بابلونيا

تدور الاحداث حول فتى مراهق وصديقه يكتشفان البوابات النجمية المخفية التي تنقل عبر الزمن في مدينة بابل القديمة ويحاولان ان يتسللان اليها وينتقلان الى زمن حضارة البابليون القدماء ويقعان في لعنة الحب ومعركة العودة

المقدمة

في أعماق مدينة بابل القديمة، تكمن أسرارٌ لا تزال تلمع بسحرها وتحيط بألغازها هناك، في زمنٍ ضائعٍ بين طيات التاريخ، تعيش الأساطير والأحكام القديمة التي تنتظر بصبر اللحظة المناسبة للكشف عنها للعالم الحديث.
في صباحٍ مشمس، تنبض شوارع مدينة بابل التاريخية بالحياة. تتوالى أصوات الباعة والحرفيين والمارة ممزوجة بنسمات الهواء الدافئة التي تحمل عبق التاريخ. وفي وسط هذا النسيج الثقافي الحيوي، يعيش الشاب أيمن، ذو الثامنة عشرة ربيعًا.
يُعتبر أيمن فتىً بسيطًا ومتواضعًا، يحمل داخله شغفًا لا يمكن إخفاؤه، على الرغم من صغر سنه. يقيم في قرية تبعد عن مركز مدينة بابل عشرة أميال، وتسمى قرية كيش. هذه القرية تحتوي أيضًا على الكثير من المواقع الأثرية التي لم يُنقب عنها بعد.
يعيش أيمن مع والديه وشقيقته سارة التي تصغره بعامين. أيمن يحمل شغفًا كبيرًا وحبًا للتاريخ وحضارات بلاد الرافدين، وبخاصة الحضارة البابلية بسبب الدور الهام والأساسي الذي لعبته في وضع أسس الحياة التي نعيشها الآن.
تعزز حبه للحضارات القديمة وأسرارها عن طريق الأستاذ منصور، مدرس التاريخ الذي يدرسه في المدرسة. يمتلك أيمن صديق الطفولة الوفي له والذي يحبه كثيرًا، ويدعى أدم، حيث يخوضان منذ طفولتهما مغامرات مشوقة سويًا.

الفصل الأول

دقات الفضول في قلب ايمن

عبور الوقت كالطيف، حيث المطر الغزير يهطل بغزارة والصوت المدوي للرعد ينشق سماءً سوداء كقلوبنا المترنحة بين التساؤلات.أجلس جلسة هادئة على كرسي متارجح، أحتسي الشاي بتمعُّن، فحديث الأستاذ منصور يأسر كامل اهتمامي.  
دوَّرت في خيالي الافكار حول حقيقة البوابات النجمية المخفية في بابل. هل تكون حقاً موجودة فعلاً؟ وكيف تبدو هي؟ وماذا لو تم اكتشافها؟ تلك الأسئلة تشعل شرارة الاكتشاف داخلي وتدفعني إلى بدء رحلة البحث والاستكشاف. 
 اصبحت كلمات الأستاذ منصور حول البوابات النجمية كأنها أضواء متلألئة ترقص أمام عيني، دبَّت اللهفة داخلي كنار الحريق، تنطلق من داخل قلبي الشغوف. أنا مستعدٌ لاختراق أبواب المجهول، لأبحر في بحر الأسرار الغامضة. حُمٌّ من الفضول يسيطر على وجداني، وكأنه يوقظ جميع حواسي  
لمعرفة الحقيقة المكتومة خلف أجنحة الزمن. 


وسط حيرة الأفكار، أنا مشتت الذهن، أنتظر الشروق بلهفة حتى تزول ألوان الليل. أُسلِط جهدي على البحث عن الحل المنشود الذي يقودني إلى رأس الخيط ويكشف لي أسرار البوابات النجمية المفقودة. 
بين التفكير الطويل والتأمل العميق، وقفت أنا في ليلي الهادئ، مغمورٌ بأفكار البوابات  وسرَّها العظيم. خيالي  يأخذني بين مراحل متعددة من البحث والاستكشاف، كأنني مبتلٌ في بحرٍ لا ينتهي من التساؤلات والأسرار. 
أتخيل كيف تكون تلك البوابات، تشكل صورة غامضة ترتقب بين طيات الزمن. ربما تكون مصنوعة من الحجر القديم الذي يحمل قصصًا عريقة، أو ربما تبدو كأنها تنسجم مع سماء الليل السوداء، مرصعة بألماس النجوم. 
وأحاول تخيل ما يوجد وراء تلك البوابات المترنحة في عقلي، هل هي توصلنا إلى عوالم غريبة خارج مدار الزمن، أو ربما تكشف لنا عن أسرار  كواكب بعيدة ونجوم لامعة.
وفي ظل هذه التأملات العميقة، تتساءل نفسي كيف يمكنني أن أعثر على هذا السر العظيم المخفي؟ هل ستكون النقوش القديمة هي المفتاح لفك شفرة البوابات؟ أم أنها قد تكون تحتاج لنقطة انطلاق في عمق التاريخ لأكتشف لغزها؟
الليل انقضى وبدأ الفجر يلوح في الأفق،  أتى صوت الديك معلنا شروق الشمس وتسللت أشعة الفجر الذهبية بين ثنايا السماء الملبدة بالغيوم. وبينما تراقب الطيور الصغيرة الشروق بعيون مليئة بالدهشة، استعدت لاستكمال رحلة البحث المشوقة. 


وهكذا، بدأت يومًا جديدًا مليئًا بالأمل والتحديات، متلهفًا لمواصلة البحث عن أسرارٍ خفية وأبوابٍ مقفلة.
ركبت دراجتي الهوائية وانطلقت في طريقي نحو منزل صديقي 
 أدم. وصلتُ بسرعةٍ شديدة، لم يكن لدي وقتٌ لتناول الفطور، فقد كان الفضول يشغل كل أفكاري. وعندما وصلتُ إلى باب منزله، لم أتأخر في دق الجرس.
فتح أدم الباب بابتسامةٍ عريضة، وكأنه يعرف ما جال في ذهني. دعوتُه لنبحث معًا عن حلٍ يوصلنا إلى رأسِ الخيط، وكنت مشتاقًا لمشاركته أفكاري وهمساتِ قلبي.
وبينما جلسنا معًا في غرفته الهادئة، تبادلنا الأفكار والنظرات الملهمة. لا يكاد يمر لحظةٌ إلا ونحن نستكشف أدغالَ التاريخ وعقولَ العظماء القدماء. كان الفكر ينسج حولنا خيوطًا من المغامرة والإثارة.
وعلى وقعِ التفكير والتدبر، كُتبت خطوطٌ جديدةٌ في سطورِ رحلتنا
، تلك الرحلة التي تحمل أحلامنا وتجاوزاتِنا، والتي لا تعرف حدودًا لا يمكننا أن نتخيلها. فقد كانت هذه اللحظة هي بداية مغامرةٍ جديدة في عالمٍ من الاكتشافات والإبداعات.
                                  
          
                
 - أنا : أدم، نحن متحمسون للبدء في رحلة البحث. كيف نبدأ ونخطط لهذه المهمة المثيرة؟
أدم : أعتقد أنه يجب أن نبدأ بتحديد خطة عمل وتحديد الأهداف التي نرغب في تحقيقها. سنحتاج إلى تحديد المصادر والموارد التي ستساعدنا في البحث والتعرف على الأماكن التي يمكن أن نبدأ منها .

في ذلك الوقت، انفرجت أساريري للتو عندما تذكرت جاري الحاج محمود المنقب المتقاعد الذي كان يعمل مع بعثات التنقيب الأجنبية . أعتقد أنه يمكن أن يكون لديه معرفة قيمة بحضارة بابل والمواقع الأثرية المهمة. 

(بتعابير متغيرة على وجهي) أوه، يا لها من مفاجأة! لقد أدركت الآن أن جاري الحاج محمود انتقل مع عائلته من قريتنا منذ أكثر من سنة، وليس لدي أي فكرة عن مكان سكنهم الحالي. كنت أعتقد أنه سيكون موجودًا بالقرب منا.
ادم : يا لها من خيبة..
 لا عليك يا أدم  ، سنقوم بسؤال والدي عن مكان سكن  الحاج محمود الجديد. ولكن أحذر أن لا نُفصح له عن مقصدنا الحقيقي. سنخبره أن لدينا بحث مدرسي  حول الآثار القديمة،

ذهبتُ مع أدم لنستفسر عن مكان سكن الحاج محمود الجديد من والدي.  حصلت على المعلومات اللازمة حول موقع سكنه . قررنا أن نبدأ رحلتنا في اليوم التالي، إذ أن بيته يقع على بُعد حوالي أربع ساعات من قريتنا.
وفي اليوم التالي، بدأنا رحلتنا المثيرة نحو مكان سكن الحاج محمود الجديد. ركبتُ أنا وآدم  دراجاتنا الهوائية، وقررنا سويًا أن نسلك طريقًا مختصرًا بجانب نهر عبر بساتين النخيل الشهيرة التي تزخر بها بابل. انطلقنا بسرعة وغمرتنا جمال المناظر الطبيعية الخلَّابة حولنا.
كانت النخيل الجميلة تحيط بنا من جميع الجهات، وأشعة الشمس المشرقة تضفي بريقًا خاصًا على مياه النهر. وأثناء رحلتنا، لاحظنا بعض الآثار القديمة المتناثرة على ضفاف النهر، مما أثار فضولنا وحماسنا لاستكشاف تاريخ بابل القديم وأسرارها.

وبمجرد أن وصلنا لوجهتنا، تأملنا القرية الجميلة التي كانت محطتنا النهائية. امتدت المنازل البسيطة على ضفاف النهر، مزينةً بأشجار النخيل الظليلة وحقول الأزهار المتلألئة. كان هدوءًا ساحرًا يعمّ المكان، وبلا تردد اتجهنا إلى أحد سكان القرية للسؤال عن موقع بيت الحاج محمود. وقد كان الشخص الذي التقيناه محبًا للمساعدة ومتعاونًا بشكل لافت. بأسلوبه الفصيح، أفادنا بتفاصيل دقيقة عن مكان البيت، وكما قال لنا، أنَّ بيت الحاج محمود يتواجد في أطراف القرية، ويظهر بنيانه  الجميل على الفور. 
لم يكن بيت الحاج محمود مجرد منزل عادي، بل كان قصرًا صغيرًا يعبق بالتاريخ والثقافة. سمعنا أصوات زقاقه الضيقة ونبض حياته اليومية، ما جعلنا نشعر بالبهجة والشغف للتعرف على حكاياته الملهمة. 
فور وصولنا، لم نجد أحدًا في البيت، فانتظرنا لعدة دقائق قبل أن تظهر زوجة الحاج، الحاجة نادية، وهي تعود من البساتين القريبة حيث كانت تعمل. استقبلتنا بحرارة وترحاب، وأظهرت اهتمامًا كبيرًا بسبب زيارتنا، حيث سألت عن سبب قدومنا. 
 أخبرناها أننا لدينا بحث مدرسي يتعلق بالمواضيع التاريخية وأننا جئنا لنلتقي الحاج محمود لنستفسر منه حول بعض الجوانب التاريخية والتراثية المهمة. 

وهنا أصابتنا الصدمة الكبرى، 
فقد أخبرتنا الحاجة نادية أن الحاج محمود قد وافته المنية قبل بضعة أشهر،   كانت كلماتها مؤثرة وحزينة، ولم يكن لدينا أدنى 
فكرة بأنه توفي.
بعدها ، تراجعت الكلمات في أفواهنا وتجلى الحزن على وجوهنا. غلبتنا مشاعر الأسى والفقد، فقد كنا قد أغرمنا بالفكرة أن نلتقي الحاج محمود ونسمع منه شهادته الحية عن التاريخ والآثار القديمة.
لكن بصبر وقوة أكملنا حديثنا مع الحاجة نادية، التي قدمت لنا أرشيفًا حافلاً بذكريات الحاج محمود. كانت تسرد لنا تفاصيل مشوقة عن حياته وإسهاماته ، وكيف أنه كان رمزًا للحكمة والأدب. 
في لحظة عُمت البهجة بيننا عندما أخبرتنا الحاجة نادية بأنّ الحاج محمود قد أنشأ مكتبةً تحت أرض بيته، تُزهِرُ بثروةٍ من الكتب التاريخية الباهرة. تأججت أرواحنا واستنفرت أجنحة الحماس عند سماعنا هذه الأنباء السارّة. دوّنا خطواتنا المُسرعة نحو ذلك السرداب الغامض، متلهفين لكشف الأسرار المخفية في أعماقه. 
عندما دخلنا السرداب، أُسرت أرواحنا بالسكينة والتأمل. كانت الأنفاس تتناغم بإيقاع الصمت، وعبير الكتب التاريخية يُفوح في الأجواء. كان الحاج محمود قد رسم هذا العالم المختبئ ببراعة فائقة، حيث تلتقي الأزمنة وتنثر الصفحات أسرار القرون الماضية. 

كل كتاب ينادينا بمغامرة معرفية جديدة، وكأنه جسر يمتد بين عوالمٍ مختلفة. نلتقط كل جملة بترقبٍ وتفانٍ، ونسقط في عالمٍ من العجائب والاكتشافات. السرداب ينبض بالروح والحكايا، ونحن نعيش في عالم من المنجزات والأحداث التاريخية. مضينا في الاستكشاف متلهفين للمزيد من المفاجآت والاكتشافات. فكلما انغمست في صفحات الكتب، تحطمت جدران الزمن وانفتحت نوافذ الفهم والتأمل. إنّه عالمٌ لا ينتهي، يشدّنا إلى عمق العلم وروعة التاريخ. وسط الكتب الباهرة، تبدّلت الأسئلة إلى جواب، واستبدلنا الشك باليقين. لم نجد فقط قصصًا عابرة، بل عالمًا مترامي الأفق، يحكي لنا عن عزّ بابل وشعوبها العظيمة ونهضتها التاريخية الرائدة. عايشنا ملحمة الإمبراطوريات وحكاية أبطالها، تركت فينا أثرًا عميقًا من الاعتزاز بتراثنا العريق. تحاكي لنا هذه الكتب أسرار لغة بابل القديمة ، فتأخذنا في رحلةٍ ساحرة إلى عالم الرموز والألغاز. قلما ترجمنا تلك الحروف دون التأمل والتأمل، فكل كلمة تفتح بابًا جديدًا لفهم أسرار  وترجمة الألغاز والنقوش المحفوظة.  
بعد أن حددنا الكتب التي نحتاجها، توجهنا بثقة نحو الحاجة نادية لنستأذنها في استعارتها. ترددت قليلاً قبل أن تعطي موافقتها، لكنها قبلت بعدما شددنا على الحفاظ على هذه الكنوز الثمينة وعودتها بأسرع وقت. 
كانت هذه الكتب حصيلة عمر من التجميع والبحث، وعلمتنا الحاجة نادية بأهمية العناية بها كأنها كنز عظيم من زمن بعيد. تعهدنا بتحقيق وعدنا وإعادتها في أفضل حالاتها، وكنا نشعر بالمسؤولية الكبيرة تجاه هذا الإرث الثقافي الراقي. بعد أن حصلنا على موافقتها الكريمة، شكرناها على مساعدتها لنا ، انطلقنا بفرحةٍ وشكرٍ في قلوبنا. قدّرنا جود الحاجة نادية ومساعدتها في تحقيق رغبتنا . استقلنا دراجاتنا بنشوةٍ تعانقت مع نسمات الهواء النقي،  
أثناء عودتنا إلى قريتنا الجميلة، كانت الأفكار تراقص بسعادة وأحلامٍ عريقة. تخيّلنا كيف سنستقبل هذه الكتب العتيقة 


        

          
                

انا: ادم ، ما هو الوقت المناسب لقرائتها ؟ 
ادم:     بعد يوم مرهق، يجب علينا أن نأخذ بعض الوقت للاسترخاء ونعيد تجديد طاقتنا قبل البدء في قراءة الكتب. 

أنا : يمكننا أن نخطط لبدء قراءة الكتب في يوم غد. بعد الاسترخاء والتجديد، سنكون جاهزين للاستفادة من محتوى الكتب بشكل أفضل. 
ادم : سأقوم بتجهيز نفسي لذلك وأنت أيضًا. نحتاج إلى جو من الهدوء والاسترخاء لنتمكن من الاستفادة الكاملة من ما نقرأه. 

وصلنا لقريتنا عند غروب الشمس، وانتشرت السكينة والهدوء في الأجواء. تفرقنا كل منا ذهب إلى بيته، وعادت أرواحنا مرتاحة بعد يوم مليء بالمغامرات والمعرفة. 
في الصباح التالي، اتجهت أنا وآدم نحو ضفة على نهر قريتنا . 
حيث قررنا الجلوس تحت ظل شجرة بديعة. كنا نحمل معنا تلك الكتب الثمينة التي تحمل في صفحاتها شذرات من تاريخنا حضارتنا العريقة. بدأنا بكتاب عنوانه "إمبراطورية بابل العظيمة". كان الكتاب ينقلنا إلى أعماق تلك الحقبة الزمنية الرائعة حيث تولى ملوك بابل الزمام وسيطروا على العالم بحكمٍ حكيم وإدارةٍ فذة. كانوا يمتلكون عزمًا منيرًا لبناء إمبراطورية تكتسح الأرض بعزمها وثقافتها. بدأنا في تصفح هذه الكتب ببهجة وفضول، كأننا نستكشف كنزًا من الحكمة والمعرفة. الكلمات على تلك الصفحات كانت كالجسور التي تربطنا بماضينا وتمهّد لنا الطريق نحو فهم أعمق للعالم من حولنا. واستمرت أصوات النهر وأوراق الشجر تزيد من جمال هذه اللحظات. كانت الكتب تعكس لنا عمق الفكر وعراقة الحضارة، وكانت تلك الصفحات البيضاء تشهد على استكشافنا المستمر وتسلّحنا بالفهم والتثقيف. 
 يحكي هذا الكتاب عن تلك الإمبراطورية الكبيرة التي امتدت سيطرتها بين نهري دجلة والفرات. كانت بابل مدينةً رائعة، حاضنة للثقافة والعلم، ومركزًا للحضارة في زمانها. يروي الكتاب عن نهضة هذه الإمبراطورية وإسهاماتها الرائدة في مجالات متعددة. 
واستمرت أصوات النهر وأوراق الشجر تزيد من جمال هذه اللحظات. وكانت تلك الصفحات البيضاء تشهد على استكشافنا المستمر وتسلّحنا بالفهم والتثقيف. 
بينما كانت صفحات الكتاب تتسارع، كنا نتخيل عبق البنيان والعمارة في بابل، وتعدد اللغات والأدب والفنون. كنا نجري في عقولنا نقاشات وتأملات حول كيفية تأثير تلك الإمبراطورية على مسار التاريخ. 
كان الكتاب يتكلم عن  احد اعظم ملوك الامبراطورية البابلية الملك  
حمورابي، هو سادِس مُلوك السُلالة البابلية الأولى وأول مُلوك الإمبراطورية البابلية،، كان قائدًا استثنائيًا يحكم بالعدل والقانون. واجه تحدياتٍ عديدة في بناء نظام قانوني يحكم إمبراطوريته، وهو اول من وضع القوانين والانظمة في التأريخ وسعى في تحقيقها عبر مجموعة من القوانين المسجلة على اللوحات الحجرية، المعروفة اليوم بقوانين حمورابي ( مسلة حمورابي) . 
تلك القوانين تحكم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وتضمنت حقوقًا وواجباتٍ للمواطنين. تمثّلت هذه القوانين تقدمًا كبيرًا في التشريعات وتوضيح الحقوق والعقوبات، ولهذا كانت لها تأثيرٌ كبير في تاريخ القانون وتطوره. 
كان حمورابي يسعى لتحقيق العدالة بين مواطنيه، وكانت قوانينه تهدف إلى توجيه المجتمع وحماية حقوق الضعفاء ومعالجة الظلم. بصدق كانت هذه القوانين تعكس إرادته في بناء إمبراطورية قائمة على أسس قانونية عادلة. 
في سياق الاستمرارية، تعدّت القوانين الحجرية حدود بابل وأثرت في التطور القانوني لما بعد. أثرت في بنية العقوبات وتعززت الفكرة الجديدة لاحترام حقوق الإنسان ومعاملة الجميع على قدم المساواة أمام القانون. 
كانت إرادة حمورابي قوية في ترسيخ هذه المبادئ، وترك وراءه إرثًا قانونيًّا مبجل يعبر عن إصراره على تحقيق العدالة في إمبراطوريته . كان يحكم برؤية تجمع بين القوة والعدل، وهذا ما جعل من حمورابي شخصية تاريخية عظيمة ومثالًا للقيادة الرشيدة التي تُلبي حاجات وطموحات شعبه. 
واصلنا القراءة لساعات طويلة، وكتبنا كل ما نحتاجه من القوانين والأنظمة والمعلومات المفيدة في دفتر خاص . 


        

          
                

بعد انتهاء قراءتنا لهذا الكتاب, انتقلنا إلى كتاب آخر كان عنوانه 
"قاموس لغات بلاد الرافدين". واستمر َّنا ف استكشاف مفردات هذا 
القاموس الرائع, حيث تنوعت الكلمات وازداد إثراؤها لتشمل تلك اللغات التي أثرت ف حضارات بلاد الرافدين منذ العصور القديمة. تجولنا ف أعمق معاني الكلمات وتعرّفنا على تاريخها وسياقها الثقاف, وأصبحت هذه اللغات جزءًا من فهمنا لتراث تلك البلاد . ترك هذا الكتاب أثرًا عميقًا ف توسيع مداركنا اللغوية وثقافتنا العامة . 
ف هذا الكتاب, أفصح عن تفصيلات لغات بلاد الرافدين, حيث يسرد بأمانة أبجدياتها ويكشف عن الكلمات الأكثر شيوعًا واستعمالاً ف تلك الأراضي الغنية بالتراث اللغوي والثقاف. يجلب لنا عمق الوصف اللغوي تجربة ساحرة تنقلنا إلى جذور هذه اللغات القديمة وأسرارها. تنقلب الصفحات ونستكشف قواعد اللغة المعقدة وتراكيبها المدهشة, ومع كل سطر نكتشف كنوزًا جديدة من اللفظيات الفصيحة التي تثري فهمنا وتمنحنا أدوات لغوية قيمة تتسع بها معارفنا وتواصلنا. 
مع غياب أشعة الشمس وظهور خيوط الليل ف سماء الأفق, قررنا العودة إلى منازلنا, وذلك عقب انقضاء عطلة نهاية الأسبوع. مع بداية يوم الأحد, عدنا إلى مقاعد الدراسة, وانطلق يومنا بأخذ المحاضرات اليومية. 

وف هذا اليوم أضاف الاستاذ منصور لمسة من التميز والإثارة, 
حينما ألقى محاضرته الرائعة ف مادة التاريخ. وبأسلوبه السلس 
والممتع, أخذنا ف رحلة إلى أعماق الزمن, حيث استعرض لنا 
أحداثًا تاريخية مهمة وشخصيات مؤثرة . 
ومع انقضاء وقت الدراسة, سرعان ما عدنا إلى نفس المكان . 
بدأنا نتصفح صفحات تلك الكتب بترقب وفضول, كما 
لو أننا نستكشف كنوزًا ثمينة تعزز فهمنا لتراثنا . 
بدأنا بالكتاب الأهم الذي كان عنوانه "أسرار مدفونة ف أرض 
بابل". بدأنا نقرأ بتركيز, وكان أملنا أن نجد شيئًا يقرّبنا إلى حقيقة 
البوابات النجمية. استمرينا ف استكشاف صفحاته بشغف, على 
أمل الكشف عن أسرارٍ مثيرة وربما أجوبة تلقي الضوء على تلك 
البوابات الغامضة وتأثيرها على تاريخ الحضارة البابلية والعالم 
بأسره. 
وصلنا إلى منتصف الكتاب ولم نجد ما يذكر, بدأنا نفقد الأمل 
تدريجياً. لكن عندما بدأ الكاتب يتحدث حول موضوع السفر عبر 
الزمن, أثار ذلك اهتمامنا من جديد. لقد كان هذا الجزء مثيراً 
للاهتمام حيث بدأ الكاتب يقدم أفكاراً تشبه اللمحات المبهمة تجاه 
موضوع البوابات النجمية وتأثيرها على الزمن والتاريخ. توقفنا أمام 
تلك الكلمات متسائلي عما إذا كان هناك تصوّرات جديدة ستظهر 
لنا ف الصفحات المقبلة. تلك الجملة فتحت لدينا أفقًا جديدًا 

وأثارت فينا شعورًا بالتشوق لاستكمال القراءة والتعرف على مزيدًا من التفاصيل. بدأنا نربط المواضيع ونستعيد شيئًا من الأمل والتفاؤل. مع كل صفحة جديدة, كنا نتوقع بفارغ الصبر ما سيكشفه الكتاب لنا بخصوص هذه الأسرار المدفونة وكيف يمكن أن تكون لها علاقة بمفهوم السفر عبر الزمن. 
تلك الجملة لم تكن مجرد كلمات, بل كانت مفتاحًا لعالم جديد من التساؤلات والتخمينات, وكانت دافعًا لنا للاستمرار ف البحث والتجوال ف صفحات الكتاب. تحدث الكاتب حول بوابات مخفية لا يستطيع أحد أن يراها إلا إذا كان عقله متيقنًا من حقيقة وجودها هذه الجملة أثارت دهشتنا . وألقت بظلال من الغموض والفضول على تفكيرنا. بعدها, تراكمت ف عقولنا الأسئلة, وكأننا ف حالة من التأمل. هل نحن حقًا نعتقد ف وجود مثل هذه البوابات? وهل يمكن أن نكون متيقني بما لا يُرى بالعي المجردة? هل يكمن السر ف التفكير العميق الثابت? هكذا, استقرت ف قلوبنا أفكار متضاربة تناوبت بي التساؤل والاعتقاد, وكأن الكاتب أثرى عالمنا الداخلي بأفكار جديدة تنبض بالروحانية. 

بعد ذلك, انسابت الأوراق بي أيدينا لتفصح عن معلومة أكثر إثارة. تُفيدنا تلك المعلومة بأن البوابات النجمية تحرسها كائنات غامضة, حيث يُشير الوصف إلى وجود وحشٍ بشكل "ثور مجنح" يتألف من رأس إنسان وأجنحة نسر, وجسم ضخم يشبه جسم ثور, يمتد من جسمه خمسة أرجل عملاقة, كأعمدة من الحجر تتخذ شكلاً غريبًا. 
من الصعب عدم تخيل ملامح هذا الكائن الغريب, حيث يتصادم فيها الأشكال المختلفة للكائنات الحية. هذه المعلومة تثير العديد من التساؤلات والفرضيات حول أصل هذا الكائن وتأثيره ف عوالم الزمن والفضاء. هل هو مخلوق من عالم آخر? وكيف يمكن لجسم يجمع بي عناصر مختلفة أن يكون قوة حامية لهذه البوابات? 
الكاتب ألقى الضوء على حقيقة مُروّعة ,وهي أن أي شخص يجرؤ 
على الاقتراب من تلك البوابات, سيُلاقى مصيرًا مُروّعًا. بمجرد 
اقتراب أي مُغامِر من البوابة, ينطلق الثور المجنح بوحشية عارمة, 
وتصدر أصوات جناحيه هديرًا مرعبًا, كموجات عاتية تهز الجو , 
يهبط الكائن الغريب بكل قوته كوحش جائع, يهز أرضًا وسماءً 
بأجنحته القوية وأرجله العملاقة. لا يمنح الشخص أي فرصة 
للاختباء, فهو يمُزّقه بغضبٍ مهول . 

بينما نمضي قدمًا ف استكشاف صفحات هذا الكتاب الغامض, تحملنا الكلمات إلى معرفة جديدة تُسهم ف تكوين صورة أوضح لكيفية التغلب على هذا الثور المجنح المخيف. وف إحدى تلك الصفحات, اكتشفنا معلومة تشير إلى وجود زهرة نادرة, وهي" زهرة السماء الزرقاء ", التي تتفتح على قمة تل مرتفع يُدعى " تل الاحيمر " 
تُنبت تلك الأزهار ف شهرٍ واحدٍ فقط, وهو شهرُ فبراير, عندما تكون السماء زرقاءً بلونها الرقيق. لتحقيق مفعولها الناجح, يجب أن تُقطف هذه الأزهار من قمة هذا التل , والذي يُعرف باسم "تل 
الاحيمر"  
الرواية التالية
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url