قناع إبليس

 


تقع سارة ضحية زواج اجباري من ابن عمتها علي الذي يكبرها بعشر سنوات.. فتحاول قدر المستطاع الهروب من واقعها .. لكن القدر القى بشباكه عليها وانتهى الامر.. لتعيش بعدها صراعات عنيفة من طرف عمتها التي تكرهها حتى النخاع ومن كرف انتقادات العائلة حول احلامها.. هل ستتغلب بطلتنا على كل  تلك العقبات ؟ وهل سيحط شعاع الحب على حياتها ؟ 


© كل الحقوق محفوظة


 الفصل الأول


اشرقت الشمس على بطلة قصتنا سارة التي كانت تنام بوداعة تحتضن دبدوبها الاحمر ذا الاذنين الطويلتين، وترتسم على شفتيها الكرزية ابتسامة عفوية وكأنها تعيش احلاما وردية... ازعجها صرير الباب، وهو يُفتح بطريقة فوضوية من طرف عمتها ليلى تقوم بايقاظها كي لا تتأخر عن العمل ... 

ليلى : سارة نوضي يزي من النوم.. ما بقاش عليك وقت على الخدمة 

فتحت الاخيرة عينيها الكستنائية بصعوبة بسبب الاعياء،، تنظر ناحية عمتها التي ازاحت الستائر عن النافدة لاجل فتحها وقالت ..

سارة : قداه الساعة ؟ 

ليلى : 7 ونص 

قامت سارة في عجل لا تصدق انها ظلت نائمة كل هذا الوقت تمسك بهاتفها تتفحص المنبه وقالت ..

سارة : اووووو راح الحال خلاه وعلاه منوضتنيش قبل ا عمتي ؟ 

ليلى : و انا وين عبالي .. اني شفتك طولتي يخي جيتك ؟ وعلاه مريقليتيش تيليفونك 

سارة : اني ريقليتو.. بصح مفهمتش وعلاه ما صوناش 

ليلى : معليش مزالت نص ساعة ازربي البسي قشك و كولي كاش حاجة خفيفة وانا فالوقت ادا درك نعيط لأنيس يجي يوصلك 

سارة : اييه عمتي تعملي فيا مزية كبيرة 

ارتدت سارة فستانا طويلا من الكتان قرمزي اللون، باكمام طويلة،، وحجاب اسود من الساتان، تضع قليلا من احمر الشفاه في عجل، بعدها حملت حقيبتها الجلدية الخاصة بالاساتذة .. ونزلت الى الاسفل تتجه الى المطبخ لاجل فطور الصباح.. كانت عمتها ليلى قد اتصلت بانيس ابن صديقتها يعمل سائق سيارة اجرة.. كي يقوم بايصال ابنة اخيها قبل ان يداهمها الوقت.. 

ليلى : ايا اقعدي اني وجدتلك لفطور 

جلست سارة على الكرسي تاخد لها قدحا من القهوة وقالت ..

سارة : عيطي لأنيس ؟ 

ليلى : اه قلي تستنى عشر دقايق برك ونجي 

سارة : مليح .. والله منعرف كيفاه صبحت راقدة ليوم مالفة نفيق قبل الوقت بنص ساعة 

ليلى : بلاك من التعب برك ؟ 

سارة : اممم بلاك .. مهم انا نروح برك مابقاش وقت ياسر 

ليلى : ماكليتي والو وين رايحة ؟ 

سارة : شربت قهوة فاها براكة معنديش وقت 

ليلى : في راحتك .. حقا قبل ما ننسى ليوم رايحين انا وماما عند سليمة كان تحبي تلحقي كي تكملي خدمتك ارواحي 

سارة : منعرف درك نشوف انا وبرنامج تيعي

ليلى : باهي 

غادرت سارة المنزل بعدما وصل انيس كي يقلها الى المدرسة الابتدائية التي تبعد عن البيت مسافة عشرون دقيقة بالسيارة،،، كانت تفكر طوال الطريق في ذلك الامر الذي حدث بالامس بينها وبين ابن عمتها علي.. اطلقت زفيرا حانقا وراحت تطرد تلك الافكار السلبية عنها، تعبث بهاتفها الذكي وتتفحص مواقع التواصل الاجتماعي ريثما تصل الى وجهتها المنشودة.


*** 


في مكان اخر في حي النصر، وفي احد المنازل العتيقة، التي تطل على شاطئ فيدرو، جلس علي الشاب الثلاثيني على كرسيه الهزاز في شرفة البيت يحتسي فنجان قهوته الصباحية بلذة تسر الناظرين؛ يراقب طيور النورس التي كانت تحلق فوق البحر مصدرة نعيقا يأسر القلوب..

.... : علي اك هنا ؟ كنت نحوس عليك ؟ 

انتفض علي مكانه والتفت خلفه.. وقال ..

علي : ماما.. صباح الخير !! حاجتك بحاجة ؟ 

سليمة : كنت راح نقلك متنساش تجيب الراجل مبعد يخدملنا العين تع دوش 

علي : مشني قاعد ليوم خلاه .. شوفي مع احمد برك 

سليمة : على قداه تكمل خدمتك ؟ 

علي : 8 ونص 

سليمة : علاه ؟ يخي كاين لي يجي يداوي فالليل

علي : اه كاين لي ميحبوش يعقبو صباح و يخليو رونديفو تعهم لعشية 

سليمة : اممم باهي ... حقا خممتِ في هدرة تع لبارح ؟ 

علي : وش من هدرة ؟ 

سليمة : ليه ليه لحقتِ تنسى ؟ ... يخي قتلك كاينة وحدة عجبتني حابة نخطبهالك ؟ 

ابدى علي انزعاجا حول كلام والدته، فقد سئم من اخبارها انه لا يريد الزواج الا من فتاته التي ملكت قلبه منذ سنوات عديدة ..

علي : يخي عبالك لي انا حاب نتزوج بسارة وغيرها منديش 

سليمة : وانا قتلك غير هي لي متدخلش لداري 

علي : مالا منتزوجش واقفلي عليا سيرة ادي على صباح 

سليمة : والله غير قلي وش عاجبك فاها ؟ كاين الف وحدة تتمناك مفهمتش علاه لاصق فاها هي ؟ 

علي : نحبها خاطر عاقلة ومتربية وخاطاها شي لوخر كامل وزيد هي زينة وعقليتها ملاحة وانا حبيتها مين كنا صغار ومحبيتش غيرها 

سليمة : على اساس هي تحبك يعني.. متخلينيش نحل فمي ا علي سارة متحبكش ومش شايفاتك خلاه يعني حنا كل شايفين شي ادا غير انت 

علي : بصح انا ما نداها غير هي .. مهم انا نخليك درك رايح نخدم ما بقاش وقت 

سليمة : ربي يهديك برك

بعد ان غادر علي المنزل، توجهت سليمة الى غرفة ابنتها الصغيرة نادين البالغة من العمر عشرون سنة، تقوم بايقاظها من نومها بطريقة جعلتها تنتفض مكانها بهلع ..

نادين : ماما وشبيكي ؟ يخي قامت القيامة ولا وش ؟؟ 

سليمة : لا القيامة مزالت مقامتش بصح اي قريب كون خوك يبقى يخمم هكا

اعتدلت نادين في جلستها واجابت بفضول ..

نادين : علاه وش صرا تاني ؟ 

سليمة : جيت نجبدلو على زواج من صحبتك سندس يخي معجبوش الحال وقالك ما ندي حتى وحدة غير سارة 

نادين : اممم وانت علاه تجبديلو على سندس يخي قتلك ما كلاه او ميقبلش حنا كل عبالنا لي علي يحب سارة من كانوا صغار وحلم حياتو يتزوج باها 

سليمة : انا مشني حابة نجيبها لداري بسيف ؟ منحبهاش طفلة اديكا ومشني راح نحبها لا هي لا امها 

نادين : وش جبدك في امها درك ؟ مراة عايشة في اخر دنيا من عشر سنين لا هي تسمع بينا لا حنا كيف كيف 

سليمة : مهم فكنا منها افعى اديكا.. دبري عليا كيفاه نعمل باه نخلي خوك ينسى مكبوبة السعد تع بنت خالك ويقبل بسندس ؟ 

نادين : غير متعوليش عليا والله هنا سامحيني، انا ما عنديش مشكل مع سارة متفاهمين انا و هي وكون تحبي صح يجيبها هي عروسة خير ديما ديما نعرفوها ومتربية معانا 

سليمة : يخي تفاهمتو عليا انت و خوك ؟ ما ناقص كان احمد يزيد يجي يشكرلي فلالة سارة وتكمل معايا 

نادين : ماما تعملي مزية خليني نرجع نرقد ما زال الحال على الجامعة .. وانت روحي عيطي لخالتي ليلي ولا لماما لويزة قلهم هوما يدبرو عليك كيفاه تبدلي راي علي 

سليمة : عبالي لي منلقاكش انت.. انا غالطة لي جاية نشاور فيك من الاصل 

عادت نادين الى النوم مرة اخرى؛ اما سليمة فقد غادرت الغرفة تفكر في حل كي تخرج سارة من قلب ابنها علي.


*** 


رن جرس الثامنة صباحا معلنا عن بداية اول درس لمادة اللغة العربية طور ابتدائي، اخرجت سارة جميع اشيائها المدرسية؛ وباشرت اول عمل لها في تفقد واجبات تلاميذها الذين طلبت منهم انجازها الحصة الفارطة.. توقفت لوهلة عند آخر صف، بعدما لفتت انتباهها ملامح تلك الصغيرة التي كانت عيناها الزمردية ممتلئة بالدموع؛ ترتعد اطرافها من شدة الخوف، جراء سبب ما تجهله سارة، جلست الاخيرة بجانبها ودنت منها بلطف قائلة..

سارة : ليليا وشبيكي تبكي ا عمري ؟ 

رفعت الصغيرة رأسها ناحيتها وقالت بخفوت..

ليليا : ليوم بابا ضرب ماما عجال دراهم تع رحلة لي دارتها المدرسة 

فتحت سارة عينيها في ذهول لما سمعته وقالت..

سارة : معليش ما صرا والو ا عمري.. ساعات الام والاب تصرا بيناتهم مشاكل وعراك بصح فالاخير هوما يحبو بعضاهم ويحبوك انت تاني وانا متاكدة منها الحاجة ادي

ليليا : بصح ماما وبابا ديما يتعاركو وعلى اي حاجة .. ومرات يضربها ويخرج ويخلاها تبكي 

سارة : ليليا صدقيني مشاكل ادي تصرا عند عائلات كل.. انت متعمريش راسك باها وركزي في قرايتك ا قلبي وادا تحتاجي اي حاجة قوليلي ومتحشميش 

ليليا : اوكي آنستي

سارة : صحيتي فحلة .. حليتي الواجب المنزلي لي قلتلكم عليه ؟ 

ليليا : اه حليتو .. تفضلي آنستي 

بعد ان دققت فيه سارة بامعان، مدحت الصغيرة على اجتهادها ثم قامت مكانها تواصل عملها في تفقد واجبات تلاميذها الصغار اللذين تراهم بمثابة اطفالها واكثر،، ثم باشرت بشرح درسها الاول مع احد النصوص تحت عنوان من رأفة الفقراء والذي يحكي عن جهاد النساء الارامل لاجل لقمة العيش وتربية اطفالهم.


*** 


بعد ان دلف علي الى عيادته القابعة في شارع سيدي عاشور، القى التحية على مساعدته إسراء؛ العشرينية التي بدات العمل عنده ما يقارب عام ونصف، بعد ان تخرجت من الجامعة تحت تخصص محاسبة مستوى ليسانس ...

علي : اسراء صباح الخير وش حوالك ليوم ؟ 

وقفت الاخيرة مكانها وبادلته التحية بابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيها..

اسراء : صباح الخير سي علي .. لاباس حمدلله وانت وش حوالك ؟ 

علي : لاباس لاباس .. مع شكون رونديفو تيعي لول وعلى قداه ؟ 

اسراء : عندك رونديفو مع طفل صغير في عمرو 10 سنين على 9 ونص ومبعد رونديفو مع مراة لي جات الاثنين لي فات تع اضطراب ثنائي القطب 

علي : اااا خلاص تفكرتها.. اديكا حالتها معقدة ياسر اكثر من ما كنت نتخيل.. مهم كي يجي مريض لول دخليهولي اني فالمكتب تيعي 

اسراء : اوكي سي علي 

دلف علي الى مكتبه؛ يجلس على كرسيه الخشبي ويعبث بحاسوبه المحمول، في نطاق يخص عمله.. وبينما هو على تلك الحالة،، سمع طرقات خفيفة على الباب..

علي : تفضل !! 

فتح الباب امامه ليتفاجأ بخاله رمزي قد قام بزيارة خفيفة له..

علي : خالي رمزي !! 

ابتسم الاخر ناحيته بفرح وقال له وهو يقوم بمصافحته ...

رمزي : وش حوالك علولة ان شاءالله لاباس عليك ؟ 

علي : والله راني غاية رحمة ربي.. تفضل اقعد متبقاش واقف 

بعد ان جلس رمزي على الكرسي قبالة علي قال له الاخير بفضول ..

علي : كيفاه حتى جينا على بالك الصباح ادا ؟ 

رمزي : والله مكانش سبب يعني .. حبيت برك نجي نطل عليك خاطر كنت قريب من هنا 

علي : اممم باهي ا سيدي مهم امورك بخير ؟ 

رمزي : لاباس لاباس متقلقش روحك 

علي : وسارة وش عاملة فاها ؟ 

تنهد الاخير وبدت على وجهه ملامح الحزن والاسى.. قال ...

رمزي : والله ما نكذب عليك ا علي .. سارة قاسمتلي ظهري 

علي : علاه غير الخير ا خالي ؟ 

رمزي : تعرف امها راحت وخلاتها وهي صغيرة.. وتربات في جو مفيهش حنان الام.. مهما وش دارت ماما واختي ليلى عجالها بصح والو ديما كنت نحسها متوحشة جانب اداك من الام .. بصح كيما عبالك سهام هي لي حبت طلق وتروح وانا ملزيتش علاها 

علي : اه عبالي بلا ما تقولي.. وش راح دير حياة مش عادلة مع ناس كل .. وسارة وصلت لعمر ولات متقبلة فيه شي لي صرالها وتصالحت مع نفسها يعني ما عندك ما ديرلها اكثر من هكا ؟ 

رمزي : صح صح عندك الف حق.. تعرف من بكري كنت ديما نتمنى تكون انت راجل بنتي .. تكمل معاها طريق في بلاصتي انا 

خفف قلب علي بصورة رهيبة وتعالت وتيرة تنفسه.. اذ لم يكن هو وحده من يرى نفسه مناسب لابنة خاله.. وانما والدها ايضا على نفس الراي...

علي : مكتوب ربي خالي رمزي.. راي سارة يهمنا كل اذا حبت مرحبا واذا ما حبتش مش اجباري علاها 

رمزي : ان شاءالله تبدل رايها وتحب برك

علي : ان شاءالله.


*** 


دق جرس الاستراحة على الساعة العاشرة الا ربع دقيقة، مخلفا وراءه دويا عاليا وضجيجا يصم الاذان من طرف الصغار اللذين اطلقوا العنان لانفسهم لاجل الاكل واللعب.. كانت سارة منهمكة في حل بعض المسائل الخاصة بتلاميذها حتى سمعت صوت صديقتها نرجس قادمة عندها..

نرجس : وش حوال صاحبتي اليوم ؟ 

عانقتها سارة بقوة تلقي عليها تحية الصباح ثم عادت تجلس فوق الكرسي قائلة..

سارة : والله اختك ليوم حوالها متعجبش خلاه ا نونو 

نرجس : وعلاه وش صرا ؟؟ احكي احكي !! 

سارة : علي ا نرجس هبلني وانا ماعدتش عارفة كيفاه نتعامل معاه !!

نرجس : وش زاد دارلك تاني ؟ 

سارة : لبارح مروحة للدار،، جاني هشام جارنا يحكي معايا ويسقسي على ماما لويزة وعمتي ليلى .. يخي سي علي شافنا وجا يعارك فيا تقول مرتو وانا معاباليش 

نرجس : اممم مش مسيبك حاب يديك دراع ادا 

سارة : اوووف والله كرهت روحي وكرهت كلش .. وش ندير معاه نافع ربي مشو حاب يفهم لي انا نحبو كيف خويا برك لا اكثر ولا اقل، ياو حتى كيف خويا منحملوش من كنت صغيرة دمو ثقيل ياسر.. عاد خوه احمد نتفاهم معاه اكثر

نرجس : احكي مع عمي رمزي يهدر معاه يعني مهما يكون صبر عندو حدود 

سارة : تحكي صح !! انت بابا مشو مصدق وقتاه نقول اه على ولد اختو تقوليلي احكي معاه !

نرجس : مالا ربي يعينك خويتي 

سارة : آمين 

نرجس : حقا نسيتيني فحاجة لي جيتك عليها

سارة : وش من حاجة ؟ 

نرجس : ليوم صباح قريت اعلان خاص بدار نشر سيفار قلك راح يديرو روبورتاج مع الكاتبة شمس الأصيل بعد ما قررت تبين هوية تعها حقيقية 

فتحت لحظتها سارة عينيها في ذهول لما سمعته من صديقتها نرجس وقالت ..

سارة : قولي والله ؟؟!! متاكدة من خبر ادا ؟ مش على أساس الكاتبة تنشر رواياتها باسم مستعار لاسباب وظروف شخصية ؟ وش تبدل درك زعمة ؟ 

نرجس : وين نعرف علاها انا ؟ وزيد انت وشبيك تقلبت هكا وش صرالك ؟ 

تداركت سارة الموقف وقالت ..

سارة : والو.. حرت برك .. ربي يسهللها 

تلك اللحظة دق الجرس وعادت نرجس الى صفها،، تاركة سارة على اعصابها تفكر في اصل هذا الامر الذي وقع على رأسها.


*** 


طرقت اسراء الباب على علي وما هي الا ثواني حتى دلفت الى الداخل بامر منه .. جلست على كرسي قبالته وقالت تناوله بعض الملفات ..

اسراء : سي علي ادا ملف تع مدام نورة لي عندها ثنائي القطب اي تسنى فيك البرا ندخلها ؟ 

علي : اه دخلاها 

اسراء : الله يبارك ا حكيم 

اغلق علي حاسبه المحمول والتفت على تلك السيدة الاربعينية وهي تدلف الى الداخل باستحياء كبير، ترتدي فستان اسود مع حجاب من نفس اللون، وتحمل حقيبة يدوية جلدية من ماركة شانال.. بعد ان جلست على الكرسي قبالة الطبيب قال لها بهدوء ..

علي : وين وصلنا خطرة لي فاتت ا نورة ؟ 

نورة : فالخيبات لي عشتها فالماضي ولي وصلتني للحالة ادي !!

علي : اممم مليح.. تقدري تحكيلي على اكبر خيبة عشتاها مثلا ؟ ولي اثرت فيك بقوة اكثر من غيرها ؟ 

التزمت نورة لحظتها الصمت تستعيد تلك الذكريات المؤلمة التي عاشتها فترة شبابها.. 

نورة : كانت اول خيبة عشتها ا حكيم كي كنت مخطوبة قبل عشرين سنة من انسان شافاتو عايلتي مناسب ليا.. قبلت بيه وخرجنا فترة خطوبة باه نتعارفو كيما اي مخطوبين.. وتطورت احداث لشهر ويفوت وحنا على اديك حالة، بصح انا مكنتش شايفة اي توافق فكري بيناتنا،، جربت نحكي مع ماما ونقلها لي انا مش مرتاحة مع سيد ادا معنويا وفكريا بصح مسمعتنيش ولا حتى فهمتني .. قاتلي زواج سنة الحياة وبرك مهم راجل عندو دار ودراهم شي لوخر ميهمكش.. انا وقتها تعرضت لخيبة امل كبيرة وحسيت روحي وحدي مكانش سند نتكا عليه

علي : هاه ومبعد وش صرا ؟ كملت معاه سيد ولا لا ؟؟

نورة : بعد ما شفت لي حتى واحد ما فاهمني ولا حاس بوش حاسة انا قلت نتصرف وحدي ونصارح راجل لي عقليتو مش مساعدتني ومش حاسة بالراحة معاه .. يخي تشجعت وحكيت معاه وقتلو لي انا حابة زواج عن حب ومعاه هو ما حسيت بوالو ومشني حابة نخاطر بمستقبلي

علي : وش قلك وقتها ؟ ولا كيفاه كانت ردة فعلو ؟ 

نورة : صراحة كانت عكس ما كنت متوقعة ا حكيم .. سيد عند بالو لي خدعتو وضحكت عليه ولا منعرف وش .. قلي وصلتاها للكبار ومبعد قلت متساعدنيش عقليتك وراح شكاني لامه وخواتاتو مهم وقتها صرات مشاكل كبيرة خلاها لربي برك 

علي : احكيلي علاها مشاكل اديكا لازم نعرفها بالتفصيل باه نقدر نعاونك ا مدام 

نورة : وقتها ماما عنفتني خاطر سمعت حكاية من طرف واحد قاتلي ضيعتي عليك راجل عجال اوهام لي قاعدة تجري وراها.. وبابا تاني عاركني عجال فضيحة لي درتهالو مع جماعة.. وعايلة كاملة كانت ضدي بصح واحد فيهم ما قال وش حابة انا ولا بوش حاسة خمو في صلاحهم برك ونساو لي ادي حياتي ومستقبلي 

علي : شوفي ا مدام نورة.. اني معاك في انو شي لي عديتي بيه مش ساهل وممكن كان ثقيل عليك.. بصح تاني تصرف تيعك كان غالط وقتها وخليتي روحك موضع شبهة في وقت كنت فيه عندك الحق 

نورة : كيفاه ا حكيم ؟

علي : كنت قادرة من لول ترفضي اذا مكنتيش مرتاحة تردد تيعك هو لي وصلك للهاوية، لو قلتي لا من لول مكنتيش توصلي امور للمرحلة اديكا وزيد امك تحبلك الخير ومداباها تتهنى عليك خاطر مكانش ام ترضى لهلاك لبنتها.. من حقك تخيري انسان لي تعدي حياتك معاه بصح تاني لازم تعرفي كيفاه تتصرفي وتحكمي عقلك قبل قلبك 

نورة : الله غالب ا حكيم انا هكا وش ذنبي ؟ 

علي : صح طبعك صعيب وثنائي القطب عندو دور كبير اصلا وحدة مريضة بالاضطراب ادا صعيب باه تكون تنشئ اسرة كون متتعالجش منو.. خاطر راح يخليك تكوني مزاجية مع طرف لوخر مرة تحسي روحك تحبيه ومرة العكس على بيها انت مش فاهمة روحك.


*** 


بعدما انهت سارة دوامها، غادرت المدرسة رفقة صديقتها نرجس التي كانت تقطن في نفس الحي الذي تقطن فيه عمتها سليمة يتجاذبان اطراف الحديث حول شتى الميادين..

نرجس : وشبيكي ماشية من طريق ادي ؟ 

سارة : رايحة عند عمتي سليمة 

نرجس : اااا يخي قلت منحملهاش ومنحبش نروحلها وش صرا ؟ 

سارة : اه والله كون ليا منمشيش على طريق لي تمشي علاها بصح وش ندير ماما لويزة وعمتي ليلى لتم وما كاين حتى واحد فالدار

نرجس : اممم فهمت.. هاه وش درنا فاها فالحكاية تع سنيما تروحي ولا لا ؟ 

سارة : منعرفش.. بابا ميشجعش حوايج ادي ما ظهرلي كان يخليني نروح 

نرجس : وعلاه ؟ مشنا راح نروحو فالليل حنا فيلم يبدا على 4 تع لعشية ويكمل على 5 ونص وزيد دنيا خريف واوكتوبر عام ادا جا دافي روعة 

سارة : ارواحي انت وقنعيه بالهدرة ادي .. بابا ونعرفو عندو كلش لا يجوز 

نرجس : يعني ما فيهاش ؟ 

سارة : بالزهر والله .. غير كان حكيت مع ماما لويزة تكون واسطة 

نرجس : اييه تعملي مزية والله .. حابة نروح خلاه نتفرجو فيلم 

سارة : على وش يحكي هو ؟ 


نرجس : يحكي على قصة حب صرات وقت ثورة 

سارة : اممم مليح .. من عنوانو باين رومانسي وحزين 

نرجس : اه كاين لي قالو هكا تاني .. مهم ما علينا حتى ندى جاية معانا وعفاف يخي عادي بالنسبة ليك ؟ 

سارة : عفاف عادي .. بصح ندى يا انا يا هي 

نرجس : مزلتو متعاركين برك ؟ ا بنت والله حكاية تافهة متستاهلش 

سارة : هي لي بدات مش انا 

بعد مسافة طريق دامت نصف ساعة وصلت الفتاتين الي حي النصر؛ وافترقت بهما الطرق، حيث سلكت نرجس طريق غير الذي سلكته سارة، وعند وصول الاخيرة الى بيت عمتها صادفت احمد عند مدخل الحديقة يتكلم في الهاتف، حيث ما ان راها حتى اغلق المكالمة وقال لها ...

احمد : اهلا سارة وش حوالك بنت خالي ؟ 

قالت الاخيرة بانزعاج..

سارة : والله حوالي مش لاباس ا احمد صراحة 

رفع احمد حاجبه في فضول .. ثم قال ..

احمد : علاه وش كاين ؟ 

سارة : الاعلان تع دار النشر لي يخص روبورتاج تع شمس الأصيل صحيح ؟ 

ادرك الاخر ما ترمي اليه.. حيث قال ملطفا الجو الذي بدأ يتكهرب ..

احمد : اني درك برك كنت نحكي مع أمير نستفسر منو على الحكاية 

سارة : وش قالك ؟ 

احمد : شوفي ا سارة منكذبش عليك.. امور مطمنش خلاه 

سارة : احكي وش كاين طلعتيلي قلبي !!! 

احمد : اعلان مكانش منو خلاه، هبطاتاتو ريمة على الفيسبوك بالقُصد باه انت تكشفي على هوية تيعك خاطر رواياتك ناجحة ياسر ومطلوبة واك عبالك باها حاجة ادي وصحافة قاعدة تحوس عليك بالضوء 

سارة : مفهمتش انا يخي بالسيف لازم نبين روحي للعالم كامل ولا كيفاه ؟ كي حكيت معاك انت وامير اول مرة يخي قلتلكم لي انا مش حابة الشهرة ولا لا ؟؟ 

احمد : واحد ما كان عبالو لي راح تنجحي للدرجة ادي وتحطمي رقم القياسي فالخيال العلمي كأول جزائرية 

تنهدت سارة بضيق،، اذ بدأت الأمور تسلك منحى سيء بالنسبة لها ..

سارة : شوف درك انا نخمم نلقى حل للمشكلة ادي ونقلك وش يصرا ؟ 

احمد : باهي كيما تحبي .. بصح توخدي رايي بيني روحك انت عندك موهبة نادرة واسلوبك ناس كامل تمدح فيه.. تستاهلي الشهرة والنجاح 

سارة : احمد تحكي هكا على اساس متعرفش خالك وجداتك وامك تاني .. حابهم يتغداو بيا واقيلا ؟؟ 

احمد : وانت وعلاه خايفة منهم ؟ مشهم راح يقتلوك نظن ؟ وزيد انت حطيتيهم تحت الامر الواقع راح يعاركو يعاركو ومبعد يسكتو ادا ما كان.. 

سارة : تقول هكا !! 

احمد : اه نقول ونص تاني .. انا ننصحك تعملاها مقابلة اديكا وخلي لي يصرا يصرا مهم متتخلايش على احلامك 

سارة : منعرف،، درك نخمم ونشوف كيفاه 

وفي تلك الاثناء وبينما كان الاثنان يتجاذبان اطراف الحديث عند باب المدخل، اقبل علي نحوهما، يلقي التحية على سارة ويرمقها بنظرات نارية بامكانها احراق قارة باكملها، استسمح احمد بالمغادرة لعجلته على امر مهم، اما سارة فما ان كادت تدلف الى الداخل حتى استوقفها علي بحدة جعل اطراف جسدها تنتفض مكانها،، ثم طلب منها الحديث قليلا في امر بالغ في الاهمية،، تاففت الاخيرة لعدم رغبتها في الكلام معه، ثم سار الاثنان ناحية الكراسي الموجودة تحت شجرة التين،، تحيط بطاولة دائرية عليها سلة من الفواكه المشكلة وابريق ماء منعش بالنعناع والليمون..

علي : اييه ديموزال سارة وش خبارك ؟ وش عاملة فاها مع خدمة ؟ 

سارة : لاباس سي علي اموري ماشية وحمد لله 

علي : مليح،، حتى انا اموري ماشية ميرسي عليك كي سقسيتي 

قلبت سارة شفتيها بامتعاض ثم اجابت ..

سارة : هاه وش حاب مني درك ؟ 

علي : وشبيكي تحكي معايا هكا ؟ متعلمتيش احترام لي اكبر منك ؟ 

سارة : والله سامحني ولد عمتي لكان انت نسيتي وش صرا لبارح انا مزلت منسيتش 

علي : امممم ما زالك برك تم .. وش تحبيني ندير ؟ شفتك واقفة مع راجل برّاني(غريب) تحكيو وتضحكو !! نعمل روحي ما شفت والو ونكمل طريقي ؟ 

سارة : اولا حاجة متخصكش نوقف مع راجل براني ولا مش براني..

اطبق علي دراعيه مع بعضهما البعض لحظتها وقال مقاطعا اياها..

علي : وثانيا ؟؟؟

سارة : وثانيا استاذ علي نفس اولا حاجة متخصكش نهائيا !! 

علي : شوف ا سيدي .. ادي قتلهم اسكتوا لالة سارة من وقتاه ولات حاجة متخصنيش ؟ 

سارة : سقسي روحك متاكدة عندك اجابة ؟ 

علي : لسانك راه ولا طويل ولازم عمي رمزي يقصهولك مكانش نتصرف انا 

سارة : بفففف علي بديت نقلق من حكاية ادي باسر والله 

علي : عبالك اني لساعة ادي مخليك على راحتك ومشني حاب نلز عليك حتى حاجة بصح متختبريش صبري اكثر او مش مليح !!

خفف قلب سارة لحظتها وتمّلك الخوف كيانها، فبالنهاية هي تعرف علي جيدا وتعرف غضبه..

سارة : وش قصدك بالهدرة ادي ؟ يخي حاب تتزوج بيا بسيف ؟ 

علي : كان اضطريت نعملها اه.. مشني راح نسناك العمر كل حتى ترضاي

سارة : شوف ا سيدي ؟؟ يا خويا متستناش .. البنات ام قدامك اشكال وانواع خير لي تعجبك واداها .. مهم اخطيني انا برك 

علي : كون عيني في غيرك اني درتها اداك العام.. انا حابك انت وبرك ونتزوج بيك انت وبرك .. سمعتي ولا نعاود الهدرة ؟ .. كان عندك شوية عقل قولي هاه خلي ندخلو فالرسميات 

وقفت الاخيرة مكانها بانزعاج وحدقت فيه ثواني قليلة ثم اجابت..

سارة : تعيا وانت تقبض سي علي .. قتلك لا معناها لا ورايي مش راح نبدلو واعمل لي تحب ميهمنيش.. انا منيش حابة نرتبط ولا نتزوج لا منك ولا من غيرك 

علي : عندك الزهر جيت مزروب بقضية وراجع للخدمة،، مكانش نعتلك هدرة زايدة تيعك. 


*** 


جلست سارة في شرفة غرفتها تلف نفسها بوشاح يقيها برودة ليالي الخريف، تراقب الشوارع الخالية من ازدحام السيارات تارة وتعبت بهاتفها الذكي تارة اخرى.. تلك اللحظة دلف عليها والدها الغرفة يبحث عنها وما ان رآها حتى شاركها وحدتها مردفا نا


يتبع....

الرواية التالية الرواية السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url