفه ضجيج الحفر.. 
فصاح به خالد: 
- إننا نريد أن نسرع.. 
فأشار يامن إلى إياد بأن يهدئ من حديثه.. وأن خالدا ليس كطبيعته، ثم أمسك 
بيده، وتحرك بهما إلى إحدى غرف الطابق السفلي بالبيت: 
- انظرا.. لقد تخلصوا اليوم من أرضية تلك الغرفة، ومعها الطبقة الصخرية 
الصلبة.. إنها أصعب ما في الأمر.. بعد ذلك أعتقد أن الحفر سيكون سهلا.. 
وسينتى في موعده بعد عشرين يوما.. ثم نظر إلى خالد: 
- اطمئن.. سأجعلهم يعملون ليلا أيضا. ولكن مع اقترابهم من نهاية النفق.. ثم 
- من سيزيل تلك الصخور والرمال التي سيخرجوزها من النفق، غيرهم؟ !.. 
218 
فهدأ خالد. وهم للمغادرة: 
-افعلوا ما تشاءون.. ثم نظر إلى يامن: 
- يامن.. أريد أن أعود إلى المسكن.. 
فابتسم إليه يامن في هدوء؛ 
- حسنا يا خالد.. سنعود.. ثم نظر إلى إياد: 
. ا١١مرده. ٠١ أ«.،١"، 
توالت الأيام يوما تلو الأخر، وخالد يعمل مع يامن. ويترك كل ما يريد أن يأخذ قرارا 
بشأنه إليه، ولا يناقشه بشى.. ما يريده فقط أن يعمل، وينال أجره.. ثم يتجها إلى 
إياد ومن معه من عمال، وتأتى إليهم أسيل حين تنتى من عملها، وخالد ينظر إلى 
ما يفعلونه من بعيد.. ولا يتدخل بعملهم مطلقا.. وقد تعمقوا بالأرض مسافة 
عمودية، قد تصل إلى مترين، ووضعوا بها سلما خشبيا صغيرا.. ومنها بدأوا 
يحفرون نفقا أفقيا.. واندهشت أسيل حين نزلت تلك الحفرة، ونظرت إلى النفق 
الأفقى.. وتعجبت من تلك البراعة التي يحفرون بها.. وكلما حفروا مسافة معينة 
دعموها بالأخشاب حتى لا ينهار ما فعلوه.. وتنظر إلى خالد ضاحكة: 
لقد بدأ العمل بحق يا خالد.. ستحقق أملك قريبا.. ثم نظرت إلى إياد، وطلبت 
أن تتحدث إليه بعيدا عن خالد ثم سألته: 
- هل سيستطيع أن يسير بذلك النفق.. 
فأجابها إياد: 
- بالطبع لا.. إن ارتفاع النفق لا يتجاوز مترا.. عليه أن يزحف به.. أو يتحرك على 
ركبيته.. إزها ليست مسافة كبيرة.. 
219 
فصمتت أسيل ثم سألته مجددا: 
وماذا عن عهويته.. أخشى أن يختنق داخله، فابتسم إياد: 
- أرى أنك تخشين عليه كثيرا.. لا أرى أنا مشكلة على الإطلاق.. إن النفق سيكون 
مفتوحا من الجانبين.. وهذا بالطبع سيمرر الهواء.. 
فردت أسيل: 
- أتمنى ذلك.. 
واستمرت الساعات في مرورها.. ومرت الأيام معها.. وخالد يواصل عمله.. والعمال 
يحفرون نفقه.. ويسرعون في عملهم دون أن يدري أحد بما يحدث تحت الأرض 
الخالية بين سور زيكولا والبيت القريب منه.. يحفرون مهارا، ويتخلصون من 
صخور الحفر ليلا.. ويامن يزداد الأمل أمامه. وكلما نزل النفق. وزحف على ركبتيه 
أمتارا به، ومعه شعلة من النار يضحك، ويتحدث إلى خالد الذي ينتظره عند 
توالت الأيام يوما تلو الاخر، وخالد يعمل مع يامن، ويترك كل ما يريد أن يأخذ قرارا 
بشأنه إليه، ولا يناقشه بشى.. ما يريده فقط أن يعمل، وينال أجره.. ثم يتجها إلى 
إياد ومن معه من عمال، وتأتى إليهم أسيل حين تنتى من عملها، وخالد ينظر إلى 
ما يفعلونه من بعيد.. ولا يتدخل بعملهم مطلقا.. وقد تعمقوا بالأرض مسافة 
عمودية، قد تصل إلى مترين، ووضعوا بها سلما خشبيا صغيرا.. ومنها بدأوا 
يحفرون نفقا أفقيا.. واندهشت أسيل حين نزلت تلك الحفرة. ونظرت إلى النفق 
الأفقى.. وتعجبت من تلك البراعة التي يحفرون بها.. وكلما حفروا مسافة معينة 
دعموها بالأخشاب حتى لا ينهار ما فعلوه.. وتنظر إلى خالد ضاحكة: 
- لقد بدأ العمل بحق يا خالد.. ستحقق أملك قريبا.. ثم نظرت إلى إياد، وطلبت 
أن تتحدث إليه بعيدا عن خالد ثم سألته: 
- هل سيستطيع أن يسير بذلك النفق.. 
فأجابها إياد: 
- بالطبع لا.. إن ارتفاع النفق لا يتجاوز مترا.. عليه أن يزحف به.. أو يتحرك على 
ركبيته.. إزا ليست مسافة كبيرة.. 
219 
فصمتت أسيل ثم سألته مجددا: 
وماذا عن شهويته.. أخشى أن يختنق داخله. فابتسم إياد؛ 
- أرى أنك تخشين عليه كثيرا.. لا أرى أنا مشكلة على الإطلاق.. إن النفق سيكون 
مفتوحا من الجانبين.. وهذا بالطبع سيمرر الهواء.. 
فردت أسهل: 
- أتمنى ذلك.. 
واستمرت الساعات في مرورها.. ومرت الأيام معها.. وخالد يواصل عمله.. والعمال 
يحفرون نفقه.. ويسرعون في عملهم دون أن يدري أحد بما يحدث تحت الأرض 
الخالية بين سور زيكولا والبيت القريب منه.. يحفرون نهارا، ويتخلصون من 
صخور الحفر ليلا.. ويامن يزداد الأمل أمامه، وكلما نزل النفق. وزحف على ركبتيه 
أمتارا به، ومعه شعلة من النار يضحك، ويتحدث إلى خالد الذي ينتظره عند 
فتحته.. ويعلو صوته إليه: 
ستخرج من زيكولا كما تريد.. 
وخالد يستمع إليه، ويبتسم، ويتحدث إلى نفسه: "سأخرج يا يامن.. سأخرج.." 
وتمر الأيام أكثر وأكثر، وأسيل تذي عملها كل يوم لتذهب إلي ذلك النفق.. فتجد 
خالدا ويامنا هناك فتجلس بجوارهما، ويداعبان خالدا ولا يتركانه حتى يعود 
معهما إلى ذلك المسكن.. دار الطبيب.. بعدما رفض أن يسكن بالطابق العلوي 
بالبيت ذاته ..و قد وافقاه فيما أراد. 
حتى جاء اليوم الثامن عشر من بداية الحفر، وكان خالد يجلس مع يامن 
بمفردهما، فنظر إليه: 
- يامن.. لقد أخبرتك من قبل أنني أحب أسيلا.. 
220
فرد يامن مبتسما: 
• نعم 
فأكمل خالد: 
- لم يعد يتبقى على إتمام النفق ومروره أسفل سور زيكولا سوى القليل.. وأنا أود 
أن أخبر أسيلا بأنني أحيها.. وأن أطلب منها أن تأتي معي إلى بلدي.. 
فابتسم يامن: مازال هناك وقت حتى يوم زيكولا.. 
فصمت خالد ثم نظر إليه: 
-أعتقد أنني تأخرت كثيرا كيأخبرها بذلك.. أرى أن الوقت قد حان لتعلم كم 
أحيها.. 
فسأله يامن؛ هل تريد أن تخبرها بذلك الآن؟ 
فأجابه :- لا أعلم.. ما أعلمه أننى لا امتلك من الذكاء سوى مائتى وحدة أو أكثر 
بقليلا.. وأخشى ألا أكون ذكيا في حديثى معها.. 
فابتسم يامن: 
- إنها تعلم من أنت يا خالد.. وهي تحبك. 
فابتسم ابتسامة حزينة: 
- أريدك فقط أن تخبرني ماذا أفعل.. كنت أظن الأمر سهلا.. ولكنني لا أجده بتلك 
فصمت يامن قليلا ثم ضحك وقال : 
- سأخبرك ماذا تفعل. ثم سأله: 
- أين أوراقك التي كنت تكتيها؟ 
فأشار خالد إلى أغراضه: 
- إمها هناك بين أغراضي.. 
221 
فسأله: 
- كتبت بينها أنك تحب أسيلا؟ 
فأجابه خالد: نعم.. 
فسأله: وهل قرأتها أسيل؟ 
فأجابه: لا.. إذها قرأت الأوراق الأولى فقط.. حين كنت أمدحها.. ولكنها لم تقرأ 
أنني أحبيها منذ دخولي إلى زيكولا. 
فابتسم يامن: 
- حسنا سأخذ تلك الأوراق، وسأجعلها تقرأها، وستتأكد من حبك لها، ولن تنتظر 
حتى تذهب إليها.. أراهنك بخمس وحدات من الذكاء.. أخها حين تقرأ تلك الأوراق 
ستأتي إليك مسرعة وتقول أحبك يا خاااااالد.. 
فابتسم خالد: 
- حسنا لفعل ما تشاء.. أما أنا فأريد أن أذهب إلى إياد ومن معه من عمال الآن.. 
ثم أتجول بين شوارع المنطقة قليلا.. لا أريد أن أنام الليلة.. أشعر أنها ليلة 
مختلفة.. لم يعد سوى يومين على انتهاء العشرين يوما التي أخبرني بها إياد. 
بعدها خرج .. أما يامن فقد حمل أوراقه، واتجه بها إلى غرفة أسيل. وطرق بابها 
برفق.. ففتحته فابتسم. وأظهر إليها أوراق خالد. وتحدث؛ 
- إن خالد قد خرج ولا أعلم أين هو.. وأنا سأخرج الأن.. حين يأتي. أريدك أن تخبريه 
بأنني قد وجدت أوراقه مبعثرة.. ثم أعطاها لها فابتسمت أسيل: 
- حسنا سأعطيها له حين يعود.. 
ثم أخذتها، وأغلقت بابها على الفور، وأسرعت إلى سريرها، وبعثرت الأوراق أمامها 
في سعادة.. تريد أن تقرأ ما كتبه خالد عنها.. وزادت من إضاءة غرفتها، وأمسكتهم 
ورقة ورقة.. وكلما انتهت من قراءة إحداهن تناولت الأخرى.. وظلت تقرأ ما كتبه 
خالد عنها في البداية، والذي قرأته من قبل وأنزها حورية زيكولا.. ثم بدأت تقرأ ما 
صوت طرقات شديدة على باب غرفتها، وحين مضت وفتحت بابها.. فوجنت 
ببعض الجنود، وقائدهم يتحدث: 
- أيتها الطبيبة.. إننا من حراس الحاكم.. لابد أن تأتي معنا على الفور.. 
فسألته في دهشة: 
- لماذا؟ 
فأجابها؛ 
- لا أعلم سيدتي.. لقد أمرني سيدي الحاكم أن أتي بك على الفور.. يبدو أن سيدتي 
ليست على مايرام.. 
هدأت أسيل: 
- حسنا.. سأتي معك. 
ثم أغلقت باب حجرقها مرة أخرى، وبدلت ملابسها، ولملمت أوراق خالد سريعا 
لتحملها معها.. ولم تدر أن هناك ورقة قد أسقطتها دون أن تشعر.. 
خرجت أسيل مسرعة مع حراس الحاكم.. وأرادت أن تخبر خالدا أو يامنا بأنها 
ستذهب إلى المنطقة الوسطى فلم تجد أيا منهما.. فركبت العربة الفخمة التي 
جاءوها بها، وبدأت العربة في التحرك، وهي تنظر عبر نافذتها لعلها تجد خالدا، 
ولكن دون جدوى فحدثت نفسها: 
- إن المنطقة الوسط ليست ببعيدة.. سأذهب إلى هناك، وسأعود على الفور.. 
ثم طلبت من قائد الحراس الذي كان يجلس أمامها في العربة أن يزيد من إضاءة 
المصباح الناري ي تتمكن من قراءة باقى أوراق خالد التي أحضرتها معها حتى تصل 
إلى قصر الحاكم.. وبدأت تقرأ مجددا ما كتبه بينما تسير العربة، وبدا السرور على 
وجهها.. حتى وصلت إلى آخر ورقة معها، وزادت ضربات قليها حين وجدت أن خالدا 
223 
قد كتب بها أنه قابل فتاة أثناء عمله بتكسير الصخور تشبه منى حبيبته. التي 
أحيها ست سنوات، وكادت دموعها تسقط حين انتهت الورقة. وقد كتب: 
"ما أعلمه جيدا أنني لم أحب غير منى طوال عمري" 
وانتهت الأوراق معها، فحاولت أن تتمالك نفسها.. حتى شعر قائد الحراس بذلك 
بعدما بدا التوتر على وجهها، ولمعت عيناها بالدموع، وتسارعت أنفاسها، وكأن 
قاجابته في حزن؛ لا سييء.. تم نظرت عبر الناقده، ولم تحرك ساكنا.. 
في الوقت ذاته عاد يامن إلى المسكن. ووجد فتاة تخرج من حجرة أسيل .. كانت 
تقوم بتنظيفها. فسألها: 
- أين الطبيبة أسيل؟ 
فأجابته: 
لقد خرجت مع جنود الحاكم.. 
ثم أخرجت ورقة صفراء. وأكملت: 
- وقد سقطت منها تلك الورقة يا سيدي. 
فأمسك يامن بالورقة فوجدها إحدى أوراق خالد. والتي كتب ببدايتها؛ 
- "لم أحب غيرها طوال عمري قبل أن أتي إلى زيكولا.. حتى وجدت أسيلا التي يزداد 
شعوري كل يوم بحيها لي.. أما أنا فأشعر تجاهها بحب لم أشعر بمثله من قبل.." 
فظهرت خيبة الأمل على وجهه ثم سأل الفتاة: 
- ألا تعلمين لماذا جاءها جنود الحاكم في ذلك التوقيت المفاى؟ 
224 
فأجابته: 
- لا أعلم سيدي.. 
مر الوقت قليلا. وخرج خالد إلى شوارع المنطقة الغربية.. يسير في هدوء ليلها 
بعدما نزل ذلك النفق الذي أوشك على انتهائه وخرج منه.. يتمنى أن ينتري حفره 
وأن تمر الأيام سريعا، ويستكمل جزءا من ذكانه حتى يخرج من زيكولا. وظل يسير، 
ويفكر هل قرأت أسيل أوراقه.. هل علمت بمدى حبه لها.. حتى فوى بالكثير من 
الجنود يقتربون منه. ويحيطون به. ويمسكونه فسألهم على الفور: 
- لماذا تمسكون بى؟!.. إننى لم أفعل شيئا.. 
فأجابه قائدهم في غلظة: 
- نعم.. إنك لم تفعل شيئا.. ثم أكمل:

الفصل العشرون


(17)  
كان ما حدث من أمر الجنود صدمة بالنسبة ل خالد.. ووقعت كلمات قائدهم على  
سمعه كالصاعقة التي أنسته كل شيء من حوله.. وحاول أن يتملص من الجنود  
الممسكين به ولكنه لم يستطع، واقتادوه معهم إلى قصر كبير يوجد بالقرب من  
الطرف الشرقي للمنطقة الغربية.. ثم أدخلوه إحدى غرف القصر الخالية  
بالطابق السفلي.. وأوصدوا بابها الحديدي من خلفه فأصبحت إضاءمها شاحبة  
يغليها الظلام.. فجلس بأحد أركانها، ووضع رأسه بين يديه، وكأن صدمته شلت  
تفكيره.. ثم مهض مجددا، واتجه نحو الباب الحديدي، وصاح:  
- لابد أنكم مخطنون.. لابد أنكم مخطئون.. لابد أن أغادر..  
حتى سكت فجأة حين سمع صوتا من خلفه:  
- تغادر إلى أين؟! 
هيئته أنه في الأربعين من عمره.. فسأله: 
من أنت؟ 
فرد الرجل في هدوء: 
- فقير مثلك.. 
226 
فصمت خالد حتى سأله الرجل: 
- لماذا لا تجلس؟! 
فأجابه : 
- أريد أن أخرج من هنا.. لابد أن أخرج. 
فابتسم الرجل: 
ليتنا نخرج جميعا.. اجلس لا تضيع وقتك.. طالما جنت هنا لم يعد لك أمل سوى 
أن يكون هناك من هو أكثر منك فقرا.. ثم تابع بعدما صمت برهة: 
- أو يكون لك حظ مع الزيكولا.. 
فجلس خالد بجواره ثم سأله: 
- ما اسمك؟ 
فرد الرجل: أنا جواد.. 
فأكمل خالد: ألا يوجد غيرنا؟! 
فأجاب جواد: 
- انتظر.. مازال أمامهم يوم آخر حتى يأتينا أطباء منطقتنا.. وإلى أن يأتي الأطباء 
سيحضرون هنا الكثيرين من الفقراء.. ألم تشاهد تلك الأيام من قبل؟! 
فأجابه خالد: 
- لا.. إنني أشاهدها للمرة الأولى.. إنني لست من أهل زيكولا.. 
فصمت جواد ثم ابتسم، وأكمل: 
- كان لابد أن تحافظ على مخزونك من ذكائك ليوم مثل هذا.. 
فسأله خالد ساخرا : 
- ولماذا لم تحافظ أنت على ذكائك؟!! 
فأخرج جواد زفيرا طويلا ثم نظر إليه: 
أن أكون من فقراء زيكولا.. ولكنه الزمان ينقلب رأسا على عقب دون مقدمات.. 
فقاطعه خالد: 
- تذكرني بنفسي.. كنت أمتلك كثيرا من الذكاء، وقد فقدته أيضا فجأة ولكن 
لسبب قوي.. فقدته من أجل عودتي إلى وطنتي.. أما أنت فلماذا فقدت ثروتك؟ 
فأجابه: 
- إنها فقصة طويلة.. قد تحكيها لمن تعرفهم إن نجوت.. تعلم، عندي ثلاث وأربعون 
سنة.. ثم تنهد، وأكمل : 
- مثلي مثل رجال زيكولا.. كنت أعمل من أجل أن أعيش ولا أتي إلى تلك الغرفة 
يوما.. لم أكن غنيا. ولم أكن فقيرا أيضا.. كنت أعمل يوما بيوم، وأقضي حاجاتي 
التي تكفي لعيشي سعيدا دون أن أدخر شيئا زائدا عن حاجتي.. وطالما كان هناك 
الأفقر مني فلم يشغل لي الفقر بألا.. حتى جاء يوم وأحببت فتاة هنا.. فتاة تسكن 
بتلك المنطقة. وأصبح حلمى أن أتزوجها، ثم صمت فسأله خالد أن يكمل. فأكمل: 
كنت جريئا للغاية، فذهبت إليها، وأخبرتها أننى أريد أن أتزوجها.. ولكن أبيها طلب 
مهرا باهظا للغاية، فابتسم خالد، وقاطعه مجددا بصوت هادى: 
-أعلم البقية.. ظللت تعمل من أجل هذا المهر، حتى أعطيته لأبيها، فجاء يوم 
زيكولا.. فأوما جواد برأسه موافقا على ما قاله خالد الذي أكمل قانلا: 
- إنها تشبه قصتى.. كلانا سعى من أجل ذلك المهر.. أنت من أجل حبيبتك.. وأنا من 
أجل عودتي إلى وطئي.. 
فتابع جواد: 
- إنها تنتظرني.. إن خرجت من هنا سنتزوج.. إنها تحبني للغاية، لقد أخبرتني أنها 
تريد أن تنجب أطفالا يكونون من أثرياء زيكولا.. 
فساله خالد مندهشا؛ هل ستترك أطفالك يعيشون هنا في زيكولا؟!! 
فأجابه جواد؛ بالطبع .. 
228 
فتايع خالد: 
- كنت أظن بعد وجودك هنا أنك إن نجوت من تلك المحنة، ستغادر زيكولا بعدها.. 
فسأله جواد متعجبا: إلى أين؟!!.. إن زيكولا وطننا ونحن نحيها. 
فنظر إليه خالد: إنكم تقتلون في وطنكم هذا.. 
فصمت جواد قليلا. وطال صمته تلك المرة.. ثم أكمل: 
يشعر به الغني والفقير.. ثم ابتسم، وكأنه يتذكر: 
- حين يذهب منا المرء يوم فتح باب زيكولا إلى مدينة أخرى فإنه يتباهى أنه زيكولي. 
والجميع يقدم له وافر الاحترام.. لا يستطيع أحد مساس شعرة من رأسه.. ثم 
- أنا فقير اليوم.. وربما يختارئي الأطباء بين الأكثر فقرا، وربما أذبح.. ولكني سأذبح 
من أجل سعادة حاكمنا بولده. وكم نحب حاكمنا.. لطالما جعلنا حكامنا أقوياء.. 
فقاطعه خالد مندهشا: 
- لماذا لا أراك قلقا أو حزينا؟!.. كيف تمتلك هذا البرود؟ 
فأجابه : 
- لا أخفي عليك، كنت ممن يعملون بحرص ألا يأتوا هنا يوما.. وسأفرح كثيرا إن 
نجوت.. ولكنني أرى من العار أن أحزن إن لم أنج.. ثم نهض، وتحرك خطوات 
مبتعدا عنه فسأله خالد : 
- ألا تريد أن تعود إلى حبيبتك؟! 
فتوقف جواد: 
-لقد عملت ما في وسعي، وهي الآن تعلم كم أحيها، وأعلم أنها ستفخر بي باقي عمرها 
إن كنت أنا الذبيح.. إنها تعلم أنني لم أكن كسولا يوما.. 
فتحدث إليه خالد: 
229 
- أتمنى أن تعود إليها وتنجبا أطفالا ينعمون بذلك الحب.. ثم نهض هو الأخر. 
وتحرك إلى ركن بعيد بالغرفة، وأكمل بصوت يشوبه الحزن: 
- ولكنني لا أريد أن أذيح.. أنا لست منكم.. أريد أن أعود إلى بلدي.. إلى أهلي.. 
سأشعر بالفخر حين أعود إليهم.. 
ثم سكت حين فتح باب الغرفة. وزج أحد الجنود بشخص شاحب اللون إليهم ثم 
أوصد الباب من خلفه.. 
كانت شوارع المنطقة الغربية مزدحمة بالكثير من أهاليها حين علموا بوضع زوجة 
الحاكم مولودها وحلول يوم زيكولا بعد أيام قليلة.. ويامن يتحرك بينهم يبحث عن 
خالد بكل مكان بعدما لم يعد إلى المسكن الخاص بأسيل منذ خروجه. وظل يسأل 
من يقابله عن خالد.. ذلك الشاب الطويل العريض ذو الشعر الأسود الطويل 
واللحية السمراء الناعمة. ولكن لم يجبه أحد.. وبدأ القلق يتسرب إلى قلبه بعدما 
سيمد سكوكه حين احره قى صعير باده راى حالدا والجود يجروه دو قصر 
الفقراء.. فتسمرت قدماه دون أن يدري ماذا يفعل.. 
عاد يامن إلى المسكن الخاص بأسيل على الفور.. وسأل خادمة هناك إن كانت 
أسيل قد عادت، فأجابته بأنها لم تعد بعد.. فزاد توتره وضيقه، ولم يشغل باله 
سوى خالد الذي قد يذبح بعد أيام. ومصيره بيد أسيل، وظل يتحرك جينة وذهابا 
لا يستطيع أن يتمالك نفسه.. بعدها أمسك بالورقة التي أسقطتها أسيل. وخرج 
مسرعا خارج المسكن إلى أطراف المنطقة الغربية حتى وصل إلى الطريق الممهد إلى 
المنطقة الوسط، وظل واقفا على جانبه حتى تمر عربة متجهة إلى تلك المنطقة.. 
يعلم أن الوقت قد تأخر. والليل يكسو زيكولا. ولكنه لم يفقد أمله في ذلك.. حتى 
مرت أمامه عربة فطلب من صاحبها أن يصطحبه معه فرفض، وكلما مرت عرية 
230 
إما أن يرفض سانقها أو يخبره بأنه لن يمر بالمنطقة الوسط حتى جاءت عربة 
يركيا عجوز يتجاوز عمره الثمانين فأوقفه يامن، وحدثه: 
- أريد أن أذهب معك إلى المنطقة الوسط .. 
فأجابه العجوز: 
- إنني لا أصطحب غرباء.. ثم أكمل: 
- مالكم أيها الشباب، لماذا لا تسيرون؟!!.. إننى كنت في مثل عمركم أجوب زيكولا 
على قدمي.. 
فأجابه يامن: حسنا.. سأجوبها على قدمي.. 
فأمر العجوز حصانه أن يواصل حركته، وتمتم بكلمات وكأنه يسب يامنا. 
وتحركت العربة قليلا. ويامن ينظر إليه حانقا.. حتى ابتعدت العرنة عنه فأسرع 
خلفها، وتشبث بمؤخرمها، وظلت رجلاه مهرولان كي تجارى سرعة حصان العربة. 
وكلما حاول أن يسندها على لوح خشي بمؤخرة العربة تفلتان.. حتى استطاع أن 
يتشبث جيدا. وظل متشبثا بها بينما يجلس العجوز بمقدمتها، ويضرب حصانه 
ي يسرع، وبدأ يغني بصوته الضعيف المتقطع، وكأنه يريد أن يؤنس وحدته. ويامن 
يستمع إليه. ويريد أن يضحك. ولكنه خشى أن يعلم بوجوده.. فأثر أن يكتم 
ضحكاته بداخله .. 
م، إلهقت. «خالد حييد. دف فةإلهقرا «تااد عددهو. «نه إلحي والأخ مفته 
وينظر إلى جواد الذي كلما حل فقير بالغرفة يذهب إليه ليعرف قصته.. ثم يتحدث 
إلى نفسه، ويسألها؛ ماذا يفعل يامن؟، وماذا تفعل أسيل؟، وهل ستنتري حياته في 
زيكولا أم أن هناك أملا قد يغير ذلك المصير .. 
231
وصلت عربة العجوز إلى المنطقة الوسط، والتي سادها الهدوء والصمت.. ولم 
يكن بشوارعها إلا قليل من الجنود وحراس القصور المتواجدين بها والذين تظهر 
ملامحهم واضحة مع المصابيح النارية التي تنير شوارع تلك المنطقة.. وما إن أبطأت 
العربة حتى قفز يامن، وترك العجوز يكمل طريقه دون أن يدري بوجوده.. ثم عدل 
من ملابسه. ونفض عنها ما أصابها من غبار، وأسرع إلى قصر الحاكم فقابله أحد 
حراس القصر، وسأله على الفور: 
من أنت؟ 
فأجابه يامن. وقد علا صوته متحدثا بثقة: 
- أنا مساعد الطبيبة.. ثم صاح به: 
- ألم تعلم من أنا ؟!.. من أنت ي تسألني؟! 
فأجابه الجندي: 
- أعتذر، لم أكن أعرفك.. 
فرفع يامن رأسه: 
- حسنا.. هيا أدخلني، وإلا أثرت غضي.. وأنت تعلم أنني بعملي هذا قد أجعلك 
أفقر شخصا بزيكولا.. هيا.. 
فبدا التوتر على وجه الجندي: 
- حسنا سيدي.. تفضل إنها بحجرتها. ولكن لابد وأنها نائمة.. إن الشروق قد 
قارب.. 
فصمت يامن ثم أكمل : 
- إنني لا أستطيع الانتظار.. أخبر إحدى الوصيفات بأن تخبرها أن مساعدها 
ينتظرها بالأسفل لأمر هام.. 
فرد الجندي: 
- حسنا.. تفضل إلى أولى حجرات الطابق السفلي، وستأتيك إلى هناك.. 
ر 
شديد.. حتى سمعت طرقات على باب حجرئها ثم وجدت إحدى الوصيفات تدلف 
إليها، وتخبرها بأن مساعدها ينتظرها بالأسفل، ويريد أن يخبرها بأمر هام. 
فنطقت على الفور: 
- خالد!! 
ثم تمالكت نفسها، وسألت الوصيفة : 
- ماذا يريد؟ 
فأجابتها: 
- لا أعلم سيدتى.. إنه ينتظرك بالأسفل .. 
فصمتت برهة ثم أشارت إلى الوصيفة: حسنا.. 
فغادرت الوصيفة.. وظلت أسيل كما هي. تفكر وتسأل نفسها: 
- ماذا جاء بك إلى هنا يا خالد؟!! أعلمت أن أوراقك جاءت إلي صدفة فتريد أن 
تخبرنى أنها ليست أوراقك.. أم تريد أن تخيرني أنك حفا تحب تلك الفتاة، أما أنا 
فلا أمثل لك سوى شخص تحب مساعدته.. 
ثم نظرت إلى مرآة أمامها، وقالت : 
- ربما كانت ليست أوراقه حقا.. 
- ربما أراد أن يختبر مدى حبي وغيرتي.. 
ثم عادت وسألت نفسها: 
وماذا لو كانت تلك هي الحقيقة؟.. ماذا لو كان يحب الفتاة الأخرى؟.. ماذا 
تفعلين؟.. 
ثم نظرت نحو باب غرفتها: حسنا.. سأنزل لأرى ماذا تريد يا خالد.. 
233 
ثم بدلت ملابسها. وغادرت حجرمها، وهبطت السلم إلى الطابق السفلي، واتجهت 
نحو الغرفة التي أخبروها بأن مساعدها ينتظرها بها.. وما إن دلفت إليها وكادت 
تتحدث حتى فوجنت بأنه يامن؛ 
فأجابها؛ نعم.. أعتذر أنني جنتك في هذا الوقت المتأخر.. 
- - 
فصمت ثم أكمل: 
-لقد أمسكوا بخالد من أجل يوم زيكولا.. 
فردت: ماذا؟!! 
فأكمل واجما: 
-نعم.. لقد أمسك به الجنود عندما كان يتجول بين شوارع المنطقة الغربية.. 
فصمتت، ثم أكمل: 
- إنك تعلمين أنه لا يستحق ذلك.. لابد أن نساعده.. لابد وأن يخرج.. لابد أن يعود 
إلى بلده يا أسيل.. لقد وعدناه بذلك.. 
فأجابت أسيل في برود : 
- ماذا نفعل؟.. أنت تعلم قوانين زيكولا أكثر مني.. 
فصاح بها: 
- نعم أعرفها.. ولكن عليك أن تفعلي المستحيل ي ينجو من تلك المحنة.. كيف 
أراك بهذا الهدوء.. وأنت تعلمين كم يحبك؟!! 
فصاحت به : 
- يحبني؟!! ثم ابتسمت ساخرة : 
- تقصد أنه لم يحب في حياته سوى منى.. حبيبة عمره.. أم تريد أن تكذب ما كتبه 
ببن أوراقه.. 
234 
فصمت مفكرا ثم أخرج ورقة من ملابسه: 
- اقرئي هذه الورقة.. إنها أيضا كتبها، ولكنها سقطت منك حين جاءك جنود 
الحاكم.. ثم أعطاها الورقة، وأكمل وهو يتجه نحو باب الغرفة: 
- لو علمت أن أحدا يحبني هذا الحب.. لفعلت المستحيل من أجله.. ثم غادر، 
وأمسكت أسيل الورقة، وقرأت ما بها. وعلمت أنها تكملة لحديثه في الورقة 
السابقة لها.. وأنه يحبها منذ أن جاء إلى زيكولا.. فلم تستطع أن تتمالك نفسها. 
وتساقطت دموعها بغزارة ثم أسرعت إلى غرفتها بقصر الحاكم.. تصعد درجات 
السلم بخط سريعة. ودموعها على وجهها وسط دهشة وصيفات القصر الذي 
يملؤه الفرحة منذ قدوم المولود الجديد.. ثم دلفت إلى حجرتها. ووضعت رأسها 
على سريرها. وواصلت بكاءها.. 
از ي كةؤهديف بال مشو ؤدوة م مؤان و ننهس هد مهو، بحز 
مناطقها. وجميعهم ينتظرون الأطباء حتى يقلصوا عددهم إلى أكثرهم فقرا. ومن 
بعدهم تقول الطبيبة أسيل كلمتها بشأن الفقراء الثلاثة الذين يتنافسون أمام 
الزيكولا.. ويامن لا يستطيع أن يتمالك أعصابه، وينتظر ماذا سيكون قرار أطباء 
المنطقة الغربية في اليوم التالي.. وأسيل تنتظر في قصر الحاكم. وتتوسل إلى 
الوقت ي يمر سريعا. والجميع يلاحظون توترها وتغيرها المفاى منذ قدوم 
مساعدها إليها.. 
في اليوم التالي كان خالد ومن معه من فقراء حبيسين بغرفتهم.. حتى فتح بابها 
فجأة. ودخل إليهم قائد الجنود وقال: 
- هيا.. ستعرضون الآن على الأحلباء.. 
235 
اصطف الجنود صفين. بينهما ممر أمام الغرفة، وبدأ خالد ومن معه يمرون بين 
هذين الصفين.. حتى وصلوا إلى ردهة واسعة، واصطفوا بها كما أمرهم قائد 
الجنود، ولاحظ خالد بأن هناك نساء شاحبات سيعرضن معهم على الأطباء.. 
وعلم أنهن قد حبسن بغرفة أخرى، وبنظرة منه وجد عدد الفقراء والفقيرات لا 
يتجاوز العشرين فردا.. ثم نظر إلى جانبه فوجد جوادا، فهمس إليه: 
-كم سيختارون منا؟ 
فأحابه : 
- لا أعلم.. سيختارون أقلنا ثروة.. 
حتى صاح به أحد الجنود بأن يصمت ثم دخل رجلان. وعلم من يقفون بأنهما 
الطبيبان حين وجدوا زيهما الأنيق، وقمصانهما الراقية، ونعالهما الفخمة.. ثم 
أشارا إلي الفقراء بأن يجلسوا. وسأل أحدهما قائد الجنود بأن يأتي بهم واحدا تلو 
الأخر. 
بدأ الفقراء يتجهون إلى الطبيبين واحدا تلو الأخر.. وخالد يراقب من بعيد ما 
يفعلانه. وينظر إليهما، وهما يفعلان مثلما كانت تفعل أسيل حين كانت تمسك  
بثنية من جلده لتخبره كم يمتلك من وحدات ذكاء.. ويراقيهما حين يمسك أحدهما  
بقلم ويدون شيئا بأوراقه بعدما ينتي من فحص أحد الفقراء. وكأنه يدون  
حتى أمره جندي بأن يتقدم إلى الطبيبين، وما إن تقدم إليهما حتى سأله أحدهما؛  
- هل أنت مريض؟  
فأجابه خالد: لا ..  
ثم أمسك الطبيب بثنية من جلده، وأمسك الآخر بثنية أخرى من جلد ذراعه بين  
أصبعيه.. ثم نظرا إليه يتأملانه ثم أمراه أن يعود إلى مكانه مجددا.. فعاد، وتحرك  
236  
اليهما جواد الذي قابله مبتسما.. وظل الطبيبان يواصلان عملهما، والوجوم على  
وجوه الكثيرين من الفقراء والفقيرات.. حتى مهض الطبيبان مجددا، ونظرا إلى  
أوراقهما، وما دوناه بها من ملاحظات، ثم تحدثا إلى قائد الجنود، والذى بدوره  
اتجه إلى خالد ومن معه من رجال ونساء ونظر إليهم:  
-لقد أخبرنا الطبيبان من منكم الأكثر فقرا ..  
- من ينجو اليوم عليه أن يعمل بجد ي لا يعود إلى هنا مرة أخرى.. ومن اختاره  
الأطباء سنصطحبه غدا إلى المنطقة الوسطى حتى يعرض على طبيبة الحاكم بعد  
غد.. وأتمنى أن يجد من هو أفقر منه هناك..  
ثم نظر إليهم مجددا. واحتبست أنفاس خالد حين أشار إلى جواد:  
- أنت.. ستأتي معي إلى المنطقة الوسط..  
ثم أشار إلى خالد:  
- وأنت أيضا.. ستأتي إلى المنطقة الوسط.. أما الباقون فعليكم أن تعودوا إل  
بيوتكم، واحتفلوا مع أصدقائكم بمولود الحاكم..  
فسقط خالد على ركبتيه :  
- أنا؟!!  
فأحابه القائد:  
- نعم إنكما الأكثر فقرا هنا.. هيا انهض.. ما زال أمامك فرصتان ي تنجو..  
فنظر جواد إلى خالد. وقد قل بروده، وبدا متوترا قليلا :  
- يبدو أن أحدنا سيكون الذبيح أيها الصديق 

الفصل الواحد و العشرون


عاد خالد إلى غرفة الفقراء مرة أخرى ومعه جواد. وأغلق الباب الحديدي من  
الخارج.. و ظلت أنفاسه متسارعة. وزاد قلقه وتوتره كثيرا. وكلما حاول جواد أن  
يتحدث إليه لا يجبه.. ولا تتوقف رأسه عن التفكير.. لا يرى أمامه سوى ما رآه يوم  
زيكولا السابق حين ذيح الفقير وسط احتفالات أهل زيكولا.. أما أسيل فمازالت  
في قصر الحاكم تتمنى أن تجد يامثا الذي اختفى منذ مجينه إليها المرة السابقة..  
لا تعلم ماذا حدث بالمنطقة الغربية.. تريد أن تعلم هل عاد خالد إلى حريته مجددا  
أم تجده أمامها يوم تختار الثلاثة الأكثر فقرا.. تتمنى أن تغادر القصر إلى المنطقة  
الغربية. ولكنها لا تستطيع أن تترك زوجة الحاكم في هذا التوقيت.. فلم تجد أمامها  
سوى أن تنتظر حتى يمر ذلك اليوم وما يليه، ووقتها سيتضح كل شيء..  
الموسيقى تنتشر في كافة أرجاء زيكولا، والأخبار تتناقل بين هذا وذاك.. الجميع  
يتحدثون عن فقراء زيكولا. ويتهامسون بأن أطباءها قد اختاروا فقيرين بكل 
منطقة بها.. وينتظرون طبيبتهم الأولى حتى تعطي كلمتها الأخيرة.. يريدون أن 
يفرحوا.. يريدون أن يهنئوا حاكمهم بهذا اليوم.. الجميع في أوج سعادتهم طالما 
ابتعدوا عن منصة الذبح.. يعملون شهارا. ويتراقصون ليلا.. يعلمون أنها أيام 
وستمر وسيعودون مجددا إلى حياتهم. وأعمالهم الشاقة.. فأرادوا أن يقتنصوا كل 
ذزة سعادة في تلك الأيام.. حتى سور زيكولا بدا وكأنه في أيام غرسه بعدما غلقت 
238 
فوقه رايات عديدة مختلفة الألون ترفرف بقوة، وتتوسطها نيران مشتعلة تعلن 
عن احتفال أهل مدينته. والذين بدأوا يتجهون إلى المنطقة الوسطى أفواجا 
متتالية ليشاهدوا منافسة الزيكولا ومعهم ما يكفيهم من طعام حتى ذلك اليوم. 
وحتى يوم زيكولا حين يتنقلون إلى المنطقة الشرقية حيث أرض الاحتفال ومنصة 
ذبح الفقير.. 
أما أهالي المنطقة الغربية فقد تجمعوا أمام القصر الذي حبس به خالد وجواد 
حين اصطف أمامه العديد من الجنود إيذانا برحيل الفقيرين إلى المنطقة 
الوسطى حيث قصر الحاكم، وصاحوا وهللوا حين رأوا خالدا وجوادا مكبلين يدا 
وقدما، ويتقدمهم قائد الجنود إلى عربة تقف أمام القصر.. ثم بدأت العربة في 
التحرك في طريقها لمغادرة تلك المنطقة.. 
سارت العربة وشقت طريقها، وبداخلها خالد، ينظر عبر نافذمها إلى الصحراء 
عاد خالد إلى غرفة الفقراء مرة أخرى ومعه جواد. وأغلق الباب الحديدي من 
الخارج.. و ظلت أنفاسه متسارعة، وزاد قلقه وتوتره كثيرا، وكلما حاول جواد أن 
يتحدث إليه لا يجبه.. ولا تتوقف رأسه عن التفكير.. لا يرى أمامه سوى ما رآه يوم 
زيكولا السابق حين ذيج الفقير وسط احتفالات أهل زيكولا.. أما أسيل فمازالت 
في قصر الحاكم تتمنى أن تجد يامنا الذي اختفى منذ مجينه إليها المرة السابقة.. 
لا تعلم ماذا حدث بالمنطقة الغربية.. تريد أن تعلم هل عاد خالد إلى حريته مجددا 
أم تجده أمامها يوم تختار الثلائة الأكثر فقرا.. تتمنى أن تغادر القصر إلى المنطقة 
الغربية. ولكنها لا تستطيع أن تترك زوجة الحاكم في هذا التوقيت.. فلم تجد أمامها 
سوى أن تنتظر حتى يمر ذلك اليوم وما يليه، ووقتها سيتضح كل شيء.. 
الموسيقى تنتشر في كافة أرجاء زيكولا. والأخبار تتناقل بين هذا وذاك.. الجميع 
يتحدثون عن فقراء زيكولا. ويتهامسون بأن أطباءها قد اختاروا فقيرين بكل 
منطقة بها.. وينتظرون طبيبتهم الأولى حتى تعطي كلمتها الأخيرة.. يريدون أن 
يفرحوا.. يريدون أن يهننوا حاكمهم بهذا اليوم.. الجميع في أوج سعادتهم طالما 
ابتعدوا عن منصة الذبح.. يعملون نهارا. ويتراقصون ليلا.. يعلمون أنها أيام 
وستمر وسيعودون مجددا إلى حياتهم، وأعمالهم الشاقة.. فأرادوا أن يقتنصوا كل 
ذرة سعادة في تلك الأيام.. حتى سور زيكولا بدا وكأنه في أيام غرسه بعدما علقت 
238 
فوقه رايات عديدة مختلفة الألون ترفرف بقوة، وتتوسطها نيران مشتعلة تعلن 
عن احتفال أهل مدينته، والذين بدأوا يتجهون إلى المنطقة الوسط أفواجا 
متتالية ليشاهدوا منافسة الزيكولا ومعهم ما يكفيهم من طعام حتى ذلك اليوم. 
وحتى يوم زيكولا حين يتنقلون إلى المنطقة الشرقية حيث أرض الاحتفال ومنصة 
ذبح الفقير.. 
أما أهالي المنطقة الغربية فقد تجمعوا أمام القصر الذي حبس به خالد وجواد 
حين اصطف أمامه العديد من الجنود إيذانا برحيل الفقيرين إلى المنطقة 
الوسطى حيث قصر الحاكم، وصاحوا وهللوا حين رأوا خالدا وجوادا مكبلين يدا 
وقدما، ويتقدمهم قائد الجنود إلى عربة تقف أمام القصر.. ثم بدأت العربة في 
التحرك في طريقها لمغادرة تلك المنطقة.. 
اسساسه ل ادب الشريق، ومما كاول كواد ان يلهدد إلي» يرد، ويطل 
محدقا خارج العربة حتى ابتسم جواد. وتحدث في هدوء: 
- أعلم أنك حزين للغاية. وأعلم أنك تسخط على حاكمنا وولده.. ولكن لا تيأس يا 
صديق.. ما زال أمامك فرصتان ي تنجو بحياتك .. 
و خالد يواصل صمته ولا يرد.. حتى تحدث جواد مجددا: 
- أحدنا سينجو بالطبع.. وقد ينجو كلانا.. ثم صمت، وأكمل: 
- أريد أن أطلب منك شيئا.. ثم تابع : 
- إن نجوت وكنت أنا من سيذبح، وجاء يوم زيكولا ووقفت بين من يحتفلون بذبسي. 
ورأيت امرأة تبي وسط من يفرحون. فاذهب إليها وأخبرها أنني لم أحب بحياتي 
مثلما أحببتها.. 
وسالت بعض دموعه على وجهه فالتفت إليه خالد، ووضع كفه على ركبته. 
وابتسم إليه: 
239 
- ستعود إليها يا جواد.. وستنجيان أطفالا تعيش وتفخر بزيكولا.. 
فابتسم جواد. والدموع تلمع على وجهه. وأكمل: 
- وأنت؟ .. لا تريد أن توصيتي بشي؟ 
فصمت قليلا ثم نظر عبر النافذة مجددا، وعاد لينظر لجواد: 
- إن وجدت شابا في مثل عمري يدعى يامنا، ويقف حزينا فأخبره بأنني لم أجد 
صديقا وأخا مثله ثم صمت برهة، وأكمل: 
- وإن رأيت طبيبة زيكولا تنظر كثيرا إلى السماء ليلا تبحث عن نجم بها.. فأخبرها 
أنها أجمل حقا من ذلك النجم.. 
فسأله على الفور : 
- هل تعرفك طبيبة زيكولا؟ 
فأجابه خالد :- نعم.. 
فابتسم. وأكمل: 
- هل تحيها؟ 
فرد خالد؛ نعم .. 
فسأله: وهي؟.. تحبك؟ 
فصمت خالد ثم أجابه: لا أدره.. 
: اوى" 
اتصب عس سر سحو دبيح ريعوه.. 
فصمت خالد مرة أخرى ثم عاد هائما يتأمل الطريق عير نافذة العرية.. وأكملت 
العربة سيرها، وأمر سائقها حصانه بأن يسرع ولسعه بسوط بيده.. حتى وصلت 
مع اقتراب غروب الشمس إلى المنطقة الوسطى، والتى ازدحمت شوارعها بالكثير 
من الناس.. وواصلت العربة تحركها.. حتى توقفت أمام قصر الحاكم.. 
240 
كانت أسيل تجلس بغرفتها حين أخبرتها وصيفتها بأن فقراء مناطق زيكولا قد بدأوا 
في القدوم.. فدق قليها بقوة. وسألتها على الفور: 
«هل وصل فقيرا المنطقة الغربية؟ 
فأجابت الوصيفة : 
نعم سيدتى .. 
فسألتها مجددا : 
-هل رأيتهما؟ 
فأجابتها: 
-لا.. لم أرهما.. إنهما قد وصلا منذ لحظات قليلة، وسيتجها نحو بهو القصر.. 
وأكملت : 
- أستطيع أن أشاهدهما من تلك الشرفة.. 
ثم أشارت إلى شرفة الغرفة، وأكملت : 
- وهم يمرون نحو بهو القصر.. 
فالتفتت أسيل إلى الشرفة: 
-لا.. عليك أن تغادري الآن.. وأخبريتي حين يكتملون.. 
فابتسمت الوصيفة ثم غادرت.. 
أما أسيل فأسرعت إلى الشرفة، ووقفت أمامها تنتظر أن يمر فقراء مناطق 
زيكولا.. تنتظر وتتسارع أنفاسها.. تخشى أن يكون ما تظنه حقيقة.. وتسأل نفسها: 
أين يامن؟ .. ولماذا لم يأتها ليخبرها بما حدث لخالد؟! وكلما مر أحد بالأسفل 
نظرت إليه في لهفة. وشعرت بسعادة حينما تتحقق أنه ليس خالد.. حتى انتفض 
قليها. وكأنه أنتزع منها حين وجدت أحد الجنود يتقدم. ويأتي خالد من خلفه 
مطأط الرأس. ويسير ببطي ومعه فقير غيره قد كبلا سويا. ويصيح بهما الجندي: 
بصعوبة خلف الجندي إلى بهو القصر.. فتسارعت أنفاسها، ولمعت عيناها 
بالدموع، وتحدثت إلى نفسها: 
- ماذا أفعل؟.. ماذا لو كان أكثرهم فقرا؟!.. 
تنظر إلى وريقاته المبعثرة في غرفتها. وتقرأ كلماته.. أنه لم يحب غيرها، وتحدث 
إن مصيره بيدي .. 
وتتحرك جينة وذهابا بالغرفة، وتسأل نفسها حين تقف أمام المرأة؛ 
- ماذا أفعل؟ 
ثم نظرت إلى الأوراق مجددا. وكأنها تحدثها: 
- خالد.. ماذا لو كنت أنت الأفقر بينهم؟ ماذا تريدني أن أقرر؟ 
وتعود إلى حركتها جيئة وذهابا. وتمسك برأسها. وتمرر يدها فوق شعرها ثم تنظر 
عير الشرفة، وترى الفقراء الأخرين الذين يتجهون نحو بهو القصر.. حتى سمعت 
طرقات على باب غرفتها، ودلفت إليها وصيفتها وقالت: 
• سيدتى لقد اكتمل عدد الفقراء بيهو القصر، والجميع في انتظارك.. 
فزاد انتفاض قليها ثم حدثتها: 
- حسنا.. سأتي على الفور.. 
فأغلقت الوصيفة باب الغرفة، وجلست أسيل على سريرها، ووضعت رأسها بين 
يديها وكأنها لا تدري ماذا تقرر.. ثم خضت مجددا، واتجهت مرة أخرى نحو 
الشرفة، ولكنها لم تنظر لأسفل.. بل نظرت إلى السماء التي امتلأت بشفق الغروب، 
وبدأت تتحدث والدموع على وجهها: 
242 
- رأيت خالد كثيرا ينظر إلى السماء كلما وقع في محنة، وسمعته يقول.. يارب 
ساعدتي.. 
أنا أنظر مثلما كان يفعل الأن.. وأقول مثله.. يارب.. يارب ساعدني.. أريدك أن 
تساعدني.. ثم أغمضت عينيها. وانهمرت دموعها كثيرا.. وأكملت : 
- ساعدني.. لا أريد أن أفقد خالدا ثم تابعت؛ 
- ولا أريد أن أظلم أحدا.. لا أريد أن أظلم أحدا.. 
ي يممر يمصسيره ويننضر ال نالي انضييك،، سفئسو قم لمموا، سسبه وحال ونارن 
فتيات.. ينتظرون أن يمر الوقت سريعا.. أي منهم سينجو، وأي منهم ستختاره 
الطبيبة لمنافسة الزيكولا، وخالد يقف وينظر إليهم في صمت.. ثم ينظر إلى أعلى 
وكأنه يناي ربه.. حتى كسر ذلك الصمت حين دلفت أسيل بفستانها الفضفاض 
إلى بهو القصر، ومعها قائد حرس الحاكم الذي أتاها ليلة وضعت زوجة الحاكم. 
وتحدث بصوت غليظ : 
- ستختار سيدتي الآن الثلاثة الأكثر فقرا .. 
فتقدمت أسيل في صمت، ومرت أمامهم. وخالد ينظر إليها. وتعمدت ألا تنظر إليه 
حتى أنا أرادت أن تلمحه بطرف عينها، ولكنها أبعدت نظرها على الفور.. ثم همست 
إلى قائد الحرس أن يقدم إليها فقيرا تلو الأخر .. 
بدأت أسيل تفحص كل من يتقدم إليها وتتأمله، وتضع ثنية من جلده بين إصبعيها. 
ثم تسأله إن كان قد مرض من قبل، وإن أجابها بأنه قد مرض تسأله المزيد من 
الأسئلة عن ذلك المرض. وتزيد من فحصها لأكثر من مكان بجسده حتى تعلم إن 
كان قد مرض حقا أم أنه يدعي ذلك ي ينجو.. حتى تقدم إليها جواد، وبدأت 
تفحصه. و قد نظرت إلى خالد خلسة بطرف عينها فابتسم جواد، وتحدث إليها: 
243 
نه يحبك أيضا.. 
فنظرت إليه، ولم تتحدث ثم أمرت أن يأتي من بعده.. فوجدت خالدا يتقدم إليها 
فدق قليها بقوة، ولامست وجهه ويدها ترتعش قليلا.. وخالد ينظر إلى عينيها دون 
أن ينطق ببنت شفة.. وتحدث نفسها.. ماذا أفعل يا خالد إن كنت الأفقر.. ماذا 
أفعل؟. ثم نظرت إلى قائد الحرس أن يأتي بمن بعد خالد. والذي فوجى بعدما 
استغرق فحص خالد وقنا أقل كثيزا ممن فحصوا قبله. ولكنه طلب من فقير أخر 
أن يتقدم إلى الطبيبة. وظلت أسيل تفحص جميع الفقراء المتواجدين باليهو حتى 
انتهت.. ثم عادت لتجلس على أحد الكراسي الفخمة المتواجدة. وأمسكت بقلم 
وبعض الوريقات، وبدأت تدون بعض كلماتها.. والجميع ينظرون إليها في صمت.. 
لا يسمع فقط سوى صوت الأنفاس المتسارعة من بعضهم.. حتى نهضت وتحركت 
نحوهم.. ثم تحركت أمامهم جيئة وذهابا ونظرت إلى فتاة: 
- أنت.. اخري إلى أهلك.. 
فصرخت الفتاة من الفرحة ثم نظرت أسيل إلى فقير آخر: 
ععشع عاص؟ رو»لس «سي عمعرمب بيرم، وعس سسرس سسير إى اصدصم بن 
يعود إلى أهله.. حتى توقفت مكانها بعدما لم يتبق سوى أربعة فقراء فقط.. بينهم 
خالد وجواد، واحتبست الأنفاس، والجميع ينتظرون من هو الناجي الأخير.. 
نتقف أسيل أمامهم، وخالد ينظر إليها في ترقب، وجواد ينظر إليه وكأنه يوقن بأنه 
من ستختاره، ويقف بجوارهما فقيران يزداد الوجوم على وجههما.. حتى نظرت 
إليهم، وأشارت إلى جواد: 
أنت عد إلى أهلك .. 
ثم نظرت إلى خالد والفقيرين الأخرين: 
- أنتم الأكثر فقرا بينهم.. الزيكولا ستحدد من منكما ذبيح يومنا.. 
244 
فسقط خالد على ركبتيه، ونظر إلى أسيل، وكأنه لا يصدق ما سمعته أذناه.. 
وصاح بصوته : 
- أسيل .. 
فغادرت على الفور ، واتجهت إلى غرفتها، وما إن دلفت إليها حتى واصلت بكاءها 
مجددا، وتحدثت إلى نفسها بصوت عال: 
- لم أجد أمامي سوى ما فعلته.. لا أستطيع أن أظلم أحدا.. لا أستطيع .. 
ثم أغمضت عينيها. وتحدثت: 
- ستنجو من الزيكولا يا خالد.. ستنجيك الزيكولا.. إنك لا تستحق أن ثذبح في 
مدينتنا.. ستنجو.. ستنجو.. 
أما خالد فقد أمره قائد الحرس بأن يتبعه هو ومن معه إلى قصر مجاور لقصر 
الحاكم، وسمع جواد الذي مازال يقف بجواره يبمس إليه : 
- ستذهبون إلى قصر النحاتين الآن.. 
فنظر إليه خالد دون أن يرد، ثم تابع جواد : 
- إن كانت الطبيبة تحبك لأبعدتك عن هذا المصير.. 
فصاح به قائد الحرس : 
- هيا.. أنت.. عليك أن تغادر القصر.. 
فتحدث خالد إليه : 
- غد إلى حبيبتك يا جواد.. وإن مث فابحث عن يامن. وأخبره كما قلت لك.. 
قابلسم كواد دم درك وعادر، ورك كالد مكبل اليدين والمدمي كل قادد 
الحرس الذي طالبه بأن يسرع.. حتى غادروا قصر الحاكم، واتجهوا إلى قصر 
مجاور وسط تجمع كبير من أهالي زيكولا الذين وقفوا أمام القصر ليروا من الذين 
سيخوضون تلك المنافسة رغم حلول الليل. وما إن رأوا خالد والفقيرين الأخرين 
مكبلين ويتجهون نحو قصر النحاتين حتى صاحوا، وصاح أحدهم بصوت مميز: 
245 
عاد خالد إلى غرفة الفقراء مرة أخرى ومعه جواد. وأغلق الباب الحديدي من 
الخارج.. و ظلت أنفاسه متسارعة. وزاد قلقه وتوتره كثيرا. وكلما حاول جواد أن 
يتحدث إليه لا يجبه.. ولا تتوقف رأسه عن التفكير.. لا يرى أمامه سوى ما رآه يوم 
زيكولا السابق حين ذيح الفقير وسط احتفالات أهل زيكولا.. أما أسيل فمازالت 
في قصر الحاكم تتمنى أن تجد يامثا الذي اختفى منذ مجينه إليها المرة السابقة.. 
لا تعلم ماذا حدث بالمنطقة الغربية.. تريد أن تعلم هل عاد خالد إلى حريته مجددا 
أم تجده أمامها يوم تختار الثلاثة الأكثر فقرا.. تتمنى أن تغادر القصر إلى المنطقة 
الغربية. ولكنها لا تستطيع أن تترك زوجة الحاكم في هذا التوقيت.. فلم تجد أمامها 
سوى أن تنتظر حتى يمر ذلك اليوم وما يليه، ووقتها سيتضح كل شيء.. 
الموسيقى تنتشر في كافة أرجاء زيكولا، والأخبار تتناقل بين هذا وذاك.. الجميع 
يتحدثون عن فقراء زيكولا. ويتهامسون بأن أطباءها قد اختاروا فقيرين بكل 
منطقة بها.. وينتظرون طبيبتهم الأولى حتى تعطي كلمتها الأخيرة.. يريدون أن 
يفرحوا.. يريدون أن يهنئوا حاكمهم بهذا اليوم.. الجميع في أوج سعادتهم طالما 
ابتعدوا عن منصة الذبح.. يعملون شهارا. ويتراقصون ليلا.. يعلمون أنها أيام 
وستمر وسيعودون مجددا إلى حياتهم. وأعمالهم الشاقة.. فأرادوا أن يقتنصوا كل 
ذزة سعادة في تلك الأيام.. حتى سور زيكولا بدا وكأنه في أيام غرسه بعدما غلقت 
238 
فوقه رايات عديدة مختلفة الألون ترفرف بقوة، وتتوسطها نيران مشتعلة تعلن 
عن احتفال أهل مدينته. والذين بدأوا يتجهون إلى المنطقة الوسطى أفواجا 
متتالية ليشاهدوا منافسة الزيكولا ومعهم ما يكفيهم من طعام حتى ذلك اليوم. 
وحتى يوم زيكولا حين يتنقلون إلى المنطقة الشرقية حيث أرض الاحتفال ومنصة 
ذبح الفقير.. 
أما أهالي المنطقة الغربية فقد تجمعوا أمام القصر الذي حبس به خالد وجواد 
حين اصطف أمامه العديد من الجنود إيذانا برحيل الفقيرين إلى المنطقة 
الوسطى حيث قصر الحاكم، وصاحوا وهللوا حين رأوا خالدا وجوادا مكبلين يدا 
وقدما، ويتقدمهم قائد الجنود إلى عربة تقف أمام القصر.. ثم بدأت العربة في 
التحرك في طريقها لمغادرة تلك المنطقة.. 
سارت العربة وشقت طريقها، وبداخلها خالد، ينظر عبر نافذمها إلى الصحراء 
عاد خالد إلى غرفة الفقراء مرة أخرى ومعه جواد. وأغلق الباب الحديدي من 
الخارج.. و ظلت أنفاسه متسارعة، وزاد قلقه وتوتره كثيرا، وكلما حاول جواد أن 
يتحدث إليه لا يجبه.. ولا تتوقف رأسه عن التفكير.. لا يرى أمامه سوى ما رآه يوم 
زيكولا السابق حين ذيج الفقير وسط احتفالات أهل زيكولا.. أما أسيل فمازالت 
في قصر الحاكم تتمنى أن تجد يامنا الذي اختفى منذ مجينه إليها المرة السابقة.. 
لا تعلم ماذا حدث بالمنطقة الغربية.. تريد أن تعلم هل عاد خالد إلى حريته مجددا 
أم تجده أمامها يوم تختار الثلائة الأكثر فقرا.. تتمنى أن تغادر القصر إلى المنطقة 
الغربية. ولكنها لا تستطيع أن تترك زوجة الحاكم في هذا التوقيت.. فلم تجد أمامها 
سوى أن تنتظر حتى يمر ذلك اليوم وما يليه، ووقتها سيتضح كل شيء.. 
الموسيقى تنتشر في كافة أرجاء زيكولا. والأخبار تتناقل بين هذا وذاك.. الجميع 
يتحدثون عن فقراء زيكولا. ويتهامسون بأن أطباءها قد اختاروا فقيرين بكل 
منطقة بها.. وينتظرون طبيبتهم الأولى حتى تعطي كلمتها الأخيرة.. يريدون أن 
يفرحوا.. يريدون أن يهننوا حاكمهم بهذا اليوم.. الجميع في أوج سعادتهم طالما 
ابتعدوا عن منصة الذبح.. يعملون نهارا. ويتراقصون ليلا.. يعلمون أنها أيام 
وستمر وسيعودون مجددا إلى حياتهم، وأعمالهم الشاقة.. فأرادوا أن يقتنصوا كل 
ذرة سعادة في تلك الأيام.. حتى سور زيكولا بدا وكأنه في أيام غرسه بعدما علقت 
238 
فوقه رايات عديدة مختلفة الألون ترفرف بقوة، وتتوسطها نيران مشتعلة تعلن 
عن احتفال أهل مدينته، والذين بدأوا يتجهون إلى المنطقة الوسط أفواجا 
متتالية ليشاهدوا منافسة الزيكولا ومعهم ما يكفيهم من طعام حتى ذلك اليوم. 
وحتى يوم زيكولا حين يتنقلون إلى المنطقة الشرقية حيث أرض الاحتفال ومنصة 
ذبح الفقير.. 
أما أهالي المنطقة الغربية فقد تجمعوا أمام القصر الذي حبس به خالد وجواد 
حين اصطف أمامه العديد من الجنود إيذانا برحيل الفقيرين إلى المنطقة 
الوسطى حيث قصر الحاكم، وصاحوا وهللوا حين رأوا خالدا وجوادا مكبلين يدا 
وقدما، ويتقدمهم قائد الجنود إلى عربة تقف أمام القصر.. ثم بدأت العربة في 
التحرك في طريقها لمغادرة تلك المنطقة.. 
اسساسه ل ادب الشريق، ومما كاول كواد ان يلهدد إلي» يرد، ويطل 
محدقا خارج العربة حتى ابتسم جواد. وتحدث في هدوء: 
- أعلم أنك حزين للغاية. وأعلم أنك تسخط على حاكمنا وولده.. ولكن لا تيأس يا 
صديق.. ما زال أمامك فرصتان ي تنجو بحياتك .. 
و خالد يواصل صمته ولا يرد.. حتى تحدث جواد مجددا: 
- أحدنا سينجو بالطبع.. وقد ينجو كلانا.. ثم صمت، وأكمل: 
- أريد أن أطلب منك شيئا.. ثم تابع : 
- إن نجوت وكنت أنا من سيذبح، وجاء يوم زيكولا ووقفت بين من يحتفلون بذبسي. 
ورأيت امرأة تبي وسط من يفرحون. فاذهب إليها وأخبرها أنني لم أحب بحياتي 
مثلما أحببتها.. 
وسالت بعض دموعه على وجهه فالتفت إليه خالد، ووضع كفه على ركبته. 
وابتسم إليه: 
239 
- ستعود إليها يا جواد.. وستنجيان أطفالا تعيش وتفخر بزيكولا.. 
فابتسم جواد. والدموع تلمع على وجهه. وأكمل: 
- وأنت؟ .. لا تريد أن توصيتي بشي؟ 
فصمت قليلا ثم نظر عبر النافذة مجددا، وعاد لينظر لجواد: 
- إن وجدت شابا في مثل عمري يدعى يامنا، ويقف حزينا فأخبره بأنني لم أجد 
صديقا وأخا مثله ثم صمت برهة، وأكمل: 
- وإن رأيت طبيبة زيكولا تنظر كثيرا إلى السماء ليلا تبحث عن نجم بها.. فأخبرها 
أنها أجمل حقا من ذلك النجم.. 
فسأله على الفور : 
- هل تعرفك طبيبة زيكولا؟ 
فأجابه خالد :- نعم.. 
فابتسم. وأكمل: 
- هل تحيها؟ 
فرد خالد؛ نعم .. 
فسأله: وهي؟.. تحبك؟ 
فصمت خالد ثم أجابه: لا أدره.. 
: اوى" 
اتصب عس سر سحو دبيح ريعوه.. 
فصمت خالد مرة أخرى ثم عاد هائما يتأمل الطريق عير نافذة العرية.. وأكملت 
العربة سيرها، وأمر سائقها حصانه بأن يسرع ولسعه بسوط بيده.. حتى وصلت 
مع اقتراب غروب الشمس إلى المنطقة الوسطى، والتى ازدحمت شوارعها بالكثير 
من الناس.. وواصلت العربة تحركها.. حتى توقفت أمام قصر الحاكم.. 
240 
كانت أسيل تجلس بغرفتها حين أخبرتها وصيفتها بأن فقراء مناطق زيكولا قد بدأوا 
في القدوم.. فدق قليها بقوة. وسألتها على الفور: 
«هل وصل فقيرا المنطقة الغربية؟ 
فأجابت الوصيفة : 
نعم سيدتى .. 
فسألتها مجددا : 
-هل رأيتهما؟ 
فأجابتها: 
-لا.. لم أرهما.. إنهما قد وصلا منذ لحظات قليلة، وسيتجها نحو بهو القصر.. 
وأكملت : 
- أستطيع أن أشاهدهما من تلك الشرفة.. 
ثم أشارت إلى شرفة الغرفة، وأكملت : 
- وهم يمرون نحو بهو القصر.. 
فالتفتت أسيل إلى الشرفة: 
-لا.. عليك أن تغادري الآن.. وأخبريتي حين يكتملون.. 
فابتسمت الوصيفة ثم غادرت.. 
أما أسيل فأسرعت إلى الشرفة، ووقفت أمامها تنتظر أن يمر فقراء مناطق 
زيكولا.. تنتظر وتتسارع أنفاسها.. تخشى أن يكون ما تظنه حقيقة.. وتسأل نفسها: 
أين يامن؟ .. ولماذا لم يأتها ليخبرها بما حدث لخالد؟! وكلما مر أحد بالأسفل 
نظرت إليه في لهفة. وشعرت بسعادة حينما تتحقق أنه ليس خالد.. حتى انتفض 
قليها. وكأنه أنتزع منها حين وجدت أحد الجنود يتقدم. ويأتي خالد من خلفه 
مطأط الرأس. ويسير ببطي ومعه فقير غيره قد كبلا سويا. ويصيح بهما الجندي: 
بصعوبة خلف الجندي إلى بهو القصر.. فتسارعت أنفاسها، ولمعت عيناها 
بالدموع، وتحدثت إلى نفسها: 
- ماذا أفعل؟.. ماذا لو كان أكثرهم فقرا؟!.. 
تنظر إلى وريقاته المبعثرة في غرفتها. وتقرأ كلماته.. أنه لم يحب غيرها، وتحدث 
إن مصيره بيدي .. 
وتتحرك جينة وذهابا بالغرفة، وتسأل نفسها حين تقف أمام المرأة؛ 
- ماذا أفعل؟ 
ثم نظرت إلى الأوراق مجددا. وكأنها تحدثها: 
- خالد.. ماذا لو كنت أنت الأفقر بينهم؟ ماذا تريدني أن أقرر؟ 
وتعود إلى حركتها جيئة وذهابا. وتمسك برأسها. وتمرر يدها فوق شعرها ثم تنظر 
عير الشرفة، وترى الفقراء الأخرين الذين يتجهون نحو بهو القصر.. حتى سمعت 
طرقات على باب غرفتها، ودلفت إليها وصيفتها وقالت: 
• سيدتى لقد اكتمل عدد الفقراء بيهو القصر، والجميع في انتظارك.. 
فزاد انتفاض قليها ثم حدثتها: 
- حسنا.. سأتي على الفور.. 
فأغلقت الوصيفة باب الغرفة، وجلست أسيل على سريرها، ووضعت رأسها بين 
يديها وكأنها لا تدري ماذا تقرر.. ثم خضت مجددا، واتجهت مرة أخرى نحو 
الشرفة، ولكنها لم تنظر لأسفل.. بل نظرت إلى السماء التي امتلأت بشفق الغروب، 
وبدأت تتحدث والدموع على وجهها: 
242 
- رأيت خالد كثيرا ينظر إلى السماء كلما وقع في محنة، وسمعته يقول.. يارب 
ساعدتي.. 
أنا أنظر مثلما كان يفعل الأن.. وأقول مثله.. يارب.. يارب ساعدني.. أريدك أن 
تساعدني.. ثم أغمضت عينيها. وانهمرت دموعها كثيرا.. وأكملت : 
- ساعدني.. لا أريد أن أفقد خالدا ثم تابعت؛ 
- ولا أريد أن أظلم أحدا.. لا أريد أن أظلم أحدا.. 
ي يممر يمصسيره ويننضر ال نالي انضييك،، سفئسو قم لمموا، سسبه وحال ونارن 
فتيات.. ينتظرون أن يمر الوقت سريعا.. أي منهم سينجو، وأي منهم ستختاره 
الطبيبة لمنافسة الزيكولا، وخالد يقف وينظر إليهم في صمت.. ثم ينظر إلى أعلى 
وكأنه يناي ربه.. حتى كسر ذلك الصمت حين دلفت أسيل بفستانها الفضفاض 
إلى بهو القصر، ومعها قائد حرس الحاكم الذي أتاها ليلة وضعت زوجة الحاكم. 
وتحدث بصوت غليظ : 
- ستختار سيدتي الآن الثلاثة الأكثر فقرا .. 
فتقدمت أسيل في صمت، ومرت أمامهم. وخالد ينظر إليها. وتعمدت ألا تنظر إليه 
حتى أنا أرادت أن تلمحه بطرف عينها، ولكنها أبعدت نظرها على الفور.. ثم همست 
إلى قائد الحرس أن يقدم إليها فقيرا تلو الأخر .. 
بدأت أسيل تفحص كل من يتقدم إليها وتتأمله، وتضع ثنية من جلده بين إصبعيها. 
ثم تسأله إن كان قد مرض من قبل، وإن أجابها بأنه قد مرض تسأله المزيد من 
الأسئلة عن ذلك المرض. وتزيد من فحصها لأكثر من مكان بجسده حتى تعلم إن 
كان قد مرض حقا أم أنه يدعي ذلك ي ينجو.. حتى تقدم إليها جواد، وبدأت 
تفحصه. و قد نظرت إلى خالد خلسة بطرف عينها فابتسم جواد، وتحدث إليها: 
243 
نه يحبك أيضا.. 
فنظرت إليه، ولم تتحدث ثم أمرت أن يأتي من بعده.. فوجدت خالدا يتقدم إليها 
فدق قليها بقوة، ولامست وجهه ويدها ترتعش قليلا.. وخالد ينظر إلى عينيها دون 
أن ينطق ببنت شفة.. وتحدث نفسها.. ماذا أفعل يا خالد إن كنت الأفقر.. ماذا 
أفعل؟. ثم نظرت إلى قائد الحرس أن يأتي بمن بعد خالد. والذي فوجى بعدما 
استغرق فحص خالد وقنا أقل كثيزا ممن فحصوا قبله. ولكنه طلب من فقير أخر 
أن يتقدم إلى الطبيبة. وظلت أسيل تفحص جميع الفقراء المتواجدين باليهو حتى 
انتهت.. ثم عادت لتجلس على أحد الكراسي الفخمة المتواجدة. وأمسكت بقلم 
وبعض الوريقات، وبدأت تدون بعض كلماتها.. والجميع ينظرون إليها في صمت.. 
لا يسمع فقط سوى صوت الأنفاس المتسارعة من بعضهم.. حتى نهضت وتحركت 
نحوهم.. ثم تحركت أمامهم جيئة وذهابا ونظرت إلى فتاة: 
- أنت.. اخري إلى أهلك..  
فصرخت الفتاة من الفرحة ثم نظرت أسيل إلى فقير آخر:  
ععشع عاص؟ رو»لس «سي عمعرمب بيرم، وعس سسرس سسير إى اصدصم بن  
يعود إلى أهله.. حتى توقفت مكانها بعدما لم يتبق سوى أربعة فقراء فقط.. بينهم  
خالد وجواد، واحتبست الأنفاس، والجميع ينتظرون من هو الناجي الأخير..  
نتقف أسيل أمامهم، وخالد ينظر إليها في ترقب، وجواد ينظر إليه وكأنه يوقن بأنه  
من ستختاره، ويقف بجوارهما فقيران يزداد الوجوم على وجههما.. حتى نظرت  
إليهم، وأشارت إلى جواد:  
أنت عد إلى أهلك ..  
ثم نظرت إلى خالد والفقيرين الأخرين:  
- أنتم الأكثر فقرا بينهم.. الزيكولا ستحدد من منكما ذبيح يومنا..  
244  
فسقط خالد على ركبتيه، ونظر إلى أسيل، وكأنه لا يصدق ما سمعته أذناه..  
صاح: 
- أسيل ..  
فغادرت على الفور ، واتجهت إلى غرفتها، وما إن دلفت إليها حتى واصلت بكاءها  
مجددا، وتحدثت إلى نفسها بصوت عال:  
- لم أجد أمامي سوى ما فعلته.. لا أستطيع أن أظلم أحدا.. لا أستطيع ..  
ثم أغمضت عينيها. وتحدثت:  
- ستنجو من الزيكولا يا خالد.. ستنجيك الزيكولا.. إنك لا تستحق أن ثذبح في  
مدينتنا.. ستنجو.. ستنجو..  
أما خالد فقد أمره قائد الحرس بأن يتبعه هو ومن معه إلى قصر مجاور لقصر  
الحاكم، وسمع جواد الذي مازال يقف بجواره يبمس إليه : 
- ستذهبون إلى قصر النحاتين الآن.. 
فنظر إليه خالد دون أن يرد، ثم تابع جواد : 
- إن كانت الطبيبة تحبك لأبعدتك عن هذا المصير.. 
فصاح به قائد الحرس : 
- هيا.. أنت.. عليك أن تغادر القصر.. 
فتحدث خالد إليه : 
- غد إلى حبيبتك يا جواد.. وإن مث فابحث عن يامن. وأخبره كما قلت لك.. 
قابلسم كواد دم درك وعادر، ورك كالد مكبل اليدين والمدمي كل قادد 
الحرس الذي طالبه بأن يسرع.. حتى غادروا قصر الحاكم، واتجهوا إلى قصر 
مجاور وسط تجمع كبير من أهالي زيكولا الذين وقفوا أمام القصر ليروا من الذين 
سيخوضون تلك المنافسة رغم حلول الليل. وما إن رأوا خالد والفقيرين الأخرين 
مكبلين ويتجهون نحو قصر النحاتين حتى صاحوا، وصاح أحدهم بصوت مميز: 
245 

-إنه الغريب الذي كان يعمل معنا بتقطيع الصخور ..  
وصاحت أخرى: 
لقد رأيته من قبل يبحث عن مالك لكتاب غريب.. 
والجنود يحاولون أن يبعدوا الناس عنهم حتى وصلوا إلى قصر مجاور، ودلفوا 
إليه، وعلم خالد منذ دخوله إلى ذلك المكان بأنه قلعة النحاتين.. حيث يصنع 
تمثال من الصلصال لكل فقير منهم.. 
كان قصر النحاتين ذو واجهة فخمة، ونقوش خارجية على هيئة تماثيل لأشخاص 
وحيوانات، تظهر خلف النيران المضيئة التي توهجت بقوة مع ظلام الليل مما 
أعطته جمالا خاصا.. أما داخله فقد أنير بمصابيح نارية عديدة، وكأن النهار قد 
حل به، ولكنه لم يكن يمتلك ذلك الجمال بالخارج، ولم تكن به سوى بضعة 
تماثيل قديمة يبدو أنها نحتت لفقراء من قبل.. وكتل طينية بأركان صالاته 
الكبرى، وتفوح بأرجائه رائحة الصلصال.. حتى توقفوا جميعا حين ناداهم شخص 
قصير القامة ممتلى البطن رأسه صلعاء ولحيته طويلة جعل منها ضفيرات صغيرة 
متعددة: 
- عليكم أن تمكثوا هنا.. ثم أكمل : 
- سيتولى كل نحات بعد قليل صناعة تمثال كل منكم.. 
فمكثوا مكانهم، وبعد لحظات وجدوا ثلائة رجال تترواح أعمارهم ما بين الشباب 
والكهولة. وقد وقف كل منهم أمام فقير من الثلاثة، ونظر خالد إلى من يقف أمامه 
وكأنه في حلم عميق، وهز رأسه لعله يفيق من هذا الحلم حتى ناداه من يقف 
أمامه، ويمسك بأدوات النحت في يده : 
- عليك ألا تتحرك أيها الفقير.. أتريد تمثالك مشوها؟!! ثم ضحك ساخرا.. وتابع: 
- الزم السكون.. إن إمامك أمهر وأسرع نحات بزيكولا.. سأنتي من تمثالك في زمن 
قيا 
246 
فنظر إليه خالد، وأخرج زفيرا قويا.. ثم بدأ النحات عمله، وجلب كتلة ضخمة من 
الصلصال. وبدأ يشكل أجزاءها بعدما يلمح بطرف عينه خالد. وبين الحين والأخر 
يقترب منه ليضع يده على رأسه. وكأنه يستخدمها للمقارنة بين قياساته.. ثم يعود 
مجددا إلى تمثاله الذي بدأت ملامحه تظهر شيئا فشيئا.. 
النحاتون يعملون بمهارة وسرعة فائقة.. ويقف خالد ومن معه دون حراك.. ينتظر 
كل منهم أن ينتي من صنع تمثاله عله يغادر هذا المكان. وأسرع الوقت من مروره. 
حتى انتى النحاتون من عملهم مع شروق الشمس، وقد صنعوا ثلاثة تماثيل من  
الصلصال يشيهون أصحابهم، ونظر خالد إلى تمثاله الذي كان يقف شامخا.  
وتعتلي وجهه نظرة حزن واضحة. وهز رأسه في حزن ثم نظر إلى أحد الفقيرين  
بجواره، وسأله:  
• ماذا سنفعل الآن بعد نحت تماثيلنا؟  
فرد الفقير بصوت واهن:  
- لم يعد لنا سوى أن نخوض منافسة الزيكولا..  
فسأله خالد :  
- هل سنخوضها الآن؟  
فرد قائد الحرس :  
- لماذا تتعجل أيا الفقير؟!  
- إن الوقت مازال باكرا.. ستكون المنافسة بعد ساعات من الآن.. حين تكون  
الشمس عمودية.. أي منتصف النهار.. ثم أكمل:  
- مع شروق شمس اليوم فتح باب زيكولا. وهناك الكثيرون ممن كانوا بخارجها.  
واشتاقوا إلى احتفالاتنا مرة أخرى، وسيستغرق مجينهم إلى هنا العديد من  
الساعات..  
فتمتم خالد:  

الفصل الثاني و العشرون


ثم أسرع عدوا إلى البحيرة.. يدق قلبه بقوة.. لا تنطق شفتاه سوى بكلمة واحدة:  


أسيل.. وينطلق بين من يحتفلون، ويرتطم بهم ثم ينحني لهم ليقدم اعتذاره.. ثم  


ينطلق مجددا، وقد ارتسمت البسمة على وجهه.. حتى وصل إلى شاطى البحيرة.  


وظل يبحث عنها بكل مكان به، وصاح بصوته؛ أسيل.. أسيل.. ولكنه لم يجدها.  


وظل يصيح بصوته يناديها، ولكن دون جدوى حتى افئرب من شجرته التي طالما 


جلس بجوارها، وبدا على وجهه الحزن، فلمح ورقة قد علقت بتلك الشجرة. 


وتتحرك مع الرياح، فالتقطها على الفور فوجدها تبدو كرسالة تركتها أسيل.. وقد 


كتبت بها :  


( لا أعلم كيف أبدا حديمي.. ولكنتي أتمنى أن تقرأ كلماتي تلك يا خالد.. ربما لا أكون  


ماهرة في الكتابة مثلك.. ولكنني أريد فقط أن أعبر عما يدور بذهتي.. أريدك أن  


تعلم كم كنت أحبك.. لقد أحببتك منذ رأيتك تنقذ الفتى من الغرق.. وأنت من  


جعلني أشعر بالأنانية بعدما لم أردك أن تغادر وتترك زيكولا.. كنت أظهر لك  


مساعدتي، ولكنني لم أتمن لحظة واحدة أن تغادر ..  


266  


خالد. لم أستطع أن أراك ذبيح زيكولا، وأظل أنا أحتفل بذلك اليوم.. أريدك بعد  


أن نجوت أن تخبر غيرك بأنك تمتلك أغلى كتاب بتاريخ زيكولا.. كما أنك تمتلك  


أيضا أغلى قبلة بتاريخها.. 


أتتذكر حين أخبرتني أنك لا تمتلك شيئا تنال مقابله وحدات ذكاء؟.. إنك لا ترى ما 


تمتلكه يا خالد.. لقد رأيت ذلك.. وكانت تكفيني تلك الفبلة ي أدفع لك أغلى ثمنا 


مقابلا لها.. ي تنجو من ذلك اليوم. وتعود إلى حبيبتك؛ ذكيا كما كنت.. أريدك 


فقط أن تعود إليها وتعيشا سعيدين.. أنا أعلم أنها لن تجد مثلك، وأعلم أيضا أنك 


لن تستطيع العيش هنا، وأعلم جيدا أنني لن أستطيع العيش بعالمك.. غد إليها. 


وأتمتى أن تتذكرني بين الحين والاخر.. 


جم بالسماء.. فإن وجدته فاعلم أنني أراه أيضا وأتمنى لك 


السعادة وقتها.. اعتقد أنني لن أترك السماء ليلة دون أن أتأملها بحثا عنه.. 


لقد أخبرتك أنني إن تركت زيكولا سأتركها لسبب قوي للغاية.. ولا أعتقد أنني 


سأجد سبيا أقوى من إبقائك على قيد الحياة. وأريدك أن تخير يامنا أنني أعلم 


                            

          
                


جيدا أن من يحب سيفعل كل شيء من أجل من يحبه.. 


سأذهب إلى بلدي بيجانا. وسأعمل هناك طبيبة أيضا.. أعلم أنهم في حاجة إلي. 


ثم أسرع عدوا إلى البحيرة.. يدق قلبه بقوة.. لا تنطق شفتاه سوى بكلمة واحدة: 


أسيل.. وينطلق بين من يحتفلون، ويرتطم بهم ثم ينحني لهم ليقدم اعتذاره.. ثم 


ينطلق مجددا، وقد ارتسمت البسمة على وجهه.. حتى وصل إلى شاطى البحيرة. 


وظل يبحث عنها بكل مكان به، وصاح بصوته؛ أسيل.. أسيل.. ولكنه لم يجدها. 


وظل يصيح بصوته يناديها، ولكن دون جدوى حتى افئرب من شجرته التي طالما 


جلس بجوارها، وبدا على وجهه الحزن، فلمح ورقة قد علقت بتلك الشجرة. 


وتتحرك مع الرياح، فالتقطها على الفور فوجدها تبدو كرسالة تركتها أسيل.. وقد 


كتبت بها : 


( لا أعلم كيف أبدا حديمي.. ولكنتي أتمنى أن تقرأ كلماتي تلك يا خالد.. ربما لا أكون 


ماهرة في الكتابة مثلك.. ولكنني أريد فقط أن أعبر عما يدور بذهتي.. أريدك أن 


تعلم كم كنت أحبك.. لقد أحببتك منذ رأيتك تنقذ الفتى من الغرق.. وأنت من 


جعلني أشعر بالأنانية بعدما لم أردك أن تغادر وتترك زيكولا.. كنت أظهر لك 


مساعدتي، ولكنني لم أتمن لحظة واحدة أن تغادر .. 


266 


خالد. لم أستطع أن أراك ذبيح زيكولا، وأظل أنا أحتفل بذلك اليوم.. أريدك بعد 


أن نجوت أن تخبر غيرك بأنك تمتلك أغلى كتاب بتاريخ زيكولا.. كما أنك تمتلك 


أيضا أغلى قبلة بتاريخها.. 


أتتذكر حين أخبرتني أنك لا تمتلك شيئا تنال مقابله وحدات ذكاء؟.. إنك لا ترى ما 


تمتلكه يا خالد.. لقد رأيت ذلك.. وكانت تكفيني تلك الفبلة ي أدفع لك أغلى ثمنا  


مقابلا لها.. ي تنجو من ذلك اليوم. وتعود إلى حبيبتك؛ ذكيا كما كنت.. أريدك  


فقط أن تعود إليها وتعيشا سعيدين.. أنا أعلم أنها لن تجد مثلك، وأعلم أيضا أنك  


لن تستطيع العيش هنا، وأعلم جيدا أنني لن أستطيع العيش بعالمك.. غد إليها.  


وأتمتى أن تتذكرني بين الحين والاخر..  


ربما تجد ذلك النجم بالسماء.. فإن وجدته فاعلم أنني أراه أيضا وأتمنى لك  


السعادة وقتها.. أعتقد أنني لن أترك السماء ليلة دون أن أتأملها بحثا عنه..  


لقد أخبرتك أنني إن تركت زيكولا سأتركها لسبب قوي للغاية.. ولا أعتقد أنني  


سأجد سبيا أقوى من إبقائك على قيد الحياة. وأريدك أن تخير يامنا أنني أعلم  


        

          
                


جيدا أن من يحب سيفعل كل شيء من أجل من يحبه..  


سأذهب إلى بلدي بيجانا. وسأعمل هناك طبيبة أيضا.. أعلم أنهم في حاجة إلي.  


في النهاية. اسمح لي يا خالد.. لقد احتفظت بأوراقك التي طالما جعلتني أشعر  


بسعادة لم أذقها من قبل.. وأتمنى أن تكون قد شعرت بكلماتي، وأعلم أنني لست  


ماهرة بالكتابة.. ولكن علي أن أرحل الآن قبل أن تشرق الشمس. ويغلق باب  


زيكولا).  


فهمس خالد إلى نفسه : "باب زيكولا.."  


ثم أسرع يعدو تجاه باب زيكولا.. يجري ولا يشعر بشيء من حوله.. يجري ولا تدور  


تمتى أن تنقله  


برأسه سوى كلمات أسيل.. يجري مسرعا كأنه لم يجر من قبل...  


267  


الرياح إلى ذلك الباب.. من يراه يندهش. ويرتطم بهذا وذاك.. ويواصل عدوه.  


ويسقط وينهض ليعدو مرة أخرى.. يستمع إلى أنفاسه المتسارعة، ويكمل عدوه  


وسقطت منه الورقة فتركها.. وأكمل طريقه.. حتى وصل إلى باب زيكولا فوجده  


مغلقا، وأمامه حارس ضخم الجثة فصاح به:  


- أريد أن أخرج. 


فابتسم الحارس: 


- ألا ترى؟ !!.. لقد أغلق الباب مع شروق شمس اليوم.. 


فصاح خالد مجددا: 


- لابد أن أخرج.. 


فظهر الغضب على وجه الحارس حتى صاح خالد مرة أخرى. وحاول أن يزيح 


الحارس بذراعه فدفعه الحارس بدرعه فعاد خطوات إلى الخلف، وسقط ثم ميض 


مجددا، وعاد إلى الحارس؛ 


- أريد أن أخرج. 


فضربه الحارس ضربة قوية بدرعه أسقطته على ظهره، و جعلت الدماء تنزف من 


وجهه فاقترب منه يامن، وأمسك بكتفيه: 


- هيا يا خالد.. لابد أن نرحل عن هنا.. 


فنهض خالد. ونظر إلى الباب الضخم.. وانتفخت عروق رقبته، وصاح بصوته كأنه 


بود أن جهز جدران تلك المنطقة: 


- أسيييييل.. أسيييييل.. 


فجذبه يامن : 


- هيا يا خالد.. هيا.. لابد أن نرحل عن هنا.. 


ففضلت أن تتركها بكافة ما 


268 


- لا تستطيع أسيل العودة إلى هنا مجددا.. 


- كانت تعلم أنها ستصبح في نظر تلك المدينة خائنة.. 


فصاح به خالد: 


        

          
                


- إنا ليست خائنة .. 


فابتسم يامن: 


يامن 


وانتى 


فضحك خالد ساخرا: 


- بلدي؟! كيف؟.. لابد وأن صاحب البيت بالمنطقة الغربية قد عاد إليه. 


كل شيء.. 


فصمت يامن ثم أكمل مبتسما: 


- أو ربما لم يعد بعد.. 


ثم أكمل: 


- سيعود إلى بيته بعد غد.. 


فنظر إليه خالد متعجبا: 


- كيف وقد أخبرنا الفتى بأنه سيعود إلى بيته مع يوم زيكولا؟! 


فابتسم يامن : 


- أعتقد أن مائتي وحدة ذكاء كافية لتجعله يترك بيته ليلتين.. 


فسأله خالد في دهشة : 


- مائتا وحدة؟! 


فابنسم يامن؛ نعم .. 


فسأله خالد مجددا: أعطيته مائتي وحدة؟! 


فأجابه يامن: نعم..  


فنظر إليه خالد: كيف تدفع تلك الوحدات؟  


فأجابه يامن. ولا زالت الابتسامة على وجهه:  


270  


وما  


فنظر إليه يامن؛  


- لا تكفي تلك الوحدات مقابلا لتلك الشهور التي كنت بها صديقا وفيا لي..  


فابتسم خالد ثم احتضنه. فهمس يامن إلى أذنه:  


- هيا، عليك أن ترحل الأن.. الطريق إلى المنطقة الغربية طويل.. هناك ينتظرك  


إياد.. ستعطيه ذلك الحصان حين تصل إليه.. ثم أشار إلى حصان أسود قد عقله  


بالقرب منهما وتبدو عليه القوة..  


فسأله خالد. وكأنه لا يصدق مفاجآته: 


- ومن أين لك بهذا الحصان أيضا؟ 


فابتسم يامن: 


- لا تقلق، لقد استأجرته كي أتي به إلى هنا.. كان لابد أن أسرع.. ولكنتي تذكرت أن 


الحصان لابد وأن يعود إلى صاحبه بالمنطقة الغربية، وأنا إن ذهبت إلى هناك كي 


أعيده.. فكيف أعود هنا مجددا؟! 


ثم أكمل ضاحكا: 


271 


-أنا جئت به.. وأنت ستعود به.. 


فابتسم خالد:  


-أكيد مش هلاق صاحب زيك يا يامن..  


فابتسم يامن :  


        

          
                


- ها أنت قد عدت إلى لهجتك الجميلة يا صديقى .. 


- هيا لا تضيع وقتك، وتذكرني دائما، وأنا سأظل هنا لأحي للصغار أن صديقي 


صاحب أغلى كتاب وأغلى قبلة بتاريخ زيكولا.. الفبلة التي أنقذت حياته يوم 


زيكولا.. 


ثم أتى بالحصان إلى خالد، فامتطاه خالد ونظر إليه: 


- يامن.. تعلم أن هناك شابا قد يكون أخى بالمنطقة الشمالية.. إن قابلته يوما.  


وكان في حاجة إلى مساعدة فلا تتأخر عنه..  


فابتسم يامن:  


قميصه مع الهواء، ويسرع حصانه كأنه سهم يشق الطريق نحو الغرب.. بينما  


تنطلق أسيل بحصانها خارج زيكولا تجاه بيجانا نحو الشرق.. يسير كلاهما في  


طريقه، ويبتعد كل منهما عن الآخر.. خالد لا يفكر سوى بكلمات أسيل، وأسيل لا  


يدور برأسها سوى خالد.. يبتسم حين يتذكر حديثه إليها عن التلفزيون، وتبتسم  


هي بعدما تذكرت احمرار وجهه حين قبلته.. ينطلق الحصانان كل نحو قدره الذي  


اختاره صاحبه، وتتحرك فوقهما الشمس من الشرق إلى الغرب كأنها تراقيهما على  


ظهر تلك الأرض وهما مجتمعان للمرة الأخيرة. وخالد يسرع ويقلب عينيه بين  


صحراء زيكولا وكأنه يودعها، وينظر إلى مناطقها التي يمر عليها ويشير إليها بيده.  


وكأنه يخبرها بأنه سيرحل.. وأسيل تغمض عينيها كأنا تتمنى لخالد أن يحقق ما 


يريد.. حتى بدأت الشمس في الغروب إيذانا برحيل هذا النهار.. 


حل الليل. ووصل خالد إلى أطراف المنطقة الغربية، واتجه نحو البيت الذي 


يقصده على الفور، وما إن وصله حتى دلف إليه بحصانه، وهناك وجد إيادا في 


انتظاره، والذى صاح: 


- لقد سمعت بما حدث اليوم.. هنيئا لك يا صديق .. 


سيكون سردابك مضاء.. ثم 


فسأله إياد: هل سترحل الآن؟ 


فأجابه: نعم 


فأكمل إياد: 


- لقد قرأت بعض الصفحات من كتابك.. 


- لقد أسعدك الحظ يا خالد.. إن الليلة بدر أيضا.. 


نظر إليه وأعطاه مصباحا ناريا: 


- وهذا المصباح سيلزمك حتى تمر من نفقنا .. 


فابتسم خالد: 


- أعلم ذلك يا صديقي.. لقد قرأت تلك الورقة ثم نظر إليه: 


        

          
                


لقد ضحت بكل شيء من أجل حياتك يا خالد.. 


- أنت تعلم ما كتبته إليك.. ما تمنته لك أن تعود إلى حبيبتك في عالمك.. وأن تعيش 


حياتك سعيدا.. هذا سيكفل لها السعادة.. 


- خالد، عليك أن تفعل ما يجعلها سعيدة الآن.. 


فنطق خالد حزينا: 


- كان لابد أن تعرف أن حبيبتي تلك قد تزوجت.. 


فصمت يامن ثم فال: 


- لن تستطيع أسيل العودة إلى هنا.. ولن تستطيع أنت اللحاق بها.. 


إلى بلدك.. لقد فعلنا الكثير ي تتحقق أمنيتك بعودتك إلى بلدك.. 


فجلس خالد. وأمسك برأسه.. وحدث نفسه بصوت مسموع: 


-لم أكن لأرضى أن تفعل ذلك.. 


فصاح به يامن؛ 


ولكنها فعلته، ولم يعد هناك وقت لما تفعله الآن.. هيا انض.. 


ثم جذبه: 


لقد 


إنه أسرع حصان رأيته بزيكولا.. 


عليك أن تعود 


269 


273 


-ليست أسيل فقط من تقدم المساعدة.. حين جعلتنا نتخلص من آخذى وحدات 


الحماية ى نأكل دجاجا، ونوفر وحدتين كل يوم.. لم أكن أكل الدجاج.. ثم زادت 


ابتسامته: 


•لم أخيرك من قبل أنني لا أحب الدجاج.. وسامحني لأنني لم أحضر منافسة 


الزيكولا بالأمس.. كان لابد، وأن أمكث هنا أمام ذلك الباب، وأنتظر النهار بأكمله 


مع الخادم ي أجد صاحب البيت، وأقدم له عرضي قبل أن نفقده ويضيع كل 


ث 


فابتسم خالد: 


- شكرا يا صديقي.. 


ثم ترجل. وأشار إلى حصانه : 


- هذا هو الحصان الذي استأجره يامن.. 


أحسن يامن الاختيار تلك المرة.. 


فابتسم إياد ثم أخرج كتابه : 


- وهذا هو كتابك..  


فابتسم خالد:  


- مازلت أدين لك بأجر متابعة حفر النفق..  


فضحك إياد:  


- لقد أعطاني يامن ذلك الأجر.. لم أطلب الكثير..  


فابتسم خالد:  


- حسنا، ولكن عليكم أن تغلقوا طرف ذلك النفق بعد ذهابي..  


فقال إياد :  


- بالطبع يا صديقي.. إن اكتشف أحد ما فعلناه فسنصبح خائنين لزيكولا..  


        

          
                


فوضع خالد يده على كتفه ثم صافحه واحتضنه، ووضع كتابه بين بطنه وبنطاله 


أسفل قميصه، واتجه إلى فتحة النفق، ونزل السلم الخشي بها، وبيده المصباح.. 


وأشار إلى إياد مودعا له.. 


274 


بعدها نظر خالد إلى النفق الأفقى فوجده مظلما.. فسمى الله، وبدأ يزحف على 


ركبتيه وبيده المصباح، يتحرك مسرعا ويحدث نفس؛ ليست إلا أمتار وأكون خارج  


زيكولا.. يشعر أن نشاطه قد عاد إليه بعدما افتقده الأيام السابقة.. ويكمل  


حديثه إلى نفسه:  


- أرحل من أجل أسيل.. من أجل جدك.. من أجل يامن، ويواصل زحفه. ويتجنب  


الدعامات الخشبية التي تركها من صنعوا هذا النفق.. يتوقف للحظات ليلتقط  


أنفاسه ثم يبتسم، ويحدث نفسه مجددا: ما زلنا في البداية يا خالد.. هيا.. ثم يكمل  


تحركه حتى لمح الفتحة الأخرى للنفق. والنور يتسرب خلالها فأسرع من تحركه..  


يجذبه الأمل نحوها.. هيا يا خالد.. هيا.. إنها لحظات.. هيا، ويزحف بقوة، حتى  


وصل إلى تلك الفتحة، وقفز إلى خارجها، ومازال مصباحه بيده حتى وجد نفسه  


بأرض رملية يظهرها نور البدر الذي يسطع بالسماء، والتفت ليدق قلبه بقوة حين  


زيكولا.. يشعر أن نشاطه قد عاد إليه بعدما افتقده الأيام السابقة.. ويكمل  


حديثه إلى نفسه:  


- أرحل من أجل أسيل.. من أجل جدك.. من أجل يامن، ويواصل زحفه، ويتجنب  


الدعامات الخشبية التي تركها من صنعوا هذا النفق.. يتوقف للحظات ليلتقط  


أنفاسه ثم يبتسم، ويحدث نفسه مجددا: ما زلنا في البداية يا خالد.. هيا.. ثم يكمل  


تحركه حتى لمح الفتحة الأخرى للنفق، والنور يتسرب خلالها فأسرع من تحركه..  


يجذبه الأمل نحوها.. هيا يا خالد.. هيا.. إنها لحظات.. هيا. ويزحف بقوة، حتى  


وصل إلى تلك الفتحة. وقفز إلى خارجها، ومازال مصباحه بيده حتى وجد نفسه  


بأرض رملية يظهرها نور البدر الذي يسطع بالسماء. والتفت ليدق قلبه بقوة حين  


وجد سور زيكولا بشموخه خلفه.. فصاح فرخا:  


- أنا خارج زيكولا.. أنا خارج زيكولا .. 


وظل يعود بقدمه خطوات للخلف. وينظر إلى سور زيكولا وإلى ارتفاعه الشاهق 


الذي طالما كان عائقا له.. حتى انزلقت قدماه في الرمال فجأة، وسقط على ظهره. 


وسقط المصباح بعيدا عنه. ومالبث أن مد يده كي يلتقطه حتى وجد جسده 


        

          
                


يسقط بحفرة وسط الرمال، وظل جسده يهوى لأسفل، ويرتطم بجدران تلك 


الحفرة. ويهوى أكثر فأكثر دون أن يتوقف، وأمسك برأسه التي ارتطمت كثيرا. 


وبدأت الدماء تنزف منها.. حتى بدأت حركته تقل شينا فشيئا ثم توقف جسده عن 


الارتطام لينظر أمامه ليجد نفقا ممهدا يتجه بانحناء لأسفل ولأحد الاتجاهات 


فأسرع به يجري.. الطريق يأخذه لأسفل. ولا يفكر بشيء سوى أن يسرع به.. يريد 


أن يصل إلى ما يريده.. يعلم أن انحناء الطريق لأسفل ربما لسبب لا يعلمه.. إنه 


صمم كذلك.. ربما كان سببا ي يحتوي فري زيكولا بالكامل.. أو ربما كانت هناك 


فروع أخرى.. يتحدث إلى نفسه. وتدور بعقله تفسيرات لا يأبه بها كثيرا.. حتى سقط 


275 


وتدحرج بجسده مجددا فابتسم ونهض، وأكمل عدوه، وكلما سقط تدحرج جسده 


قليلا ثم ينهض مجددا. ويكمل عدوه. وظل يواصل طريقه. والوقت يمر.. وإن 


أصابه التعب وقف للحظات ي يلتقط أنفاسه ثم يسرع من جديد، ويحدث نفسه 


ليحفزها: 


- هيا يا خالد.. لم يعد سوى القليل.. 


حتى زاد تعبه للغاية فجلس، وأسند ظهره إلى جدار. ومسح بذراعه حبات العرق 


بالمنطقة الغربية فوقف أمامها. وابتسم: 


- فوريك.. 


وما إن مر أمامها حتى شعر بذات الهزة العنيفة التي حدثت من قبل حين عبر 


السرداب للمرة الأولى، ونظر خلفه ليجد جدران السرداب قد بدأت في الانهيار.. 


فابتسم وبدأ يعدو.. يسرع.. والجدران تنهار من خلفه.. تخطو قدماه مسرعة.. 


يعلم أن الانهيار من خلفه يدفعه لطريق مقصود.. يسرع ويخشى أن يطوله الانهيار 


فتتحطم معه آماله.. هيا يا خالد.. يحفز نفسه.. هيا.. حتى بدأ الصوت يقل من 


خلفه. وهدأت الحركة العنيفة، ولم تعد هناك انهيارات للجدران. وما إن نظر 


أمامه حتى وجد نفسه في طريق للسرداب أكثر اتساعا، وجدرانه منقوشة بنقوش 


كثيرة.. فصاح : 


- سرداب فوريك.. سرداب فوريك الأساسي.. 


وأسرع به، ترتطم قدماه بالهياكل العظمية المنتشرة بأرضيته، وأكمل جريه حتى 


وصل إلى سلمه الطويل فأسرع إليه وصعد درجاته.. يخطو العديد منها بخطوة 


واحدة منه.. يحدث نفسه.. لم يعد سوى القليل يا خالد.. يصعد ولا ينظر خلفه.. 


        

          
                


ينظر إلى درجات السلم المتبقية، ويخطوها مسرعا.. حتى وصل إلى أعلاه فتوقف 


276 


وانحنى ليمسك ركبيته ليلتقط أنفاسه، وكأنه يفكر، ويتذكر يوم نزوله السرداب 


للمرة الأولى، وحدث نفسه بصوت يسمعه: 


- ها أنا قد مررت من السرداب.. 


الآن النفق .. 


عليك أن تسرع يا خالد.. لا يوجد هواء بالداخل .. 


ثم صمت وأكمل: 


لا توجد إضاءة.. عليك أن تتذكر جيدا كيف كان مسارك بهذا النفق.. 


كأنه يتذكر ثم فتحهما. ونظر إلى الفتحة ذات ألواح الخشب 


المتكسرة. والتي تصل سرداب فوريك بالنفق المظلم.. وسمى الله ثم ملا صدره 


بالهواء. وأسرع إليها فوجد الظلام يسود بداخله، وأسرع يزيح شباك العنكبوت 


التي تملؤه، ويسرع، ويتذكر في لحظات طريقه حين نزله.. يسرع في الظلام، وكلما 


الهواء مع كثافة شباك عناكبه، كأنه صمم ليكون قبرا للاختناق حتى لو لم يكن 


مغلقا بالكامل. وبدأ يشعر بالاختناق، ولكنه أكمل طريقه، وتسارعت أنفاسه. 


ودق قلبه مسرعا، وبرزت عيناه حتى ارتطمت قدماه بشيء صلب، وحين تحسسه 


أدرك أنه سلم النفق فصعد درجاته على الفور حتى اصطدمت رأسه ببابه 


الفولاذي الذي قد أغلق حين انكسر اللوح الخشبي. فبدأ يدفعه بقوة.. يعلم أنه 


يستطيع ذلك.. يدفعه ويحاول أن يرفعه.. يحفز نفسه، وأخرج ما لديه من هواء : 


- هيا يا خالد.. هيا.. 


ويضغظ على أسنانه. ويدفع بكتفيه.. حتى بدأ الباب يرتفع قليلا. واندفع الهواء 


إلى صدره: 


- هيا يا خالد .. 


277 


حتى ارتفع الباب بأكمله، وقفر خالد إلى خارجه، وسقط بجواره وصدره يعلو 


وينخفض مسرعا.. وصاح: 


- أنا رجعت.. 


وأمسك برأسه وكأنه لا يصدق نفسه.. يجلس بجوار الباب الفولاذي، وينظر إليه 


ويتحسس وجهه كأنه يتيقن أنه ليس نائما.. ثم ينظر إلى ملابسه الزيكولية، 


ويتحسس رأسه ليجده حليقا فأدرك أنها حقيقة.. ثم أغلق باب النفق من جديد، 


وأسرع إلى الخارج فوجد الظلام يسود السماء ثم عبر السور العالي الذي يحيط 


بالبيت المهجور. وما إن عبره حتى سمع أذان الفجر يهز كافة أرجاء بلدته.. البهو 


        

          
                


فريك.. فابتسم، وبدأ يكرر الاذان كلما سمع كلماته، وأسرع بين شوارعها الخالية. 


وكلما رأى أحد الأشخاص يمر.. حاول أن يختى حتى لا يراه بهذا الزي.. حتى اقترب 


من بيته. وما إن وصل إليه، ودق الباب بقوة حتى وجده مفتوحا قليلا فأدرك أن 


جده قد فتحه كعادته مع حلول الفجر ثم دلف إليه فوجد جده يصلي الفجر 


جالسا، ويعلو صوته بآيات من القرآن فجلس خلفه في انتظاره، وتساقطت دموعه 


حين سمع دعاءه بأن يعود إليه سالما حتى انتى والتفت فوجد خالدا خلفه 


فتسارعت أنفاسه وكأنه لا يصدق نفسه، واحتضنه بقوة ودمعت عيناه، أما خالد 


فبى كثيرا حين احتضنه، وكأنه لا يصدق نفسه هو الأخر، وظل يحتضنه ويمسح 


رأسه بكتفه، ويبتسم بينما يرتشف دموعه: 


- كنت بقولك هرجع لك يا عبده.. قلت لك إنى هرجع.. 


فلم تجيها ثم حملت أوراق خالد وأوراقا أخرى معها، وهمت لمغادرة الحجرة.. 


255 


ع بغالد بإحدى غرف بيت الفقير بالمنطقة الشرقية. وظئ فابغا بها وسط 


ظلامها.. ينام على جنبه، لا يستطيع أن يفكر في شيه.. يستمع إلى صوت الألعاب 


النارية بالخارج. وإلى احنفالات الأهالي. ولكنه لا يرى أمامه سوى الذبيح الذي 


أطاح السياف برأسه.. لا يعلم هل يريد أن يعر الوقت سريعا كي تفتيي تلك 


اللعظات التي يعيشها.. أم يمر ببط، لعل تلك اللحظات تعمل أملا جديدا.. هتى 


فتح باب الغرفة. ودلف إليه أهد الجنود. ومعه رجل أخر قصير الفامة، وتحدث 


إليه الجندي؛ 


- أيا الفقير.. امض .. 


- ستحلق رأسك الأن .. 


فرد مندهشا؛ ماذا؟! 


فأكمل الجندي: لابد وأن يكون ذبيح زيكولا حليق الرأس . 


فصمت هالد.. ثم أشار الجندي إلى من معه بأن يسنعد لبدء عمله فاقترب من 


خالد. والذي بدا عليه اليأس والاستسلام. ولم يتحرك.. لم وضع على رأسه مادة 


خضراء لزجة أخرجها من وعاء زجاي بحقيبته. وبدأ يدلكها بين شعر خالد 


الطويل. ويضع المزيد ميها، ويزيد من نشيع الشعر يها، ثم وضع القليل مسا على 


لحيته. ودلكها هي الأخرى. ثم أخرج ألة حادة نشبه السكين الصغير ولكها أقل 


شع. وبدأ يحلق شعره والذي بدا عليه الاستسلام كصاحيه. وتسافطت لمصله 


        

          
                


بجواره متلاصقة. وخالد يجلس صامثا. ينظر إلى الجندي أمامه. وكلما سأله 


الحلاق عن مي، لم يجيه. حتى انتى من رأسه. ثم أسرع فقمن لحينه. واينسم 


الى هار : 


«لقد انتهينا أها الففير 


ثم أخرج مرأة لامعة من حقييته: 


انظر إلى نفسك .. 


256 


ووضعها أمامه بمكان تتخلله الاضاءة عير باب الغرفة. فلمح خالد نفسه وقد أزيل 


شعر رأسه ولحيته بالكمل فهز رأسه في عزن. ثم نعرك بجسمه إلى ركن بالغرفة. 


ونام على جانيه واضعا ساعديه أسفل رأسه.. 


مرث ساعات فليلة. وافنرب فجر يوم زيكولا، وسيطرت الدهشة على فصر الحاكم 


بعدما احنفت الطبيية فجأة. ولا أحد يعلم أين ذهبث. إن غادرت فلماذا تركت 


ونام على جانبه واضعا ساعديه أسفل رأسه.. 


مرت ساعات قليلة. واقترب فجر يوم زيكولا. وسيطرت الدهشة على قصر الحاكم 


بعدما اختفت الطبيبة فجأة. ولا أحد يعلم أين ذهبت.. إن غادرت فلماذا تركت 


أغراضها بحجرتها؟!.. لا يعلمون أها فد وصلت إلى المنطفة الشرقية. واتجهت إلى 


بيث الففير حتى أوففها أحد الجنود فابنسمت إليه ؛ 


- أنا طبيبة زيكولا. وأريد أن أرى الفقير الآن .. 


فصمت الجندى لم أجابا؛ 


- حسنا سيدتي.. ولكن عليك المغادرة سريعا.. 


ثم فتح باب الغرفة. ودلفت إلها فوجدت خالدا نائما فاتحا عينيه يأحد أرنا. 


وقد حلق رأسه.. فحاولث أن تتمالك نفسها وتمنع سقوط دموعها.. ثم جلست 


أمامه بركن آخر بالغرفة دون أن تتحدث، ومرت دقائق وهي تنظر إليه. وكلما 


أرادت أن تتحدث تصمت مجددا، وخالد ينظر إليها صامثا.. حتى نطفت : 


- يف حالك يا خالد؟ 


فلم يرد فصمتت مجددا ثم أكملت بصوت هادى؛ 


- كنت أحذرك دوما حين كنت نفقد ذكاءك.. 


- أنقذت الفتى. ولم تأخذ مقابلا.. 


- أنقذت الطفل من المرض. ولم تقبل أن تأخذ شيئا مقابل الخير.. 


ثم علا صوبا. واختلط صوتا بالدموع؛ 


257 


- أخيرتك أننا في زيكولا.. لايد أن تأخذ مقابلا لكل شيء.. 


ثم صمتت، ورشفت دموعها، واكملت؛  


- أرى أنك غاضبا متي.. لكنتي أعلم أنك تحب الخير..  


        

          
                


أريدك ففط أن تسأل نفسك.. هل كنت سنظلم أهدا أخر إن كنت مكائي..  


ثم نظرت إليه. وعلا صونا مجددا؛  


• لماذا لا تجيب؟!  


لم نضت. وتحركت نحوه. واقنريت منه. وأكملث؛  


- أعلم أنك تحبني يا هالد. ولكن عليك أن نضاعف هبك الكثير من المرات ي نعلم  


م أحبك ..  


فنض خالد من نومثه. وجلس مكنه لم تابعت أسيل؛  


- خال.. لن أتركك تموت هنا..  


فرد خالد في ضعف، وقد أسند رأسه إلى الحائط :  


- ماذا ستفعلين؟.. هل ستعطيتي من ذانك؟!! 


- وإن كنت ستعطينتى.. فمقابل ماذا؟!.. لا أمتلك شيئا أعطيه لك مقايلا.. 


ي 


ء." والفتيان 


ن بايدي 


بس تبدو جديدة.. الرجال  


- أعلم جيدا أنه في تلك المدينة لابد أن يكون هناك مقابلا لانتقال الذكاء..  


ثم تحدث في هدوء؛  


- اذهي، واحتفلي غدا مع من يحتفلون.. إمهم ينتظرون وردك غدا.. إنهم ينتظرون  


ابتساماتك إليهم ..  


فصمتت أسيل حتى دلف الجندي إلى الغرفة. ونظر إليها؛  


258  


• سيدتى.. عليك أن ترحلي الآن..  


فنظرت أسيل إلى خالد ثم بدأت تخطو خارجة من الغرفة.. وما إن وصلت بابها.  


وكاد الجندي أن يغلقه حتى أسرعت عائدة إلى خالد، ونظرت إليه، ووضعت رأسه 


بين كفيا: 


- خالد.. أريدك أن تقبلني.. 


فنظر إلها خالد: 


- ماذا؟!! 


فأكملت: أريدك أن تقبلني فحسب.. 


وتساقطت دموعها: 


- أريدك أن تقبلني يا خالد.. إن كنت تحبني حقا فقبلني .. 


فصمت خالد فابتسمت والدموع تملا عينيها: 


- حسنا.. سأقبلك أنا.. 


ثم بدأت تقبله، والجندي ينظر إلى ما تفعله أسيل في دهشة، ويبتسم وكأنه يتمنى  


لو كان هو الفقير بعدما طالت قبلتها وكأنها لا تأبه بشيء مما حولها.. حتى انتهت  


ثم نظرت إلى خالد مرة أخرى ومسحت دموعها. وغادرت على الفور..  


أشرقت الشمس. وأغلق باب زيكولا. وتعالت مع غلقه دقات الطبول حتى فتح باب  


        

          
                


غرفة خالد، وتقدم إليه قائد الحرس:  


هيا.. سنيدا الاحتفالات بعد قليل..  


ثم أمر جنوده بأن يحضروه، وأركبوه عرية يغطيها قماش أسود اللون يستطيع أن  


يرى الناس من خلال فتحة صغيرة به دون أن يراه من خارج العربة.. وتحركت  


259  


الفتيات.. ويسيرون في فرحة شديدة.. يضع كل منم حول رقبته عقدا من الورد.  


وتظلهم الموسيقى التي يعزفها مجموعة من الأشخاص أصحاب زي مختلف.. ثم  


نظر حزينا إلى الشباب الذين يمتطون أحصنتهم وخلف كل شاب فتاته تلف يدها  


اليسرى حول خصره واليمئى تمسك بها ورد وتلوح بها.. ينظر إلى الحركات  


اليهلوانية ويزيد حزنه بأنهم يحتفلون بذبحه.. يتحدث إلى نفسه بأنه قد احتفل  


معهم منذ شهور بذيع ففير غيره.. إنهم لا يشعرون بما يشعر به الأن..  


تسير العربة وسط الزحام، وقلب خالد يدق بقوة حين يجد الصبيان يشيرون إلى  


عربته ذات القماش الأسود، ويصيحون:  


- انظروا.. إسها عربة الذبيح.. 


والذين صاحوا مجددا حين أشاروا إلى عرية فخمة تسير بالموكب؛ 


• إمها عربة الطبيبة.. هيا لنلتقط الورد.. 


وخالد ينظر إلهم في أسى، ويتذكر حين التفط وردة أسيل وابنسمت إليه. حتى 


أصابته الدهشة بعدما ظهرت فتاة أخرى غير أسيل. وبدأت تلقي بالورد وسط 


تعجب من يسيرون. وأكمل الموكب مسيره.. حتى وصل الجميع إل ساحة 


الاحتفال.. 


ألوف من أهالي زيكولا متواجدون.. الجميع يقفون أمام منصة الذبح ينتظرون 


وصول الحاكم ي يبدأوا الاحتفال.. وخالد يمكث بعريته، يعلم أنا لحظات 


وسيئتي كل شيء.. الجميع يتراقصون.. الفتيان يداعبون الفتيات، والفتيات 


ترقصن ومهتز أجسادهن مع الموسيقى، وتبدو عليهن السعادة الشديدة، والزحام 


بكافة أرجاء ساحة الاحتفال. وبينهم يامن الذي يتحرك بصعوبة. ويريد أن يصل  


260  


إلى الصفوف الأمامية القريبة من المنصة، وقد بدا عليه التعب الشديد. وريما  


كان الوحيد بين من يحتفلون الذي لا يرتدي ملابس تليق بهذا الاحتفال.. بل كانت  


ملابسه بالية تلائم وجهه الذي يكسوه الحزن.. حتى سألته فتاة؛  


- لماذا لا ترقص؟!  


        

          
                


فلم يجيها، وأكمل سيره وسط الزحام.. حتى دقت الطبول، وعلا معها صوت النفير  


بعدما وصل الحاكم وزوجته ومساعدوه. واتخذوا أماكنهم بسرادق فخم مرتفع  


أمام منصة الذيع ثم صعد رجل ضخم إلى المنصة الخشبية وبيده سيف طويل.  


ونظر إلى الحاكم وانحنى له.. بعدها دقت الطبول كثيرا، وصمتت الموسيقى. 


وصعد جنديان أقوياء يجران خالد حليق الرأس، مكبل اليدين والقدمين.. فدقت 


الطبول مرة أخرى. ونزل أهل المدينة جميعهم على ركيهم بعدما أسقط خالد على 


ركبتيه. والناس ينظرون إليه، وبينهم يامن الذي آثر أن يغمض عينيه ثم نظر 


• إنه غمي.. إنه غتي.. 


فنظر إليه خالد فوجده ذلك الفتى الذي أنقذه من الغرق من قبل.. لم صاح رجل 


•نعم.. إنه ليس فقيرا .. 


ففتح يامن عينيه.. ثم نظر إلى خالد فوجده ليس شاحبا.. فصاح هو الأخر؛ 


•نعم.. إنه ليس فقيرا.. 


وخالد ينظر إلى ذراعيه في دهشة، وقد زال شحوبهما، لم وجد الفتى يسرع إلى 


المنصة ويجثو على ركبتيه بجواره، ويتحدث إلى الحاكم ومن معه، وقد علا صوته؛ 


261 


- انظروا إليه.. إنه ليس فقيرا.. وأنا أيضا لست فقيرا.. إن كنتم تريدون أن تذبحوا  


من ليسوا فقراء احتفالا بمولودكم.. فاذبحوني معه..  


ثم فوى خالد بأم الصبي الذي أنقذه من ضربة الشمس تسرع مع طفلها إلى  


المنصة، وتجثو على ركبتيها، وصاحت:  


- لقد أنقذ هذا الشاب ولدي. ولن أتركه يموت ظلما.. حسنا، أنا وولدي لسنا  


ففراء أيضا.. فاذبحونا معه..  


ثم صاحت فتاة يين من يقفون بالأسفل، كانت فتاة الليل بالمنطقة الشمالية:  


-أقسم إنه ليس فقير.. أنا أعرف هذا الشخص جيدا.. انظروا إلى جلده.. كيف  


يكون هذا جلد فقير..  


وصاح يامن مجددا: 


- منذ متى يذبح الأغنياء هنا؟ ! 


ثم فوى بجميع من كانوا يعملون معه بتكسير الصخور يصيحون جميعا: 


• إنه ليس فقيرا.. إنه ليس فقيرا.. 


وسادت الضوضاء ساحة الاحتفال، وصعد الكثيرون إلى المنصة، وسقطوا على 


ركيهم بجوار خالد، وجميعهم يقولون إن كان سيذبح فإنهم يريدون أن يذبحوا 


أيضا طالما تواجد الظلم بذلك اليوم.. حتى نظر السياف إلى الحاكم. وكأنه لا يدري 


        

          
                


ماذا يفعل بعدما امتلأت المنصة بالكثير من عمال زيكولا.. فنهض الحاكم. وسأل 


أحد مساعديه: 


- أين طبيبة زيكولا؟ 


فأجابته إحدى الوصيفات : 


262 


فصاح إلى مساعده: 


- أريد طبيب تلك المنطقة على الفور.. 


فتقدم أحد الأشخاص. وانحتى إليه ثم تحدث؛ 


أنا طبيب المنطقة الشرقية بعد الطبيبة أسيل . 


فنظر إليه الحاكم : أريدك أن تخبرئي كم يمتلك هذا الشاب من ذكاء.. 


فانحنى إليه الطبيب مجددا: 


- حسنا سيدي.. 


ثم اتجه الطبيب إلى المنصة، واقترب من خالد. وخيم الصمت على الجميع.. 


يترقبون ذلك الطبيب، وقلب يامن ينتفض بقوة واحتبست أنفاسه.. وهو يراه 


يضع يده على جلد خالد. ويمسك بثنياته وأطال نظرته إليه.. ثم عاد إلى الحاكم: 


- سيدي. إنه ليس فقيرا.. إنه يمتلك الكثير من وحدات الذكاء تجعله أكثر ثروة من 


الكثير من أهالى زيكولا.. 


فسأله الحاكم: وكيف لم ينج من الزيكولا؟ 


فابتسم الطبيب؛ نعلم جميعا أن الزيكولا تمثل القدر سيدي.. وقد لا ينجو منها 


أكثرنا ثروة..  


فصمت الحاكم ثم نظر إلى الطبيب مجددا :  


- ولماذا اختارته الطبيبة. وهو يمتلك تلك الوحدات من الذكاء.. أتريد أن يكون  


الاحتفال بولدي بأن أظلم أحدا؟!  


ثم تايع؛ إشها بما فعلته خائنة لزيكولا ..  


ونظر إلى أحد مساعديه :  


263  


- لم تعد تلك الفتاة طبيبة زيكولا بعد اليوم.. بل لم يعد لها مكان بزيكولا.. لا يوجد  


ييننا مكان لخائنة..  


ثم نظر إلى خالد الذي كان يترقب الحاكم دون أن يسمع حديثه بينه وبين مساعديه  


وطبييه ؛ 


ثم أمر قائد الحرس بأن يطلق سراحه.. فصاح الجميع مهللين، وأسرع يامن إلى 


المنصة، واحتضن خالد. ودموعه تتسافط : 


لقد نجوت يا صديقي.. لقد فعلتها.. كنت أعلم أنك ستنجو .. 


ثم اقنرب خالد من ذلك الفتى الذي صعد إلى المنصة فابتسم الفتى، واحتضنه؛ 


- مبارك لك أيها القوي.. 


فابتسم خالد، وعيناه تلمع بالدموع ؛ 


لقد أنقذت حياتي.. 


فابتسم الفتى: 


أنت من أنقذت حياتي أولا.. 


ثم بدأت الاحتفالات من جديد. وتعالت الموسيقى والتي بدت وكأنها أكثر بهجة.. 


وبدأت الفتيات ترقصن من جديد.. والكثير من أهل زيكولا يتجهون إلى خالد 


ليصافحوه، وخالد يسير بينهم، وتتقلب عيناه بكل مكان.. يتحرك بين الزحام 


بصعوبة.. يبحث عن شخص واحد لا يريد سوى أن يجده.. إنها أسيل.. يتحرك في 


كافة الاتجاهات يتمنى أن يجدها.. ويسأل كل من يفابله.. هل رأيت الطبيبة؟.. 


والموسيقى تتزايد. وخالد يبحث بين الفتيات، وكلما وجد فتاة تشبهها يقترب منها..  


حتى يعتذر حين لا يجدها هي.. حتى أصابه اليأس، وغادر ساحة الاحتفال، وجلس  


264  


على جانب أحد الشوارع وحيدا بعدما فقد يامنا وسط الزحام. وظل يفكر بما  


حدث له، وكأنه لا يعي شيئا مما عاشه. وينظر إلى ذراعيه، ويسأل نفسه: كيف  


حدث ذلك؟.. وأين أسيل؟.. ولماذا لم تحتفل مع أهل زيكولا كعادتها؟.. حتى اقتريت  


منه طفلة صغيرة :  


• سيدي.. عليك أن تذهب إلى البحيرة الآن ..  


فابتسم خالد إليها :  


•لماذا؟  


فابتسمت الطفلة وقالت :  


لا أعلم، لقد أخبرتنى الطبيبة بالأمس.. بأن أخير من ينجو من الذيح بأن يذهب  


إل البحيرة ..

الفصل الأخير


يخبره بما حدث له أولا. ومر يوم كامل دون أن يستيقظ. حتى نهض فوجد جده 
بجواره، ومعه صديقه العجوز - مجنون السرداب - الذي كان أول من يخبره عن 
حقيقة سرداب فوريك، وما إن رآه قد فتح عينيه حتى صاح؛ 
- خالد صعي. 
فابتسم خالد وقال: 
- لابد أنكم قد أصابكم القلق.. 
فاندهش الرجل مما سمعه فضحك خالد: 
- عارف إن لهجتى أوقات بتتغير.. بس قريب أوي هستعيد لهجة اليهو فريك.. 
فقاطعه جده؛ 
- يلا يا خالد.. احك لنا اللي حصل لك .. 
ثم تدخل الرجل : 
- انت نزلت السرداب فعلا؟ 
فابتسم خالد وسألهما: 
- من أين تريدان أن أبدا قصتي؟ 
ثم بدأ يحي عما حدث له منذ نزوله ذلك النفق أسفل البيت المهجور بالقرية، 
وما حدث له به، ونزوله إلى سرداب فوريك الحقيقي، وتلك الصورة به، وما به من 
هياكل عظمية ثم خروجه إلى أرض زيكولا، وظل يحي لهما، وهما يستمعان إلى كل 
كلمة يقولها.. يحدثهما عن قوة تلك المدينة، وعن أهلها وعن طقسها الذي يبدو 
ثابئا مع تغير فصول العام.. وعن عمله هناك، وعن يوم زيكولا، وعن يامن وأسيل. 
وعن رحلته خلف هذا الكتاب الذي يوجد بين أيديهم. ولكنه آثر ألا يخبر جده بأن 
279 
أباه قد فتل ي يرثه ابنه.. بل إنه لم يذكر سيرة أبيه أو أخيه على الإطلاق. وآثر أن 
يحتفظ بهذا السر خشية أن يسبب مزيدا من الحزن لجده، وظل يحي ويحي. 
وتمر الدقائق وتتبعها الساعات، ولم يتركاه دون أن يسألاه عن تفاصيل كل جملة 
يقولها.. حتى انتى فنظر إلى جده وصاحبه وقال: 
- أريد أن يظل حديثنا هذا سرا بيننا.. 
فاندهش صديق جده: 
- لن يصدقك أحد.. لن يقولوا بطلا.. سيقولون مجنونا.. 
فقاطعه الرجل: 
الكتاب أحسن دليل .. 
فابتسم خالد: 
- سيقولون إنك أحضرت الكتاب من مكان أخر.. أريد فقط أن يظل هذا السر 
بيننا.. أريدكما أن تعداني بذلك.. 
فابتسم جده: 
- حاضر . 
وابتسم الرجل: 
- وأنا كمان بوعدك.. 
ثم ضحك جده: 
- أكيد مني هتفرح لما تعرف إنك رجعت.. دي على طول كانت بتسأل عليك. وعمرها 
ما سابتني لوحدي.. 
280 
فسأله خالد: 
- هى متجوزتش؟! 
فابتسم جده: لا 
ثم أكمل : 
- منى بتدي لأبيها دروس من جديد.. زي اللي بترد له كل اللي عمله فيك.. كل ما 
يتقدم لها عريس ترفض.. وتبوظ الجوازة لأي سبب.. وحلفت قدام الناس إنها مش 
فابتسم خالد: 
- أكيد طالعة مجنونة لأبوها.. 
فابتسم جده: 
- هي مش هتتجوز إلا انت يا خالد.. 
281 
ظل خالد نائما. وبدا عليه أنه لم ينم لأيام طويلة. وبجواره جده.. يجلس لينظر 
إليه. وقد بدل له ملابسه، ولم يرد أن يفتح كتابه الذي أحضره معه إلا بعدما 
يخبره بما حدث له أولا. ومز يوم كامل دون أن يستيقظ، حتى نهض فوجد جده 
بجواره، ومعه صديقه العجوز - مجنون السرداب - الذي كان أول من يخبره عن 
حقيقة سرداب فوريك، وما إن رأه قد فتح عينيه حتى صاح: 
- خالد صعي. 
فابتسم خالد وقال: 
- لابد أنكم قد أصابكم القلق.. 
فاندهش الرجل مما سمعه فضحك خالد: 
- عارف إن لهجتى أوقات بتتغير.. بس قريب أوي هستعيد لهجة اليهو فريك.. 
فقاطعه جده: 
- يلا يا خالد.. احك لنا اللي حصل لك .. 
ثم تدخل الرجل ، 
- انت نزلت السرداب فعلا؟ 
فابتسم خالد وسألهما: 
- من أين تريدان أن أبدا قصتي؟ 
ثم بدأ يحي عما حدث له منذ نزوله ذلك النفق أسفل البيت المهجور بالقرية. 
وما حدث له به، ونزوله إلى سرداب فوريك الحقيقي، وتلك الصورة به، وما به من 
هياكل عظمية ثم خروجه إلى أرض زيكولا، وظل يحي لهما، وهما يستمعان إلى كل 
كلمة يقولها.. يحدشهما عن قوة تلك المدينة، وعن أهلها وعن طقسها الذي يبدو 
ثابتا مع تغير فصول العام.. وعن عمله هناك، وعن يوم زيكولا. وعن يامن وأسيل. 
ظل خالد نائما. وبدا عليه أنه لم ينم لأيام طويلة. وبجواره جده.. يجلس لينظر 
إليه. وقد بدل له ملابسه، ولم يرد أن يفتح كتابه الذي أحضره معه إلا بعدما 
يخبره بما حدث له أولا. ومز يوم كامل دون أن يستيقظ، حتى نهض فوجد جده 
بجواره، ومعه صديقه العجوز - مجنون السرداب - الذي كان أول من يخبره عن 
حقيقة سرداب فوريك، وما إن رأه قد فتح عينيه حتى صاح: 
- خالد صعي. 
فابتسم خالد وقال: 
- لابد أنكم قد أصابكم القلق.. 
فاندهش الرجل مما سمعه فضحك خالد: 
- عارف إن لهجتى أوقات بتتغير.. بس قريب أوي هستعيد لهجة اليهو فريك.. 
فقاطعه جده: 
- يلا يا خالد.. احك لنا اللي حصل لك .. 
ثم تدخل الرجل ، 
- انت نزلت السرداب فعلا؟ 
فابتسم خالد وسألهما: 
- من أين تريدان أن أبدا قصتي؟ 
ثم بدأ يحي عما حدث له منذ نزوله ذلك النفق أسفل البيت المهجور بالقرية. 
وما حدث له به، ونزوله إلى سرداب فوريك الحقيقي، وتلك الصورة به، وما به من 
هياكل عظمية ثم خروجه إلى أرض زيكولا، وظل يحي لهما، وهما يستمعان إلى كل 
كلمة يقولها.. يحدشهما عن قوة تلك المدينة، وعن أهلها وعن طقسها الذي يبدو 
ثابتا مع تغير فصول العام.. وعن عمله هناك، وعن يوم زيكولا. وعن يامن وأسيل. 
لا اريد الزه ع 
حتى فوجئوا بمنى تدخل إليهم فجأة، ونظرت إلى خالد في سعادة: 
- خالد.. أنا عرفت إنك رجعت.. 
فابتسم خالد: 
- أنا مبسوطة أوى إنك رجعت.. 
فابتسم : 
- شكرا منى.. أشكرك إنك كنتي بجوار جدي تلك الفترة .. 
فضحكت منى: 
- انت بتتكلم كدة ليه؟ .. هو السفر أثر على كلامك ولا إيه؟ 
فضحك خالد: 
- نعم .. 
ثم نض جده، وصاحبه، وتركاهما فابتسمت متى: 
- أنا حلفت لأبويا إني مش هتجوز الا انت.. وإن متجوزتكش مش هتجوز طول 
عمري واللي يعمله يعمله .. 
فصمت خالد دون أن يرد فتابعت : 
- خالد.. أنا مش شايفاك فرحان بكلامي ليه.. انت حبيت حد تاني وانت مسافر؟ 
فابتسم خالد: 
- منى.. أنا رجعت من السفر زي ما أنا.. اعتبريني هبدأ من جديد.. 
فابتسمت : 
- خلاص.. وأنا موافقة نبدأ سوا.. 
فنظر إليها خالد في هدوء؛ 
- أرجوي يا منى.. محتاج شوية وقت عشان أرتب أموري.. 
- حاضر يا خالد.. ثم غادرت.. 
282 
كان خالد يعلم أن منى تحبه. ولكنه أراد ألا يتسرع في حديثه معها، وأراد أن يتحقق 
من مشاعره تجاهها، وخاصة أنه لم يفق بعد مما حدث له بزيكولا وبعده عن 
أسيل، وعزم على أن يجد عملا يحقق له ذاته، وظل يبحث عن عمل ملائم 
لدراسته، وذهب إلى أماكن كثيرة.. يبحث عن عمله دون أن يصيبه تعب أو ملل. 
ويبتسم حين تضيق الدنيا أمامه. ويحدث نفسه دائما؛ لابد وأن هناك أملا.. ماذا 
بعد نجاتي من الموت قبل لحظات.. يبحث نهارا ويعود إلى شرفة بيته ليلا ليتأمل 
سماء بلدته بحثا عن ذلك النجم.. أسيل.. حتى يغلبه النعاس فيظل نائما لتشرق 
شمس اليوم الذي يليه.. واستمر في بحثه عن عمل لمدة أيام وأيام، وامتدت 
لأسابيع.. حتى وجد عملا بإحدى فروع شركة كبرى بمدينة المنصورة، ومرت 
شهور. وهو يعمل ويشعر بذاته في ذلك العمل. وكلما واجهته مشككة قابلها 
بابتسامة يحسده عليها زملاؤه.. وتزداد بسمته حين يعود إلى بيته فيجد جده يقرا 
بكتاب سرداب فوريك الذي لم يتركه إلا لحظات قليلة منذ عودته. ويطلب منه أن 
يخبره بالمزيد مما حدث له بزيكولا.. فيحى له الكثير والكثير.. ويسأله بعد انتهائه 
ألا يخبر أحدا بذلك.. حتى جاء في يوم، وعاد إلى جده مبتسما: 
- يلا يا عبده.. انت مش عايز حفيدك يتجوز؟ 
فنظر إليه جده فتابع خالد: 
- إحنا هئروح للمرة الأخيرة نخطب منى.. والله أبوها وافق هتجوزها.. ولو 
موافقش.. هتجوزها برضه.. 
فابتسم جده، واتجه معه إلى بيت والد منى، واندهش خالد حين وجده قد تغير 
تمام التغير. وقابلهما بكل حفاوة وتقدير. وما إن تحدث جد خالد بأنه يريد أن 
يطلب يد منى لخالد حتى نطق والدها بترحيب: 
- يلا نقرا الفاتحة.. 
283 
لإقامة عرسهما.. 
مرت أيام كثيرة، ومرت أسابيع وتبعتها بضع شهور، وخالد يعمل بقوة كي يستعد 
ليوم غرسه.. حتى جاء ذلك اليوم، الرابع عشر من سبتمبر، وعلقت الأنوار أمام 
بيته. واجتمع الكثير من الأهالي ليهننوه ويننوا جده بهذا الغرس، وحل الليل، وبدأ 
حفل الزفاف. وكان حفلا رائعا تراقص به من يعرفون خالد ومنى ومن لا 
يعرفانهما، وخالد ينظر إلى الجميع، وتتشابك ذراعه بذراع منى التي ظلت مهمس 
إليه طوال الاحتفال دون أن يسمع أي شيء، ولكنه كان يهز رأسه مبتسما دون أن 
يدرك عما تتحدث.. حتى انتى الاحتفال، ودلفا إلى شقتهما، وامتلا وجه منى 
بالخجل بعدما دلفا إلى حجرة نومهما فضحك خالد ثم ضحكت منى، ونظرت إليه 
وقالت : 
- خالد.. باين إننا هنبتدي المشاكل من دلوقتي.. خالد.. الشقة حر أوي.. أنا عايزة 
فضحك ولم ينطق ثم اتجه نحو شرفة الغرفة، وفتحها كي يندفع الهواء إليها حتى 
نظر إلى السماء فدق قلبه بقوة حين وجد ذلك النجم اللامع وحيدا مميزا بها، 
وهمس إلى نفسه في ذهول: 
- أسيل!! 
فأكملت منى، وهي تجلس بفستان زفافها على سرير الغرفة: 
- خالد.. أنا نفسي نقضي شهر العسل في أي مكان.. 
فابتسم بعدما سمع كلماتها ثم نظر إلى النجم مجددا، وأطال نظره تلك المرة كثيرا 
وكأنه يفكر.. ثم نظر إليها : 
284 
- أنا كمان كنت بفكر إننا نقضى شهر العسل في مكان مختلف تماما.. 
ثم أكمل مبتسما: 
- إيه رأيك في مكان التعامل فيه مش بالفلوس؟ 
فاندهشت منى. وسألته: 
- أومال بإيه؟! 
- أنا كمان كنت بفكر إننا نقضى شهر العسل في مكان مختلف تماما.. 
ثم أكمل مبتسما: 
- إيه رأيك في مكان التعامل فيه مش بالفلوس؟ 
فاندهشت منى، وسألته: 
- أومال بإيه؟ ! 
فضحك ثم اقترب منها، وهمس إليها : 
- هتعرفي لما نروح هناك.. 
    الرواية التالية الرواية السابقة
    لا توجد تعليقات
    اضـف تعليق
    comment url